سمير أمين … وتحدى العولمة (بقلم حلمي شعراوي)

سمير أمين … وتحدى العولمة (بقلم حلمي شعراوي)

محمد علي كلاي شيِّع إلى مدينة لويس فيل في "جنازة مسلمة" ومئات الآلاف ودَّعوه
حلمي شعراوي : مصر تدفع فاتورة ‏40‏ عاماً من تجاهل إفريقيا
الاقتراب المجدد للروس من إفريقيا : قراءة مختلفة

ينطلق فكر سمير أمين من تحدى صياغة العالم[1] على أساس أنماط متعددة من هيمنة الرأسمالية العالمية على "الاقتصادى" و"الاجتماعى" بل و"الثقافى"، لأنها "نظام / للعالم"، تحكمه مرحلة تطور منذ عدة قرون باسم الرأسمالية العالمية. وهى لم تقصر يوما فى مد شباكها، فى انحاء مختلفة من هذا العالم، لأنها لم تستطع أن تكون إلا إمبريالية، توسعية، ولم تستطيع ان تكون رحيمة مع شعوب حاولت التحرر منها أو الاعتماد على ذاتها … حتى الآن.

هذا هو سمير أمين (1931 – 2018)

ـ شابا فى الحركة اليسارية بمصر فى الخمسينات

ـ دارسا فى السوربون للاقتصاد السياسى، ومصدرا أول كتبه عن التراكم على صعيد عالمى، والتبعية وفك الارتباط

ـ خبيراً جوالا بين العديد من الدول الأفريقية وبقية القارات الثلاث …..

ـ محللا ومتفاعلا مع حركة باندونج ونمطها فى تجربة الدول الوطنية صعوداً وهبوطاً

ـ متأملا ازمات الرأسمالية العالمية وآثارها، ومتغيرات الأوضاع العالمية

ـ دافعا فكر الاقتصادى السياسى الماركسى، إلى عالم الثقافات والايديولوجيات، ومواجهتها بتحليل فى اطر العوالم الاربع ومقابلة دافوس بالمنتدى الاجتماعى العالمى، ومنتدى البدائل العالمى.

ـ رؤيته للتجربة الصينية والروسية كأحد منافذ الانقاذ والانفكاك من إطار الاستقطاب العالمى المركزى…وبذلك دفع الموقف فى العالم الثالث والرابع إلى محاولة هجوم عولمى مضاد عبر حركة الجنوب / جنوب، وتعبير منتدياتها عن هذا التطور (المنتدى الاجتماعى ـ منتدى البدائل).

لكل هذا الميراث الكبير اهتم سمير أمين بتقديم نفسه، فى أربعة روايات من المذكرات الشخصية ليشرح تجربته وأفكاره الغنية، فى اطار موقف أساسى أنه ليس عالم اقتصاد سياسى فحسب بل ناشط سياسى أيضا.

لم تكن رحلة حياة سمير أمين سهلة أو بعيده عن واقعه المصرى بقدر مسارها العالمى منذ الستينيات. فقد عاش صعوبات حركة اليسار فى مصر وهو فى العشرينات من عمره إزاء صدامها المبكر مع الزعيم جمال عبد الناصر وحركة ثورة يوليو 1952، فغادر مصر للتعلم فى السربون ودراسة الاقتصاد السياسى هناك (1954)، بينما كان عضوا نشيطا فى حزب "الراية" الشيوعى بمصر، ثم عاد إلى مصر بعد معركة السويس 1956 ليعمل فى المؤسسة الاقتصادية المصرية، ويصدر دراسته عن "التيارات النقدية والمالية فى مصر" (1957). لكن سمير أمين لم يُترك لحاله فى مصر، فقد عاش أزمة الشيوعية الكبرى مرة أخرى مع عبدالناصر 1959 / 1964 حيث تم اعتقال المئات من زملائة، فغادر ثانية الى باريس، وليصدر أحد أشهر كتبه المبكرة عن "مصر الناصرية" 1963 باسم مستعار هو "حسين رياض" خوفا من الأمن المصرى. وظل يتابع الاهتمام والكتابة عن مصر حتى كتب عن "الناصرية والشيوعية" فى مصر 2013، وقبلها وبعدها أصدر ثلاث كتب تباعا عن ثورة مصر 2011 حول ماحدث ومايحدث لاحتواء الثورة 2011 كما تم من قبل إزاء القوى الثورية بمصر بعد ثورة الضباط الأحرار 1952 وليس هذا مجمل انتاجه لأنه اصدر فى الواقع أكثر من خمسين كتابا ذات أصول بالفرنسية والانجليزية وأهمها فى تقديرى الشخصى طبعا بالعربية أو ماترجم اليها.

لعل حركة سمير أمين فى العالم كما سنرى هى التى جعلته يلخص نفسه فى أحد كتبه "سيرة ذاتية فكرية (1993 – ص8): معبراً تماما عن مجمل هويته كمثقف ملتزم: "كنت دائما- ولا أزال- "عالمىّ التوجه" أى أمميا مقتنعا بأن الرأسمالية قد خلقت واقعاً موضوعياً، يستوجب تقديم إجابات متسقة ومترابطة عالميا. ففى مواجهة "أممية الرأسمال" لا يمكن أن تجيب الشعوب بفعالية إلا إذا بنت أمميتها، التى تحمل فى طياتها تجاوزا كونيا للآفاق الثقافية  الوطنية وغيرها (الدينية مثلا). على أنى ألقى على هذا الخيار الكونى نظرة تنطلق من جهة العالم الرأسمالى الطرفى، وتحديدا العالم الأفرو آسيوى ذى الثقافة "غير الأوربية". وذلك ليس بسبب انتمائى إلى هذا العالم وحسب، وإنما بسبب أن هذا العالم هو- موضوعيا- الضحية الأساسية للرأسمالية القائمة بالفعل، والاستقطابية بطبيعتها، وبالتالى لأن المآسى الاجتماعية المختلفة التى يجرها هذا الاستقطاب تشكل التحدى الحقيقى الأكبر الذى تواجهه الإنسانية. إلا أنى لم أكن أيضًا "عالمثالثيا"، وهذا النعت لا يصح برأيى إلا على بعض اليسار الغربى الذى ظن فى مرحلة باندونج (1955- 1975) بإمكانية  إحلال مفهوم "شعوب العالم الثالث" محل مفهوم البروليتاريا، تعبيرا عن انتظارهم الرسالى. إن حدود هذه القوى فى العالم الثالث التى كنت أعيها رغم تعاطفى الحقيقى معها، تنبع برأيى من تحليل ناقص لطبيعة التحدى الحقيقية".

 

يقول سمحت عودتى إلى البلاد من خلال اشتراكى فى المنتديات الإجتماعية المصرية ابتداء من عام 2002 بتحديد مواقف انتقادية سواء للبديل الخاطىء للإسلام السياسى " أو كذلك البديل الخاطىء للديمقراطية".

وراى سمير أمين خلال تجربته فى مصر أن هناك ثلاث مجموعات من القوى تشارك فى المعارك السياسية فى مصر والمنطقة هى :-

تلك التى تنادى بالعودة إلى الماضى الوطنى ( ولكنها لا تعدو أن تكون وريثة البيروقراطية الفاسدة للمرحلة الوطنية الشعبوية)؛ وتلك التى تنتمى للإسلام السياسى؛ وتلك التى تحاول الالتفاف حول تطبيق "ديمقراطى" يتمشى مع الإدارة الليبرالية للاقتصاد. وسلطة أى من هذين الاتجاهين غير مقبولة من قبل يسار يهتم بمصالح الطبقات الشعبية ومصالح الأمة. وفى الواقع، فإن معظم عناصر هذه "الاتجاهات" الثلاثة تعبّر عن مصالح الطبقات الكومبرادورية المتحالفة مع النظام الإمبريالى القائم. وقد شمل ذلك معظم المنطقة العربية إذ كنت فى مصر، منذ أوائل الخمسينيات، من أنصار الوحدة العربية، مثل جميع زملائى من الشيوعيين، لكننى لم أكن "قومياً" بالمعنى الشائع فى العالم العربى.

