اقتصاد إسرائيل يهتز مع اقتصاد أميركا!

14 عاماً على تأسيس “العدالة والتنمية”: “إخوان” تركيا من نجاح شامل إلى إفلاس كامل
“تركيا المضطربة” : أردوغان يسجن نواب الأكراد ويرسل جنوده لقتل ناخبيهم
“جماعة التبليغ والدعوة” حاضنة إرهاب عابرة للحدود

تعتاش إسرائيل من الدعم الغربي عموما، وخاصة دعم الولايات المتحدة. لكن هذه الصلة الإتكالية التي تميز الإقتصاد الإسرائيلي ليست من دون ثمن. “الحقول” تنشر تقرير حلمي موسى (1)، الذي يعرض ويحلل تأثير الأزمة المستعرة في اميركا على الوضع الإجتماعي ـ الإقتصادي لإسرائيل، كما ينطوي على إشارة لافتة إلى شدة احتكار الثروة في هذا المجتمع العنصري :

لا شيء يثير الارتباك في إسرائيل اليوم أكثر من المعطيات الاقتصادية وتوقعات السوق. فهبوط الدولار في الأسواق العالمية في مقابل اليورو يمكن أن يشكل نكبة حقيقية للاقتصاد الإسرائيلي الذي ينال بالدولار الهبات من الولايات المتحدة ويصدر لها العديد من منتجاته المادية والعلمية، ويستورد باليورو معظم احتياجاته من أوروبا.

ولكن لأسباب مختلفة، تدفقت خلال الشهور الأخيرة أموال كثيرة على الاقتصاد الإسرائيلي بالدولار أسهمت في تدهور هذه العملة أيضا في مقابل الشيكل الإسرائيلي.

ولعل ما جرى يوم أمس في البورصة الإسرائيلية يشكل أكبر دليل على حجم التخبط الذي يعيشه الاقتصاد الإسرائيلي. ففي حين تراجعت البورصة الأميركية والبورصات الأوروبية بأقل من 2 في المئة، تراجعت البورصة الإسرائيلية بحوالي 4 في المئة. وخلال ثلاثة أيام، هبطت البورصة الإسرائيلية بأكثر من 9 في المئة. ورأى معلقون اقتصاديون في ذلك انهيارا للبورصة الإسرائيلية التي فقدت خلال أقل من ستة شهور أكثر من 25 في المئة من قيمة الأسهم المتداولة فيها.

غير أن الخسائر الإسرائيلية ليست مجرد نسب حسابية بل هي أموال وأرصدة وودائع لصناديق، بعضها للضمان الاجتماعي، وبعضها للمصارف، ولذلك فإن هذه الخسائر تمس مواطني الدولة العبرية. وخلال الفترة من تشرين الاول 2007 حتى مطلع آذار 2008 خسرت أسهم البورصة الإسرائيلية حوالي 135 مليار شيكل (حوالي 37 مليار دولار). بل ان التقديرات أشارت إلى أن البورصة الإسرائيلية خسرت في اليومين الأخيرين فقط 6 في المئة من قيمة أسهمها مما يعني خسارة حوالي عشرة مليارات دولار.

وللمرة الأولى منذ أكثر من عقد من الزمان، اضطر المصرف المركزي الإسرائيلي قبل أيام الى شراء الدولار من أجل المحافظة على استقرار سعره فوق 3.4 شيكل بعدما كان قد تردى إلى ما دون ذلك بكثير. ورأى محافظ البنك الإسرائيلي ستانلي فيشر أن هذه الخطوة كانت ضرورية لمواجهة «تصرف القطيع» الذي دفع إلى انخفاض قيمة الدولار قبالة الشيكل من دون مبرر اقتصادي.

