بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير : الكرة في ملعب إيران، والدول الغربية أيضا؟

طوفان الأقصى / “مع المقاومة الفلسطينية” و”طرد السفير” : بيان مئة مثقف وسياسي مصري
«توتال» الفرنسية تنهب الغاز اليمنيّ؟
صراعات الدم : عندما يستثمر “داعش” و”الاخوان” الصراعات الافريقية لنشر الارهاب ليبيا والسودان مثالا !

التقرير الأخير الذي أصدره محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول آخر تطورات البرنامج النووي الإيراني لم يغلق ملف هذا البرنامج، وركز في مجمله على الدراسات التي تزعم أن إيران كانت تسعى إلى تصنيع سلاح نووي، بناء على معلومات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية‏.‏

لكن الإيرانيين يعتبرون أن الملف أغلق منذ التقرير قبل الأخير الذي أكد انتهاء الوكالة من جميع المسائل العالقة في البرنامج النووي، وفقا لتطبيق اتفاق الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس 2007، المعروف بخطة العمل، حيث أجابت إيران على جميع أسئلة الوكالة ونقاط اللبس‏ في الملف.‏

إشتمل التقرير الأخير على قسمين‏، : الأول، أشار فيه البرادعي إلى تعاون إيران والإجابات التي قدمتها‏، والثاني، طرح انتقادات وأشار إلى عدم التنسيق بين إيران والوكالة‏. والتقرير يتضمن نتائج زيارات كثيرة لمفتشي ومسؤولي الوكالة لإيران ومباحثاتهم مع المسؤولين القائمين على البرنامج النووي في طهران‏.‏

لا يعتبر الإيرانيون أن موضوع الدراسات المزعومة، ذات المصدر الأميركي والإسرائيلي، ضمن الموضوعات المتبقية من حيث التصنيف وبرنامج العمل‏،‏ واستندوا في ذلك إلى نص التقرير قبل الأخير الذي أشار بصراحة ووضوح إلى تسوية جميع القضايا المتبقية والانتهاء منها.،‏ كما أن الوثائق التي يتحدث عنها الأمريكيون والتي تتعلق بهذه الدراسات، لم تقدم إلى الوكالة عبر مسار صحيح‏،‏ ما حدا بالمدير العام إلى الإعلان في التقرير الأخير لأول مرة عن أسفه لهذا الموضوع.

ويرى الإيرانيون أن تعاونهم مع الوكالة في تفتيش المنشآت النووية كان ولا يزال عاديا، حيث سهلت طهران عمل المفتشين خلال السنوات الخمس الماضية‏،‏ بالاضافة إلى ذلك فإن التقرير من وجهة نظر إيران، يمثل وثيقة دولية جديدة تؤكد سلمية برنامجها النووي الذي يتهم الغرب طهران بأنه قد يتحول إلى الاستخدامات العسكرية في المستقبل‏.‏

كما أن الغرب يعتبر أن إيران لديها الكثير من التوضيحات التي يجب عليها أن تقدمها إلى الوكالة بخصوص موضوع الدراسات التي تعتبرها الوكالة بأنها مبعث قلق كبير‏.‏ من النقاط السلبية الأخرى في التقرير الإشارة إلى استمرار طهران في أنشطة تخصيب اليورانيوم، في مخالفة لقرارات مجلس الأمن. حيث أفاد التقرير أن إيران قامت بتركيب حوالي ‏3500‏ جهاز طرد مركزي في منشأة ناتنز النووية تحت الأرض‏،‏ بالإضافة إلى عدم استئناف العمل بمقتضيات البروتوكول الإضافي. حيث لم ترد إيران بعد على طلب الوكالة بالسماح لها بالوصول إلى أماكن مرتبطة بتصنيع أجهزة الطرد المركزي، وأبحاث وتطوير تخصيب اليورانيوم واستخراجه وتنقيته‏.‏

لكن التقرير من ناحية أخرى، أكد أن طهران قدمت تسهيلات لاستمرار نشاط مفتشي الوكالة‏،‏ كما أن الوكالة استطاعت مواصلة مساعيها لتشخيص عدم انحراف نشاطات إيران النووية‏،‏ وان إيران سمحت للوكالة بالوصول إلى المواد النووية المعلنة بأنشطتها النووية‏،‏ وفي التاسع من شهر أيار/مايو الماضي، قدمت الوكالة عددا من الاسئلة‏،‏ أجابت طهران عليها بعد أسبوعين‏،‏ وهذه الإجابات مازالت قيد البحث والدراسة من قبل خبراء الوكالة‏.‏

وعلى ضوء الخلفيات السياسية لهذا الملف، نجد أن الإيرانيين طرحوا رزمة مقترحات جديدة تساهم في حل أزمة الملف النووي‏،‏ ردا على المقترحات التي قدمتها مجموعة الخمسة زائد واحد، وهي تضم‏ الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين بالاضافة إلى ألمانيا.‏

لا تتضمن المقترحات الايرانية وقف أو تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم للاستخدامات السلمية التي تدعمها معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، والنظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.‏ بينما تركز المقترحات الغربية على وقف التخصيب مقابل الحصول على عروض مغرية لإيران‏.‏

لذلك، فإن الكرة الآن ليست فقط في الملعب الإيراني، بل أيضا في الملعب الغربي‏،‏ خاصة أن التقرير لم يدن إيران كما أنه لم يبرئها‏.‏

ومسألة المفاوضات، لم يتم الاتفاق، حتى الآن، بشأنها، لاختلاف وجهات نظر كل من الجانبين. لذلك يتوقع المراقبون أن يظل الملف النووي الإيراني مفتوحا على المدى المتوسط‏،‏ ولن يغلق في الوقت الراهن‏.‏

والهدف من ذلك هو صرف اهتمام المجتمع الدولي عن البرنامج النووي الإسرائيلي، في محاولة للتوصل إلى قناعة بأنه أصبح أمرا واقعا مفروضا‏،‏ ولايمكن المساس به أو مناقشته أو الحديث عنه في أي وقت من الأوقات‏.‏

وتريد الولايات المتحدة والدول الغربية، أن يبقى ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل وهو لا يتأتي إلا بضمان امتلاكها سلاح الردع النووي‏.‏

فإسرائيل هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي ترفض الانضمام لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية‏،‏ كما ترفض إخضاع منشآتها النووية إلى نظام الضمانات الشاملة للوكالة‏،‏ أي نظام الرقابة الدولية على التسلح النووي.‏

COMMENTS