لماذا رفع أردوغان راية التكفير في اجتماع “منظمة التعاون الإسلامي” في أنقرة؟  

أيها الأشقاء السعوديون أكملوا المعروف …
ما أسباب مأساة “ليبيا الجديدة”؟ 
النزعة الفاشية ومصير جبران باسيل

يؤكد “إعلان أنقرة” الذي أصدره برلمانيو “منظمة التعاون الإسلامي”، أن نظام الحكم “الإخواني” في تركيا ماضٍ باستغلال الإنتماء “الإسلامي” لتأمين مصالحه القومية وتخريب أمن الدول المجاورة. لكن بنوداً معينة من هذا “الإعلان”، الذي وضعته “اللجنة التنفيذية لاتحاد برلمانات دول” المنظمة، بعد اجتماعها في العاصمة التركية يومي 17 ـ 18 تشرين الأول/ أوكتوبر الماضي، تؤشر إلى اقتراب “العثمانيين الجدد” من حافة هاوية … سحيقة.

تضمن “الإعلان” المذكور “مواقف إسلامية” تدعم التوجهات الداخلية لحكومات أردوغان ضد (بعض) أعدائه في داخل تركيا، وهم : أولاً، “فصيل مسلح ومتآمرون مدنيون ينتمون إلى منظمة فتح الله (غولن) الإرهابية” الذين قاموا بـ”المحاولة الانقلابية في 15 يوليو/ تموز 2016″. ثانياً، “المنظمات الإرهابية، مثل … PKK (حزب العمال الكردستاني)، PYD (حزب الإتحاد الديموقراطي الكردي)، YPG (وحدات حماية الشعب الكردية) …”.

من المعروف أن أردوغان والزمرة “الإخوانية” التركية انتفعوا من دعم السعودية وقطر والإمارات، وحتى من إيران (!!!) وكذلك الولايات المتحدة ـ “إسرائيل”، أي من عوامل خارجية، للوصول إلى السلطة وهي هدف داخلي. وهذا التوجه الإنتهازي، وهو مكون بنيوي في نظام “الإخوانيين” الأتراك، ظهر مجدداً في “إعلان أنقرة”، بحيث بدت “التعاون الإسلامي” كشريك في الحرب الأهلية “الإسلامية” التي يخوضها أردوغان لتأمين سلطته من “دولة غولن”، والأكراد في داخل تركيا.

بالمقابل لم تخل أجواء اجتماعات “اللجنة التنفيذية لاتحاد برلمانات التعاون الإسلامي” في أنقرة، من هذا الإستعداد التركي لتفجير حروب أهلية “إسلامية ـ إسلامية” ولكن في الخارج. مثلاً، حاول ممثلو نظام أردوغان جرَّ “برلمانيي التعاون الإسلامي” إلى الإعتراف بما يسمى “مجلس شعب تتار القرم”، الذي يرأسه أحد عملاء الإستخبارات التركية رفعت تشوباروف، الذي ما زال يحمل الجنسية الأوكرانية.

لم تظهر هذه المحاولة في بنود “إعلان أنقرة”، لأن دولاً عربية وإسلامية تدرك أن راية التكفير التي يرفعها نظام أردوغان لا يمكن أن تخفي أطماعه بحقول النفط في العراق وسوريا وأذربيجان، وبحقول النفط العربي في البحر المتوسط. كما يطمع أردوغان بالإمساك بقرار تتار القرم السياسي، سواء خلال فترة الحكم الأوكراني، أو بعد عودة شبه جزيرة القرم إلى روسيا. حتى إن أجهزة الحكم “الإخواني” في تركيا دفعت بعميل آخر للإستخبارات التركية، هو مصطفى جميلوف، إلى محاولة اغتيال مفتي مسلمي القرم الحاج ايميرالي ابلايف.

يتمثل “الإخوانيون” الأتراك وحاكمهم أردوغان نزعة التكفير لدى “السلطان العثماني” الذي لا يصير “بطلاً إسلامياً” من دون أن يواجه “الكفار”. في الأيام الماضية، وبينما كان أردوغان يهدد أوروبا “المسيحية” بسلاح بوابات الهجرة، رددت أوساط عربية مشرقية معلومات عن نيته بإنشاء حلف عسكري “إسلامي” يمتد من بلاده إلى جوف أوروبا. وأشارت بشكل خاص إلى بناء قواعد عسكرية تركية في أذربيجان وألبانيا، مع استغلال المسلمين في قبرص وأوكرانيا وفي مناطق أخرى من أوروبا.

لم يغط “الإعلان” على أكاذيب أردوغان “الإسلامية”، والنفاق “الإخواني” في القضية الفلسطينية، بل ولا على العلاقة العضوية بين النظام التركي والكيان الصهيوني.

يقول “إعلان أنقرة” يوم 18 تشرين الأول / أوكتوبر 2016 : “نعرب عن تضامننا الكامل مع الشعب الفلسطيني في كفاحه للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق وحدته الوطنية والعيش بكرامة في دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس الشريف”. بعد شهر واحد، وتحديداً، يوم الثلاثاء 15 تشرين الثاني 2016، تبث وكالات الأنباء، بيان وزارة الخارجية “الإسرائيلية” عن تعيين ايتان نائيه سفيراً جديداً للكيان الصهيوني في تركيا، وهو أول سفير لـ”إسرائيل” في أنقرة منذ العام 2010.

أما في موعد صدور “إعلان أنقرة” فقد صرح “إبراهيم كالين” المتحدث باسم أردوغان أن تركيا اتفقت مع “إسرائيل” على تكثيف التعاون بينهما في مجال الطاقة. وقالت وسائل إعلام “إسرائيلية” “هناك شيء ما كان يحصل بالسر، ويبدو أنه حرّك بشكل عام المصالحة بين الدولتين، وهو بالطبع الغاز الإسرائيلي الذي يريده الأتراك”. وقالت القناة الأولى “الإسرائيلية” إن “صفقة غاز ستوقّع على ما يبدو خلال أربعة أشهر، حتى آخر شهر آذار/ مارس  2017، تتضمن تمديد أنبوب غاز من إسرائيل إلى تركيا ومن هناك يمكن أيضاً نقل الغاز إلى أوروبا”.

بنود “إعلان أنقرة” توحي بخطورة نظام أردوغان على تركيا وجوارها. ترتفع كلفة احتفاظ “الإخوان” بنظامهم السلطوي في تركيا، بسبب صعود “لاعبين” جدداً إلى مسرح الحرب الأهلية التركية. الأكراد، “دولة فتح الله غولن”، وقريباً … “داعش”. أما في دول الجوار، فإن نيران الحروب الأهلية “الإسلامية” التي أضرمت أنقرة نيرانها في سوريا والعراق لتفتيت الجيوبوليتيك “الإسلامي”، وهذا هدف “إسرائيلي” قديم وراسخ، قد أخذت بأطراف الثوب “العثماني الجديد” ولا نعرف متى تحرق (قلب) أصحابه.

هيئة تحرير موقع الحقول

‏الثلاثاء‏، 29‏ صفر‏، 1438، الموافق ‏29‏ تشرين الثاني‏، 2016