افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 18 تشرين الثاني، 2019

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 20 تشرين الثاني، 2017
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 3 حزيران، 2023
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 15 كانون الثاني، 2019

قررت المصارف فك إضراب موظفيها. لم يكن إضراباً مطلبياً ولا مهنياً. كان دليلاً فاقعاً على مؤامرة القطاع المصرفي ضد حقوق المواطنين المودعين أموالهم لديها. بيان جمعية المصارف يثبت أنها معادية للحراك الشعبي الوطني. أنها جزء من الحراك السياسي الطائفي الذي يهدد به سمير جعجع ووليد جنبلاط الإستقرار المجتمعي. بيان يأمر "العملاء" بأن يرضخوا لقرارات هذه الجمعية، التي تحدد لهم كيفية التصرف بأموالهم المودعة في المصارف. تصوروا أيها المواطنون، أن صاحب الوديعة قد عُزل عن حقه. حرم منه. صارت إدارات المصارف، وتضم في الغالب مالكيها، هي التي تتصرف بهذا الحق. لا تقدر على سحب أموالك ولا تحويلها بحرية. نشاط المواطن اللبناني في السوق الوطنية صار مقيداً. في الماضي، كان نَصَّابو القطاع المصرفي في لبنان، بإعلامهم وسياسييهم ومفكريهم وقانونييهم، أي بكل "عدة النصب" لديهم، يرمون الحكومات الوطنية في سوريا ومصر الجزائر، ودول عربية أخرى بتهمة "الإقتصاد الموجه". الآن، صار الإقتصاد اللبناني تحت أمر أصحاب المصارف. حتى راس المال التجاري يتعرض للقسر والنهب من رأس المال المالي. فتمنع عنه الإئتمانات والتحويلات والقطع الأجنبي. لماذا لا يتحرك التجار ضد هذه الميليشيا التي تقفل السوق وتفتحه على هوى جيوبها وارقام ثرواتها في الخارج. في الأسابيع الماضية، نقلت جزءاً كبيراً من هذه الثروات إلى الخارج. تارة لدى إقفال المصارف وطوراً أثناء إضراب موظفيها. لماذا لا يتحرك التجار باتجاه مصرف لبنان. باتجاه الحاكم رياض سلامة الذي زرب كل نِعَم التراكم الرأسمالي في جيوب المصرفيين دون سواهم، من سائر فئات المجتمع المساهمة في أعمال وفي حركة الإقتصاد الوطني. ما تفعله المصارف يخالف الدستور. قلنا ذلك قبلاً. لا يخالف القانون وحسب، بل الدستور القانون الأعلى، الذي يقول صراحة أن اقتصاد لبنان حر. فجعله القطاع المصرفي اقتصاداً مقيداُ خاضعاً لمشيئة أصحاب راس المال المالي، كتلة المصرفيين الجشعين. اين السياسيون؟. أين النواب؟. اين القضاء؟. أين الحقوقيون. وقبل هؤلاء اين الحراك الشعبي الوطني من قَطْعِ الطرق الإقتصادية والمالية على المواطنين. لمَ لا يتصدى لهذه الجرائم المالية التي ترتكبها المصارف بحق الفئات الوسطى والفقيرة من القطاع الخاص والقطاع العام المدني والعسكري. لمَ لا يقطع الطريق على جرائم المصارف التي تجلب الإفقار لهذه الفئات الإجتماعية وتزيد كتلة الفقراء في الشعب اللبناني. اليس هذا هو حكم المصرف الذي طالب الحراك الشعبي بإسقاطه؟.  

 
 
رئيس نقابة موظفي المصارف في لبنان للـLBCI: اضرابنا مفتوح 
 

البناء
خلف نقيباً للمحامين بمواجهة تصويت القوات والمستقبل والاشتراكي والتيار… والقوميُّون صوّتوا له
الصفدي يدحض بيان الحريري ويتّهمه بالانقلاب… وانكسار التسوية الرئاسيّة
قائد الجيش يعلن حظر قطع الطرقات… وجماعات في الحراك تدعو للتصعيد

حملت انتخابات نقابة المحامين مفاجأة تراجع حضور الأحزاب الكبرى في معادلتها الانتخابية لحساب تنافس مرشحين مستقلين في الدورة الثانية، بعدما انسحب مرشح حزب القوات اللبنانية بيار حنا لحساب المرشح المستقلّ ناضر كسبار وتبعه في تأييده كل من التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، ليفوز المرشح المستقل ملحم خلف الذي صوّت له محامو الحزب السوري القومي الاجتماعي وانضمّ للتصويت لحسابه محامو حركة أمل وحزب الله في الدورة الثانية، بعدما منحوا أصواتهم لمرشح أمل علي العبدالله في الدورة الأولى لعضوية مجلس النقابة، فيما تفرّد حزب الكتائب بالإعلان عن تأييد خلف، بصورة استعراضية أرادت الإيحاء بدور كتائبي لا يتناسب مع حجم حضور الحزب في النقابة وتأثيره في نتائج الانتخابات، ليشكل فوز خلف حدثاً سياسياً بامتياز ترافق مع حضور خلف في ساحات الحراك الشعبي واعتباره مرشح الساحات بوجه السلطة وأحزابها.
المشهد النقابي الذي أكد عمق تجذّر التحوّلات التي أشار انفجار الحراك الشعبي لوجودها، رسم سياقاً للتساكن الطويل المتوقع بين الحراك والمؤسسات الدستورية بغياب قدرة أحدهما على تجاهل الآخر، وعجزه عن تحقيق تقدّم بدونه، وهو تقدّم لا يبدو قريباً، في ظل سيطرة شعارات سياسية حوّلت الحراك ورقة ضاغطة في توازنات القوى السياسية التي تتوزّع المناصب والمواقع الدستورية، خصوصاً مع تقديم شعار استقالة الحكومة كفرصة لرئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لتحسين شروط عودته، مستنداً لضغط الحراك باتجاه الإسراع بالاستشارات النيابية وتسمية رئيس مكلّف دون شروط وبالتوازي وجود استثمار توظيفي للحراك في لعبة تعزيز المواقع، بدلاً من الإصغاء للمطالب التي تفجّر طلباً لها، والتي تتركز على السياسات المالية والاقتصادية ومكافحة الفساد، وكلها بنود تناولتها الورقة الإصلاحية للحكومة التي استقال رئيسها معطلاً مفاعيل تطبيقها، مبرّراً الاستقالة بسماع صوت الشارع وتلبية طلباته.
ما شهدته عملية ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي وانسحابه قبل الإعلان عن مواعيد الاستشارات النيابية التي كانت مقررة اليوم، أكدت حجم الاستهتار بمعاناة الناس وتحويلها إلى أدوات ضغط في اللعبة السياسية، التي يبدو رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري محوراً لها، بعدما استند في بيان له على موقف الصفدي ليحمّل التيار الوطني الحر مسؤولية إفشال ترشيح الصفدي، ليأتي البيان اللاحق للصفدي دحضاً لكل رواية الحريري، متحدثاً بوضوح عن التزام بالدعم قدّمه الحريري وتراجع عنه دون تفسير، بما يمنح المصداقية لما قاله بيان التيار الوطني الحر واتهامه للحريري بالسعي لحصر رئاسة الحكومة بشخصه وبشروطه، وبالتالي استعمال شعار حكومة تكنوقراط للسيطرة على الحكومة وقراراتها.
الأهم في السجال بين الحريري والتيار الوطني الحر أنه أعلن للمرة الأولى منذ العام 2016 انكسار التسوية الرئاسية، التي ثبّتت الحريري رئيساً لحكومات عهد الرئيس ميشال عون، والتي بموجبها وقف العهد إلى جانب الحريري أثناء احتجازه في السعودية، وبدا مع انكسار التسوية أن ظروف إعادة تكليف الحريري دون تغيير جذري في شروطه وتراجعه نحو الواقعية في قراءة الموازين، باتت مستبعَدة، وأن تسمية بديل له لا تعني بالضرورة تشكيل سريع لحكومة جديدة، ولا تسرعاً في السير بحكومة لون واحد، بل تفتح احتمال تسمية مرشح للأغلبية النيابية لرئاسة الحكومة من التكنوقراط، ومواصلة الحوار في ظل وجوده على مسارين، مسار اعتذار الرئيس المكلف وإعادة تسمية الحريري، لحكومة تكنوسياسية، أو قبول الحريري المشاركة في حكومة تكنوقراط برئاسة الرئيس المكلف.