غير ان خطوات محافظ البنك الإسرائيلي ليست أكثر من «دواء تسكين» مؤقت، فما أن ظهر أن الاقتصاد الأميركي يعاني أزمة حقيقة ويتدهور، وأن هذه الأزمة ليست مجرد أزمة رهن عقاري، تعاظم الخوف في الاقتصاد الإسرائيلي. فأميركا هي الداعم الأكبر لإسرائيل وهي تتلقى منها سنويا حوالي عشرة مليارات دولار ما بين دعم عسكري واقتصادي رسمي وشعبي. ومن المؤكد أن هذا الدعم سيتضرر جراء الأزمة القائمة في الولايات المتحدة.

وإلى جانب ذلك، فإن الانتاج الإسرائيلي سوف يتباطأ على الأقل في المجالات الرائدة في التصدير. وهذا ما بدأ يظهر في مجال تصدير تقنيات التكنولوجيا العالية وربما يظهر أيضا قريبا في صادرات السلاح. وقد فقدت الأسهم التكنولوجية في إسرائيل منذ بداية العام أكثر من 30 في المئة من قيمتها. ولهذا السبب، بدأ الكثيرون في إسرائيل يتحدثون عن تراجع نسبة النمو المنتظر للاقتصاد الإسرائيلي في العام .2008 وبعد أن حققت إسرائيل في العام 2007 نسبة نمو تصل إلى 5.3 في المئة، يبدي معلقون كثيرون تقديرهم أن النسبة قد لا تتجاوز 3 في المئة العام الحالي في أحسن الأحوال.

وترى الدوائر الاقتصادية الرسمية في إسرائيل أن الفارق كبير بين بنية الاقتصادين الإسرائيلي والأميركي. فالأزمة المالية الأميركية تغلغلت في الاقتصاد الأميركي وأدت إلى انخفاض حاد في نسبة النمو وارتفاع ملموس في البطالة. ولكن الاقتصاد الإسرائيلي لم يتأثر كثيرا في نظر هؤلاء، خلافا للبورصة الإسرائيلية التي تعاطت بذعر مع التموجات الخارجية. ويقول خبراء المصرف المركزي الإسرائيلي أن الصادرات تواصل الارتفاع، وأن نسبة البطالة في تراجع.

غير ان المصرف المركزي الإسرائيلي الذي خفض مؤقتا تقديره لنسبة النمو من 5 في المئة إلى 4.4 في المئة قد يضطر في أقرب وقت الى تخفيض هذا التقدير من جديد. فهناك الكثير من المشاريع الكبرى التي يؤدي الحديد دورا مهما فيها قد تتوقف أو تتباطأ مما يعني ارتفاع معدلات البطالة.

وهناك العديد من قطاعات التصدير ستتوقف عن العمل او على الأقل قد تقلص انتاجها لأسباب تتعلق بالتصدير أو بغلاء المواد الخام. وكل ذلك يعني في النهاية تقليص واردات المالية الإسرائيلية من الضرائب والجمارك وبالتالي العودة الى تقليص الميزانية لتلافي العجز الكبير.

غير ان الخطر الأكبر الذي قد يواجه إسرائيل يتمثل في أنه مع تقليص واردات الدولة العبرية من الأموال، ستتعاظم فاتورة الاستهلاك بسبب غلاء النفط والغذاء والمواد الخام. ونظرا للاستقطاب الحاد في المجتمع الإسرائيلي الذي عبر عن نفسه مؤخرا بإعلان أن 19 عائلة في إسرائيل تسيطر فعليا على مفاتيح الاقتصاد الإسرائيلي، فقد كان دخل هذه العائلات التسع عشرة 298 مليار شيكل في حين أن مجموع دخل الدولة العبرية من الضرائب لا يتجاوز 191 مليار شيكل. وتسيطر هذه العائلات على غالبية قيم 500 شركة هي الأكبر في إسرائيل والتي تزيد قيمتها عن مجموع الناتج السنوي لإسرائيل والذي يبلغ 665 مليار شيكل.
ــــــــــــــــــــــ
(1) صحفي وكاتب عربي من فلسطين، خبير ومترجم يارز في الشؤون الإسرائيلية

COMMENTS