إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 23 كانون الثاني، 2017

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 11 أيار، 2020
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 14 أيلول، 2022
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 18 تشرين الأول، 2018

بعد أيام على اختطافه من أمام متجره في قب الياس، أفرج فجر السبت الماضي عن المواطن سعد ريشا من دون دفع فدية مالية، وعلم ان الرئيس ميشال عون أوعز الى الاجهزة الامنية بضرورة القبض على الفاعلين اياً يكن الثمن وفي أقرب وقت، وأكد انه من غير المسموح ان تتكرر هذه العمليات، وان لا غطاء فوق أحد في عمليات الخطف المماثلة. وأكدت مصادر متابعة ان الخاطفين لن يفلتوا من العدالة. وجاء الإفراج عن المواطن ريشا  إثر مفاوضات ووساطة دامت يومين قادها المسؤول التنظيمي للبقاع في حركة أمل بسام طليس، بتكليف من الرئيس نبيه بري. وتوعّد وزير الداخلية نهاد المشنوق خاطفي المواطن ريشا باقتراب لحظة القبض عليهم، وبإنهاء ظاهرة الخطف واجتثاثها من البقاع ومن لبنان كله. وكشف أنّ الرئيس بري هو أول المطالبين بذلك. وقال: «إنّ إطلاق سراح ريشا لا يعني أبداً وقف ملاحقة الخاطفين، بل لا تراجع قبل سوقهم أمام العدالة لمحاسبتهم وإنزال أشدّ العقوبات بهم»، مؤكداً أن «لا تسوية مع الخاطفين أو غيرهم من المجرمين المرتكبين وأنّ الرؤساء الثلاثة يتابعون هذا الموضوع جملة وتفصيلاً إلى حين إنهاء هذه الظاهرة من البقاع ولبنان كله».


النهار 
لبنان يكسب جولة في مكافحة الارهاب
“بعيداً من مقهى “كوستا” الذي نال نصيبه من الدعاية مع انه شكل محطة للإرهابي وليس هدفاً كما رجحت معلومات أمنية لـ”النهار” في انتظار الايعاز اليه بالانطلاق الى مركز آخر أشد كثافة ليل السبت، وهو ما يفسر عدم اقدامه على تفجير نفسه بعيد وصوله وخروجه للتحدث عبر الهاتف، فان مصدراً أمنياً تحدث الى “النهار” معرباً عن تخوفه من أعمال أخرى مشابهة، ومحذراً من امكان أن يكون التنظيم الارهابي اتخذ قراره العملي بتحويل لبنان ساحة للجهاد في ظل التضييق الذي يعانيه في سوريا. واعتبر ان القبض على انتحاري لا يعني الكثير على رغم انه دليل على نجاح القوى الامنية في مهماتها، ذلك ان ثمة كثيرين تم الايقاع بهم للقيام بعمليات مماثلة. وأضاف ان حصول التفجير لو حصل، لا سمح الله، لا يعني أيضاً فشلاً أمنياً لأن الخروق يمكن ان تحصل في أي بلد في العالم.

وكان التوجه الى التفجير في بيروت تم بقرار تنظيمي من الارهابيين بعد فشل محاولات عدة لاختراق الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة الاجراءات التي يتخذها “حزب الله” متعاوناً مع القوى الامنية. وفي اعتقاد المصدر الامني ان حرف الانظار الى بيروت لا يعني تحييد الضاحية وأماكن أخرى. وكانت معلومات تحدثت عن وجود ثلاثة انتحاريين، وهو ما حدا القوى الامنية الى متابعة الاول من صيدا الى بيروت، الى “كوستا” مقصده الاول في شارع الحمراء، وإخضاعه للمراقبة ومتابعة حركة اتصالاته بهدف الوصول الى آخرين شركاء أو منظمين.

ولم يبدّد النجاح الامني الغموض في بعض النقاط التي ظلت مثار نقاش وتشكيك في صحة الرواية الرسمية اذ تضاربت المعلومات عن دخوله المقهى وتمضيته بعض الوقت أو محاولته الدخول عنوة ونشوب عراك أدى الى اصابته في كتفه منعاً لقيامه بأي حركة عاجلة تسمح له بتفجير نفسه، فيما ظهرت دماء على الارض في الداخل، الى نقاط أخرى عن موعد مغادرته المنزل، أو اقفال خطه الخليوي. في المقابل، أفاد البعض من الحادثة للاستغلال السياسي فوزعت عبر الهواتف صور للنائبة بهية الحريري وهي تعوده في المستشفى، ما حمل مكتب الاخيرة على توضيح الأمر.

وفي المعلومات الرسمية، صدر عن قيادة الجيش- مديرية التوجيه البيان الآتي: “في عملية نوعية ومشتركة بالتنسيق مع فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أحبطت قوة من مديرية المخابرات قرابة الساعة 10.30 من مساء أول من أمس (السبت)، عملية انتحارية في مقهى “كوستا” في منطقة الحمرا، أسفرت عن توقيف الانتحاري المدعو عمر حسن العاصي الذي يحمل بطاقة هويته، حيث ضبطت الحزام الناسف المنوي استخدامه ومنعته من تفجيره. وقد حاول الموقوف الدخول عنوة إلى المقهى مما أدى إلى وقوع عراك بالأيدي مع القوة العسكرية، ونقل على الأثر إلى المستشفى للمعالجة”.

وقد نقل المتهم لاحقاً من مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت الى المستشفى العسكري حيث يخضع لحراسة مشددة، وعلمت “النهار” انه لم يتحدث بعد الى المحققين.

وقد استعاد شارع الحمراء حيويته صباح أمس، وقصد المقهى عدد من المسؤولين تقدمهم الرئيس سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الدفاع يعقوب الصراف ورئيس المجلس البلدي لبيروت وعدد من الاعضاء الى جمع كبير من الناس حضروا في ردة فعل عفوية لتناول القهوة فيه. وأشارت العملية ارتياحا كبيرا لدى اللبنانيين.

 

اطلاق في البقاع

 وحجبت عملية القبض على الانتحاري الاضواء عن عملية اطلاق المخطوف سعد ريشا في البقاع بعد خطفه الى بريتال بثلاثة أيام، وقد اطلق بوساطة اتمها المسؤول التنظيمي في حركة “أمل” بسام طليس بتكليف من الرئيس نبيه بري من دون دفع فدية، ولكن أيضاً من دون القبض على الخاطفين.

 

وقد اتصل الرئيس الحريري بعائلته مهنئا بسلامته ومطمئناً إلى صحته، وأكد “متابعته سير التحقيقات الجارية حتى النهاية، تمهيداً لملاحقة الخاطفين وإحالتهم على الجهات القضائية المختصة”. وتوعد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الخاطفين بـ”اقتراب لحظة القبض عليهم، وإنهاء ظاهرة الخطف واجتثاثها من البقاع ومن كل لبنان”. وعلمت “النهار” ان الرئيس ميشال عون أوعز الى الاجهزة الامنية بضرورة القبض على الفاعلين اياً يكن الثمن وفي أقرب وقت، وأكد انه من غير المسموح ان تتكرر هذه العمليات، وان لا غطاء فوق أحد في عمليات الخطف المماثلة. وأكدت مصادر متابعة ان الخاطفين لن يفلتوا من العدالة.

 

الأخبار 
«انتحاريّ الكوستا» للمحقّقين: لست نادماً وسأُكرّرها
“أوقفت استخبارات الجيش انتحاريَّين اثنين خلال ٢٤ ساعة. كلاهما اعترف بطبيعة المهمة الموكلة إليه. الانتحاري عمر العاصي كان أكثر شهرة من زميله، كونه أوقِف في أحد أشهر شوارع العاصمة، مزنّراً بحزام ناسف، وكان توقيفه علنياً. ورغم أن التشكيك طاول العملية، إلا أن الرواية التي حصلت عليها «الأخبار» تجيب عن جزء كبير من الأسئلة التي طُرِحت حول ما جرى ليل السبت في شارع الحمرا.

