رموز مقاومة الكولونيالي : لاحياء ذكرى سليمان الحلبي واستعادة رفاته

الدراما اللبنانية و”عشق النساء”
معرض القاهرة للكتاب : تحالف الإهمال والغلاء وإقبال على … رجل دين سعودي ؟
اللغة العربية في اليمن أين أصبحت؟

خاص ـ الحقول / صدر كتاب جديد بعنوان “سليمان الحلبي” للمؤلفة بيانكا ماضيه، رئيسة القسم الثقافي في صحيفة “الجماهير” في مدينة حلب. تبحث المؤلفة في الكتاب عن سيرة سليمان الحلبي وظروف استشهاده، وتقترح تنظيم حملة تواقيع من قبل الصحافيين والمثقفين السوريين والعرب، للمطالبة بإعادة جثمانه إلى أرض الوطن.

تتطرق المؤلفة في مقدمة الكتاب إلى الأسباب التي دفعتها لاختيار الشهيد “سليمان الحلبي” مادة للبحث في كتابها، وهي ثلاثة أسباب، أولها: قيام الحملة الوطنية الشعبية لاسترداد جمجمة ورفات الشهيد من باريس، وثانيها: كثرة الشائعات التي دارت حول الدافع الأساسي الذي جعل سليمان الحلبي يقوم بهذا الفعل، وثالثها: أن هذا البطل الشهيد، لم ينل حقه الكافي من الدراسات والأبحاث.

وتوضح المؤلفة في الفصل الأول من الكتاب الظروف التي أحاطت بسليمان الحلبي للانتقام من كليبر ثم تعرف الكاتبة بسليمان الحلبي الذي ولد عام 1777 في قرية “كوكان” التابعة لمنطقة عفرين، في الشمال الغربي من مدينة حلب. تعلم الكتابة، وحين بلغ سليمان العشرين من عمره، أرسله أبوه عام 1797 إلى القاهرة، ليتلقى العلوم الإسلامية في الأزهر.

وبعد غياب ثلاث سنوات فى مصر وحين عودته فوجئ بفقر أبيه نتيجة لأنه مطالب بدفع غرامة ضرائبيه كبيرة إلى إبراهيم بك والي حلب فلم يستطع العيش هناك وفكر فى الرجوع إلى القاهرة .

تابع سليمان الحلبي مسيره حتى وصل إلى القدس، وصلى في المسجد الأقصى في مارس عام 1800 ليلتقي في القدس بأحمد آغا وهو من انكشارية إبراهيم بك. يخبر “الآغا” بأن والي حلب العثماني فرض غرامة كبيرة على والده محمد أمين ” تاجر السمن والزيت”، فوعده بالسعي لرفع الغرامة عن أبيه، وطلب منه التوجه إلى مصر وكلفـه بمهمة اغتيال خليفة الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت : الجنرال كليبر.

وفي القاهرة تتوطد علاقة “الحلبي” بالشيخ “أحمد الشرقاوي” أحد أساتذته، وأحد المساهمين في قيام ثورة القاهرة الأولى عام 1798 وكان سليمان الحلبي بجانب أستاذه الشيخ الشرقاوي، عند اقتحام جيش نابليون أرض الجيزة، ثم القاهرة، كما شهد “الحلبي” حكم الفرنسيين على ستة من شيوخ الأزهر بالإعدام، ومنهم الشيخ الشرقاوي، واقتيدوا إلى القلعة حيث ضُربت أعناقهم، وأخذت أجسادهم إلى أماكن غير معروفة، ما أدى إلى تزايد سخط الشعب المصري ضد الاحتلال الفرنسي.

وفي صباح 14 تموز/ يوليو عام 1800 وبينما كان الجنرال كليبر يتحدث مع أحد المهندسين في الحديقة، خرج عليه شاب نحيل متوسط الجسم، وما كاد يلتفت إليه، حتى عاجله بطعنات خنجر مميتة أصابته في صدرهِ وبطنه وذراعهِ. حاول “سليمان الحلبي” الفرار غير أن المهندس الفرنسي حاول الإمساك به، فطعنه هو الآخر ست طعنات، وعاد سليمان الحلبي إلى “كليبر” الساقط أرضاً ثانية، وطعنه عدة طعنات أخرى إمعاناً في التأكد من قتله.

وتمكن سليمان من الهرب، تاركاً عمامته، غير أن الجنود سارعوا للبحث عن الفاعل . وبالرغم من أن سليمان نفى أن يكون أحد زملائه في السكن قد حرّضه، أصدر القائد العام للحملة الفرنسية الجنرال مينو ـ الذي خلف كليبر ـ أمراً بالقبض على الأربعة الذين كانوا معه في السكن، والمشايخ الذين قاموا بتدريس سليمان، لا سيما مصطفى أفندي البورصلي.

وقد أصدرت المحكمة التي شكلها الجنرال مينو، قرارها ـ وفقا لنفس المصدر ـ بإدانة كل من : سليمان الحلبي، وعبد الله الغزّي، وعبد القادر الغزّي، والسيد أحمد الوالي، وبراءة مصطفى أفندي البورصلي، وقضت على سليمان الحلبي بأن تحرق اليد اليمنى له ثم يعدم فوق الخازوق، وتترك جثته فوقه حتى تفترسها الجوارح، وأن يكون ذلك خارج المدينة، فوق التل المعروف باسم ” تل العقارب” وبإعدام كل رفاقه الأربعة أمامه قبل أن ينفذ فيه الحكم.

وفي اليوم التالي نقل رأس سليمان الحلبي في صندوق ليعرض في متاحف باريس وتذكر المؤلفة “بيانكا ماضيه” التي سمت الحلبي بأن مصر أطلقت اسمه على عدد من الشوارع في القاهرة، وفي مدن وقرى مصرية أخرى، وكذلك مدينة “حلب .. مسقط رأسه ” حيث خلدت اسمه، فأطلقته على أحد أحيائها كما أطلقت اسمه على مدرسة للتعليم الأساسي.

*تأليف بيانكا ماضيه، صدر الكتاب عن دار الشرق الجديد، دمشق.

COMMENTS