أمنياً، تتركّز الأنظار اليوم على مصير الشارع في ظل ما صدر عن قائد الجيش من إعلان لحظر قطع الطرقات، وما صدر بالمقابل عن جماعات في الحراك عن بدء مسار تصعيديّ يتضمّن إقفال الطرقات الرئيسية.
بعد إجهاض تسوية ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي لتأليف الحكومة اشتعلت حرب البيانات على خط التيار الوطني الحر تيار المستقبل.
واتهم المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري في بيان التيار الوطني الحر بالكذب، وأكد أن الوزير جبران باسيل هو مَن اقترح وبإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، وهو ما سارع الرئيس الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس الحريري بأسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرر أيضاً . واتهم البيان باسيل بمحاولة التسلل الى التشكيلات الحكومية . بدوره ردّ التيار عبر بيان للجنة المركزية للإعلام بأن سياسة الرئيس الحريري لا تقوم فقط على مبدأ أنا أو لا أحد على رأس الحكومة بل زاد عليها مبدأً آخر وهو أنا ولا أحد غيري في الحكومة، وذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين وتبقى شهادة الوزير الصفدي المقتضبة واللائقة كافية لتبيان مَن يقول الحقيقة . وانتقاد البيان سياسات الرئيس الراحل رفيق الحريري من دون أن يسمّيه معتبراً أن اسباب وصول لبنان إلى الوضع الصعب الذي هو فيه تعود الى السياسات المالية والاقتصادية والممارسات التي كرّست نهج الفساد منذ 30 عاماً ولا يزال أصحابها يصرّون على ممارستها وما المعاناة التي مررنا بها وعبّرنا عنها جزئياً في السنوات الأخيرة سوى بسبب رفضنا لهذه الممارسات وإصرار تيار المستقبل على التمسّك بها وحماية رجالاتها .
من جهته أشار الصفدي في بيان الى أن المرحلة التي يمر بها لبنان مرحلة صعبة ومفصلية وخطيرة وتتطلب منّا جميعاً التكاتف والتضامن ووضع الخلافات السياسية جانباً، وانطلاقاً من هذا الأمر تخطّيت الوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة والتي كان الرئيس قطعها لي لكنه لم يلتزم بها لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلاّ أن أعلنت انسحابي . ما يعني بحسب مراقبين بأن الصفدي ربط بين سحب ترشيحه وبين تراجع الحريري عن وعده، وبحسب مصادر البناء فإن الحريري كان صادقاً في تسمية الصفدي بتوافق مختلف الأطراف السياسية الأساسية، لكن الرئيس فؤاد السنيورة بالتنسيق مع الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام رفضوا الأمر وأجهضوا الاتفاق ، مضيفة أن مطلب حكومة التكنوقراط التي يتمسّك بها الحريري هي مناورة سياسية تهدف لإبقاء الشغور في منصب رئاسة الحكومة، وبالتالي إدخال لبنان بالفراغ الكامل. فالحريري ومَن وراءه يدركون أن هذا المطلب مرفوض من قبل رئيس الجمهورية وحزب الله وحركة أمل والقوى الحليفة، فهؤلاء ليس منطقياً أن يوافقوا على حكومة تكنوقراط يسلّمون دفة القرار والحكم للحريري والأميركيين والخليجيين .
الى ذلك يستمرّ بعض مجموعات الحراك في الشارع بمسلسل قطع الطرقات والعصيان المدني في مخطط خارجي مشبوه يهدف الى إيقاع لبنان في الفوضى التامة. بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ البناء مضيفة بأن ما يجري من أحداث في لبنان ليست وليدة اللحظة بل تمّ الإعداد لها منذ زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان في 22 آذار الماضي، حيث شكّل جبهة داخلية ورثت 14 آذار مؤلفة من الحريري جعجع جنبلاط ومجموعات شعبية أعدّتها السفارة الأميركية وقنوات فضائية محلية وعربية وعالمية والخطة تقضي بالإعداد لمرحلة الفوضى لمدة سنة حتى الانتخابات الأميركية .
وقالت أوساط مطلعة في 8 آذار لــ البناء إن تراجع الحريري عن ترشيح الصفدي عقد الأزمة وأقفل باب الحلول حتى الآن. الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات بغياب أفق للحلول .
وللمرة الاولى منذ اندلاع الأحداث في الشارع تفقّد قائد الجيش العماد جوزاف عون أمس، الوحدات العسكرية المنتشرة في بيروت وجبل لبنان والتي تنفّذ مهمّات حفظ الأمن في ظل التحرّكات الشعبية في كل المناطق اللبنانية. وأوضح في كلمة له أن «الجيش ينفّذ حالياً مهمّة حفظ أمن في الداخل أمام شعبه وأهله، مشيراً إلى أنّه مسؤول عن أمن المتظاهرين وباقي المواطنين»، مجدّداً التأكيد أن «إقفال الطريق أمر غير مسموح به وأن حرية التنقّل مقدّسة في المواثيق الدولية». وكشف عون أن «التوقيفات التي حصلت مؤخّراً شملت عناصر عملت على إحداث شغبٍ وواجهت الجيش وحاولت منعه من تنفيذ مهمّته وتعرّضت له، كما شملت أشخاصاً من غير اللبنانيين وآخرين تبيّن أن بحوزتهم مخدّرات».
كان تسجيل صوتي مسرّب لنائب القوات فادي سعد يوجه تهديدات للجيش اللبناني وضباطه وعناصره إذا أراد فتح الطرقات بالقوة. فيما اتخذ الجيش إجراءات واسعة منذ مساء أمس تحسباً واستعداداً ليوم العصيان وقطع الطرقات الذي أُعلِن عنه اليوم.
وقالت مصادر أمنية لـ»البناء» إن «التحقيقات التي أجرتها مديرية المخابرات والقضاء أظهرت وجود خطة معدّة من قبل بعض الأحزاب للاعتداء على الجيش ونصب الكمائن له كما حصل في سعدنايل وجلّ الديب الأسبوع الماضي، كما أظهرت وقوف جهات خارجية وراءها وعناصر غير لبنانية منهم سوريون وينتمي بضعهم الى تنظيمات إرهابية»، وأبدت المصادر استغرابها الشديد من تغييب قوى الأمن الداخلي عن حماية الأمن الداخلي وفقاً للقوانين وتعمّد زج الجيش ووضعه في مواجهة المتظاهرين وقطاع الطرق وتركه عرضة للاعتداء دون منحه أوامر الدفاع عن نفسه بشكل كامل، وذلك بهدف النيل من هيبته وإضعاف معنوياته وإرباكه وإنهاكه لإلغاء دوره الوطني في مواجهة «اسرائيل» والإرهاب وإبعاده عن المقاومة»، وتساءلت: «لماذا وضع 28 الف عسكري في قوى الأمن الداخلي في الثكنات، فيما هم مكلَّفون حماية الأمن ومهمة الجيش المؤازرة عند الحاجة؟ ولماذا أخرجت وزيرة الداخلية ريا الحسن قوى الأمن من المشهد الأمني كلياً؟ ومَن طلب منها ذلك؟ ما يؤكد بحسب المصادر تدخل أميركا في منع الأجهزة الأمنية من التدخل لتنفيذ ما يخطط خلف تحريك الشارع».