 

أولاً: رؤية سمير أمين للعالم

يتوجب الآن القاء نظرة على تصور سمير أمين للعالم مع مراعاة تطور تحليلات سمير أمين على مدى أكثر من نصف قرن مع التطورات العالمية الحتمية :-

1- الاستقطاب الرأسمالى على المستوى العالمى:

مع نقد سمير أمين للنظريات الاقتصادية البرجوازية مثلما عند ريكاردو (القيمة وكمية العمل الاجتماعى الضرورية)، أو الكينزية (عن العرض والطلب..الخ) (أطروحته للدكتوراه نشرت سنه 1957 ص 298-300) فقد توصل إلى فكرته الشهيرة عن التراكم الرأسمالى على صعيد عالمى؛ انطلاقا من مبدأ أن هذا  التراكم ليس تراكما فى نمط الإنتاج الرأسمالى مطبقا على صعيد عالمى وإنما لأن الرأسمالية هى التى تشكل نظاما عالميا يخلق عملية الاستقطاب على الصعيد العالمى، وتتشكل من خلال هذه العملية فكرة المراكز والأطراف دون أن تعنى تجنيس الكوكب وفق نمط الإنتاج الرأسمالى، وإنما وفق آلية التوسع وإدماج الأطراف داخل النظام الرأسمالى العالمى (انتقلت أمريكا خلال هذه العملية من طرف إلى جزء من المركز الرأسمالى العالمى بعد المرحلة المركنتلية (1500-1800) التى فجرتها الثورة الصناعية)، ومن هنا بدأ بروز التبادل غير المتكافئ بين المراكز والأطراف منذ 1880 (التطور اللامتكافئ 1972) خاصة مع التمايز فى الأجور تبع تقدم الإنتاج، فى حين تميزت المرحلة السابقة بجمود الأجور الحقيقية. ومن هنا أيضا تغيرت التحالفات ومواقف البرجوازية (من العمال والأطراف على السواء) (الرأسمالية والنظام- العالم 1992). وقد كانت المنافسة بين المراكز الرأسمالية هى الأساس لعقود طويلة بينما كانت الهيمنة المركزية هى الاستثناء حتى تغير الموقف إلى العكس بعد الحرب الثانية بنفوذ الولايات المتحدة الأمريكية (أزمة الإمبريالية 1974- الإمبريالية والتطور اللامتكافئ 1976) وخلال ذلك لم يتحقق التمركز ثانية – فى البلدان التابعة المندمجة – لافتقاد القوى القادرة على السيطرة على عملية التراكم وإنما باتت القوى الخارجية هى التى تتحكم فى مدى التراكم واتجاهه إزاء افتقاد قدرة  الدولة أيضا فى الأطراف على القيام بذلك (السيرة الذاتية 164-199).

2-التخلف والتنمية فى الأطراف:

قدم سمير أمين تحليله المتميز عن "نشوء التخلف وانتشاره، منذ منتصف الخمسينيات، وذلك بوصفه التخلف كنتاج للتوسع الرأسمالى العالمى، "لا تأخراً" فى التطور الرأسمالى بالأطراف. وفى رأيه "أن التطور والتخلف يشكلان وجهين لعملة واحدة: التوسع الرأسمالى"؛ فالاقتصاد "المتخلف"- فى رأيه-  لا  وجود له بذاته وإنما يشكل عنصرا من الاقتصاد الرأسمالى العالمى، وتخضع مجتمعات الأطراف دائما لعملية تكييف بنيوى مع مقتضيات تراكم الرأسمال على صعيد عالمى، ولا حل لمسألة الاستقطاب الحتمى فى إطار الرأسمالية (الأطروحة 1957).

وقد قاده تعميقه لهذه الفكرة وتحليلها على المستوى العالمى الذى يتخذه وحدة للتحليل إلى توصيف المجتمعات الخراجية التاريخية فى مراكزها الثلاث (العربى الاسلامى – والصينى والهندى) كنظم مركزية سابقة بينما كانت المجتمعات الأوربية والأفريقية واليابانية والجنوب شرق آسيوية الأخرى تشكل أطرافا بالنسبة لها.

 

3-التبعية والعوالم الأربع:

قادت انتقادات سمير أمين لسياسات الرأسمالية العالمية فى الاستقطاب والاندماج وما لحق بها من الفلسفات التنموية إلى أن يضعه البعض كأحد أعلام مدرسة التبعية وهو لا يرى نفسه كذلك رافضا تماما لهذا التوصيف (السيرة الذاتية 137) ولكنه يعتبر أن مساهماته عن التراكم على صعيد عالمى، ونظام الاستقطاب والتوسع الرأسمالى العالمى كانت مساهمة مبكرة حول فكرة "الإلحاق" الذى وقع للعوالم الثلاثة الأخرى فى النظام/ العالم، وسابقة بدرجة أو أخرى عن حديث التبعية، ومن هنا لا يجوز فصل ما سمى بالعملية التنموية فيما بين 1955-1990 عن هذا النظام على نحو ما يفعل بعض العالمثالثيين. كما لا يجوز ربط "محاولات الانتقال" التى لم يكتب لها النجاح بأنها إطار للتبعية بقدر تعرضها لعملية الاستقطاب الرأسمالى المركزى. وكان من المهم هنا أن يقوم سمير أمين بتصنيف دائم لهذه العوالم الأخرى خارج "المركزية الأوربية" وتوصيفاتها.

من هنا إعادته النظر فى فكرة نمط الإنتاج الرأسمالى الذى تلحق به عادة بعض مجموعات دول الجنوب. ذلك أن هذه الدول فى إطار النظام الرأسمالى العالمى انقسمت إلى عدة مجموعات. تبدأ بالمجموعة "أ" التى تسمى الليبرالية (كوريا الجنوبية أو البرازيل وتركيا.. الخ. ثم المجموعة "ب" التى تضم التجارب الشعبوية التى لعبت فيها الدولة دورا قويا وخاصة فى مجال التصنيع مثل مصر- العراق- غاناوتضم المجموعة "ج" تجارب عاشت على أنها ماركسية مثل الصين وكوريا الشمالية وكوبا  وهذا فضلا عن المجموعة "د" وتضم التجارب التى لم تخرج عن النمط النيوكولونيالى المعروفة مثل ساحل العاج وكينيا وغيرها. لكن لا بد من الانتباه أن "سمير أمين" قد أعاد ترتيب هذه "العوالم" الأربعة بعد التطورات الكبرى فى التسعينيات سواء بهيمنة آليات العولمة وتمركزها الأمريكى أو بسقوط نمط الإنتاج السوفيتى وتحولات الماوية فى الصين. ولذا أصبح يرى أن "مجمل هذه التحولات الهائلة يورثنا وضعيات مختلفة كليا عن تلك التى سيطرت على المسرح العالمى سنه 1945 مع استمرار معيار الرأسمالية المعولمة ذاته أى وجود قطاعات "منافسة" عالميا فى النظام الإنتاجي المحلى أو غيابها أو إعادة بنائها. ومن هذه الزاوية نجد أنفسنا- فى الأطراف- إزاء عالمين متميزين "ثالث ورابع". فبينما تحتل الولايات المتحدة "المركز" الأول فان أوربا واليابان بدرجات مختلفة من التنافس تحتل "المركز" الثانى. ومعنى ذلك أن سمير أمين لا يتجمد عند نظرة ثابتة للتطور الرأسمالى كما فعلت الماركسية- اللينينية، ولكنه يتخذ موقفا ديناميا فى نظراته لتصنيف العوالم" فى إطار النظام/العالم أى الرأسمالية العالمية.
 

