مؤتمر نيويورك : لقاء مصري ـ إبراني ضد النووي “الإسرائيلي”، و… حذر “خليجي”

الغرب ووهم الريادة الأبدية
كورونا المستجد : واشنطن تعترف بتصنيع الفيروس الوبائي القاتل
حوار شامل حول الأوضاع الراهنة في تركيا مع بركات قار القيادي في حزب “إعادة الإشتراكية”   

خاص ـ الحقول / إنطلق “مؤتمر المراجعة الدورية لمعاهدة منع الانتشار النووي 2015” بمقر الأمم المتحدة فى نيويورك. في بنود جدول الأعمال المشروع العربي “القديم” الذي يطالب بـانضمام “إسرائيل” إلى المعاهدة. وفتح منشآت “إسرائيل” النووية أمام التفتيش الدولي. إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

بخلاف الدورات السابقة لـ”المؤتمر”، قررت “إسرائيل” إنهاء مقاطعتها لدورة “المؤتمر” الجارية، والحضور بصفة مراقب وذلك لأول مرة منذ 20 عاماً. ويتحدث بعض الخبراء عن مناورة ديبلوماسية تنفذها تل أبيب لكي تطيح المشروع، وتعزز موقعها النووي، وحتى تتمكن من التدخل العلني في “إدارة” الإنقسام المستفحل في نظام “جامعة الدول العربية”.

يعتبر المشروع العربي في “مؤتمر نيويورك” من مخلفات مرحلة “التضامن العربي”. لكنه يحمل، في أصله، قيمة عربية سياسية ومعنوية تحض على مواجهة العدو “الإسرائيلي”. كما تتجلى هذه القيمة في الإجماع، الذي تأسست عليه مطالب المشروع، لا سيما وضع البرنامج النووي “الإسرائيلي” تحت رقابة مفتشي الأمم المتحدة. وهذا ما يعزز الإنتماء القومي إلى الأمة الواحدة، ويغذي الوعي القومي بالمصير المشترك.

ولم يكن ذلك ليعفي الدول العربية من تأمين ضمانات عسكرية أو بيئة استراتيجية، تدرأ التهديد النووي “الإسرائيلي” عنها. لأن قرع أبواب الأمم المتحدة بهذا المشروع أو بمثله، زَيَّفَ الشعور العربي بـانعدام الوزن النووي.

ورغم فشل الديبلوماسية العربية في تحصيل مطالبها النووية من دول “الأمم المتحدة”، فقد تصدت “إسرائيل” و”أنصار إسرائيل” لهذا المطالب بضراوة مبدئية. إذ أن تل أبيب تدرك أن قبولها بنظم المراقبة الدولية على منشآتها النووية، يمس “مبدأ التفوق الإستراتيجي” الذي يمثل محور العقيدة العسكرية في الكيان الصهيوني.

ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن ممثلي الحكومة الصهيونية لن يكتفوا بإغراق “مؤتمر نيويورك” بالدعاية ضد مشروع الإتفاق النووي شبه المكتمل بين إيران ومجموعة 5 + 1. وإنما لدى “إسرائيل” خطة لتسويق نظرية “العدو الإيراني المشترك” مع “الدول السنية”، والمقصود، بالضبط، السعودية وبعض دول التعاون الخليجي، وتشجيعها على الدخول في حلف “إقليمي”.

ومن شأن هذه المناورة “الإسرائيلية” القائمة في نيويورك، دقَّ أسافين جديدة في نظام “جامعة الدول العربية” المثخن بالنيران والدماء. لأنها تلتقي مع أولويات “الكتلة الخليجية” في السعودية والإمارات وقطر، وربما الكويت. فهذه “الكتلة” تطرفت تطرفاً كبيراً في تحبيذ مبدأ الإلتزام الإنتقائي بموجبات نظام “جامعة الدول العربية”. وبمكن تلمس نتائج التطرف “الخليجي” في اليمن وسوريا وفي العلاقة بالكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وفي دول أخرى عربية وأجنبية.