وتربط المصادر بين التدخل الأميركي في العملية السياسية اللبنانية في إقالة الحكومة والتأثير في رئيس وشكل الحكومة المقبلة بملف النفط، كاشفة أن «المسؤولين الأميركيين الذين زاروا لبنان تباعاً أبلغوا لبنان أمرين: مشاركة الشركات الأميركية في التنقيب عن النفط اللبناني والثاني ضرورة التنازل عن جزء من المساحة النفطية المتنازع عليها بين لبنان و»اسرائيل» على الحدود مع فلسطين المحتلة وتحديداً البلوكين 9 و10».
وكان وزير الطاقة السابق النائب في تكتل لبنان القوي سيزار أبي خليل غرّد قائلاً: «2013 استقال الميقاتي مباشرة بعد رفع مراسيم النفط إلى مجلس الوزراء. 2017 استقال الحريري من السعودية مباشرة بعد تقديم شركات النفط عروضها في دورة التراخيص. 2019 استقال الحريري مباشرة قبل بدء حفر البئر الأولى. اليوم حملة افتراء على قطاع النفط. أمن رابط؟».


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
«كابيتال كونترول» بلا قانون… وبحماية قوى الأمن!
المصارف تحتجز أموال المودعين

تخلّى مصرف لبنان عن دوره في إدارة القطاع المصرفي، وأوكل مهمة تقييد حركة الأموال (Capital Control) الى جمعية المصارف، ومنحها سلطة يملكها مجلس النواب وحده. أولويته كانت الإبقاء على يديه نظيفتين من هذه القيود، فتجاوز إشكالية عدم امتلاك جمعية المصارف صفة رسمية تسمح لها بوضع قيود على المودعين وأموالهم، بصورة تشكّل مخالفة صريحة للقانون. الإجراءات التي أعلنتها المصارف، سبق أن نفّذتها في الأيام التي فتحت فيها أبوابها بعد الإقفال الطوعي لمدة 12 يوم عمل. وهذه الإجراءات ليست سوى قيود على تحويل الأموال إلى الخارج، وعلى سحبها من الحسابات في الداخل، حتى لو كانت هذه الحسابات «جارية». وكان بعض المصارف يمارس «سطواً» على أموال غير المودعين أيضاً، وخاصة لجهة منع موظفين في القطاع الخاص من سحب كامل رواتبهم «الموطّنة»، رغم أن دور المصارف في هذه الحالة لا يعدو كونها وسيطاً بين المؤسسة والموظف. عجز المصارف عن تلبية طلبات زبائنها، مرتبط بالدرجة الاولى بأن بعضها قام بتهريب أموال مالكيه وكبار المودعين إلى الخارج، فلم يعد قادراً على الاستجابة لما يريده «صغار المودعين». وإضافة إلى ذلك، رفضت المصارف طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بإعادة جزء من أموالها الموجودة في مصارف المراسلة، والبالغة نحو 9 مليارات دولار، بذريعة أن عليها التزامات في الخارج تُقدّر بنحو 13 مليار دولار. وهذه الذريعة لم تقنع سلامة، لأن الالتزامات ليست فورية، ما يعني أن المصارف قادرة على استخدام جزء من هذه الاموال الموجودة في الخارج حالياً لتهدئة السوق الداخلية. كذلك عرض سلامة على المصارف الاستدانة من مصرف لبنان قدر ما تشاء من الدولارات، بفائدة 20 في المئة، إلا انها رفضت أيضاً، بذريعة أن الفائدة مرتفعة جداً، علماً بأنها سبقت أن تلقّت أرباحاً بنسب قريبة من هذا الرقم على عمليات نفذتها مع مصرف لبنان، من خلال ما بات يُعرف بـ«الهندسات المالية». ببساطة، ترفض المصارف التنازل عن جزء من أرباحها الطائلة لتهدئة مخاوف المودعين، وهو ما استفز سلامة، الذي يظهر يوماً بعد آخر انه غير قادر على إدارة القطاع، رغم أنه كان ينسب لنفسه قدرات استثنائية في أيام «الرخاء» (إضافة إلى ما كان يُنسب إليه). وإضافة إلى الجشع، ورفض «التنازل» عن جزء من الأرباح، لا يريد أصحاب المصارف «المخاطرة» بأموالهم الخاصة التي أرسلوها إلى الأمان في الخارج. وهم سبق أن طلبوا من سلامة، كما من رئيس مجلس النواب نبيه بري، إصدار قانون يتيح فرض «كابيتال كونترول»، إلا أن الجميع رفض هذه الفكرة.
المعركة اليوم لم تعد حصرا بين المودعين من جهة، والمصارف ومصرف لبنان من جهة أخرى. ثمة خلاف داخلي يتفاقم في جبهة القطاع الذي جرى التعامل معه كدرّة تاج الجمهورية، ودليلاً على فرادة النموذج اللبناني. فسلامة أصدر في الرابع من الشهر الجاري تعميماً فرض فيه على المصارف زيادة رساميلها بنسبة 10 في المئة قبل 31/12/2019، وبالقدر ذاته العام المقبل، ومنعها من توزيع أرباحها للعام الجاري. وطلب التعميم أن تكون الزيادة بالدولار الأميركي، ما يعني أنه يدفع باتجاه أن يأتي المساهمون في المصارف بأموالهم الموجودة في الخارج، لزيادة رساميل المؤسسات التي يملكونها. وحتى يوم أمس، كان بعض العاملين في القطاع يشكو من عدم قدرة بعض المصارف على تحقيق ما طلبه سلامة، ما يعني أن الأخير سيكون ملزماً باتخاذ إجراءات بحق المصارف المتخلفة عن التنفيذ. وهو يحق له، بموجب القانون، استخدام مروحة واسعة من الإجراءات تبدأ من التنبيه، وتصل إلى مساهمة مصرف لبنان بنفسه في زيادة الرساميل مع تملّكه أسهماً موازية لها في المصرف. لكن «أخطر» ما في يد حاكم البنك المركزي هو تعيينه إدارة مؤقتة للمصرف المخالف.
حتى الآن، لم تتضح وجهة «المعركة» بين المصارف و«حاكمها». لكن الطرفين اتفقا على المودعين، وخاصة الصغار منهم. فجمعية المصارف، خرجت بعد اجتماع عقدته أمس، بلائحة من التدابير، وصفتها بالمؤقتة، «يمكن أن تتخذها المصارف لتسهيل وتوحيد وتنظيم عمل الموظفين اليومي في ظل الأوضاع الاستثنائية الراهنة التي تعيشها البلاد». وشملت هذه التدابير، «في ضوء التشاور مع مصرف لبنان»، ما يلي:
1 – لا قيود على الأموال الجديدة المحولة من الخارج.
2 – التحويلات الى الخارج تكون فقط لتغطية النفقات الشخصية الملحة.
3 – لا قيود على تداول الشيكات والتحاويل واستعمال بطاقات الائتمان داخل لبنان.
4 – تحديد المبالغ النقدية الممكن سحبها بمعدل ألف دولار أميركي كحد اقصى اسبوعيا لأصحاب الحسابات الجارية بالدولار.
5 – الشيكات المحررة بالعملة الأجنبية تدفع في الحساب.
6 – يمكن أستعمال التسهيلات التجارية داخلياً ضمن الرصيد الذي وصلت اليه بتاريخ 17 تشرين الأول 2019.
7 – دعوة الزبائن الى تفضيل استعمال بطاقات الائتمان وخصوصا بالليرة اللبنانية لتأمين حاجاتهم.
ورغم أن هذه التوجيهات تشكّل بعض أقسى أنواع «كابيتال كونترول»، إلا أن الجمعية حرصت على الإشارة، بشكل مجاف للحقيقة، إلى أن مضمون هذه اللائحة «لا يشكل قيودا على حركة الأموال»، بل أملاه «الحرص الشديد على مصالح العملاء والمصلحة العامة لتجاوز الظروف القائمة». لكن مهما قالت الجمعية ومن خلفها المصرف المركزي، فإن لبنان شرع فعلاً في إجراءات لم يسبق لها مثيل تؤدي عملياً إلى حجز أموال المودعين، لكنها تشكّل، في المقابل، مدخلاً لإعادة فتح المصارف، بعد عشرة أيام على الإغلاق بحجة إضراب موظفيها.