جنّبت استخبارات الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي لبنان مجزرةً محقَّقة. أطبق عناصر قوّة خاصة في فوج المكافحة في الجيش على الانتحاري قبل تفجير نفسه بلحظات. غير أنّه ما إن أُعلن عن إحباط العملية في مقهى الكوستا في الحمرا، حتى انطلقت حملات للتشكيك و«التبخيس» بالعملية النوعية. عزّزت ذلك جملة تساؤلات بقيت من دون أجوبة.

إذا كانت الأجهزة الأمنية تعرف الانتحاري، فلماذا لم توقفه قبل دخول المقهى أصلاً؟ ألم يكن أي خطأ سيؤدي إلى وقوع مذبحة؟ هل كانت الأجهزة الأمنية تعرف هويته الحقيقية؟ هل كانوا في انتظاره، أم أنهم كانوا يلاحقونه؟ كيف رصدوه، ولماذا لم يُفجّر نفسه قبل توقيفه؟ لماذا خرج الانتحاري من المقهى ثم عاد ليحاول الدخول؟ هل كان مقهى الكوستا هدفاً للانتحاري أم محطة لانتقاله إلى نقطة أخرى؟

غياب الإجابات عن هذه الأسئلة فتح الباب أمام التكهّنات، ما سمح بتأليف سيناريوات لا تمت إلى الحقيقة بصلة. وزاد الطين بِلّة اعتبار البعض بيان الجيش «متناقضاً» مع إفادات الشهود العيان، ولا سيما إشارة البيان الى أنّ عناصر الاستخبارات منعوا الانتحاري من دخول المقهى، فيما قال الشهود إنّه كان داخل المقهى وخرج. أُضيف إليها تساؤل عن سبب حمل الانتحاري بطاقة هويته معه؟ علماً بأنّها ليست المرة الأولى التي تُضبط فيها بطاقة هوية مع انتحاري، صحيح أنّ بعضها قد يكون مزوّراً أحياناً، إلا أنّ بعضهم عُثر على بطاقة هويته الحقيقية في موضع التفجير أو في آخر مكان انتقلوا إليه، ومنهم انتحاريا السفارة الإيرانية معين أبو ظهر وعدنان المحمد، وهما من جماعة الشيخ أحمد الأسير أيضاً، وكانت في حوزتهما بطاقتا هوية. والسبب بسيط، إذ إنّ المشتبه فيه يحتاج الى الهوية للتنقّل للحؤول دون توقيفه على الحواجز الأمنية قبل أن يصل إلى هدفه.

أمام كل ما تقدّم، كاد يضيع جهد «الاستشهاديين» الذين حملوا دمهم على أكفّهم وأوقفوا انتحارياً يحمل حزاماً ناسفاً كان يمكن أن يمزّقهم إلى أشلاء في أي لحظة. هل سأل أحدٌ من هؤلاء نفسه عمن يجرؤ على الاقتراب من رجلٍ يحمل حزاماً ناسفاً ومستعد لسحب حلقة التفجير في أي لحظة يشعر فيها بالخطر؟ هل كان يُفترض أن تقع الواقعة أو يسقط عناصر استخبارات الجيش وروّاد المقهى شهداء حتى تؤدى التحيّة لهم؟

ماذا حصل ليلة السبت فعلاً؟ ما قصّة الاتصال الذي أوقع بالانتحاري؟ وكيف نسّقت استخبارات الجيش مع فرع المعلومات؟

لم يكن السبت يوماً عادياً. كانت الأجهزة الأمنية تترقّب عملاً انتحارياً، بعد انذارٍ تلقته يُفيد عن احتمال تنفيذ خلايا متشددة مرتبطة بتنظيم «داعش» تفجيرات ضد أهداف مدنية. لم يكن الهدف محدّداً أو واضحاً. الخشية كانت عامة، إلا أن «بيكار» الاستهداف حُصِر بثلاث مناطق: وسط المدينة، الجميزة والحمرا، ولا سيما أنّ استخبارات الجيش كانت قد أوقفت نهار الجمعة الشاب بلال ش. في وادي خالد، الذي اعترف بأنّه كان ينوي تنفيذ عملية انتحارية ضد أهداف في لبنان. الموقوف الذي قضى سنتين في سجن رومية المركزي لارتباطه بـ«الأمير العسكري» لـ«النصرة» في الشمال أسامة منصور، أبلغ المحققين أنّه بايع لاحقاً تنظيم «الدولة الإسلامية» في الرقة، وأنّه تواصل مع قيادي في الرقة يبلغه بنيته تنفيذ عملية انتحارية في سوريا، غير أنّ الأخير أشار عليه بتنفيذها في لبنان، وتحديداً في العاصمة بيروت. وطلب إليه الانتظار لتحديد الهدف وتسليمه حزاماً ناسفاً. وهكذا كان، غير أنّ استخبارات الجيش تمكنت من توقيفه قبل تنفيذ العملية وضبطت متفجرات لديه. توقيف بلال ش. لم يرفع الخطر. كان التهديد لا يزال قائماً.

ترافق ذلك مع «رأس خيط» كانت تتابعه استخبارات الجيش يتعلّق بانتحاري محتمل قد يتحرّك لتنفيذ عمليته في بيروت. أصل المعلومة حصلت عليه استخبارات الجيش من فرع المعلومات. جرت «مقاطعة» المعلومات والتنسيق في هذا الخصوص. الرصد التقني كان دليل المحققين. كان ضباط الاستخبارات قد حصلوا على رقم هاتف الانتحاري المفترض، لكنّ هويته كانت لا تزال مجهولة. جرى تعقّبه تقنياً منذ بداية النهار، لكن لم يكن هناك إمكانية لتوقيفه في المرحلة الأولى. فقد كان المشتبه فيه «يختفي» بإطفاء هاتفه من حين إلى آخر، ما يُضيِّع أثره. لكن عناصر مجموعة القوة الخاصة في فوج المكافحة في مديرية استخبارات الجيش قرروا نصب أكثر من كمين، أحدها كان في منطقة الكولا، فيما الآخر في مقهى الكوستا في الحمرا. انتظره عناصر القوّة الخاصة في المقهى، علماً بأنّ هذه المجموعات تلقت تدريبات على توقيف الانتحاريين. ولدى دخول الانتحاري إلى المقهى، لم يتعرّف إليه أفراد المجموعة. مكث لدقائق، كان فيها مربكاً قبل أن يخرج ليجري اتصالاً. أجرى اتصالين، فكان ذلك كفيلاً بكشفه. إذ تمكن فريق الرصد التقني من تحديد الهدف فور استعماله هاتفه. أُبلغت المجموعة الكامنة في الداخل ليُحدّد الهدف بـ«علامة فارقة». وبعدما حاول الدخول مجدداً، تم الإطباق عليه. أوقف بطريقة مباغتة من قبل أفراد المجموعة الذين حرصوا على تثبيت يديه لمنعه من تفجير نفسه، فيما تولّى اثنان منهم ضربه على رأسه لإفقاده وعيه. لماذا لم يُفجّر الانتحاري نفسه فور دخول المقهى؟ تردّ المصادر الأمنية بأنّه فوجئ بعدد زبائن المقهى الذي كان قليلاً. وبحسب المصادر، كان عمر العاصي ينتظر اكتظاظ المقهى برواده لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا. وأفاد أحد العاملين في الـ«كوستا» بأن العاصي دردش معه عن العمل، وسأله عن «ساعة العجقة».