عسكرة الامبريالية الجماعية الحديثة:-

يرى سمير أمين بأن اللحظة الراهنة تتميز بعدم استقرار مفرط بسبب انهيار الثنائية القطبية المميزة "للحرب الباردة" إما فى بعدها الاقتصادى المتميز بتحاور ثورة علمية وتكنولوجية صاخبة مع أزمة عميقة فى نظام التراكم. وإما فى بعدها السياسى فتتميز اللحظة بالعنف الظاهر لفاعليات سياسات الدولة لصالح تيارات جديدة تستهلهم فكرة تأكيد الهويات" الإثنية والدينية خصوصًا. وهذه البنيات التى تطلق عملية الارهاب، وتشجع صناعة السلاح وتجارته ومن ثم صناعة التحالف وتوزيع السلطة فى العالم.

وفى هذا السياق تندرج عسكرة إدارة النظام العالمى.

 

ثانياً: مشروع الخلاص من الهيمنة:

ظل سمير أمين يناضل ضد هيمنة الامبريالية العالمية، وانفراد الولايات المتحدة بهذه الهيمنة رغم ارتباط الفكرة تدريجيًا بثالوث "الامبريالية الجماعية" من "الولايات المتحدة الأمريكية واوربا واليابان". ومن ثم يصبح عالم الجنوب ليس هو العالم الثالث فقط بل إنه يضم الدول البازغة الجديدة، والعالم الرابع.

دعونا نؤطر فكر سمير أمين عن تلك العوالم التى عاشها بنفسه من جهة ويطالب بالنظر لهذا التحليل كطريق انقاذ لعالم تعيش فيه معظم شعوبنا فى الترتيب الرابع من جهة أخرى.

ونحن نعتقد أن تركيز التحليلات السياسية على حركة العالم الأول ( الثلاثى) وقدراته فقط إنما يؤثر سلبًا بدرجة كبيرة على معنويات شعوب الجنوب صاحبة مشروع الانقاذ كما يحاصر رؤية سمير أمين العالمية.

لذلك يهتم سمير أمين فى هذا الصدد دائما من تصديره لما يسميه مشروع باندونج 55 / 1975: والاساس في ذلك هو تصور سمير أمين المسبق عن مرحلة "مشروع باندونج" (1955-1975) والتى شكلت فيها دوله الناهضة المواجهة الاوليه  مع الإمبريالية العالمية بأشكال مختلفة من المقاومة والمبادرات الاستقلالية للشعوب بين 1955/1975. والتى أعقبها تغير أو تحديث أساليب الإمبريالية فى السيطرة وسطوتها على النظام المالى المعولم ، وعلى احتكار أسلحة الدمار، ومناهج ترسيخ امبراطورية الفوضى.

عصر باندونج ومرجعيته

لا يقبل سمير أمين التصنيف الهزلى أو الأيديولوجى للعالم حول التراتب الراسمالي الي  سبعة أقطاب مثلا دون رؤية حقيقية لواقع  المتغيرات فى النظام العالمى .  لكن العوالم الأربعة عنده تضم ، فى الأول :  "الثالوث الإمبريالى" (الولايات المتحدة ، أوروبا، اليابان) ثم يأتى الثانى وهى الدول البازغة ليضم فى مقدمتها ( الصين والهند والبرازيل) وبدرجات ما روسيا التى يحاول الثالوث إبقائها فى التخوم مثل أوروبا الشرقية …وفى تصنيفات أخرى لسمير أمين يسمى دولا متوسطة النمو فى وضعها مثل فنزويلا وماليزيا وجنوب أفريقيا…الخ وينطلق من ذلك التوسط  إلى دراسة وضع  العديد من الدول  الأخرى مثل إيران وتركيا ومصر وغيرها …وعندما يأتى ذكر "العالم الرابع "-إن جاز التعبير- فهى معظم دول الجنوب من أفريقيا والعالم العربى والاسلامى ، التى يعتبر" الجنوب المهمش" الذى يبقى مصدرا للموارد الرأسمالية ، ممثلا بالضرورة لحالة "الأ بارتيد" على المستوى العالمى.

ويظل "البازغون" عند سمير أمين هم التحدى الأساسى للرأسمالية التى لا تشكل عنده إلا مرحلة عابرة فى التاريخ، لأن المستقبل بحكم التفاعلات العالمية سيكون للاشتراكية ولو علي المدي البعيد . ولذلك يعطى سمير أمين أهمية لفهم الأزمات العالمية على أسس هذا التفاعل ، ليقول بأن الأزمات الأخيرة 1980/2008 لم تكن أزمات مالية ولكنها أزمة الرأسمالية الإمبريالية نفسها والخروج منها لابد أن يكون بالضرورة خروجاً من الرأسمالية المتأزمة وليس من أزمة الرأسمالية . والعولمة "المنتصرة" والتى بدت أنها تحميها تتعرض بدورها لأزمة تعدد الاستقطاب وليس لصعود خط العولمة المستمر منذ خمسة قرون . إذ كلما بدت أنها تحقق " نهاية التاريخ " بدت فى مواجهتها مؤثرات ثورية تهز قوائمها بشكل ملحوظ مثل ثورات روسيا والتحرر الآسيوى الأفريقى، وحركة بزوغ القوى الجديدة على الصعيد العالمى من قبل.

وتحكم سمير أمين مخاوف من إضطراد هيمنة المراكز على التخوم ، فيما عبر عنه بتزايد  مظاهر "الأبارتيد" على المستوى العالمى ، نتيجة قبول الطبقات الوسطى والكمبرادورية بفتات العولمة ، ويؤدى هذا إلى الانزلاق إلى البربرية وليس إلى  تصاعد التحدى للنظام العالمى

تفاعلات دول باندونج

نمر هنا على بعض تقييمات سمير أمين للتجارب التى تفاعلت فى اطار باندونج ليمكن دراسة مدى حضورها فى المستقبل:-

فقد أدت الظروف إلى اتصال سمير أمين المبكر بأكبر عدد من بلدان القارة.

وفى إطار قيامه بالتدريس فى معهد التنمية الاقتصادية والتخطيط UN-IDEP حدد هدفه بدراسة عن قرب لتجارب هذه البلدان، والتى بدأ الاتصال بها منذ منتصف الستينات.

ففى الشمال الأفريقى كانت زيارة تونس خاصة بوضع إطار جديد لحساباتها القومية، ومكنته إقامته فى تونس من مقابلة العديد من المثقفين والاساتذة والقاده السياسيين لليسار التونسى، لكنه لم يتعرف لا بقادة معسكر بورقيبة ولا بقادة معسكرات بن صالح أو ابن يوسف. ويخلص إلى أن المجتمع التونسى من بين الأقل تخلفا فى العالم العربى والاسلامى، وذلك على مستوى فى غاية الأهمية وهو وضع المرأة:

فى زيارته للمغرب اكتسب الكثير من هذه الزيارة، وقد بدا له أن حزب التقدم والاشتراكية (الشيوعى) لم ينجح فى تجاوز دائرة النخبة الضيقة ليحصل على ارتباط قوى بالجماهير.

أما اتحاد قوى الشعب الاشتراكى "فقد كان لديه تأييد شعبى أوسع بكثير ابان فترة عنفوانه، لكن من إلتقاهم أعطوه الانطباع بأنهم لا يبتعدون كثيرا عن الشعبوية على الطريقة الناصرية / البومدينية / البعثية.

وفى الجزائر كان ثمة ثلاث مشكلات تقلق سمير أمين: الأولى جاذبية النموذج السوفياتى بما يغيبه من تصنيع بعيد عن الارتباط بالتنمية الزراعية وهى الأولوية الأولى.

المشكلة الثانية فكانت تأكل التوجهات الديمقراطية والخطاب المتزايد ضد (يوطوبيا التسيير الذاتى..)

المشكلة الثالثة فهى هشاشة الأمة الجزائرية … ومشكلة اللغة لا تمثل سوى جبل الجليد .. كان اختيار السلطات الجزائرية كارثيا .. وهو اللغة الفرنسية للنخبة المنفتحة على الحداثة، واللغة العربية للشعب يترك تعليمها لأساتذة المدارس القرآنية القديمة وكانت بدايات الصراع بين النخبة العسكرية القديمة وجبهة الانقاذ الاسلامى واضحة.