وأشارت الجمعية إلى أن وفداً منها سيسلّم لائحة التوجيهات العامة المؤقتة هذه إلى رئيس وأعضاء اتحاد نقابات موظفي المصارف في اجتماع يعقد اليوم، تمهيداً لإعادة استئناف العمل بشكل طبيعي في القطاع المصرفي.
ولمواكبة عودة المصارف إلى العمل، بإجراءات لا تملك قوة القانون لتنفيذها، سيكون التعويض باللجوء إلى القوة الأمنية. فمن يطالب بحقه بالتصرف بأمواله، خلافاً للإجراءات المقررة، سيكون في مواجهة قوى الأمن. إذ اتخذت ​المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي​ اجراءات امنية لحماية المصارف، ورفعت الحجز إلى الحد الاقصى بالاضافة الى تسيير دوريات للشرطة القضائية والاستقصاء والمعلومات للتجول باللباس المدني في كافة المصارف.
كما تم تعميم جدول وخرائط توزيع كافة المصارف على الاراضي اللبنانية لكل من ​شرطة بيروت​ – الدرك الاقليمي – ​الشرطة القضائية​ – ​شعبة المعلومات​.
وزودت المديرية ​جمعية المصارف​ بملخّص عن التدابير المتخذة وارقام عمليات المديرية العامة – شرطة بيروت – الدرك الاقليمي وعمليات السرايا الاقليمية في وحدة الدرك الاقليمي وأرقام هواتف آمري الفصائل الاقليمية والمفارز القضائية ومفارز الاستقصاء لطلب المؤازرة عند الحاجة.
يذكر ان ​وزارة الداخلية أشارت​ في بيان امس الى أنه بناء لتوجيهات وزيرة الداخلية في ​حكومة​ تصريف الأعمال ريا الحسن، عقد اجتماع بين المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ووفد من جمعية مصارف لبنان، تم خلاله الاتفاق على اتخاذ اجراءات امنية لضمان عمل هذا المرفق الحيوي. وأكّدت الوزارة التزامها بما جرى الاتفاق عليه.
مجموعات من الحراك تجتمع اليوم: حكي سياسة!
تداعت أحزاب ومجموعات من الحراك الشعبي لتنظيم ورشة عمل اليوم، لبحث بنود سياسية تؤسس للمرحلة المقبلة، كـ:قانون الانتخابات، استقلالية القضاء، قانون الإثراء غير المشروع… اللقاء تكملة لاجتماعات سابقة كانت تعقدها المجموعات بعضها مع بعض، لكنّها هذه المرة قرّرت توسيع بيكار عملها لتطوير الخطاب السياسي (مقال ليا القزي).
في خطوة تعكس إدراك الناشطين في الحراك ضرورة وجود تنسيق أكبر في المواقف والتصورات والأهداف، يشارك ممثلون عن أحزاب ومجموعات معارضة، في لقاء يعقد بعد ظهر اليوم في فندق كومودور ــــ الحمرا. «أبوية» الدعوة ضائعة. المُشاركون يؤكدون أنّ «دينامو» المبادرة هو الحزب الشيوعي اللبناني الذي تولّى التواصل مع الأحزاب والمجموعات الناشطة. أما الجواب الرسمي من قيادة الحزب فيأتي بأن «مجموعة من الأفراد والمجموعات تداعت للاجتماع. هي جلسة داخلية لمجموعات الانتفاضة، وفي الوقت نفسه مفتوحة لكلّ من يريد منهم الحضور. سنتناقش في الوضع الحالي، ونرى ما هو الأفق أمامنا بعدما بدأت الخيارات تضيق». يرفض المعنيون الحديث عن الموضوع، مُفضلين عدم تناوله في الصحافة والتكتّم عليه، حرصاً على نجاح الدعوة. «كلّ يوم تجتمع مجموعات عدّة للنقاش، لماذا تريدون الحديث عن هذا اللقاء قبل أن يحصل؟».
حتى الدعوة إلى لقاء «مُنظّم»، يحرص ناشطو الحراك على جعله «عملاً عفوياً». بحيث يبدو أن كلّ نوع من أنواع «الإطار المنظّم»، يُشكّل «خطراً» على نجاح أي حوار أو تنسيق أو مبادرة. أما السبب الآخر لرفضهم حصر الدعوة أو المبادرة بفريق دون غيره، فهو درءاً لأي «استفزاز» يمكن أن تُشكّله جهة معارضة لجهة معارضة ثانية، فمن سيحضر اللقاء يريده «جامعاً لا أن يكون تحت راية حزب مُعيّن»، بحسب أحد أعضاء المجموعات المُشاركة. والواضح هنا، أن الحراك الذي قلّص الفوارق بين قسم واسع من المواطنين، لم ينجح بعد في تخفيف «حساسية» الجهات الناشطة من بعضها البعض. ولكن بعيداً عن «تفصيل» مَن دعا إلى اجتماع اليوم، يُشكّل هذا اللقاء الخطوة الأولى نحو بناء خطاب سياسي واضح للحراك. بحيث لا تبقى بعد شهرٍ من انطلاقتها تدور في دائرة من العبثية وعدم وضوح الرؤية والشعارات العامة.
منذ بداية التظاهرات في العاصمة والمناطق، «تناقشنا أنّه يجب انطلاق الحوار في ما بيننا، بعد أن نكون قد حقّقنا إنجازاً في الشارع، وبعد أن يكون الجميع قد تعرّفوا الى بعضهم البعض»، بحسب مسؤول إحدى الجمعيات المُشاركة في لقاء اليوم. من هذه القاعدة، تبلورت «فكرة جلسة الحوار، التي من المفترض أن نُناقش خلالها أفكاراً سياسية: قانون الانتخابات، استقلالية القضاء، قانون الإثراء غير المشروع… فضلاً عن نقاط أخرى يُفترض أن تكون أولويات الحكومة الجديدة».
المجموعات التي قرّرت أن تلتقي هي، بشكل أساسي، التنظيم الشعبي الناصري، الحزب الشيوعي، حزب الكتلة الوطنية، وطني، لِحقّي، بيروت مدينتي، لبنان عن جديد، المرصد اللبناني لمكافحة الفساد… بالإضافة إلى أفراد ممّن تألفهم ساحات الاعتصامات، وممثلين عن المناطق. «نتكلّم اليوم في السياسة، وكيفية تحديد المطالب، وما هي الخطوات التي يجب أن يتضمنها البيان الوزاري المقبل»، تقول عضو تجمّع «وطني»، دارين دندشلي.
قد يعتبر البعض أنّ الاجتماع مُقدّمة لتبلور «قيادة» ما للحراك، ولا سيّما بعدما باتت المرحلة تستدعي نوعاً آخر من التنسيق ومقاربة الأمور في الشارع، حتى تكون المطالب موجّهة وتُحقق أهدافها بشكل أفعل. إلا أنّ دندشلي تنفي ذلك، مؤكّدة أنّ «اللقاء ليس اختصاراً للانتفاضة الشعبية ولا تحضيراً لإطلاق قيادة، ولن يكون شيء على شكل هيئة تنسيق الثورة أو سنُصدر بيانات مشتركة».
