هل فشلت ألمانيا في خطط دمج اللاجئين الأجانب؟

هل فشلت ألمانيا في خطط دمج اللاجئين الأجانب؟

بريطانيا تعتزم نشر قوات برية وبحرية في أوكرانيا وإنشاء مصانع أسلحة
خصخصة الأمن في دول الخليج العربي : مرتزقة “بلاك ووتر” يطلون من الإمارات؟!
Le Nobel de la guerre aux Messieurs du « Nobel de la paix »

يكشف مقال أندريا توماس/ Thomas في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن أزمة اللاجئين الأجانب في ألمانيا ما زالت تتفاعل، وأنها ستكون ذات آثار بعيدة المدى على خطط الإندماج الإجتماعي التي تديرها حكومة برلين. وقالت توماس : إن مسألة اللجوء واستقبال اللاجئين في ألمانيا منحى آخر. وبعد أن كانت المسألة مقتصرة على استقبال من يحق لهم البقاء دون سواهم، إتسعت لتشمل معترك الحياة المدرسية والوظائف.
في أواخر صيف 2017 اصطحبت نادين لانغر ابنتها (6 أعوام) إلى المدرسة في بلدة سالزغيتر الألمانية، لتكتشف أن ابنتها وطفلا آخر هما الألمانيان الاثنان فقط في الصف وسط 20 طالبا لاجئا. وتقول لانغر (41 عاما) في حديثها للصحيفة، "لست ضد الأجانب، لكن ثمة حد إن وصلناه، يحق لنا أن نتساءل عندها: ترى من الذي يندمج مع من هنا؟".
أزمة اللجوء إلى ألمانيا التي تعيشها البلاد منذ عام 2015 اختفت إلى حد كبير من عناوين الصحف، لكنها ما زالت مستمرة تتكشفُ كل يوم أكثر فأكثر في المدن والبلدات الألمانية متوسطة الحجم، مثل سالزغيتر وغيرها، فهي تشغل بال أهالي وسكان البلدات وتضغط على خزينة البلديات وتثير مخاوف أمنية وتوظيفية وتعليمية أيضا.
ويعيش في سالزغيتر حوالي 5700 لاجئا معظمهم سوريون مقابل 106 آلاف من الأهالي، وهي النسبة الأعلى في البلاد والتي تجعل من سالزغيتر ذات قيمة إحصائية مستهجنة، بيد أن العديد من البلدات الأخرى من فيلهيلمشافن شمالا وحتى هولف جنوبا تعاني كذلك.
حتى تاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول 2017، دخل ألمانيا هذا العام فقط 140 ألف طالب لجوء، وهو رقم منخفض جدا مقارنة بالـ1.2 مليون الذين وفدوا إلى البلاد خلال العامين الماضيين، ولكن بالنسبة للبلدات التي بحجم سالزغيتر، ثمة شعور بأن الحكومة بعدما أطعمت وآوت الواصلين الجدد قد فشلت وما تزال تفشل على المدى البعيد في دمج هؤلاء في المجتمع الألماني.
وحسب استطلاعات الرأي فإن هذا الشعور بالقلق قد رفع من أسهم "الحزب البديل لألمانيا" المعادي للهجرة في الانتخابات التشريعية، جاعلا منه أول حزب يميني متطرف يدخل البرلمان الألماني منذ نصف قرن.
وعادت الهجرة من جديد إلى ساحة السياسة الإقليمية في البلاد، ففي ولاية ساكسونيا السفلى الألمانية التي تقع فيها بلدة سالزغيتر والتي انتخبت برلمانها الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول، سيطرت قضايا الاندماج والتعليم المدرسي على الحملة الانتخابية، فعلى مدى سنين ظل المحافظون يقولون إنه على اللاجئين الذين يستقر معظمهم في البلاد بصفة دائمة أن يتعلموا القيم الألمانية، وهو المفهوم الذي يطلق عليه بالألمانية Leitkultur.
كثيرون هنا يقولون إنهم فخورون بثقافة بلدتهم التي تتقبل المهاجرين وتؤويهم، ولكن مع الارتفاع الحاد في أعدادهم العام الماضي، عمدت بلدة سالزغيتر إلى اتخاذ خطوة غير معهودة هي طلب وقف تنفيذ استقبال وإيواء الواصلين الجدد.
شكلت سالزغيتر وجهة جذابة للاجئين نظرا لوجود جالية سورية فيها قبل الأزمة ولوفرة المساكن والشقق التي أسعارها في المتناول، فوفد على البلدة 2000 لاجئا العام الماضي و1000 آخرون في هذا العام، ما ترك في البلدة وخصوصا في حي ليبينشتيدت أثرا وبصمة واضحة.
كثيرون ممن ولدوا أو ترعرعوا في سالزغيتر يقولون إنهم يريدون مساعدة اللاجئين بيد أن حجم التدفق زاد عن طاقتهم، وتتعدد المخاوف من تأثير هؤلاء على التعليم وجودته وحتى ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي ومعدلات الجريمة، فضلا عن انتشار شعور بأن الثقافة المحلية ضاعت وخفتت وسط الزحام، ليغدو الحديث عن أهداف الاندماج الثقافي بلا معنى.
وكان تقرير مدرسي وطني قد صدر يوم الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول وأظهر علاقة تناسبية بين تزايد أعداد التلاميذ المهاجرين وبين تدهور الأداء الأكاديمي، ففي عام 2016 ارتفعت نسبة الطلبة الأجانب في الصف الرابع الابتدائي إلى الثلث 34% عن أعدادهم عام 2011، وذلك حسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم، أما أعداد التلامذة الذين اجتازوا بنجاح اختبار متطلبات الكتابة الموحد فقد انخفضت إلى 55% مقارنة بـ65% قبل 5 سنوات.
وقال كلينغيبيل عمدة سالزغيتر إن البلدة تعاني من فقدان المعلمين للمدارس ورياض الأطفال وصفوف اللغة للطلبة اليافعين.
وأشارت كاتية المقال توماس إلى أن روضة AWO Familienkita kindergarten في حي ليبينشتيدت بالبلدة ترعى 50 طفلا منهم 18 سوريا، فيما أكثر من ثلثي الـ160 طفلا المسجلة أسماؤهم على قائمة الانتظار هم أيضا من السوريين. تقول المديرة آندريا بيرنهوف "من عن الجيد أننا حصلنا على وقف التنفيذ ذاك لأننا ببساطة ما عدنا نستطيع  السيطرة على الموقف، فهذا يعطي التلاميذ الفرصة للاستقرار والتحصيل التربوي والعلمي بشكل سليم".
من المهم الإشارة إلى أن بلدة سالزغيتر سعت إلى اتخاذ خطوة غير معهودة، وطلبت وقف تنفيذ استقبال وإيواء الواصلين الجدد. وقالت توماس إنه وبحسب إحصائيات وكالة العمل والتشغيل الألمانية، ثبت دخول سوق العمل 15.3% فقط من البالغين الكبار من مواطني دول اللاجئين، بعد عامين كاملين من بلوغ أزمة اللجوء في المانيا أوجها، وفي سالزغيتر يعيش 91% من طالبي اللجوء على معونات الدولة.
صحيفة "وول ستريت جورنال"
16 تشرين الأول / أوكتوبر، 2107