تردد أن العاصي مكث ليلة في مخيم برج البراجنة، لكنّ المصادر الأمنية نفت ذلك، مؤكدة أنّه لم يدخل الضاحية الجنوبية لبيروت أصلاً، إنما انطلق من صيدا متوجّهاً إلى بيروت. وبعد توقيفه، جرى دهم منزله في شرحبيل في صيدا. فأوقف شقيقاه وشخصان كانا عندهما في المنزل للتحقيق في احتمال تورطهم معه. كما صودر جهاز كمبيوتر من منزله. وقد تبيّن أنّ العاصي من جماعة الأسير، علماً بأنّه سبق أن أصيب في اشتباكات وقعت في عام ٢٠١٣ في صيدا. وقد ظهر في مقطع فيديو تزوره النائبة بهية الحريري للاطمئنان إلى صحته.

لم ينتهِ التحقيق مع العاصي بعد. المعلومات الأولية تُفيد بأنّ الموقوف عبّر عن عدم ندمه على تخطيطه لاستهداف المدنيين بعملية انتحارية، وأبلغ المحققين أنّه على استعداد لإعادة الكرّة إنّ قُدِّر له ذلك، قائلاً لهم: «لست نادماً. بعملها مرة تانية».

 

عمر العاصي… من الأسير إلى «داعش»

 من تفجير السفارة الإيرانية مروراً بتفجير الطيونة وصولاً إلى «انتحاري الكوستا»، تكبر لائحة أسماء أتباع الشيخ أحمد الأسير الذين تحوّلوا إلى انتحاريين يتوزعون بين تنظيمات «كتائب عبدالله عزام» و«داعش» و«جبهة النصرة». هكذا يُطل شبح الأسير مع كل عملية أمنية. ويُسَجّل له انه «خرّج» أول انتحاري لبناني يُفجّر نفسه بمدنيين لبنانيين.

 

في اليومين الماضيين، لم يكد يُعلن عن توقيف عمر العاصي حتى توارى عن الأنظار أحد المقربين منه. العاصي، الشاب الذي يعمل ممرضاً في مستشفى حمود، كان يتجوّل بحرية لكونه لم يكن مطلوباً للأجهزة الأمنية، بخلاف ما تردد في وسائل الإعلام. وقد ورد اسمه في محاضر اعترافات عناصر الاسير عند اعتقال خلية باب السراي في صيدا أواخر ٢٠١٤، التي لعبت دوراً أساسياً في تأسيس الخلايا النائمة المرتبطة بالأسير. غير أنّه لم يشارك في معركة عبرا لأنه كان يعالج في المستشفى بعد إصابته في الاشتباك الذي اندلع قبل اسبوع بين الاسير وسرايا المقاومة. بعد أحداث عبرا، بايع العاصي تنظيم «داعش». وقد انتشرت صورة له مع النائبة بهية الحريري، تبيّن انها التُقِطَت عندما كانت تزوره في المستشفى، بعد إصابته في الاشتباك قبل معارك عبرا.

وفيما زار مقهى كوستا ليل امس كل من رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وأشادوا بجهود الأجهزة الأمنية في إحباط العملية الإرهابية، اكًدت مصادر رسمية أن حال التأهب الأمني لا تزال في ذروتها.

 

اللواء
«اللـــواء» تروي قصة الإرهابي المعتقل بعد إحباط تفجير الكوستا
الحمراء تستعيد حيويتها «مطمئنة» لجهوزية الجيش «والمعلومات» و4 موقوفين قيد التحقيق

“بين التاسعة والحادية عشرة من ليل السبت – الأحد، كانت بيروت ومعها لبنان، يعيشان أجواء امتزج فيها القلق بالاطمئنان، على خلفية إلقاء القبض على عنصر من بقايا حركة أحمد الأسير، الموقوف قيد المحاكمة، والمرتبط نفسياً وربما تنظيمياً بتنظيم «داعش» في سوريا، قبل أن يفجر نفسه بحزام ناسف داخل احد مقاهي شارع الحمراء.

وبين الإعلان، بعيد العاشرة من ليل أمس الأوّل، وقبيل منتصف الليل، كان شارع الحمراء الرئيسي الذي يبدأ بمقهى «الكوستا» الذي كان يستهدفه الارهابي عمر العاصي، وينتهي بمجموعة من الفنادق والمطاعم، تعج بالساهرين من اللبنانيين والسيّاح، يمر بمخاض بين الاقفال واستئناف تقديم الخدمات للساهرين والرواد، بعدما أكدت القوى الأمنية، عبر معلومات مشتركة، أن شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي ومخابرات الجيش اللبناني تمكنتا بالتنسيق التام بينهما، وبمتابعة دقيقة وسرية تامة، ضمن خطة الحرب الاستباقية على الإرهاب، من احباط خطة الارهابي الموقوف، الذي شاهد مواطنون لبنان والرأي العام في لبنان والخارج صورته مصاباً برأسه في مستشفى الجامعة الأميركية قبل نقله إلى المستشفى العسكري في بدارو.

وكشفت مصادر أمنية (ا.ف.ب) أن الانتحاري الذي كان يرتدي حزاماً ناسفاً، تمّ رصده من قبل جنود كانوا يسيّرون منذ اسابيع دوريات في شارع الحمراء.

وأضافت أن الانتحاري اصيب خلال اعتقاله، عندما طرحه عدد من العسكريين ارضاً لمنعه من تفجير حزامه، ونقل إلى مستشفى مجاور للعلاج قبل استجوابه، وعلى الفور اغلق المقهى أبوابه مع عدد من المطاعم، وكذلك شارع الحمراء الذي اعيد فتحه امام المارة بعد نحو ساعة من عملية الاعتقال، خشية ان يكون هناك شركاء للارهابي عاصي يقومون بأية عملية.

وإذا كان كبار الرسميين والامنيين واكبوا هذه العملية التي وصفت بأنها من العمليات الأمنية الناجحة، والتي أكدت مرّة ثانية حرفية العناصر الأمنية اللبنانية، فإن اجواء من الاطمئنان عادت إلى نفوس المواطنين، فور اتضاح صورة ما حدث، والتأكد من ضمان احباط العملية الاجرامية التي كان مزمع تنفيذها.

 

الحريري في «الكوستا»

 وفي خطوة لتبديد المخاوف، وتثبيت أجواء الاطمئنان، زار الرئيس سعد الحريري برفقة وزيري الداخلية نهاد المشنوق والدفاع يعقوب صرّاف مقهى «الكوستا» في الحمراء وصافح رواد المقهى وتحدث إليهم.

 

وكشف الرئيس الحريري انه «جاء ليقول للناس أن الخوف الذي يحاولون وضعه في قلوبهم مرفوض، وسنظل نرتاد المقاهي والمطاعم كالمعتاد».

واعتبر رئيس مجلس الوزراء أن البلد بخير في ظل وجود رئيس الجمهورية وعينه الساهرة على الأمن، وبوجود القوى الأمنية في وزارتي الداخلية والدفاع.

وأشار إلى انه «نتيجة تعاون كبير بين القوى الأمنية كما قرّر مجلس الدفاع الأعلى أتت هذه النتيجة من التعاون، وأكّد أن «التهديد موجود وأن الله يحمينا ويحمي البلد»، وانه «بفضل جهود المخابرات وشعبة المعلومات فالأمن سيكون مستتباً، وأعداؤنا هم الذين سيخسرون».

وهنأ الرئيس ميشال عون القوى الأمنية على نجاح العملية الاستباقية مما أنقذ المطعم من مجزرة محققة.

ولاحظ الرئيس نبيه برّي أن «العناية الالهية والأداء العالي للجيش اللبناني والقوى الأمنية هو من ضبط هذا الارهابي، وفي ذلك برهان جديد على ان لبنان هو من أهم دول العالم في مكافحة الارهاب».