هي إذاً مُبادرة للنقاش والتنسيق، فبحسب أحد أعضاء اللجنة التنفيذية في حزب الكتلة الوطنية، «للجميع المطالب نفسها، ولكن المطلوب نقاش أعمق حول الوضع السياسي، وخاصةً أنّ من الواضح أنّ الأمور ستطول». ما الفرق بين اجتماع اليوم ولقاءات التنسيق التي كانت تقوم بها مجموعات الحراك سابقاً؟ يُجيب الكتلاوي بأنّها «تكملة لجلساتنا السابقة، ومحاولة لتطوير الخطاب السياسي أكثر». إلا أنّ عضو هيئة التواصل في الشؤون العامة علاء الصايغ يُحاذر الاقتراب من تعبير «سياسة»، فبالنسبة إليه، في الوقت الراهن «السياسة تؤزم الشارع. هناك أشخاص لديهم حقوق قرّروا أن يثوروا، لا ضرورة لتقديم خطاب سياسي لهم». لماذا تُشاركون اليوم؟ يُجيب بأنّه «صحيحٌ أنّه لا يوجد تنظيم قيادي نحن داخله، ولكن لا يوجد جهد تواصل نحن خارجه. مجموعات وأفراد تداعينا للنقاش». لم تجد هذه القوى بُدّاً من «الورشة الكبيرة»، للبحث في «إلى أين نحن سائرون، والتقييم، ومعرفة ما هي رؤية كلّ واحد منّا».
لن يصدر بيانٌ عن ورشة عمل «الكومودور»، كما أنّه لن يكون مفتوحاً أمام العامة، مع احتمال توسّعه وضمه مجموعات وأفراداً آخرين في المرحلة المقبلة.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللواء
الحريري وباسيل وجهاً لوجه: تعطيل الإستشارات والمؤسسات

خَلَف مرشَّح الحَراك نقيباً للمحامين.. ومخاوِف من صدامات في الشارع على خلفية العصيان المدني
… في مستهل الشهر الثاني لانتفاضة الشعب اللبناني ضد الفساد والفاسدين، بدت الازمة وكأنها في يومها الاوّل.
وعكست السجالات السياسية، التي لامست خط اللاعودة بين طرفي التسوية الرئاسية المترنحة: التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، والتي كشفت عقم الاختبارات التي حدثت واوصلت البلاد إلى المأزق الكبير، إذ ان «السقوف العالية» جعلت التراجع ليس بالامر الهين، وسط ترجيحات سياسية ووزارية بأن تطول فترة الانتظار، واستمرار الضغط في الساحات.
دعوة للعصيان المدني
وبعد «أحد الشهداء» تكريماً لمتظاهرين سقطا منذ الاحتجاجات، صدر بيان ليل أمس عن «منسقية ثورة 17 ت1»، دعا فيه «جميع ثوار لبنان إلى بدء تنفيذ خطة صفر موارد للسلطة كوسيلة قوية للضغط والتصعيد، من خلال: الامتناع عن دفع أي مبلغ مالي يعود إلى خزينة الدولة، قطع جميع الطرقات الحيوية، تسكير جميع المدارس والمهنيات والثانويات والجامعات على كامل الاراضي اللبنانية، وتسكير جميع المرافق العامة من وزارات ومبان حكومية ومصلحة المياه والكهرباء وقصور العدل والبلديات وشركات الاتصالات، فضلاً عن مراكز توزيع الوقود، ومحلات الصيرفة على كافة الاراضي اللبنانية، والمصارف في حال حاولوا إعادة فتحها.
وتخوفت مصادر متابعة من صدامات في الشارع، في حال نفذت هذه الخطوات، وفي ضوء اقدام متحجين على قطع الطريق عند مثلث خلدة..
وفي أوّل مواقف معلنة، منذ اندلاع احداث الانتفاضة في الشارع، أكّد قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون ان قطع الطريق أمر غير مسموح به، وان حرية التنقل مقدسة في المواثيق الدولية.. داعياً وحدات الجيش إلى البقاء على جهوزية واقصى درجات الوعي لمواجهة التحديات التي يمر بها بلدنا.
وفي جولة شملت فوج المدرعات الاوّل في صربا وقيادة المغاوير في رومية، وقيادة فوج التدخل الثالث في رأس بيروت ووحدة الفوج المجوقل على طريق القصر الجمهوري، شدّد على ان «الجيش يعمل ويتصرف وفقاً لما يراه مناسباً، وأكّد ان الجيش ينفذ حالياً مهمة حفظ أمن في الداخل امام شعبه واهله، مشيراً إلى انه مسؤول عن أمن المتظاهرين وباقي المواطنين.
على ان المشهد، اتخذ منحى مختلفاً، مع ساعات ما بعد منتصف الليل، فقطعت الطريق عند مثلث خلدة، وكذلك على طريق قصقص بالاتجاهين، امتداداً إلى جسر الرينغ.
ملحم خلف نقيباً للمحامين
وفي ترجمة للنقمة الشعبية (أ.ف.ب) ضد السلطات، فاز رئيس جمعية «فرح العطاء» المحامي ملحم خلف بمنصب نقيب المحامين، وهو محام مستقل، تكتلت ضده الاحزاب، ولجأت إلى دعم منافسه المحامي ناضر كسبار، بفارق كبير 2341 صوتاً لصالح النقيب الفائز، و1532 صوتاً لصالح المرشح المنافس المحامي كسبار.
واحتفل المحتشدون في ساحة رياض الصلح بفوز المحامي خلف، واعتبروه «انتصاراً للثورة».
ورداً على سؤال أوضح النقيب خلف انه تلقى اتصالاً من مكتب رئيس مجلس النواب نبيه برّي الا انه لم يتمكن من الكلام بسبب احتفال صغير أقيم له.
وقام من بعدها بالاتصال به، وبعد ان أكّد الرئيس برّي دعم محامي حركة أمل له، شكره على الدعم.
على صعيد المشاورات، بقي الرهان على خط الاتصالات بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، من أجل متابعة كيفية الخروج من الوضع الخطير، وسط ترقب إعلان الرئيس نبيه برّي تأجيل الجلسة التشريعية لمجلس النواب المقررة غداً للمرة الثانية.
وكانت جرت مشاورات بين أحزاب وتيارات 8 آذار لمعرفة ما يتعين القيام به بعد طلب الوزير والنائب السابق محمّد الصفدي سحب اسمه من التداول في رئاسة الحكومة.
ولاحظت مصادر معنية ان موقف الوزير الصفدي بالاعتذار عن تحمل المسؤولية، بمثابة رد الكرة الى الحريري ليتحمل المسؤولية، كما جاء بيان المكتب الاعلامي للحريري  بالرد على مواقف وتسريبات التيار الوطني الحر بمثابة موقف متصلب يدل على تمسكه بشروطه لتشكيل حكومة تكنوقراط، وقبل ذلك تمسكه بصلاحياته بتشكيل الحكومة. 
وترى مصادر متابعة ان القصة طويلة وان ما يجري في اطار حرب التسريبات والمصادر وتبادل الاتهامات عن تأخير التكليف والتأليف، ما يعني ان الخلافات القائمة لا تزال تحول دون التوافق على اي مخرج. وكما ان القصر الجمهوري لا زال ينتظر التوافق على اسم الرئيس المكلف وحكومة التكنو- سياسية، لازال الحريري ينتظر القبول بشروطه. ويبدو ان الانتظار سيطول لأن السقوف باتت عالية سواء من طرفي الازمة السياسية او من الممسكين بحراك الشارع.
إزاء ذلك رأت مصادر مطلعة على مشاورات الملف الحكومي لـ«اللواء» انه مما لاشك فيه ان انسحاب الوزير السابق محمد الصفدي من لائحة المرشحين لرئاسة الحكومة اعاد خلط الاوراق من جديد واسم الرئيس الحريري لا يزال مطروحا وغير مستبعد ولكن المشكلة تكمن في كيفية احياء التواصل بين الحريري والتيار الوطني الحر خصوصا بعد حملة البيانات المتضاربة التي حصلت امس وحملة تلفزيون ال او تي في من خلال مقدمة الاخبار. ولفتت المصادر الى ان هناك اعادة قراءة وإعادة تقييم لا بد من ان يحصلا خلال  اليوم وغدا لمعرفة المسار الذي يسلكه التكليف والتشكيل بطبيعة الحال. وفيما لم يصدر اي شيء من القصر الجمهوري فإن المعلومات اشارت الى ان الرئيس عون تابع ورصد ردود الفعل المختلفة ويتحضر لبداية الاسبوع المقبل لتكثيف المشاورات لمعرفة الاتجاه الذي تسلكه عملية تأليف الحكومة انطلاقا من التكليف مع ارتسام صورة مسبقة عن التأليف وما من امور محددة انما سيكون هناك تقيبم لما سجل في الاسبوع الذي انصرم وستبقى المشاورات قائمة لأن هناك وضوحا اكثر بعدما اتضحت مواقف الاطراف ولا بد من معرفة الاتجاه الذي يسلكه الموضوع من خلال    الاتصالات التي تحصل.