ثم عمل سمير أمين خبيرا ومستشارا فى عدد كبير من الدول الأفريقية الأخرى بدأت بتجربته فى مالى وغينيا وغانا على وجه الخصوص كما عمل فى مدغشقر وبنين وبرازافيل، سواء عبر معهد الأمم المتحدة أو الهيئات الأفريقية غير الحكومية.

لم يكن الوضع بائسا دائما فى معظم البلدان الأفريقية فهناك بارقة أمل فى الأفق بظهور حركة فلاحية مستقلة عن السلطة، وعن الأحزاب الانتهازية منذ بدأ الفلاحون فى مجموع بلدان أفريقيا الناطقة بالفرنسية – وخاصة فى بوركينا فاسو وفى السنغال ومالى التحرر من السلطة. وحدث فى مالى أول إضراب للفلاحين الذين امتنعوا عن زراعة القطن. ويرى أن أفريقيا عادت بذلك لتحتل موقعها فى صفوف النضال المعولم، بينما سقطت الدول التى كانت تسمى دول النمو المعجزة (كوت ديفوار وكينيا مثلا) بسبب نصائح البنك الدولى.

لكنه يذكر أيضا بعض بلدان أفريقيا الأخرى التى اتسمت بالعنف فى حياتها السياسية، بسبب التدمير غير المعقول الذى أحدثه الاستعمار فى المنطقة، الذى فكًك هذه المجتمعات تحت تأثير النهب الاستعمارى العنيف.

وقد اسمى سمير أمين هذه البلدان فى تجاربها التنموية اصلا بأسم بلدان الرمال المتحركة (مثل الغابون وجمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون وتشاد والكونغو كينشاسا والنيجر … الخ) وقد حدثت كوارث من هذه الأنظمة النيوكولونيالية من التحلل (سيراليون) أو العجز عن اقامة ابسط أشكال الحكم (ليبريا) المثل المأسوى للإدارة الاجرامية للنظام الاستعمارى الكمبرادورى الجديد وغير ذلك…

عاش سمير أمين إذن أحوال التطور الرأسمالى الامبريالى معكوسا على بلدان عالمنا الذى سُمى مرة العالم الثالث، وصنف مرات بين الثالث والرابع، ولم يستطع التقدم – حتى خلال محاولات روح باندونج – إلى المرتبة الثانية إلا فى المحاولة الصينية – فى تقدير سمير أمين. لذلك كتب سمير أمين عن انتشار وتدهور مشروع باندونج فى أنحاء مختلفة من كتبه .

ففى تقدير سمير أمين (مذكراتى – 1-ص 181) أن الاطار السياسى لمشروع باندونج 60/1998، كان قد افتتح مرحلة جديدة تتميز ببدء مشروع اجتماعى وطنى شعبوى فى انحاء العالم الثالث، رغم أن مسماه بالأساس "المشروع البرجوازى الوطنى – 55/1990) وراى انه فى هذه العقود الأربعة التى عاشها بنفسه وقعت تطورات جذرية رئيسية (انظر ص 182) "فلم يعد هناك مكان لقيادة البرجوازية للتحرر الوطنى، وان البرجوازية التى صارت كومبرادورية فى كل مكان لايمكن إلا ان تكون الوسيط للسيطرة الاستعمارية المتجددة تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية".

فلذا ظل سؤاله الدائم هل من الممكن قيام نظم رأسمالية وطنية فى بلدان العالم الثالث؟ وهل يمكن تحقيقها فعلا وماهى حدودها؟ وكانت الاجابة دائما هى صعوبة ذلك إلا بجهد خاص فى مجال الانفكاك من نفوذ الرأسمالية الامبريالية إلا أن معظم التجارب  لم يكتب لتجاربها التوفيق فى هذا الصدد.

وقد أدى ذلك كله على المستوى الأفريقى منذ وقت مبكر الى الاحساس بفشل ماسمى "بالاشتراكيات الأفريقية"، بسبب عدم كفاية الطليعة، والاوهام التى روجها "الاصدقاء السوفيت" والتدخلات الامبريالية، وظهور قوة البرجوازية الجديدة، حتى وإن كانت جنينية ونابعة من الدولة. وهو ما أدى لأشكال جديدة من صور الفشل كالانقلابات العسكرية (الكونغو – بنين – مالى – غانا) فى صراع ظاهر مع احتمالات الطابع الثورى فى إدارة الكفاح المسلح فى غينيا بيساو التى تشر بعضها بامكان "انتحار البرجوازية الصغيرة" كطبقة، وانتمائها للثورة كما راى اميلكار كابرال (1974). لكن كان ثمة حاله غريبة أيضا فى منطقة "الجنوب الأفريقى" سواء بماحدث فى روديسيا الجنوبية، وتناقض ثورية حركة التحرر مع اتفاق لانكستر الذى وقعته الجبهة الوطنية والذى منع أى اصلاح اجتماعى أو زراعى حقيقى، أو بالأحرى شيزوفرينيا الخطاب اليسارى وانتهاج سياسة التكيف الهيكلى المفروض عليها فى نفس الوقت.

أما عن "جنوب أفريقيا"، فقد مر بظروف خاصة ذات وجهين، الأولى أن مشروع السلطة البيضاء لجعل "بلدهم" قوة صناعة حديثة، بتحويل العمال السود إلى حالة من شبه العبودية – وهو المشروع الذى بدأ مع بداية القرن العشرين وتضاعف خلال العقود الأربعة الأخيرة من نظام الابارتهيد، قد باء بالفشل، فلم تملك صناعة جنوب أفريقيا القدرة التنافسية السمة الأساسية للعولمة الرأسمالية، كما أن الطبقة العاملة السوداء منذ شاربفيل وسويتو 1976 نظمت العصيان المدنى جيدا مما أجبر السلطة العنصرية على بدء التفاوض بل وثمة جزء من الفشل يعود إلى اتساع نطاق التبرير الذى تقوم به الأقلية البيضاء واستهلاكها ذلك أن جنوب أفريقيا – عند سمير أمين – مثلث النموذج المصغر للنظام الرأسمالى العالمى فهو يجمع بين أقلية من المستهلكين من العالم الأول وجيش عامل كبير فى المناجم والمصانع والزراعة الاستعمارية ويسكن فى مدن السود. وجيش آخر من الاحتياطى بمدن السود. فما الذى سيؤدى إليه فى مثل هذه الظروف "الحل الوسط السياسى" الذى اتفق عليه فى نهاية نظام الابارتهيد؟

إن الضغوط الخارجة تزينِّ للأغلبية السوداء "المزايا التى ورثتها بهذه" البنية التحتية الصناعية الممتازة، وكل مايطلب منها هو أن تقود البلاد نحو مزيد من القدرة التنافسية تمشيا مع روح العصر ..! "ومعنى ذلك عنده أن يطلب من الأغلبية الكادحة ان تقدم المزيد من التضحيات لتحقيق مافشل رأس المال فى تحقيقه رغم أساليبه الاستغلالية البغيضة والتأييد العالمى له ماليا واقتصاديا وسياسيا…

إنشاء المؤسسات الدفاعية عن نهوض دول الجنوب

يسمى سمير أمين تجاربه فى "مواقع عمل" أو نشاط غير حكومى فى بلدان الجنوب "بالمعارك من أجل إحياء مؤسسات دولية "هى فى الواقع للبحث والتنقيب لتغذية الوعى العلمى والثقافى العام بمشكلات عالم الجنوب الذى عاش كناشط سياسى للدفاع عن مستقبلها.

ويهمنى هنا عرض تجاربه كوحدوى أفريقى فى بناء هذه المؤسسات التى يشعر بقيمتها مجمل باحثى أفريقيا والعالم.