ونفى مصدر عسكري معني لـ«اللواء» أن يكون قد تبلغ بإمكانية عقد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، بحسب ما تردّد في بعض المعلومات للبحث في الوضع الأمني مجدداً، في ضوء إحباط عملية الاعتداء في مقهى «الكوستا»، وتجدد عمليات خطف الأبرياء في البقاع، ونجاح عملية الإفراج عن المخطوف سعد ريشا.

ورأى المصدر العسكري، أن إحباط الهجوم الارهابي في الحمراء يُؤكّد أهمية التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وهو ما أكّد عليه الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد في بعبدا.

 

كيف تمّ إحباط الهجوم؟

 وإذا كانت التحقيقات مع الارهابي عاصي لم تبدأ فعلياً، بسبب عدم استقرار وضعه الصحي، فان الأجهزة الأمنية والمعنيين بتفكيك الخلفيات التي حملت هذه الارهابي على اتخاذ قرار بتفجير نفسه في المقهى، ولماذا أقدم على طلب فنجان القهوة والشيكولاته، وماذا إذا كان تردّد في تنفيذ عملية التفجير او انتظار وصول انتحاري آخر، ينتظرون مثوله امام القضاء المختص لكشف اسرار هذا اللغز.

 

وذكرت مصادر أمنية مطلعة لـ«اللـواء» أنّ العاصي كان تحت مراقبة ومتابعة الأجهزة الأمنية التي توافرت لديها معلومات عن تكليفه بعمل انتحاري، ولاحقاً حُدّد الهدف من خلال متابعته بأنّه مقهى «كوستا» في شارع الحمراء، الذي استطلعه قبل يوم من محاولة تنفيذ العملية الانتحارية.

ونفت المصادر ما جرى تداوله في بعض وسائل الإعلام حول أنّه غادر منزله قبل يوم من تنفيذ مهمته إلى مخيّم برج البراجنة، حيث أمضى ليلته هناك، بأنّ مغادرته منزله في صيدا، كانت مساء السبت، حيث توجّه مباشرة إلى مقهى «كوستا» الذي وصله بُعيد العاشرة ليلاً، وجلس إلى إحدى الطاولات طالباً من نادل المقهى فنجان قهوة، ارتشفه، وقطعة من الشوكولا إلتهمها، وهو ما احتاج إلى بضع دقائق.

ولدى رفعه يده للضغط على زر تفجير الحزام الناسف، تحرّك رجال مخابرات الجيش وشعبة المعلومات – الذين كانوا يجلسون إلى طاولات بجواره بلباس مدني، ودون إشعاره بأي أمر، مُطلقين النار باتجاهه ومنقضّين عليه، مانعينه من تفجير الحزام الناسف ومقيّدينه قبل أنْ يخرجوه من المقهى.

وقدر الخبير العسكري، وفقاً لبيان مديرية التوجيه في الجيش اللبناني الحزام الناسف بأنه يحتوي على 8 كيلوغرامات من المواد المتفجرة بالإضافة إلى كمية من الكرات الحديدية.

وكشف البيان، ان قوة من الجيش داهمت المنزل الذي يسكنه الارهابي في شرحبيل في صيدا، حيث أوقفت 4 أشخاص من المشتبه بهم.

وفي المعلومات ان القوة صادرت جهاز الكمبيوتر الخاص به، واوقفت شقيقيه محمّد وفاروق واثنين من آل البخاري والحلبي كانا موجودين في المكان.

والارهابي عمر حسن عاصي من مواليد صيدا 1992، وكان ممرضاً خاصاً بالاسير وضمن فريق المسعفين الخاص بمسجد بلال بن رباح.

ورفضت فعاليات صيدا انتماء الارهابي إلى منطقتها مؤكدة الثقة بالجيش والقوى الأمنية، معلنة استنكارها بما كان يعتزم تنفيذه لجهة استهداف المواطنين الآمنين.

 

مجلس الوزراء

 وهذا الإنجاز الأمني الذي ترافق مع الذكرى التاسعة لاستشهاد الرائد وسام عيد، سيكون حاضراً امام مجلس الوزراء الأربعاء، من مختلف جوانبه سواء ما يتعلق بوضع خطة أمنية للبقاع لإنهاء حوادث الخطف، أو تطوير التنسيق بين الأجهزة الأمنية.

 

وتناقش الجلسة التي ستعقد برئاسة الرئيس عون في بعبدا جدول أعمال من 63 بنداً، ليس من بينها تعيينات أو قوانين الانتخاب أو الموازنة، وإنما بنود منها ما يتعلق بسلامة المطار وتلزيمات استخراج النفط من المياه البحرية اللبنانية.

 

ومن أبرز البنود الـ63 ايضاً:

– طلب وزارة الاشغال العامة والنقل الموافقة على تأمين اعتماد بقيمة 42.405.731.0000 ل.ل. لزوم اشغال تلزيم الأعمال والتجهيزات الأمنية والتقنية المطلوبة لمطار رفيق الحريري الدولي – بيروت.

 – عرض وزارة الطاقة والمياه لتوصية إدارة قطاع البترول المتعلقة بإجراءات استكمال دورة التراخيص الأولى في المياه البحرية التي أطلقها مجلس الوزراء بموجب قراره رقم 41 تاريخ 27/12/2012.

– طلب وزارة الداخلية والبلديات تعديل قرار مجلس الوزراء 20/10/20166 المتعلق بالموافقة على تعيين 150 مفتشاً درجة ثانية متمرناً اختصاص معلوماتية لصالح المديرية العامة للأمن العام من العام 2017 وذلك لجهة زيادة العدد المقرّر تعيينه.

 – طلب وزارة التربية والتعليم العالي الإجازة للمديرية العامة للتربية عقد صفقات بالتراضي لتأمين المطبوعات اللازمة لتأمين حسن سير العمل في الإدارة وخاصة المطبوعات التي تتعلق بالامتحانات الرسمية.

– طلب وزير الدولة لشؤون المرأة الموافقة على نقل اعتماد بقيمة 602.000.0000 ل.ل. من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء لعام 2017 على أساس القاعدة الاثني عشرية (مساهمة لتغطية النفقات التشغيلية اللازمة لتمكين وزير الدولة لشؤون المرأة من ممارسة المهام المكلف بها).

 – مشروع مرسوم يرمي إلى تعديل الفقرة الرابعة من البند أولاً من المادة الرابعة من المرسوم رقم 11244 تاريخ 25/10/2003 (تحديد مهام وملاك هيئة إدارة السير والاليات والمركبات) والجدولين رقم (1) ورقم (8) الملحقين به.

 – طلبات تجديد الترخيص لمؤسسات الإعلام المرئي والمسموع بكل الفئات، فضلاً عن هبات وسفر.

 

وعلمت «اللواء» ان البنود المتصلة بالانتخابات النيابية لجهة تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات وطلب الاعتمادات المالية للعملية الانتخابية غير مدرجة على جدول الأعمال.

تجدر الإشارة إلى ان مرسوم تعيين عماد كريدية مديراً عاماً لهيئة «أوجيرو» سيصدر في الجريدة الرسمية الخميس، بعد ان يوقعه الرئيس عون غداً.

 

قانون الانتخاب

 وبالنسبة إلى قانون الانتخاب، نقل زوّار الرئيس برّي عنه ان لا معطيات جديدة لديه، مؤكداً ان أي قانون جديد يلزمه توافق بين اللبنانيين، فيما نقل عنه النائب وائل أبو فاعور الذي كان في عداد وفد «اللقاء الديمقراطي» الذي زاره السبت في عين التينة، ان رئيس المجلس لن يسير بأي مشروع قانون لا يحظى بتأييد النائب وليد جنبلاط الذي عاد مساء أمس إلى بيروت قادماً من باريس. ويزور الوفد غداً الرئيس الحريري في السراي للغاية نفسها، تمهيداً للقاء رؤساء الكتل النيابية.