وأمس صدر عن الصفدي بيان وهو الثاني قال فيه: «أردت أن يكون  بيان انسحابي أمس الأول بيان يجمع ولا يفرق، شكرت فيه الرئيس الحريري على تسميتي لتشكيل الحكومة العتيدة، ولم أود أن أذكر تفاصيل المفاوضات بيني وبينه، وانطلاقًا حسّاسية المرحلة تخطيت الوعود التي على أساسها قبلت أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة والتي كان الرئيس قطعها لي لكنه لم يلتزم بها لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلاّ أن أعلنت انسحابي.
وكانت اشتعلت حرب البيانات بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، على خلفية المشاورات الحكومية، وما رافقها من تضارب حول تسمية الوزير السابق محمد الصفدي، وانسحاب الاخير، واحتدم السجال بشكل مباشر للمرة الاولى منذ استقالة الرئيس الحريري، حيث وصف الحريري تصرف «التيار الوطني الحر» بغير المسؤول مقارنة بالازمة الوطنية التي يمر بها البلد، رافضا سياسة المناورة والمزاعم التي يطلقها والتي تعرقل مسار التكليف والتأليف، وكان التيار في بيان ومصادر عنه حمل الحريري مسؤولية انسحاب الصفدي، واضعا باسيل في خانة المنقذ.
وفي بيان صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري جاء: «منذ ان طلب الوزير السابق محمد الصفدي سحب اسمه كمرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، يمعن التيار الوطني الحر، تارة عبر تصريحات نواب ومسؤولين فيه، وطورا عبر تسريبات اعلامية، في تحميل الرئيس سعد الحريري مسؤولية هذا الانسحاب، بحجة تراجعه عن وعود مقطوعة للوزير الصفدي وبتهمة أن هذا الترشيح لم يكن إلا مناورة مزعومة لحصر امكانية تشكيل الحكومة بشخص الرئيس الحريري.
وروت مصادر التيار الوطني الحر من وجهة نظرها، قصة ترشيح الصفدي بالقول: عندما  اقترح باسيل حكومة برئيسٍ مدعوم من الحريري ويتمثل فيها كلّ فريق وفق ما يريد بين أخصائيّين وسياسيّين، وافق الجميع على الفكرة. وتمّ طرح أسماء عدّة لرئاسة الحكومة وتم الاتفاق على إسم الوزير السابق محمد الصفدي، مدعوماً من الحريري بشكل كامل.
وزعم انه «تمّ الاتفاق بين الحريري والصفدي على ثلاثة أمور قال الحريري إنّه سيلتزم بها، وهي تأكيد دعمه الشخصي والعلني وتأمين الدعم من مفتي الجمهوريّة، والدعم من رؤساء الحكومة السابقين.
واتهم التيار العوني الحريري بأن سياسته تقوم فقط على مبدأ «انا أو لا احد»، باصراره على ان يترأس حكومة الاختصاصيين.
لكن محطة OTV الناطقة باسم التيار العوني، واصلت الحملة في نشرتها المسائية: «منذ ثلاثين سنة يمارسون سياسة الارض المحروقة في الاقتصاد والسياسة والمعيشة وعندما اقتربت النار من كروشهم وعروشهم قرروا إحراق ما تبقى من امال واحلام لدى الشابات والشباب بمستقبل من صنعهم لا من صنع المنافقين والمكابرين والفاسدين». متهمة من «يظن انه يمسك بخيوط اللعبة أنه سيكتشف انه يمسك بماء أو هواء، وسيكتشف ان بيت العنكبوت راسخ أكثر من بيته». في وقت طالب فيه حزب الله على لسان الشيخ نبيل قاووق عضو المجلس المركزي في الحزب، ألا يكون في الحكومة من يعمل على تنفيذ الرغبات الاميركية.
استئناف عمل المصارف وإجراءات جديدة
مصرفياً، اتخذت جمعية المصارف سلسلة من الاجراءات ستبلغها غداً الثلاثاء إلى رئيس وأعضاء اتحاد نقابات موظفي المصارف في اجتماع يعقد لهذه الغاية، تمهيداً لاستئناف العمل بشكل طبيعي في القطاع المصرفي.
ومنها ان لا قيود على الاموال الجديدة المحولة من الخارج، اما التحويلات إلى الخارج فتكون فقط لتغطية النفقات الشخصية، ولا قيود على استخدام بطاقات الائتمان، وتحديد المبالغ النقدية الممكن سحبها بمعدل ألف دولار أميركي كحد أقصى اسبوعياً لأصحاب الحسابات الجارية بالدولار.
على صعيد المؤن والسلع اليومية، أعلنت تعاونية المخازن، في بيان وضعته على مدخل فروعها في المناطق اللبنانية، موجهاً لزبائنها، وقد تضمن عذراً لعدم توافر بعض الاصناف.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


النهار
"إحراق" الصفدي يُسقط موعد عون للحسم اليوم
الإنتفاضة في يومها الـ32 "تربح" نقابة المحام
ين
لعل بصيص الأمل الذي ظهر في عتمة لبنان الرسمي كان أمس موقف قائد الجيش العماد جوزف عون الذي أكد أن الجيش "مسؤول عن أمن المتظاهرين وباقي المواطنين"، و"أن اقفال الطرق أمر غير مسموح به، وأن حرية التنقّل مقدّسة في المواثيق الدولية"، لافتاً الى "أن الجيش يعمل ويتصرّف وفقاً لما يراه مناسباً"، في اشارة الى فتح الطرق بقرار حاسم. ورفض التدخل السياسي في عمل المؤسسة العسكرية كما رفض الاملاءات عليها بعدما ابلغ "حزب الله" المعنيين شكوكه في توجه العماد عون، كذلك نفى قائد الجيش ضمناً الشائعات التي تحدثت عن محاولات لعزله. لكن عددا من الطرق قطع ليلا في غير منطقة في بيروت وخلده وصيدا ومناطق بقاعية عدة عمل الجيش على محاولة فتحها حتى ساعة متقدمة من الليل.
والمشهد المضيء الثاني تجسد في انتخابات نقابة المحامين، التي عكست ارتباك السلطة واحزابها التي تنافست ليل أمس على محاولة تبني فوز المرشح المستقل المحامي ملحم خلف نقيباً للنقابة الأعرق.
واذا كانت مكونات السلطة لم تنجح الى اليوم في احتواء الانتفاضة التي دخلت شهرها الثاني، مسببة ارباكاً كبيراً للقوى السياسية مجتمعة، فإن هذه القوى حاولت الاجتماع في مواجهة الحراك المتنامي، الا ان تضارب مصالحها وأنانياتها أفقدها هذه القدرة، وقد تجسد الارتباك في انتخابات نقابة المحامين، حيث حقق المرشح المستقل المحامي ملحم خلف انتصاراً كبيراً على تحالف لأحزاب السلطة، ورفع مؤيدوه شعارات مؤيدة للثورة. ولفوز خلف دلالات كثيرة وكبيرة، خصوصاً بعد التعثر الذي عانته النقابة في الفترة الاخيرة، أي منذ تفجّر الانتفاضة قبل شهر، وغيابها عن القيام بدورها حامية للحريات ومتصدية للتجاوزات التي ارتكبت على المتظاهرين العزل. وقد صب جواب الاكثرية النقابية لمصلحة الثورة، واستعادة النقابة دورها الفعلي.
