هل تُغيِّر قمة “التعاون الإسلامي” في أنقرة جدول الأعمال السعودي ـ التركي؟

عولمة موارد المياه والهيمنة الجيوبيئية ـ مناخية في أجندة واشنطن؟
ما بعد “الفجيرة” و”الشرقية”: الإمارات والسعودية على عتبة “الجبهة الأنكلوساكسونية” المتداعية!؟
“السطلنة” ومعركة الوعي في لبنان؟!

يجتمع قادة دول “منظمة التعاون الإسلامي” في أنقرة منتصف هذا الشهر. انفراد السعودية وتركيا بترتيب جدول الأعمال جعل النتائج معروفة سلفاً. كلتا الدولتين طرفٌ في حروب أو خصومات قوية مع جيرانهما. لكنهما، بالذات، الطرف المعتدي على أولئك الجيران ويستضعفهما. ولدى هذا الطرف من الدوافع الكثير ليحيل “التعاون الإسلامي” من نعمة إلى نقمة على العرب والمسلمين.
يرى العالم أن الحروب النظامية وحروب الإرهاب التي تقتل الأبرياء وتدمر العمران في اليمن والعراق وسوريا وليبيا، هي من أفعال النظام السعودي والنظام التركي أو من تدبيرهما. تدير الرياض كل “بأسها” ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فيما ترتفع قواعد التحالف السعودي ـ الإسرائيلي”. ويقود طاغية أنقرة سياسة ابتزاز اقتصادي واستراتيجي مع إيران، بينما يلعق إصبع نتنياهو “الإسرائيلي”.
هذه هي نتائج “التعاون الإسلامي” بين السعوديين والأتراك التي سيدافع عنها الملك سلمان والطاغية أردوغان أمام قادة دول “منظمة التعاون الإسلامي” الذين سيحضرون قمة أنقرة منتصف هذا الشهر. أزالت كلتا الدولتان القواعد التقليدية لـ”التعاون الإسلامي”. كانت شرعية “القمة الإسلامية” تستمد من التضامن مع الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة العربية المقاومة للإحتلال الصهيوني.
ما انفك هذا الإحتلال الإجرامي جاثماً على ارض فلسطين وسوريا ولبنان، والأردن، كما لا يزال نافذاً على أرض مصر في سيناء. سيقدم الملك السعودي ومضيفه الطاغية “الإخواني” انتصاراً إضافياً إلى “إسرائيل”، عندما “يرشدان” هذا الجمع “الإسلامي” الدولي إلى بحث قضايا “إسلامية” ليس بينها قضية فلسطين ولا تحرير الجولان ومزارع شبعا وغور الأردن، ولا السيادة المصرية التامة على محافظة سيناء.
يأمل النظام الوهابي السعودي بأن تمده “قمة أنقرة” ببعض حقن الـ”بوتوكس الإسلامي” من أجل “تكبير” عضلاته الإستراتيجية الهزيلة. يحتاج إلى هذا الـ”بوتوكس” الآن، حتى لا تنحل هذه العضلات أثناء المفاوضات المباشرة مع (الأشقاء ـ) الأعداء اليمنيين، والمفاوضات غير المباشرة مع (الأشقاء ـ) الأعداء السوريين. يخشى السعودي صمت إله الصبر المُخَيِّمِ على دمشق وصنعاء.
هموم الطاغية أردوغان لا تختلف كثيراً. يريد زعيم النظام “الإخواني” التركي أن يحصل من “قمة أنقرة” على رصيد “إسلامي” إضافي، لمواجهة أعدائه الجدد الأكراد في ديار بكر، وجبال قنديل، بعد أن بدد في العدوان التركي الإرهابي على العرب في سوريا والعراق، وليبيا ومصر، وفي مخاصمة إيران، وروسيا، كل رصيد “الإسلام العثماني” الجائر. حتى تَوَسُّلْ مصالحة “إسرائيل” بستار فك “حصار غزة”، افتضح.
برع أردوغان في إشعال الحروب الإسلامية ـ الإسلامية. لا يكتفي حاكم تركيا بذلك. يريد أن يحصل من قادة “منظمة التعاون الإسلامي” على دعم “إسلامي” لإشعال حروب إسلامية ـ مسيحية أيضاً. أطلق تصريحات عن حقوق تتار القرم وعن”الشعب الشركسي”، والآذريين، لاستدراج “قمة أنقرة” إلى دعم مشاريع التدخل التركي العدواني ضد ارمينيا في كاراباخ وضد روسيا في القرم، وضد الصرب في كوسوفو، وضد قبرص واليونان.
من الواضح أن جدول الأعمال السعودي ـ التركي الذي أعدّ لاجتماع قادة “التعاون الإسلامي” في أنقرة يتسم بالأنانية وبالخداع. يعبر هذا “الجدول” عن المصالح الجيواستراتيجية للرياض وأنقرة، لكنه لا يمثل، فعلياً، أي مصلحة عربية، ولا أي “مصلحة إسلامية”. هذا إذا سَلَّمْنا بأن مصالح العرب والمسلمين تتحقق بمقدار تحررهم من السيطرة الأطلسية واستقلالهم عنها، أي بمدى نجاحهم في تفكيك نظام الهيمنة الأميركية ـ “الإسرائيلية”.
سيرأس الطاغية أردوغان قمة الأفق الضيق، وبجانبه الملك سلمان. ستكون “القمة الإسلامية” مضيعة للجهد والمال، إذا لم تلاحظ مسؤولية الحكومة الوهابية السعودية والحكومة “الإخوانية” التركية عن انتشار الإرهاب في بلاد المسلمين وفي العالم. وإذا لم يُحصِ قادة العرب والمسلمين عدد النزاعات الإسلامية ـ الإسلامية التي تديرها الإستخبارات السعودية والإستخبارات التركية. لئن فعلوا ذلك سيحدثون انعطافاً في مسيرة “التعاون الإسلامي”.

هيئة تحرير الحقول
‏السبت‏، 02‏ رجب‏، 1437، الموافق ‏09‏ نيسان‏، 2016 م.

COMMENTS