 

من جهته، رأى مصدر نيابي في «كتلة المستقبل» انه لا يتوقع اجراء الانتخابات النيابية في موعدها إذا كان هناك قانون جديد للانتخاب ويمكن في هذه الحال، تأجيل هذه الانتخابات إلى ما بعد موعدها في أيّار لمدة أبعد من ثلاثة أشهر. ولفت المصدر إلى ان قانون الستين يلائم الجميع، واصفاً الكلام عن النسبية وعن قانون جديد يؤمن التمثيل الصحيح وعدالته بأنه «مزايدة»

 

موفدون

 في هذا الوقت، تتهيأ العاصمة اللبنانية، لاستقبال وفد وزاري سعودي، يتقدمه وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، ترجمة لما كانت أفضت إليه زيارة الرئيس عون للمملكة العربية السعودية من اتفاق على استكمال نتائجها ثنائياً عبر الوزارات المعنية.

 

وتسبق هذه الزيارة محطة بالغة الأهمية للممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية فيديريكا موغريني التي تصل إلى بيروت مساء الأربعاء للقاء كبار المسؤولين والبحث معهم في مختلف الملفات وأبرزها النزوح السوري، ودعم المجتمع الدولي للمرحلة الجديدة في لبنان ووجوب اجراء الانتخابات النيابية في موعدها.

وقبل موغريني يصل إلى بيروت مساء اليوم الموفد الخاص لأمير الكويت الشيخ محمّد عبدالله المبارك الصباح حاملاً رسالة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الرئيس عون، ويلتقي أيضاً الرئيسان بري والحريري، فيما يصل صباحاً المستشار الخاص لرئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني للشؤون الدولية حسين امير عبداللهيان، في زيارة هي الرابعة لمسؤول إيراني لبيروت منذ انتخاب عون رئيساً، وتأتي بعد 17 يوماً من المحادثات التي اجراها رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بروجردي في بيروت عشية توجه عون إلى الرياض.

وتأتي كل هذه الزيارات، غداة مغادرة وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري بيروت أمس، بعد محادثات أجراها مع الرؤساء الثلاثة، فيما كانت العاصمة تودع الامين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط، اتفق خلالها مع الرئيس عون أن تكون للرئيس اللبناني كلمة امام الجامعة العربية خلال زيارته للقاهرة قريباً.

 

البناء
الجعفري يرسم خارطة الطريق: الحرب على الإرهاب بوصلة المؤتمر
حلب في أستانة: روسيا راعٍ وأميركا مراقب… والسعودية خارج الحلبة
الاندفاعة السياسية الإيجابية تُحبط خطرين أمنيّين.. في البقاع وبيروت

“تكفي المقارنة بين مؤتمر جنيف حول سورية بصيغته المنعقدة قبل عام ومؤتمر أستانة عشية انعقاده، لمعرفة حجم التغيير الذي أدخلته معركة حلب على المشهد السياسي والتفاوضي. فالدور الأميركي ينتقل من القيادة إلى المشاركة الرمزية بصفة مراقب، والمشاركة الروسية في الرعاية كشريك ثانٍ يعترف بالقيادة الأميركية تتحوّل إلى رعاية أحادية في أستانة. يبذل وفد الجماعات المسلحة جهوده لمغازلة دورها كوسيط مقبول من الجميع. وبالمقابل السعودية الركن الإقليمي الأول في صيغة جنيف ممنوع من الصرف بفيتو إيراني، والتركي الشريك من الصفوف الثانية برعاية المعارضة ينتقل إلى الصف الأول تأسيساً على دوره في إنهاء معركة حلب، وسورية الذاهبة بوفدها إلى جنيف باعتباره منصة سياسية إعلامية لم تنضج بعد للبحث الجدي في التفاهمات، ترسم بلسان مفاوضها السفير بشار الجعفري خريطة الطريق لأستانة تحت شعار الحرب على الإرهاب هي البوصلة، فهل نضج الأتراك بعد نزفهم المتواصل تحت ضربات الإرهاب للتسليم بهذه الحقيقة وإدراك أنّ الفوز بالحرب لا يستقيم مع التمادي في انتهاك السيادة السورية والتعجرف في ادّعاء قوة لم تفلح بعد في التقدّم أمتاراً قليلة في مدينة الباب خلال ثلاثة شهور؟ وهل تخلص واشنطن لشعارات رئيسها الانتخابية بجعل الحرب على الإرهاب بوصلة التحالفات والعداوات وتغيّر معادلات تعاملها مع الحرب على سورية؟

هذه الأسئلة التي تضمّنتها المواقف السورية عشية المؤتمر ستكون على جدول أعماله اليوم وغداً، لتظهر النتائج حقيقة السياسات، وما إذا كانت تركيا ستضع ثقلها للحفاظ على ما حصدته من مكانة ودور بتموضع نهائي في ضفة الحرب على الإرهاب، أم أنها لا تريد تخطي ما رسمته من سعي لتثبيت وقف للنار بدون حسم الموقف من جبهة النصرة، بانتظار دخول إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مفاوضات مع أنقرة تطال مستقبل العلاقة بالملف الكردي ومستقبل الداعية التركي المعارض فتح الله غولن؟

لبنان المنقسم على النظر لقانون الانتخابات النيابية، بين فيتو على السير بقانون الستين وفيتو على السير بقانون يعتمد النسبية، وتحوّل خطر الفراغ الدستوري إلى فرضية لا يمكن تجاهلها، يقارب خلال الأيام المقبلة مزيداً من محاولات البحث عن حلول في منتصف الطريق، من دون التفريط بالتوافق السياسي الذي منحه مظلة أمان ظهرت نتائجها الأمنية في إحباط تفجير انتحاري في شارع الحمراء شغل لبنان واللبنانيين، نجحت القوى الأمنية في استباقه وإحباطه بقوة نجاحها في عمليات وقائية واستباقية، واستنادها لمناخ توافق سياسي سهّل تعاونها وتبادل المعلومات والخبرات والعمليات بين أجهزتها، بعدما ظهرت نتائج المناخ السياسي الإيجابي ذاته في البقاع بالنجاح الذي حققه بسام طليس كمبعوث شخصي لرئيس مجلس النواب نبيه بري محاطاً بالتعاون من الأجهزة الأمنية، في تحرير المخطوف سعد ريشا الذي كاد يتحوّل اختطافه فتيلاً لفتنة بقاعية.

 

الحمرا تنجو من عملية إرهابية

 نجت الحمرا ليل السبت الماضي من عملية إرهابية كان انتحاري ينتمي الى تنظيم داعش الإرهابي ينوي تنفيذها في مقهى «كوستا» في شارع الحمرا الرئيسي، قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية بلحظات من إحباطها وتوقيف الانتحاري ومنعه من تفجير الحزام الناسف الذي كان بحوزته، بعملية مشتركة بين مديرية الاستخبارات وفرع المعلومات.

 

وفي التفاصيل، فإنّ العناصر الأمنية ألقت القبض على الانتحاري ونزعت الحزام الناسف منه قبيل دخوله المقهى. وأصدرت قيادة الجيش بياناً في هذا الصدد جاء فيه: «في عملية نوعية ومشتركة بالتنسيق مع فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أحبطت قوة من مديرية المخابرات حوالى الساعة 10.30 من مساء أمس السبت ، عملية انتحارية في مقهى costa في منطقة الحمرا، أسفرت عن توقيف الانتحاري المدعو عمر حسن العاصي الذي يحمل بطاقة هويته، حيث ضبطت الحزام الناسف المنوي استخدامه ومنعته من تفجيره. وقد حاول الموقوف الدخول عنوة إلى المقهى ما أدّى إلى وقوع عراك بالأيدي مع القوة العسكرية ونقل على الأثر إلى المستشفى للمعالجة.