1-  المعهد الأفريقى للتنمية والتخطيط UN-IDEP (داكار)

شارك فى انشاء المعهد عام 1962 وعمل استاذا به، وكان يدِّرس مادة الحسابات الوطنية والتقنيات الأفريقية فى التخطيط (1963 – 1967) بداكار حتى استقال عام 1967، إذ كان يرى أن دور المعهد يجب أن يكون مركزًا رئيسيًا للفكر الانتقادى لأفكار التنمية الأفريقية وهو ما أدى إلى اختياره مديرا للمعهد (1970 – 1980).

بدأ العمل بدأب لتحقيق هدف المعهد فاستحدث فكرة "المجلس الاستشارى الأكاديمى" للاستعانه بذوى الخبرة، وانشأ حلقات البحث والدراسات، ووسع من أنشطة المعهد للخارج بأن نظم اجتماعين كبيرين للمثقفين من أفريقيا وامريكا اللاتينية فى داكار منذ عام 1972.

كما بادر بخلق مؤسسات أخرى من موقعه هذا أكثر تخصصًا وهو مايتعلق بمعركة تأسيس "كوديسريا" ومشروع "البيئة من أجل التنمية" (اندا) وبناء منتدى العالم الثالث".

 تأسيس المجلس الأفريقى لتنمية البحوث الإجتماعية (كوديسريا)

كانت معركة بحق منذ البداية … معركة التأسيس التى بدأت فى أواخر ستينات وأوائل سبعينات القرن الماضى حيث تعلق الأمر بمعركة سياسية صارخة بين وجهتى نظر عن دور المؤسسة المحتمل انشاؤها يتعارضان تمام التعارض. تطلعت الأولى لانشاء مركز يتقابل فيه ممثلو معاهد البحث الاجتماعى فى الجامعات الأفريقية، والنظرة الثانية ترى إقامة مركز يقوم بدفع وتطوير فكر أفريقى مستقل عن نظريات مراكز المعونة الإمبريالية … واختار سمير النمط الثانى ودافع عنه فى المفاوضات المتعلقة بانجاز المشروع … وفى نيروبى اتُخذ قرار بتوطين "الهيئة الدائمة لتأسيس كوديسريا فى معهد داكار" إلا أن عددا من الجامعات الأفريقية الناطقة بالانجليزية ظلت آملة فى انتقال لاحق لمقر كوديسريا لديها لكن المنظمة استمرت فى داكار مع تطورات كبيرة فى دورها الفكرى والأكاديمى جعلها من أبرز المنظمات الثقافية الآن.

منتدى العالم الثالث

فكرت مجموعة مؤسسى المنتدى فى تشكيل جمعية تضم مثقفى العالم الثالث، بحيث تكون مكانا للنقاش لا للبحوث الأكاديمية. واجتمعوا فى ابريل 1973 فى سانتياجو (شيلى) واتخذوا عده قرارات حددت التطور اللاحق للمنتدى. أهمها أن المنتدى ليس ناديا "لموظفى التنمية"، كما يجب أن يضم "مفكرين" انتقاديين أى عضويين، كما اتفق على تكوين مكاتب اقليمية. وهكذا أُعلن ميلاد المنتدى فى مؤتمر كراتشى ديسمبر 1974

كان المنتدى فى كثير من الحالات رائدا فى توجهاته، وتعلقت البرامج التى طورها خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة بالتحليل الانتقادى لمفاهيم وتطبيقات التنمية.

وعندما اتخذت المبادرة بتأسيس المنتدى العالمى للبدائل عام 1997، اندمجت شبكات منتدى العالم الثالث وشبكات منتدى البدائل فى أنشطة مشتركة

 

المنتدى الاجتماعى العالمى

بدا 2001 فى البرازيل لتجمع عالمى لمعالجة مشاكل الشعوب الإجتماعية واقتصادها السياسى فى مواجهة العنف الامبريالى وذلك عقب قيام منتدى ديفوس الذى جمع أقطاب ورموز الرأسمالية العالمية ابتداء فى عام 1998.

ويضم المنتدى الاجتماعى آلاف لنشطاء من أنحاء العالم، من ممثلى النقابات والعمل الأهلى، والمثقفين، والشخصيات العامة، من القوى الديمقراطية وخاصة من بلدان الجنوب. وقد تولى قيادته مجموعة من هؤلاء بينهم سمير أمين، حيث نظموا أكبر حشد لأول مرة فى بورتو أليجرى، فى يناير عام 2001، وهناك وضعوا ميثاق المنتدى حول التضامن الاجتماعى وحقوق الانسان والبيئة الديمقراطية. وتبع ذلك انعقاده سنويا بمستويات مختلفة، بعد 3 سنوات فى البرازيل، فعقد فى مالى وكينيا ومومباى وتونس .. الخ حتى عام 2016.

وظل سمير أمين فى قيادته لعدة سنوات، إلا أنه رأى ضرورة تعميق رؤية المنتدى الاقتصادية والاجتماعية، بنظرة أكثر راديكالية، وتمثيل القوى الديمقراطية تمثيلا أكثر مصداقية، فحدث الخلاف الذى جعله أقل مساهمة فى المنتدى الاجتماعى، ليبرز دور منتدى البدائل العالمى الذى يميل لتقديمه ليس كبديل المنتدى الاجتماعى، ولكنه التعبير الأكثر عمقا عن قضايا جماهير شعوب الجنوب.

المنتدى العالمى للبدائل:

كان هدف المنتدى العالمى للبدائل الذى تأسس فى القاهرة عام 1997 هو المساهمة فى عملية جمع النضالات وشغل سمير أمين "رئيس المنتدى"

انه منتدى حقيقى يقف وسط هذا العالم المعقد .. تجمع تيارات للفكر والنشاط مستقله تماما تتقاسم وجهات النظر الانتقادية بشأن مجموع السياسات الليبرالية الجارية ويتمحور برنامج نشاط المنتدى حول أهداف تخص الحركات الإجتماعية فى جميع أنحاء العالم.

وعن استراتيجيات النضال فهى تتنوع تنوعا ملحوظا لتحقيق هدفين اساسيين: الخروج من النيوليبرالية، وهزيمة مشروع الامبريالية للسيطرة على النظام العالمى وهى

اولا: اجتماعات منحصرة على عدد مختار من "القياديين"

ثانياً: المشاركة فى أنشطة "صديقة" مثل مؤتمرات المنتدى الاجتماعى العالمى (من 2001-2015)

ثالثا: مشاركة المنتدى فى مبادرات تقوم بها مؤسسات تمثل الوجه الرسمى للنظام العالمى مثل مؤتمرات التى تدعو الأمم المتحدة ممثلين "للمجتمع المدنى" لحضورها (سلسلة القمم التى انعقدت فى أواخر القرن الماضى مثل (قمة كوبنهاجن ضد الفقر 1995 وقمة دربان ضد العنصرية 2001.

وفى ديربان كانت القضية الأولى هى التعويضات التى ترتبت على تجاره العبيد والقضية الثانية هى تصرفات دولة اسرائيل بالاستمرار فى الاستيطان فى المناطق المحتله هذا ويتحمل المنتدى مسئولية ثقافية رئيسية، بحيث يتضمن دوره ان يقوم فى اطاره مركزا للتفكير المنظم بشأن البديل..

 

محاولات فك الارتباط

إن تحليل سمير أمين الدائم لخريطة النظم العالمية، هو شاغل واجب ، يلقى هو نفسه ببعض أبعاده ليفكر فيها مثقفو بلدان الجنوب وحركاتها الوطنية الشعبية، لأن سمير أمين يقول دائماً، أنه ليس مفكرا فى الاقتصاد السياسى بقدر ما هو ناشط أيضاً على مستوى عالمى ، لأن حركة التحرر من الإمبريالية العالمية الجماعية، هى أيضاً حركة عالمية جماعية بالضرورة ، والعلوم الاجتماعية عنده –عالم مفتوح لا تحكمه الحتمية الفيزيقية التقليدية- مثلما أن أفق الاشتراكية مفتوح لاحتمالات عديدة واجتهادات نقوم بها جميعاً.