ويعتقد هؤلاء الخبراء أن “الكتلة العربية” في دول “الجامعة”، وتحديداً مصر، والجزائر، ولبنان، ومعهم العراق، وتونس، وليبيا، وحتى الأردن، تدرك أخطار المناورة “الإسرائيلية” التي تتقدم خلف ستار نيران القوى الإرهابية في سوريا، ومصر، ونيران العدوان السعودي على اليمن وغيرها من الأزمات. وهي لن تتخلى في “مؤتمر نيويورك”عن المشروع العربي ضد النووي “الإسرائيلي”. أولاً، لأنه يمثل تهديداً استراتيجياً مباشراً أمنها الوطني. وكذلك، أو ربما لأنها تريد إطالة عمر “جامعة الدول العربية”، قدر ما أمكن، طالما يتعذر ترميمها لتصير نظاماً إقليمياً جديداً.

ويعبر اللقاء الذي جرى بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، على هامش مؤتمر نيويورك عن شدة التجاذب الإقليمي والدولي الذي تحركه أميركا ـ “إسرائيل” في الدول العربية كافة. وتكشف تقديرات هؤلاء الخبراء عن أن اللقاء المصري ـ الإيراني يعطي دفعاً قوياً للمشروع العربي المطروح على المؤتمر، ويجعل العواصم الخليجية المعنية أكثر حذراً في انجذابها إلى دائرة المناورة “الإسرائيلية” … الخادعة.

إضاءات نووية …

ـ قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن بلاده “سعت طوال العقود الأربعة الاخيرة الى اخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية”، منتقداً “انفراد اسرائيل في المنطقة بالبقاء خارج معاهدة حظر الإنتشار وامتلاكها قدرات نووية غير خاضعة لنظام الضمانات الشاملة أو التحقق، وهو ما يخل بالأمن اللإقليمي للمنطقة”.

ـ نقل أحمد جمال الدين مراسل جريدة “الأخبار” اللبنانية في القاهرة، عن مصدر رسمي في الخارجية المصرية، أن مشاركة وزير الخارجية سامح شكري في مؤتمر نيويورك، جاءت من أجل تفعيل المطلب المصري بإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، مشيراً إلى أن لقاء عقد بين شكري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، جرى خلاله الاتفاق على رؤى محدّدة “لتصعيد المطلب بالضغط الدولي على إسرائيل، للانضمام إلى معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية”.

وأضاف المصدر أن لقاءات عدة عقدها شكري، خلال زيارته نيوريوك، مع عدد من المندوبين الدائمين للدول الأوروبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، “حملت تأكيدات مصرية على ضرورة أن يكون تعديل الموقف الدولي للضغط على إسرائيل، عبر صفقات السلاح التي يجري إبرامها وتهديدها”، لافتاً إلى “تلميحات مصرية ألقاها وزير الخارجية المصري، عن احتمال تفكير مصر في امتلاك السلاح النووي، خصوصاً أنه لا يعقل أن تنفرد دولة بسلاح دون غيرها”. وأكد المصدر أن “كيري وعد شكري بممارسة ضغوط على إسرائيل للموافقة على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، على أن يكون استخدامها في الأغراض السلمية”. وأضاف إن “شكري طالب نظيره الأميركي بضرورة أن يكون الموقف الأميركي جاد، خلال الفترة المقبلة، ولا سيما في ظل التحديات التي تواجه المنطقة واحتمال استهداف مثل هذه الأسلحة في إسرائيل، الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة بيئية في الشرق الأوسط”.

ـ أظهر استطلاع للرأي نشر قبل يومين أن غالبية كبرى من الأميركيين تؤيد الاتفاق ـ الإطار بشأن الملف النووي الإيراني، الذي أبرم في 2 نيسان في لوزان. وافاد الاستطلاع، الذي اجرته جامعة كوينيبياك بأن 58 في المئة من الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم يدعمون هذا الاتفاق مقابل 33 في المئة يعارضونه. من جانب آخر، أعلن 77 في المئة من الأشخاص أنهم يفضلون اتفاقاً متفاوضاً عليه مع إيران، حول برنامجها النووي، بدلاً من تدخل عسكري.

COMMENTS