كما أفادت قيادة الجيش أنه تبين بنتيجة كشف الخبير العسكري على الحزام الناسف أنه يحتوي على 8 كلغ من مواد شديدة الانفجار، بالإضافة إلى كمية من الكرات الحديدية، بهدف إيقاع أكبر خسائر ممكنة بالأرواح.

واعترف الانتحاري الموقوف لدى الأجهزة الأمنية عمر حسن العاصي، وهو من مواليد صيدا عام 1992، أنه تلقى أوامر تنفيذ العملية من الرقة معقل تنظيم داعش في سورية. وذكر خلال التحقيقات الأولية معه أنه ينتمي إلى التنظيم المتطرف وقد تلقى أمراً بالقيام بمهاجمة المقهى، قبل أن تتمكن قوات الأمن من منعه.

عودة هذا النوع من العمليات الإرهابية، يؤكد أمرين: الأول أنّ تنظيم داعش لا يزال يجنّد أشخاصاً للعمل لصالحه وخلاياه منتشرة في لبنان وناشطة وليست نائمة، الثاني أنّ يقظة الأجهزة الأمنية وتعاونها أدّيا الى كشف الخلايا وإحباط عمليات عدة قبل حدوثها.

وقالت مصادر أمنية لـ«البناء» إنّ «استخبارات الجيش وفرع المعلومات كانا يرصدان حركة واتصالات الإرهابي منذ خروجه من أحد الأبنية في صيدا متوجهاً الى بيروت»، مؤكدة أنّ «الحزام الناسف تسلّمه الانتحاري من مكان قريب جداً من المقهى وليس من صيدا، وذلك بمساعدة أشخاص آخرين سلّموه الحزام، وكانوا ينسقون معه لتنفيذ العملية». ولفتت الى أنّ «اعترافات الإرهابي مفتاح مهمّ للاجهزة الأمنية لكشف المزيد من المعلومات التي بحوزته وبالتالي إحباط العمليات قبل وقوعها». ولم تستبعد المصادر حصول عمليات إرهابية، لكن التنسيق بين الأجهزة ويقظة الشعب يمنعان الإرهاب من تنفيذ أعماله الإرهابية، موضحة أنّ «المنظومة الأمنية المحكمة في الضاحية الجنوبية دفعت الإرهاببين إلى تغيير وجهة مخططهم نحو بيروت العاصمة لتنفيذ عملياتهم».

وبحسب ما علمت «البناء» فإن «الانتحاري دخل الى مقهى «كوستا» بشكلٍ عادي ولم تظهر عليه أيّ حركة غريبة، ثم طلب القهوة من النادل ودفع ثمنها وجلس على المقعد وبعد لحظات خرج لإجراء مكالمة هاتفية، وفي هذه الأثناء كان ستة من عناصر الأمن يتعقبونه بزيّ مموّه ولم تمرّ دقائق حتى ألقوا القبض عليه». كما علمت «البناء» أنّ «القوى الأمنية كانت ترصد وتتعقّب حركة الانتحاري من صيدا وليس من مخيم برج البراجنة، في حين كان عدد رواد المقهى لحظة دخول الانتحاري إليه 40 شخصاً الأمر الذي كان سيؤدّي الى كارثة محتمة فيما لو فجّر الإرهابي نفسه».

إنجاز القوى الأمنية لاقى ترحيباً لدى الأوساط السياسية وارتياحاً شعبياً، فقد نوّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالعملية وهنّأ القوى التي نفذت العملية الاستباقية. وكان رئيس الجمهورية تابع تفاصيل العملية، واطلع على المعطيات المتعلقة بها كلها.

وأشاد وزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصرّاف بالعملية، وقال إنّ «مثل هذه الإنجازات هي خير دليل على المتابعة الحثيثة للملفات الأمنية والسهر الدائم على أمن الوطن والمواطن».

وكان رئيس الحكومة سعد الحريري قد تفقد مساء أمس، مقهى كوستا في الحمرا برفقة وزيري الدفاع يعقوب الصراف والداخلية نهاد المشنوق وسط إجراءات أمنية مشددة.

وأكد الحريري في تصريح أنّ «هناك تهديداً ولكن يوجد رجال»، مشدّداً على «ضرورة عدم التخوّف مما يحصل في ظلّ وجود الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني الساهرين على أمن الوطن والمواطن»، مضيفاً «أننا سنعمل بكلّ جدية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لمحاربة هذا النوع من الإرهاب، خاصة في ظلّ وجود رئيس الجمهورية ميشال عون الساهر على أمننا». معتبراً أنّ «الإرهابي عمر العاصي لا دخل له بصيدا ولا بالدين ولا بالإسلام، لأنه ولد ضال أضاع طريقه وحياته وحياة أهله ودخل بنفق مجهول ويدفع الآن ثمنه». ولفت الحريري الى أن «عون طلب التنسيق والتعاون بين القوى الأمنية كافة، والإنجاز الذي شهدناه بالأمس هو نتيجة مثمرة لهذا التعاون».

 

الإفراج عن ريشا

 من جانب آخر، وبعد أيام على اختطافه من أمام متجره في قب الياس، أفرج فجر السبت الماضي عن المواطن سعد ريشا من دون دفع فدية مالية، وذلك إثر مفاوضات ووساطة دامت يومين قادها المسؤول التنظيمي للبقاع في حركة أمل بسام طليس، بتكليف من الرئيس نبيه بري. 

 

وتوعّد وزير الداخلية نهاد المشنوق خاطفي المواطن ريشا باقتراب لحظة القبض عليهم، وبإنهاء ظاهرة الخطف واجتثاثها من البقاع ومن لبنان كله. وكشف أنّ الرئيس بري هو أول المطالبين بذلك. وقال: «إنّ إطلاق سراح ريشا لا يعني أبداً وقف ملاحقة الخاطفين، بل لا تراجع قبل سوقهم أمام العدالة لمحاسبتهم وإنزال أشدّ العقوبات بهم»، مؤكداً أن «لا تسوية مع الخاطفين أو غيرهم من المجرمين المرتكبين وأنّ الرؤساء الثلاثة يتابعون هذا الموضوع جملة وتفصيلاً إلى حين إنهاء هذه الظاهرة من البقاع ولبنان كله».

 

قانون الانتخاب يراوح مكانه

 ورغم التطورات الأمنية، إلا أنّ قانون الانتخاب بقي في صدارة المشهد السياسي، لكن أيّ جديد لم يرشح ليكون رأس جسر بين القوى السياسية لمقاربة موحدة في موضوع القانون وإحداث تغيير في النظام الانتخابي والحؤول دون عودة قانون الستين، بل المراوحة سيدة الموقف، رغم اللقاءات التي تتمّ بعيداً عن الإعلام لمحاولة إيجاد صيغة توافقية، وبالتالي فإنّ الاتجاه السائد هو إجراء انتخابات نيابية على قانون الستين، إذا ما حصلت مفاجآت خلال الوقت المتبقي قبل 21 شباط المهلة الأخيرة لدعوة وزير الداخلية الهيئات الناخبة.

 

وفي غضون ذلك، واصل وفد اللقاء الديمقراطي جولته على المسؤولين لنقل «هواجس» رئيسه النائب وليد جنبلاط من اعتماد «النسبية» في قانون الانتخاب. فبعد لقائه الرئيس عون، حطّ وفد اللقاء الذي ضمّ الوزيرين مروان حمادة وأيمن شقير والنواب: أكرم شهيب، وائل ابو فاعور، هنري حلو وعلاء الدين ترو في عين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري أمس الأول، على أن يلتقي الثلاثاء المقبل الرئيس سعد الحريري في السراي. وعقب اللقاء، قال حمادة: «نجد دائماً عند الرئيس بري كلّ التفاهم والتفهّم لطرحنا ولأحقية طرحنا بالنسبة لمقاربة قانون الانتخاب»، متمنياً «أن يكون هناك حلّ وطني يؤمّن صحة التمثيل للجميع، وليس تأمين التمثيل الصحيح لشريحة ما، ونحن معها، ونلغي هذا التمثيل عن الآخرين».