لعلى استطيع هنا أن أقول أن هذه النظرة الديالكتيكيه حكمته وما زالت تحكمه كثيراً فى تحليلاته خاصة عن التجربة الصينية  ولا يسمح الوقت للغوص فى هذه التحليلات التى يعطيها قدراً كبيراً من اهتمامه  باعتبار ان وجود ربع البشرية فى الصين مسألة تهم الإنسانية كلها بالطبع، وهو يفتح لها آفاقا، ويذهب ويغدو إلى عوالم المتغيرات الصينية، ليبقى الأمل هناك فى تطور مختلف.

التجربة الصينية

يطمح اليمين فى العالم – فى تقدير سمير أمين – ان ينجح اختيار الصين للطريق الرأسمالى باعتبار ذلك نجاحا للرأسمالية بوصفها نهاية التاريخ، وان تمضى فى ديمقراطية على النمط الغربى وأن تحقق الصين بذلك حالة "اللحاق" بالمجتمعات الغربية. ويعرض ذلك السؤال الطبيعى هل الصين رأسمالية ام اشتراكية، وهو سؤال مغلوط، ولكن الإجابة هنا تحتاج إلى التعرف على المساهمات الصينية البديلة حول:

اولاً: المسألة الزراعية وعدم خصخصة الأرض لتبقى فى ملكية الأمه، باعتبار الأرض ليست سلعة، وليبقى الانتاج الصغير الفلاحى عائلى فى مجتمعات فردية..

ثانياً: رأسمالية الدولة: ليس صحيحا بالمطلق ان مايجرى هو رأسمالية دولة، رغبة من اليمين والغرب فى تشبيه اخضاع العمال للسلطات المنظمة للانتاج. وصحيح ان ثمة استغلال زائد للعمال فى الصين (مناجم الفحم او الورش المشغلة للنساء) بما يمثل فضيحة فى بلد يزعم المضى فى الطريق الى الاشتراكية، ولكن ذلك سيبقى حتميا لبعض الوقت حتى يمكن تحرير البلاد من الرأسمالية التاريخية، وتشكيل منظومة جديدة لرأسمالية الدولة فى الصين تقوم على: بناء منظومة صناعية حديثة – إدارة المنظومة الحديثة مع الانتاج الريفى الصغير – التحكم فى مدى اندماج الصين فى النظام العالمى الذى تسيطر عليه احتكارات الثالوث الامبريالى (الولايات المتحدة / اوروبا / اليابان). وقد نجحت التجربة الصينية فى ذلك 1950 – 2012 ، وحتى مع المشاركة مع رأس المال الأجنبى – نجاحا مدهشا، فقد نجحت عملية التوسع الحضرى لتضم 600 مليون وفق الخطة وليس السوق، وفى ظل احترام الأبعاد الاجتماعية "الماوية" السابقة.

ان ماتسميه الحكومة الصينية اشتراكية السوق هو فى الواقع رأسمالية الدولة، مع الاهتمام باشكالية الإندماج فى العولمة. لقد رفضت الصين من قبل فك الارتباط عبر التكامل مع الاتحاد السوفيتى واوربا الشرقية، فهل يمكن القول الآن أنها تقبل بالارتباط – وليس فكه – مع العولمة منذ التسعينات وتنميتها المتسارعة لصادرات السلع المصنعة؟. لقد انتصر هذا الخيار نسبيا بين 1990/2005 ولكن التصحيح لذلك بدا مبكرا واعطت الصين اهتماما أكبر للسوق الداخلية وللتنمية فى غرب الصين…

وسفَّه سمير أمين القول أن سبب النمو الصينى هو الانفتاح على الخارج ودخول رأس المال الأجنبى، بينما عملية البناء "الماوية" هى التى وضعت الأسس التى بدونها ماكان الانفتاح قد حقق نجاحه الباهر، وقارن فى ذلك مع الهند، لأن النجاح انما يرجع فى الصين الى المشروع الصينى المستقل، وبقاء الصين خارج العولمة المالية … الخ. ومن هنا القول ان الصين قوة صاعدة حقيقية ومستقلة ..

كيف يرى تجربة روسيا

كانت ثورة 1917 فى روسيا اعلانا أورو آسيويا عن هدف ثورى جذرى ألا وهو بناء لاطبقى اشتراكى على قاعدة تعاليم الماركسية وعلى ضوء نضال الطبقة العاملة والحركة الاشتراكية الأوربية الحديثة، على ان هذا التحول الانقلابى الطابع بأقصى معناه لم يحدث فى الفراغ بل على الأرضية الموروثة من الامبراطورية الروسية القيصرية، ولذا يلزم النظر لهذه التجربة فى ضوء معاينة طابع النظام الاشتراكى الجديد من جهة، وتقييم عملية تفاعله مع المنظومة الرأسمالية المحيطة والسائدة من جانب آخر. وتنطلق ملاحظات سمير أمين على النظام السوفيتى من مرحلته فيما بعد الحرب الثانية، ليس لمجرد النظر فى مقولة الحرب الباردة، ولكن فى جهد الخروج من العزلة التى فرضتها عليه الامبريالية من 1917 – 1991 . ومع ذلك بقيت العولمة الجديدة متعددة الأطراف: الغرب الامبريالى – الاتحاد السوفيتى – الجنوب المستقل. فهل كان النظام السوفيتى نظام رأسماليه وطنية مستقلة مركزية الطابع، أم نظام اقرب لتخوم المنظومة العالمية السائدة؟ وهل مستقبل روسيا فى اعادة البزوغ بصفتها قوة عظمى مستحدثة، رأسمالية امبريالية الطابع بدعم من الغرب. ام انها ستدخل فى صراع عنيف مع المركز الامبريالى والاستعمار الجماعى المعاصر وما أثر ذلك على العلاقات بين روسيا ودول الجنوب.

وما حدود إرادة النظامين (القيصرى والسوفيتى) فى بناء دولة أولا آسيوية شاسعة مستقلة عن المنظومة العالمية الامبريالية الغربية. ويرى هنا ان ذلك مايلقى الضوء على استمرار المواجهة بين الغرب وروسيا الجديدة، رغم انحياز النظام الروسى للقواعد الرأسمالية السافرة، ويؤكد صلاحية هذا التفسير الأزمة الجارية فى اوكرانيا.. الخ

ان طابع التجمع السوفيتى، مثل القيصرى من قبل، ظل طول تاريخه خارج المنظومة العالمية الرأسمالية ومستقلا عنها، خاصة وأنه تعامل مع القوميات المكونة للاتحاد بطريقة مختلفة عن تعامل المنظومة الرأسمالية. كما ان روسيا تختلف عن الغرب الراغب فى السيطرة لعولمة الليبرالية وحرمان دول العالم الآخر من الاستقلال الوطنى، وذلك بتأكيدها فهى تسعى لتكريس استقلالها فى مجال العلاقات الدولية، وهى لا تنغلق على الليبرالية الاقتصادية، والغرب لايقبل منها ذلك. ولذا فالاحتمال القائم أن تعود روسيا لبناء رأسمالية الدولة ذات البعد الاجتماعى التقدمى، بما يستدعى تصفية سلطة البرجوازية التابعة الكومبرادورية على نمط رأسمالية المحاسيب فى مصر. أو عدم اتخاذ هذه القرارات الجريئة – كاحتمال ثان – لتظل محاولتها الاستقلالية هشة وعلى مدى إيجابية التحالف بين روسيا والجنوب يعتمد نجاح التفاعل لبناء الساسات المستقلة فى روسيا والجنوب على السواء.

 

حول الربيع العربى 2011

كان انفجار ثورة الشعب فى تونس ومصر متوقعاً لمن لاحظ الحوادث العديدة التى أذنت بحدوثه   المحتمل القريب، منها إضرابات عمال المناجم فى قفصة (تونس) والإضرابات المتكررة فى مصر ومظاهرة "كفاية"- أولى المظاهرات التى تحدت قوات الأمن. بيد أن حدوث الانفجار قد فاجأ الرأى العام فعلاً، كما فاجأ السلطات فى أمريكا وأوربا.