لكن خطورة الوضع تجسدت مجدداً في حرب المصادر، والتناقض الفاضح بين روايات مختلف القوى المعنية، للتطورات الدراماتيكية التي أسقطت امكان تزكية النائب محمد الصفدي لتولي رئاسة الحكومة المقبلة بعدما اعتذر رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري عن ترؤس حكومة من غير التكنوقراط، الامر الذي يعارضه الفريق الآخر، وفي الطليعة "حزب الله" الذي يرى في الامر تحقيقاً لمطلب اميركي بإخراجه من التركيبة الحكومية.
واذا كان الرئيس عون قال لمحدثيه الخميس الماضي ان "الاثنين (أي اليوم) هو الموعد النهائي لبت الحكومة الجديدة بمن حضر"، فان الرياح لم تجر كما تشتهي سفينته، اذ لم يتمكن من تحديد موعد للاستشارات في ضوء التباعد في النظرة الى شكل الحكومة الجديدة وتركيبتها، في ظل امتناع شخصيات عدة عن تولي هذه المسؤولية في مرحلة بالغة الحساسية يمكن ان تشهد انهياراً مالياً وضائقة اقتصادية ستساهمان في تمدد حراك الشارع ليشمل فئات جديدة من المتضررين والعاطلين عن العمل، ما يعرض السلطة (وليس فقط الحكومة) للسقوط في الشارع.
واذ سرت شائعات عن لقاء للرئيس ميشال عون والرئيس الحريري عصر أمس، في محاولة لرأب الصدع، نفت مصادر "بيت الوسط" لـ"النهار" حصول اللقاء.
اذاً لا استشارات اليوم، والبيانات التي صدرت أمس، متضاربة ومتناقضة وتعرض أصحابها على اختلاف مشاربهم لامتحان الصدقية، أعطت دفعاً للشارع المنتفض، وباعدت بين مكونات السلطة، وابعدت الحلول الممكنة التي تتحول يوماً بعد يوم "غير ممكنة" تحت وطأة ضغط الشارع.
وفي تقويم لناشطين في الثورة مع "النهار" أن هذه الثورة حققت في شهر ما عجزت عنه "معارضات شكلية" واحزاب في 15 سنة. وعدّدوا الآتي:
اقرار مجلس الوزراء سلسلة قرارات تسمى اصلاحية، تحضير موازنة 2020 بعجز بسيط جداً، اسقاط الحكومة، اقفال مجلس النواب وارجاء الجلسات، اسقاط اقرار قوانين شعبوية غير مفيدة وطنياً، اسقاط ترشيح محمد الصفدي، الزام السياسيين رفع السرية عن حساباتهم المصرفية (ولو كانت خطوة شكلية)، اجبار الدولة على اصدار فاتورة الهاتف بالليرة اللبنانية،اسقاط الحواجز المذهبية والمناطقية، هدم جدار الخوف، توحيد الساحات، اسقاط الوصاية التي استمرت بعد الانسحاب السوري بأشكال مختلفة، اعادة الثقة الى المواطن اللبناني.
من جهة أخرى، علم ان المصارف قررت في اجتماع عقدته مساء أمس الاستمرار في الاقفال، بالتناغم مع قرار موظفيها. وأفادت مصادر مصرفية ان المصارف رسمت معادلة واضحة الشروط لعودتها الى العمل، مفادها أن لا معاودة للعمل قبل بدء الاستشارات النيابية الملزمة، فمخزون الدولار يشح، والمصارف لم تعد قادرة على تلبية الطلبات الملحة لعملاء مذعورين بسبب الوضع السياسي وانعدام الثقة، الامر الذي تتحمل المصارف تبعته من خلال التهافت على صناديقها. وخلصت إلى أن الإقفال هو القرار السليم والحكيم الذي يستوعب حال الذعر السائدة في انتظار استعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها.
الى ذلك، استمر الحراك في الشارع وتمدد الى مناطق جديدة، وقد دعت مجموعات الى اضراب اليوم، وأخرى الى اضراب واقفال عام غداً، تزامناً مع جلسة مجلس النواب التي ارجئت من الاسبوع الماضي. وفي اطار اللعبة المكشوفة من بعض السلطة لافتعال وقيعة بين المتظاهرين، أعلنت "لجنة العفو العام" انها لن تسمح بقطع الطرق غداً وستعمل على تسهيل عقد جلسة مجلس النواب لاقرار العفو العام. وخلال اعتصام في الضاحية الجنوبية قال متحدث بإسم المعتصمين إن اللجنة لطالما ساندت ودعمت مطالب الناس في الشارع وأن تشارك في الحراك والثورة، ولذا فإنها تدعو الثورة الى تسهيل عقد الجلسة التشريعية. وحذّر عدد من أعضاء اللجنة من انهم سيمنعون قطع أي طريق مودية الى ساحة النجمة وناشدوا الرئيس نبيه بري عدم تأجيل الجلسة.
الصين ولبنان
في مجال آخر، وردّاً على دعوة السيد حسن نصرالله الى مواجهة أميركا في لبنان بالاعتماد على الشركات الصينية والأسواق العراقية وامور اخرى متصلة، تحدث المدير العام لإدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي تشينغ جيان وي إلى "النهار" فقال "إن الدعم الصيني سيزيد للدول النامية. وأقر بأن التعاون مع الدول العربية يزعج البعض كالولايات المتحدة التي "تتخذ كل الاجراءات لاحتواء نفوذ الصين".
وأضاف تشينغ أن "أميركا أكبر دولة متقدمة في العالم، ولا نريد خوض حرب تجارية معها، ولكن اذا أصر الجانب الاميركي سنخوضها حتى نهاية المطاف". وفي ما خص كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن امكان التعاون مع الصين لمواجهة الحصار المالي، وأكد "أننا سنكون دائماً أصدقاء وشركاء لدول الشرق الأوسط" ولكن "ليست لدينا النية أن نكون بديلاً من أميركا في لبنان، وليست لدينا القدرة على ذلك، لان الصين لاتزال دولة نامية. وحتى لو أنها شهدت تطوراً أكبر، لن نسعى الى ملء الفراغ".

