انقسام في مجلس المطارنة الموارنة والبابا يخشى من الفراغ في بكركي بعد مغادرة صفير

رئيس تحرير “الأهرام” : السعودية في سوريا “متقاعسة”، “متغافلة”، “مجنونة” و”شروطها … تصب في صالح الإرهاب”؟
سلمان العمري : الطلاق في السعودية وصل إلى نحو 60000 حالة عام 2017
رؤية سورية إلى الوضع الدولي والعربي

أكد مصدر مسيحي واسع الإطلاع على أوضاع مجلس المطارنة الموارنة، أن البابا بنديكتوس السادس عشر، قد أصدر قرارا يقضي بنقل البطريرك الصفير من منصبه الحالي في بكركي الى منصب جديد له في الفاتيكان.

وقال المصدر إنه كان من المفترض ان ينفذ البطريرك صفير قرار الفاتيكان، الذي لا يقبل النقض قبل حلول عيد الميلاد الأخير (2007)، إلا ان تطورات الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان حالت دون ذلك.

وكشف المصدر أن الزيارة الأخيرة للبطريرك الماروني إلى روما لم تكن مريحة، لأن تورط إبن أخته ، في قضية اختلاس أموال كنسية قد أحرجته، لا سيما وأن البطريرك قد عينه مسؤولا عن إدارة أموال الكنيسة بعد تورط المسؤول السابق المطران علم في اختلاسات مماثلة.

ونفى المصدر أن يكون قرار نقل صفير قد جرى بسبب هذه القضية، وقال ان البطريرك كان قد حزم حقائب السفر في تشرين الأول الماضي، وكان ينوي ان يطير الى روما بعد الانتهاء من مهمة رفع قائمة بأسماء المرشحين الرئاسيين، وقد تم تدخل فرنسي رفيع لدى الفاتيكان، لتأجيل سفر سيد بكركي.

وقال المصدر إن قرار الفاتيكان بنقل صفير، فتح معركة الخلافة على مصراعيها في مجلس المطارنة الموارنة، وهذا ما يفسر التبدل المفاجئ في مواقف المطران بشارة الراعي، راعي أبرشية جبيل، الذي انقلب على سجله في الاعتدال السياسي، وتناغمه مع مسيحيي المعارضة، وتحول إلى صقر كنسي يوالي مسيحيي الأكثرية بقيادة النائب الشاب سعد الدين الحريري.

واعتبر المصدر أن انحياز المطران بشارة الراعي إلى طرف داخلي بعينه، خلق تجاذبا سياسيا في مجلس المطارنة، الذي يعيش مرحلة انتقالية، منذ تبلغه قرار رحيل البطريرك الماروني الى الفاتيكان. لكن هذه الإنحياز لمصلحة الأكثرية، والإبتعاد عن خيار التوافق الذي تطرحه المعارضة لا يعني استمرار إحجام الفاتيكان عن التدخل العلني في الأزمة اللبنانية.

وكشف المصدر عن أن الفاتيكان بقي حتى نهاية العام 2005، يتجنب الدخول في الملف السياسي اللبناني، لكن تقارير مخيفة وصلت الى البابا بنديكتوس عن انهيار محتمل لآخر معاقل المسيحيين في الشرق، دفعته الى النظر باهتمام في تقارير بعثتها شخصيات مسيحية روحية وزمنية، تنتقد فيه مواقف بكركي عموماً، والبطرك صفير خصوصاً لأنها منحازة الى فريق دون آخر.

وقد وصل أحد هذه التقارير الى الفاتيكان من الكنيسة الكاثوليكية في كرواتيا، حيث أعد التقرير فريق صحافي كرواتي حضر إلى بيروت، والتقى بعدد من الشخصيات المسيحية. وقد جاء في التقرير الكرواتي عن الوضع في لبنان، ان المسيحية في المشرق تكاد تلفظ أنفاسها، بسبب دخول الكنيسة المارونية في حلف سياسي مع قوى مذهبية لبنانية، وهذه القوى ترعى مجموعات سنية تكفيرية معادية للدين المسيحي وتعمل للقضاء على المسيحية في الشرق.