وقد تجلت هذه الانفجارات فى مظاهرات مدنية سلمية عملاقة، تلقائية إلى حد كبير، ضمت صفوفها قوى اجتماعية وسياسية عديدة ومتباينه، وبالتالى ذات المطالب المختلفة. علماً بأن جمع هذه المطالب فى برنامج موحد لا يزال أمراً مطلوباً، ولو أنه لم يتحقق إلى الآن.

يبدو أن التيار الإسلامى هو الآخر يتكون من قوس قزح من الأطراف والمنظمات المتباينة، وتتشكل أطراف قوس القزح المعنى هنا فى نقطتين أساسيتين: أولاً طابع مشروعها ("أسلمة الدولة والمجتمع"، أى إقامة دولة ثيوقراطية) الذى يعادى الديمقراطية من حيث المبدأ، وثانياً غياب اهتمامها بنقد الاقتصاد الليبرالى، وبالتالى قبولها للاندماج.

ويعلم الجميع أن الإخوان عارضوا حركة 25 يناير فوقفوا مع السلطة. فلم يلحقوا بقطار المظاهرات إلا بعد أن أثبت طابع الحركة العملاق استحالة قمعها بالعنف. وعند هذه النقطة تخلَّت السلطات الأمريكية عن الدفاع عن مبارك ودفعت الإخوان للتظاهر.

لكن تجربة الاخوان فى الحكم لم يكتب لها النجاح فكانت انتفاضة 30 يونيو 2013 بديلاً شعبوياً جديداً بتحالف لا يتنازل الجيش عن قيادته.

لكن ثمة احتمال الآن لحدوث تقارب بين بعض دول المنطقة (مثل إيران ومصر والجزائر) وبين مجموعة ال BRICS الصاعدة، الأمر الذى يهدد استقرار الهيمنة الأمريكية.

وقد أدركت الطبقة الحاكمة الأمريكية أن الإسلام السياسى الرجعى يمثل فى أيديها الورقة الفعالة التى تستطيع أن تستغلها لمنع نهضة مصر والبلاد العربية الأخرى فى ظل إنعاش "لروح باندونج". أدركت هذه الطبقة الحاكمة الأمريكية أن نظم الحكم باسم الإسلام السياسى ضمانة تمنع ظهور الدول والمجتمعات المقاومة بصفة فاعلين مستقلين فى المجال الدولى. لذلك تواصل دول الغرب الإمبريالى مساندة التيار الإسلامى رغم انزلاقه فى تصاعد الاعتماد على الإرهاب.

تتقبل استراتيجية الولايات المتحدة خطط إسرائيل التى هى الأخرى تسعى إلى تفتيت دول المنطقة – ولاسيما سوريا ولبنان – إلى دويلات قائمة على أسس طائفية أو عرقية أو إقليمية بلا نهاية، على نمط مافرضه الحلف الأطلسى فى يوغسلافيا. كما أن شعار الأسلمة الذى تدفعه دول الخليج يلغى المواطنة القطرية والعربية لصالح إعطاء شرعية لمثل هذه الخطة. وينتبه الرأى العام التونسى لنقاط هامة فى مسيرته بتوازن أكبر فى مستويات التشريع والسلطة.

بينما لم يهتم الجمهور المصرى بتحرير الدستور، بالمقارنة بما حدث فى تونس. فلم ير الشارع المصرى ضرورة لنقاش الدستور الناصرى المعدل بمعرفة السادات عام 1970. ولم ير هذا الشارع الطابع غير الديمقراطى للنظام الرئاسى من حيث المبدأ، سواء كان طبقاً للدستور المصرى أم للدساتير الرئاسية الأخرى المعمول بها فى الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وفرنسا.

ولذا بقيت عودة الجماعات الإسلامية قائمة فى الشارع المصرى وماتُسمى "عودة الدين" ليست كذلك، فهى عودة إلى استغلال الدين لمنع حرية الفكر. وهنا ألفت النظر إلى ملاحظة أعتبرها أساسية فى هذا الصدد، ومفادها أن "الفكر الدينى" المعاصر عاجز عن الإبداع فى مجال الفقه نفسه، كما حدث فى العصور اللامعة فى تاريخنا فهو فكر (لا فكر فى الواقع) يكتفى بتكرار النصوص ولا غير.

 

 مستقبل الثورات العربية

لم يأت بعد زمن تقويم الثورات العربية. وذلك لأن الحركة التى بدأت منذ بضع سنوات فقط لم تحقق إلى الآن أهدافها. وبالتالى يُحتمل أن نفس الأسباب التى أدت إلى الانتفاضة، والتى لا تزال دون إجابة لها، سوف تؤدى إلى مواصلة الكفاح.

لا يحول تنوع مطالب "الثورة" – وهو أمر طبيعى – دون كونها قابلة للتلاقى فى برنامج مندمج علمى محتمل قائم على الإصلاح فى الاتجاهات الثلاثة التالية:

  1. الخروج من نمط الليبرالية الاقتصادية المعولمة الفجة والتوجه نحو نمط آخر للتنمية الوطنية، الشعبية، الديموقراطية يضمن استفادة الجميع من ثمراتها.
  2. التوجه نحو مقرطة إدارة جميع أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
  3. تكريس مبدأ احترام السيادة الوطنية وإعادة المنظومة العالمية على أساسه.

سبق أننى لفتُ النظر إلى مركزية الإصلاح فى الشئون الاقتصادية ذلك لأن دفع الديموقراطية إلى الأمام لن يتحقق فى ظل استمرار تدهور الأوضاع المعيشية بالنسبة إلى الأكثرية.

هل يمكن استمرار سيطرة الطبقات الحاكمة على مشروعات التحرر او التغيير. يجيب سمير أمين أن مثل هذا المشروع قد تحقق فى عهد باندونج وعدم الانحياز. هل يمكن تكرار هذه التجربة فى الظروف الراهنة؟ يقول : ينبع شكى فى هذا الصدد من ملاحظة التغيرات الحاسمة التى حدثت فى تكوين الطبقات الحاكمة المعنية نتيجة اندماجها فى العولمة السائدة. فقد ازدهرت ثروة وقوة هذه الطبقات فى إطار قبولها بقواعد العولمة، وبالتالى لا ترى هذه الطبقات مصلحة فى الخروج منها. وبناءً على ذلك فإن التوجه نحو نمط آخر للتنمية الوطنية يتطلب بناء تكتل حاكم، وطنى وشعبى وديمقراطى، مختلف عما هو عليه حالياً.

ومع ذلك تظل أوضاع تونس إذن غير مستقرة، مثل ماهى عليه الأوضاع فى مصر. ولنفس السبب الرئيسى: عجز الحكومة وامتناعها عن التوجه نحو إصلاح اقتصادى واجتماعى جذرى وحقيقى.

 

معالم خطة تحرر الجنوب وتكتله

يقدم سمير أمين فى أحدث اعماله عن مستقبل مصر – 2015 بعض النقاط التى يستخلصها لمجمل بلدان تحرر أو تكتلا بما يتطلب الآتى:-

  1. اختيار طريق الاستقلال، حتى لو كان توافقيا مع القوى التى كانت مستفيدة من النظام.
  2. حق تقرير مشاريعنا التنموية السيادية رغم رفض فقهاء العولمة، وذلك بالسير نحو التصنيع فى اطار بنية قضائية واجتماعية تقبلها الشعوب.
  3. ضمان الاستقلال الغذائى.
  4. التعاون الأوثق بين دول جنوب / جنوب.
  5. التعامل مع مفهوم المجتمع الدولى باستقلالية وليس وفق سيادة محور العولمة.
  6. إبراز طابع ومفهوم عدم الانحياز رغم تغير الظروف ، ليبقى بمعنى عدم الانحياز للعولمة ، التى يريدون فرضها علينا ، واستعادة الحقوق المتساوية لجميع الدول لبناء عولمة عادلة.