وأكدت مصادر نيابية لـ»البناء» استمرار تمسّك المستقبل والنائب جنبلاط بالقانون الأكثري، فكلاهما لا يريد تقلّص حجم كتلته النيابية لا سيما تيار المستقبل الذي عانى من مشاكل داخلية طوال المرحلة الماضية، وبالتالي لا يستطيع الحريري تحمّل خسارة جديدة، رغم أنه سيخسر بعض المقاعد على الستين، لكن تبقى محدودة مقارنة بقانون النسبية».

وأشارت المصادر الى أنّ «الشهر الحالي سيكون حاسماً إزاء اقرار القانون أم لا، وربما تبرز مفاجآت بالتفاهم على قانون جديد في ربع الساعة الأخير، كما حصل في موضوع تشكيل الحكومة بين ليلة وضحاها، ولا شيء مستحيل».

وأكدت المصادر «تضامن قوى 8 آذار ورئيس الجمهورية وتكتل التغيير والاصلاح والتيار الوطني الحر برفض الستين وإقرار قانون جديد، وأن إجراء الانتخابات على القانون الحالي له تأثيرات سلبية كبيرة»، موضحة أنّ «القضية ليست مراعاة بقدر ما هي تفاهمات وأنّ الأمل لم يفقد بعد، بل الحريري أعلن عدم ممانعته إقرار قانون جديد إذا توافق عليه اللبنانيون وننتظر منه تنفيذ كلامه»، مضيفة: «ربما نصل الى صيغة على قاعدة النسبية بشكلٍ أو بآخر ربما يكون المختلط أحد المخارج والصيغ المتوفرة، لكن لن نعود الى الستين».

ونقل زوار الرئيس بري عنه لـ»البناء» أنّ «إجراء انتخابات وفق القانون الحالي ستنال من بريق العهد وستصيب الشارع بصدمة وخيبة أمل وستولد غضباً على الحكومة والمجلس معاً، وأنه إذا لم يتمّ التوافق على قانون حتى 21 شباط المقبل، فإنّ الانتخابات ستجرى على قانون الستين، بحسب الدستور ولا خيار آخر، لأنّ بري متفاهم مع وزير الداخلية على منع الفراغ في المجلس النيابي»، ويلفت إلى أن «لا يمكن لمعارضي النسبية أن يتجاوزوا القوى السياسية والتيارات والكتل التي تطالب بقانون جديد فضلاً عن كلام الرئيس عون أمام السلك الدبلوماسي الى جانب المطالب الشعبية بالتغيير».

 

الديار
الجيش : نطوّر حربنا الإسـتباقيّـة
«فخ سياسي» لعون ليوقع على التمديد

مرة أخرى اثبتت الاجهزة العسكرية والامنية اللبنانية انها تمسك بالمبادرة في مواجهة الارهاب، بل هي تكاد تتفوق في كفاءتها وجدارتها على العديد من الاجهزة المماثلة في دول اقليمية وغربية، تحظى بقدرات أكبر بكثير من تلك المتوافرة في لبنان. (مقال عماد مرمل)

 

وإذا كان ارهابي ملهى «رينا» في مدينة اسطنبول قد صال وجال في المكان، ليلة رأس السنة، مرتكبا مجزرة رهيبة ضد رواده من دون ان يتمكن الامن التركي من توقيفه إلا بعد مرور قرابة اسبوعين على المذبحة، فانه يُسجل لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني ولفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي قدرتهما مرة أخرى على تحقيق «الامن الاستباقي» الذي أنقذ شارع الحمرا ليل  أمس الاول من تفجير انتحاري كان يستهدف مقهى الـ «كوستا».

وهذا الانجاز النوعي لم يكن وليد المصادفة، بل هو يأتي في سياق عمل تراكمي، ويعكس التطور المستمر في أداء القوى العسكرية والامنية التي استطاعت، نتيجة تفعيل الخبرات والامكانات، من الانتقال الى مرحلة متقدمة في صراعها مع الارهاب التكفيري، الخاضعة مجموعاته وخلاياه الى الرصد والمتابعة، من دون انقطاع وبطريقة حرفية عالية.

وبدا واضحا ان الاستراتيجية الوقائية المعتمدة في مواجهة الارهاب قد عطلت العديد من نقاط قوته، وحالت خلال المدة الاخيرة دون حصوله على فرصة لالتقاط أنفاسه، بحيث انه لا يكاد يستفيق من ضربة، حتى يتلقى أخرى.

والارجح، ان المخططين والمحرضين افترضوا ان الاجراءات الاحترازية المشددة التي اتخذت خلال فترة عيد رأس السنة، قد تراجعت الى حد ما وتسرب اليها الاسترخاء، فاختاروا هذا التوقيت لتوجيه ضربة الى شارع الحمرا، كان يمكن لتداعياتها ان تكون واسعة، ربطا بحيوية الموقع المستهدف من الناحيتين التجارية والسياحية.

وقالت مصادر عسكرية بارزة لـ «الديار» ان احباط الهجوم الانتحاري على شارع الحمرا يأتي في اطار القرار الاستراتيجي والحاسم المتخذ على أعلى المستويات في قيادة الجيش ومديرية المخابرات، والقاضي بشن حرب استباقية لا هوادة فيها على الارهابيين، بغية استئصالهم ومكافحة خطرهم على لبنان.

وتؤكد المصادر ان الجيش سيستمر في مطاردة الخلايا التكفيرية وتنفيذ العمليات الاستباقية ضدها، وسيواصل بذل أقصى الجهد الممكن لمنعها من شن الاعتداءات.

وتشير المصادر العسكرية، الرفيعة المستوى، الى ان القبض في وقت واحد تقريبا على ارهابيين اثنين (في شارع الحمرا والشمال)، كانا يسعيان الى تنفيذ هجومين انتحاريين، إنما يؤشر الى ان هناك محاولة للتركيز على استهداف الساحة اللبنانية في هذه المرحلة، «لكن الجيش يطمئن اللبنانيين الى ان تدابير الحماية المتخذة لدرء الخطر المحتمل هي في أقصى درجاتها، وليس هناك من داع للقلق او الهلع…».

وتكشف المصادر عن ان عملية احباط التفجير الانتحاري في «كوستا» كانت معقدة ودقيقة، لافتة الانتباه الى ان عناصر المخابرات في الجيش هم الذين تولوا الإطباق على الانتحاري عمر حسن العاصي وتوقيفه، واصفة هؤلاء بأنهم «استشهاديون»، لان احتمال ان يستطيع العاصي تفجير حزامه الناسف كان واردا في اي لحظة. 

وتوضح المصادر ان «فرع المعلومات» في قوى الامن قدم وقائع ومعلومات قيّمة، تقاطعت مع تلك التي كانت موجودة بحوزة المخابرات، ما ساهم في تأمين شروط نجاح المهمة الميدانية، مشيدة بالتنسيق الذي تم بين الجهازين.

وتوضح المصادر ان الاجهزة المختصة كانت من الصباح الباكر، أمس الاول، في أجواء احتمال حصول هجوم انتحاري، في مكان ما من بيروت، لكن لم تكن على علم دقيق وقاطع بالنقطة المستهدفة، لافتة الانتباه الى ان العمل التقني والبشري اللاحق أدى الى حصر الفرضيات، وبالتالي تقفي اثر الانتحاري حتى مقهى «كوستا».