ويعرض تقرير الكنيسة الكرواتية الذي أرسل للفاتيكان، مسلسل التطورات الأمنية والسياسية التي دفعت المسيحيين الى الهجرة من المشرق العربي، طوال نصف قرن، وكيف ساهم الاحتلال الأميركي للعراق في هجرة المسيحيين العراقيين الى أوروبا، وكيف يهدد، الآن، وجود نحو مليون مسيحي في لبنان بالهجرة الى الغرب أيضاً.

ويحذر التقرير الكرواتي من ان الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز 2006، قد تضمنت سيناريو تهجيري مخيف، عن إمكانية السفن الغربية نقل المسيحيين من لبنان خلال بضعة أيام فقط، بعدما أجلت خلال الحرب أكثر من مليون سائح.

ويعتقد المصدر أن هذه التقارير دفعت الفاتيكان الى اعادة النظر بسياسته نحو لبنان، وتقييد سياسة بكركي لمنعها من تأييد خيار النصف زائد واحد في انتخابات رئاسة الجمهورية. فدخلت بقوة على خط أزمة الرئاسة، باعتبارها ركيزة تثبيت الوجود السياسي المسيحي في لبنان والمشرق.

ولم يوضح المصدر ما إذا كان قرار البابا بنديكتوس تعيين البطريرك صفير في منصب آخر في الفاتيكان هو نتيجة استياء من سياسة بكركي في ادارة ملف رئاسة الجمهورية أم مجرد اجراءات كنسية داخلية. لكنه استبعد أن تكون مواقف المطران بشارة الراعي مؤشراً على انحياز الفاتيكان الى فريق الموالاة.

وأشار المصدر إلى ان الفاتيكان يؤيد المبادرة الفرنسية للحل التي توصل اليها وزير الخارجية برنار كوشنير مع بري والحريري، باعتبارها توفر قاعدة مقبولة للحل السياسي التوافقي. وأن الفاتيكان يطلب دائما من بكركي تأييد التوافق، إلا ان النفوذ السياسي داخل مجلس المطارنة وانقسام المطارنة فيما بينهم يجعل وسطية بكركي في الأزمة الداخلية أمرا شكليا.

وكشف المصدر ان مجلس المطارنة يعيش حال توتر، حيث انصرف معظم المطارنة للتحضير لمرحلة ما بعد رحيل صفير عن سدة البطريركية. وقال أن المنافسة محصورة تقريبا بين المطران بشارة الراعي وبين المطران يوسف بشارة.

ولفت المصدر إلى أن الراعي كان مدعوما من البابا بنديكتوس السادس عشر، وهذا الدعم ظهر في حرص الراعي على اتخاذ مواقف سياسية معتدلة طيلة المرحلة الماضية، لكن ظهوره في حملة “أحب الحياة” الموالية للحريري والأكثرية، سيضع العراقيل في طريقه الى خلافة صفير في بكركي. أما بشارة الذي تزعّم قرنة شهوان، بمباركة البطريرك صفير، فإنه لا يحظى بتأييد رهبان منطقة الشمال، وهي مسقط رأسه، فضلاً عن العلاقة الخاصة التي تربطه بعائلة الحريري.

والى جانب الراعي وبشارة، فإن المطران بولس مطر يعتبر مرشح لرئاسة بكركي بتأييد قوي من سمير جعجع وحزب القوات اللبنانية. لكن المصدر قلل من فرص نجاحه، بسبب تورط شقيقه خليل في جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي، مع سمير جعجع، ومحاكمتهما وزجهما في السجن معا.

وأبدى المصدر تشاؤما من إمكانية إيجاد شخصية توافقية بين المطارنة يمكنا الحلول مكان البطريرك صفير في بكركي. وأعرب عن الخوف من حصول فراغ في كرسي بكركي على غرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، وهو ما سيؤخر من جديد … رحيل صفير.

COMMENTS