سمير أمين فى ساحة الفكر العالمى :

لا نستطيع أن نصدر الآن تقييما  يليق بمفكر يواصل العطاء والتطوير منذ أكثر من نصف قرن ، مستوعبا تجارب وأفكار وطنية ، وإقليمية وعالمية ؛ كماركسى ، مصرى أفريقى ، وكمحاور عالمى ، يكتب فى أصعب الأطروحات العلمية ، عن التراكم ، وفائض القيمة ، كما يكتب مئات المقالات المدققة والثقافية ، من Monthly Review   إلى أفريك آزى Afrique  Asie إلى صحيفة الأهرام المصرية ، وكذا فى دور النشر العربية والصينية والروسية والأوربية …

ومع رفقتى له على مدى أكثر من أربعين عاما ، فإننى أتابع – ولا أزعم القراءة الكاملة – لأكثر من خمسين كتابا يترجم معظمها تباعا لكافة اللغات .

وقد منح سمير أمين الماركسية وجودا حقيقيا على أرضية ما يسمى بالعالم الثالث ، وعلى طول ساحة بلدان الجنوب بما لم يفعله قرناء كُثر له ..طبق تحليلاتها على الحركات الوطنية والتقدمية والشيوعية على السواء ، وتسلح بها وهو يشكل أقوى جبهات مقاومة  العولمة المتوحشة ، وتمسك بما إرتآه من عناصر الماركسية الحية ، فانتقد المرحلة السوفييتية ، وشرح بحماس الفكر الماوى ومدى استمراريته فى التطورات الصينية الراهنة ، وجعلنا جميعا نتساءل أين تكمن قدرة الفكر الاشتراكى على البقاء فى ساحة المستقبل ؟ وهل تبقى التجربة الصينية سندا لمحاولات بلدان الجنوب للصمود أمام مخاطر العولمة الرأسمالية ، المالية ، المعسكرة ؟

ولا يتوقف سمير أمين عند حالة التفاؤل أو التشاؤم ، وهو كمفكر وعالم يطرح علينا الكثير ، ويتساءل عن الكثير، ويشاركنا فى الكثير من همومنا ..وما زال معنا يبحث فى الكثير ..

حلمي شعراوي [2]

الأحد 16 سبتمبر / أيلول، 2018
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قائمة كتب سمير أمين المنشورة باللغة العربية

1- دراسة فى التيارات النقدية والمالية فى مصر عام 1957.

(مركز الدراسات العربية العليا الجامعة العربية القاهرة 1959).

2- التراكم على الصعيد العالمى.

(ترجمة / دار ابن خلدون بيروت 1973).

3- التبادل غير المتكافىء وقانون القيمة

(ترجمة عادل عبد المهدى دار الحقيقة بيروت 1974).

4- التطور اللا متكافىء

(ترجمة برهان غليون دار الطليعة بيروت 1974 (.

5- الأمة العربية "القومية وصراع الطبقات"

(ترجمة كميل قيصر داغر دار ابن رشد بيروت 1978).

6- الطبقة والأمة فى التاريخ وفى المرحلة الإمبريالية.

(ترجمة هنريت عبودى دار الطليعة بيروت 1980).

7- قانون القيمة والمادية التاريخية.

(ترجمة صلاح داغر دار الحداثة بيروت 1981).

8- المغرب العربى المعاصر

(ترجمة كميل قيصر داغر دار الحداثة بيروت 1981).

9- الاقتصاد العربى المعاصر.

(ترجمة ناديا الحاج دار الرواد بيروت 1982).

10- أزمة الإمبريالية أزمة بنيوية

(دار الحداثة بيروت 1982).

11- علاقة التاريخ الرأسمالى بالفكر الأيديولوجى العربى

(دار الحداثة بيروت 1983).

12- الماوية والتحريفية

(دار الحداثة بيروت 1984).

13- أزمة المجتمع العربى

(دار المستقبل العربى القاهرة 1985).

14- ما بعد الرأسمالية

      )مركز دراسات الوحدة العربية بيروت 1988 (.

15- البحر المتوسط فى العالم المعاصر (بالاشتراك مع فيصل ياشير).

    (مركز دراسات الوحدة العربية بيروت 1988 (.

16- الأمة العربية مكتبة مدبولى القاهرة 1988.

(الأمة العربية SNED الجزائر 1990).

17- نحو نظرية للثقافة، نقد التمركز الأوروبى

( معهد الإنماء العربى بيروت 1989 (.

18- بعض قضايا للمستقبل

    (دار الفارابى بيروت)- (مدبولى القاهرة 1991)

19- امبراطورية الفوضى

( دار الفارابى بيروت، 1991).

20- من نقد الدولة السوفيتية إلى نقد الدولة الوطنية

    (مركز البحوث العـربيــة القاهرة، 1992).

21- التمركز الأوروبى، نحو نظرية للثقافة

    ) دار سلسلة صاد الجزائر 1992 (.

22- سيرة ذاتية فكرية

    ( دار الآداب بيروت، 1993 (.

23- حوار مع سمير أمين (حلمى شعراوى)

    (دار كنعان دمشق، 1994 (.

24- فى مواجهة أزمة عصرنا

(دار سينا القاهرة، 1997).

25- نقد روح العصر

(دار الفارابى بيروت، 1998).

26-  مناخ العصر رؤية نقدية

( دار سينا القاهرة 1999 (.

27- الاقتصاد السياسى للتنمية فى القرنين العشرين والواحد والعشرين.

    (دار الفارابى).

28- مستقبل الجنوب فى عالم متغير

(دار الأمين 2002 (.

29- ما بعد الرأسمالية المتهالكة

(دار الفارابى 2003 (.

30- الفيروس الليبرالى

(مركز البحوث العربية- دار الفارابى 2004 (.

31- مذكراتى؛ ماض لحراسة المستقبل، ج1،

(دار الساقى، بيروت، 2006).

32- مذكراتى، ج 2 ، 2007.

33- اشتراكية القرن

(دار العالم الثالث، القاهرة، 2008 ).

34- فى نقد الخطاب العربى الراهن.

(دار العين، القاهرة، 2009).      

ثورة مصر وعلاقاتها بالأزمة العلمية.  35

( دار العين، القاهرة 2011).

36- قانون القيمة المعولمة  

( دار العين ، القاهرة 2011)

37-  حول الناصرية والشيوعية المصرية

    ( دار العين ، القاهرة٢٠١١ )

38- ثورة مصر بعد 30 يونيو

 )     دار العين ، القاهرة 2013 )

39- قضايا الشيوعية المصرية ؛ الوحدة والتعددية في الحركة الاشتراكية

    ( دار العين، القاهرة، ٢٠١٤  (

40- عن الأزمة، الخروج من أزمة الراسمالية أم الخروج من الراسمالية المأزومة

    ( دار روافد، القاهرة ٢٠١٤ )

41- مستقبل الزراعة في الراسمالية المعاصرة

    ( دار العين، القاهرة ٢٠١٥ )

42- روسيا في المدى الطويل.

    ( دار العين، القاهرة، 2016 ) 

 43- مذكرات.

    ( دار العين، القاهرة، ٢٠١٦)

 

 


[1] هذه الورقة قدمت أمام محفل الفكر الإفريقي الوحدوي / Pan African thought Pantheon، في جنوب إفريقيا.

 

 

[2] باحث في الاجتماع السياسي ، مدير مركز البحوث العربية والإفريقية السابق بالقاهرة. وهو أعد هذه الدراسة نتيجة رفقته لسمير أمين لأكثر من أربعين عاما. وفضّل أن يتواصل فيها مع كتابات سمير أمين مباشرة، من دون الشكل المدرسي في رصد مراجع للفقرات، مع ذكر قائمة بأهم كتابات سمير أمين في خاتمة الدراسة …