وترجح المصادر ان يكون العاصي قد لاحظ لدى وصوله الى المقهى ان عدد رواده قليل، فقرر ان يؤجل التنفيذ الى حين اكتظاظه.

وتلفت المصادر العسكرية الانتباه الى ان الارهابي الذي أوقف في الشمال (بلال.ش) تولى هو، بمبادرة شخصية، الاتصال بقيادة «داعش» في الرقة وإبلاغها بنيته تنفيذ اعتداء انتحاري، معربة عن اعتقادها بان دافعه كان الانتقام وتفجير حقده بعدما قضى سنتين في السجن.

وتشدد المصادر على ان مخابرات الجيش والاجهزة الامنية الاخرى تلجأ باستمرار الى تطوير استراتيجيتها وأنماط عملها، لتستمر في أفضل جهوزية ولتبقى لها الارجحية في معركتها ضد الارهاب، على قاعدة ان افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم. 

 

«فخ سياسي» لعون ليوقع على التمديد
لم يعد بمقدور القوى السياسية، تجاوز العقبات الطائفية والمذهبية التي تعترض  طريق قانون الانتخاب، وبهذه الحيثية لا يرفض بعض المراجع السياسية مقولة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي توقف عند رفضه للنسبية، بوجود نظام طائفي هجين،وفي هذا الصدد فأن رؤية قوى وازنة في 8 اذار تتقبل موقف وليد جنبلاط في هذا الصدد. اذ كيف للنسبية ان تتماشى مع قانون انتخابي ومذهبي، يمنح للقوى الطائفية والحزبية مقاعدها النيابية. وبالتالي من شروط النسبية ان يصار الى تطبيق الطائف وهو اسهل الامور طالما ان الجميع يتباهى وينادي بالتزامه، وهذا الطائف ينتظر اللامركزية الادارية ومجلس للشيوخ ومجلس نيابي خارج القيد الطائفي، وحينها تكون النسبية طبيعية وممكنة، وفق معاييرها المنطقية. اما ان يصار الى وضع قانون يمنح القوى السياسية نفس نتائج قانون الستين، فهو اكبر عملية احتيال، على الشعب اللبناني. (مقال ياسر الحريري)
كل المعلومات المتاحة من مراجع في فريق 8 آذار تشير الى ان الحديث يتمحور حول التأجيل التقني، لا يقل عن ستة اشهر، على ان يتضمن التأجيل عبارة امكانية اجراء الانتخابات فور اقرار قانون للانتخاب، اي قبل مهلة الاشهر الستة، التي يجري الحديث عنها تحت عنوان التأجيل التقني.
وفي الحقيقة اكثر من نائب في غير كتلة نيابية، يقول ان مجرد التأجيل ليس   مصلحة رئيس الجمهورية، الذي يرفض التمديد للمجلس ولو ليوم واحد، ويطالب بالانتخاب، لذلك فأن ما يرشح من هنا او هناك ان البعض يريده ان يوقع على التوقيع التقني، ليقول له، لم تعد تملك الحق في الاعتراض على التمديد السابق الاول او الثاني، طالما «بيدك اليمنى وقعت على التمديد التقني»، لذلك حتى نواب التكتل المحسوبين على رئيس الجمهورية، يخطئون كثيراً عندما يشيرون في مواقفهم الاعلامية الى ان امكانية التأجيل افضل بكثير من قانون الستين، فيما ما يزال الوقت متاحاً للاتفاق على قانون للانتخاب واقراره،بعيداً عن المزايدات السياسية، او «تركيب» الافخاخ السياسية» بين المرجعيات والقوى السياسية.
ان من اولى مهمات قانون الانتخاب وفق مواقف الجميع المعلنة، تأمين صحة التمثيل الشعبي، وان يوصل الناخب الاسم الذي يريده، لكن ما يجري في لبنان منذ عقود الى اليوم، ان مهمة قانون الانتخاب ايصال الحصص الحزبية والعائلية والسياسية، بالاسماء، وهذا يتنافى مع حقيقة التمثيل، وهذا على ما يبدو ما يعمل عليه الجميع،للابقاء على الحصص النيابية.
وفي هذا الصدد يقول ديبلوماسي متابع للشأن اللبناني، في الحقيقة ان التجربة اللبنانية تؤكد،ان لا اكثرية نيابية ولا اقلية في لبنان، تستطيع ان تحكم لا من خلال حكومة ولا من خلال رئاسة جمهورية، وتجربة السنوات الماضية في لبنان، اكدت ان لبنان، يقوم على التوازن والتوافق، وانه محكوم بالتوافق، والا اختلت الموازين، والدليل ان الاكثرية النيابية والحكومية لم تستطيع الحكم في لبنان، الا وفق توازنات طائفية ومذهبية،باتت واضحة للجميع، وان هذه التوازنات، يفهما جميع اللبنانيون والقوى الرئيسية، كما تفهمها الدول الاقليمية التي ترعى قوى لبنانية من هنا او هناك.
وبناء عليه يقول الديبلوماسي التابع لدولة فاعلة ، من المستحسن طالما الامور تحت هذا السقف «التوافقي» و«التوازني» المضبوط، ان يصار الى اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد ، لأنه في الوقت القريب، سوف تطالب المجموعات الدولية وحكوماتها الحكومة اللبنانية، باجراء الانتخابات في مواعيدها، وعدم التأجيل على غرار موقف الاتحاد الاوروبي. كما ان لبنان بذاته بحاجة الى اجراء الانتخابات العامة ، ليؤكد تمسكه بالدورة الديموقراطية التي يتمايز بها. وعلى الجميع ان يقتنع ان الاكثرية لن تجعله يحكم منفرداً وان الاقلية، لن تأخذ منه حصصه السياسية والمذهبية.
عوداً على بدء، تقول مصادر في 8 آذار، مواقف الوزراء وليد جنبلاط وطلال ارسلان، ووئام وهاب، في الحقيقة منطقي، وفق النظرية المذهبية والطائفية اللبنانية، بغض النظر عن طبيعة واختلاف موقف جنبلاط عن وهاب في الانطلاق وفي الاهداف السياسية، لكن الجميع ان يحصل على حصصهم النيابية، دون الاخلال او العزل او حشر مكون ما، او ان يصار الى اقرار قانون يساوي بين الجميع ويفتح الباب امام الجميع.
وهنا لا بد من اعتماد القضاء كدائرة انتخابية تضيف المصادر، اذا لم يكن الدائرة الصغرى، ولا احد يتذرع بالمال السياسي والانتخابي كون هذا المال منذ عام 1992 الى اليوم لم يغب عن اي دورة انتخابية و«على المكشوف» ان يتحرك للقضاء جفن، وبالدائرة الصغرى، يتأمن للناخب ان يوصل مرشحه الى البرلمان، عن طريق المعرفة الشخصية، بعد اعادة توزيع الدوائر عبر تقسيمات عادلة، اذ من المخالف لعدالة التمثيل ان يفوز مرشح بعشرين الف صوت، فيما المطلوب من غيره ما لا يقل عن مئة الف ليصبح نائباً، مما يعني ان الديموقراطية في لبنان بمأرق جدي، خصوصاً ان هناك غياباً تاماً لقوى الضغط والرأي العام والنقابات على اختلافها وفي مقدمها «ما يُسمى الاتحاد العمالي العام في لبنان» الذي يبدو انه في عداد الاموات في كل الشؤون الحياتية والاجتماعية والسياسية التي تعني المواطنيين اللبنانيين.

ملاحظة : يعاد نشر هذا المقال اليوم بسبب عطل تقني تسبب بمحوه عن صفحة موقع الحقول. نشر للمرة الأولى في يوم : Yesterday at 9:45am