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الجمهورية
التكليف الى المربع الأول… يختلفون على "الشكل" والبلد ينهار

بانسحاب الوزير السابق محمد الصفدي من ساحة التكليف الحكومي ‏التي دُفِع اليها، يعود الاستحقاق الحكومي الى المربع الاول، ولكنه ‏يدخل مرحلة جديدة، فإمّا يعود الرئيس سعد الحريري عن عزوفه ‏ويقبل بتأليف حكومة تكنو ـ سياسية، وإمّا يبدأ البحث عن شخصية ‏أخرى لتكليفها هذه المهمة وربما لا يكون له دور هذه المرة في ‏تسميتها بعد فشل تسميته الصفدي. ورأى المراقبون انّ الايام القليلة ‏المقبلة لا يتوقع لها أن تشهد تطورات بارزة على الصعيد الحكومي ‏قبل استيعاب المضاعفات التي نجمت من تسمية الصفدي في ‏الشارع المنتفض على السلطة وعلى المستوى السياسي‎.‎
وأكدت مصادر معنية بالاستحقاق الحكومي لـ"الجمهورية" انّ اولوية التكليف ما ‏تزال معقودة للحريري لدى الجميع الذين ينتظرون منه القبول بتأليف الحكومة، ‏ولكنه في حال ظل متمنعاً عن ذلك فإنّ المعنيين لن يبقوا البلاد بلا حكومة الى ‏أمد طويل، على رغم من انّ البعض بدأ يبدي مخاوف جدية من إقامة حكومة ‏تصريف الاعمال لفترة طويلة، في ظل الخلاف المستحكم حول طبيعة الحكومة ‏الجديدة أتكون حكومة تكنوقراط ام حكومة تكنوـ سياسية تضم خليطاً وزارياً من ‏رجال السياسة والتكنوقراط‎.‎
وفيما لم يسجل امس اي تواصل بين المعنيين، توقعت المصادر جموداً على جبهة ‏الاستحقاق الحكومي يمتد لبضعة ايام قبل عودة المعنيين الى البحث الجدي في ‏سبل إنجازه، بدءاً بتحضير الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف ‏شخصية جديدة تأليف الحكومة العتيدة، والتي لم تصدر عن رئاسة الجمهورية بعد ‏أي مؤشرات على موعد مبدئي لإجرائها‎.‎
وفي هذه الاثناء تشهد الاوساط المعنية والسياسية عموماً كثيراً من الكلام عن ‏وجود موانع خارجية لتأليف حكومة تكنوسياسية وإصرار بعض عواصم القرار الغربية ‏ومعها عواصم إقليمية على الدفع في اتجاه حكومة تكنوقراط، وفي هذا الصدد ‏قالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" انّ الحريري ما زال يشترط تأليف مثل هذه ‏الحكومة حتى يقبل بإعادة تكليفه، وكشفت انّ مفاوضي الحريري وتحديداً ‏الخليلين أبلغا الحريري موافقة من يمثلان على حكومة تكنوسياسية يكون غالبية ‏وزرائها من التكنوقراط، وانه اذا كان يريدها ان تكون عشرية، فلا مانع من ان يكون ‏ثلثاها من التكنوقراط لكنه لم يقبل وأصرّ على حكومة تكنوقراط خالصة، فلم يحصل ‏اتفاق وكان ان سمّى الصفدي من بين مجموعة أسماء‎.‎
بري
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره أمس "ان الوضع الحالي على ‏المسار الحكومي هو جمود تام في انتظار ان تطرأ مستجدات في أي لحظة، لكن ‏حتى الآن الامور ما زالت تراوح مكانها‎".‎
واشار الى انّ موقفه هو أنه ما زال يراهن على "عودة الحريري الى رئاسة ‏الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة تواكب الوضع الراهن الذي بلغ حداً خطيراً جداً ‏يجب تداركه في اسرع وقت، فالبلد أشبه بسفينة تغرق شيئاً فشيئاً، فإن لم ‏نتخذ الاجراءات اللازمة فستغرق بكاملها‎".‎
في بعبدا
وعلى وقع "حرب البيانات" التي طَوت "حرب المصادر"، ساد الهدوء قصر بعبدا ولم ‏يسجل أي لقاء لافت. وقالت مصار مطلعة لـ"الجمهورية" انّ عون تتبع التطورات ‏الأمنية على مختلف الأراضي اللبنانية والإجراءات الأمنية المتخذة في صددها، ‏ورصد ردّات الفعل على ما آلت اليه الإتصالات الجارية تمهيداً لمرحلة الاستشارات ‏النيابية الملزمة‎.‎
امّا في "بيت الوسط" فساد جو من الترقب للمرحلة المقبلة في ضوء المواقف ‏والبيانات المتبادلة. وقال زوار "بيت الوسط" لـ"الجمهورية": "انّ البيان الذي صدر ‏عن مكتب الحريري الاعلامي كان من اقوى المواقف التي اضطر الحريري الى ‏اتخاذها، نظراً الى حجم التسريبات والروايات المختلقة التي لا تقف عند حدود ‏تشويه الحقائق والمَس الشخصي بل من أجل التشويش وزعزعة الاستقرار، في ‏مرحلة لا تحتاج فيها البلاد سوى الى التهدئة واللجوء الى الدستور والتزام كل ‏طرف حدود صلاحياته‎".‎
حرب بيانات
وكانت قد اندلعت امس حرب تسريبات وبيانات بين الحريري و"التيار الوطني ‏الحر"، على خلفية انسحاب الصفدي من تسميته لتأليف الحكومة العتيدة، فقال ‏المكتب الإعلامي للحريري في بيان انه "منذ أن طلب الصفدي سحب اسمه ‏مرشحاً لتشكيل الحكومة الجديدة، يُمعن "التيار الوطني" تارة بتصريحات نواب ‏ومسؤولين فيه، وطوراً بتسريبات إعلامية، في تحميل الرئيس سعد الحريري ‏المسؤولية عن هذا الانسحاب، بحجّة تراجعه عن وعود مقطوعة للوزير الصفدي، ‏وبتهمة أنّ هذا الترشيح لم يكن إلّا مناورة مزعومة لحصر إمكانية تشكيل الحكومة ‏بشخص الرئيس الحريري‎".‎
وأضاف: "إنّ مراجعة بيان الانسحاب للوزير الصفدي كافية لتظهر أنه كان متيقناً من ‏دعم الرئيس الحريري له وعلى أفضل علاقة معه، وهو ما يتناقض مع رواية "التيار ‏الوطني" جملة وتفصيلاً‎".‎
وقال: "الوزير جبران باسيل هو من اقترح وبإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، ‏فسارع الرئيس الحريري إلى إبداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس ‏الحريري تتضمن أسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، ‏قد قوبلت بالرفض المتكرر أيضاً‎".‎
وتابع: "الرئيس الحريري لا يناور، ولا يبحث عن حصر إمكانية تشكيل الحكومة ‏بشخصه، بل إنه كان أوّل من بادر إلى ترشيح أسماء بديلة‎".‎
وختم البيان: "إنّ سياسة المناورة والتسريبات ومحاولة تسجيل النقاط التي ‏ينتهجها "التيار الوطني" هي سياسة غير مسؤولة مقارنة بالأزمة الوطنية الكبرى ‏التي يجتازها بلدنا‎".‎
وردّت اللجنة المركزية للإعلام في "التيار الوطني" على بيان الحريري، فقالت: ‏‏"انّ التيار الوطني بادر وتحرّك بغية الاسراع في سدّ الفجوة الكبيرة التي سبّبتها ‏استقالة الرئيس الحريري على حين غفلة لأسباب، وقدّم كل التسهيلات الممكنة، ‏وذلك بعدم رفضه أي اسم طرحه الحريري وعدم تمسّكه بأيّ اسم من جهته،‏ إلّا ‏أنّه أصبح واضحاً انّ سياسة الحريري لا تقوم فقط على مبدأ "أنا أو لا أحد" على ‏رأس الحكومة، بل زاد عليها مبدأ آخر وهو "أنا ولا أحد" غيري في الحكومة، وذلك ‏بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين‏‎".‎
الصفدي
وبدوره، أشار المكتب الاعلامي للصفدي، في بيان، الى "أنّه أراد أن يكون بيان ‏انسحابه بياناً يجمع ولا يفرّق"، وشكر الحريري على تسميته لتشكيل الحكومة، ‏قائلاً: "لم أود أن أذكر تفاصيل المفاوضات بيني وبينه، فإذا بي أفاجأ ببيان صادر ‏عن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري يتضمن تفنيداً لِما صدر عنّي وذلك في إطار ‏الاستخدام السياسي. وهنا أود أن أؤكد أنّ المرحلة التي يمر فيها لبنان مرحلة ‏صعبة ومفصلية وخطيرة، وتتطلب منّا جميعاً التكاتف والتضامن ووضع الخلافات ‏السياسية جانباً. وانطلاقاً من هذا الامر تخطّيت الوعود التي على أساسها قبلت ‏أن أسمّى لرئاسة الحكومة المقبلة، والتي كان الرئيس قطعها لي لكنه لم يلتزمها ‏لأسباب ما زلت أجهلها، فما كان منّي إلّا أن أعلنت انسحابي‎".‎
عودة المصارف
وعلى الصعيدين الاقتصادي والمالي، ومع بداية الاسبوع، أُعيد تحريك ملف فتح ‏المصارف أبوابها، بعد إغلاق قسري فرضه إضراب موظفي القطاع. وقد اكتملت ‏معالم الخطة الأمنية التي ستواكب عودة المصارف الى أعمالها اليومية. وتبيّن انه ‏سيتم رصد 1567 عنصراً من الدرك وشرطة بيروت لضمان أمن كل الفروع المصرفية ‏على امتداد الخريطة اللبنانية‎.‎
واعتُبرت هذه الخطة الأمنية بمثابة بند اساسي لعودة موظفي المصارف عن ‏اضرابهم المستمر. في حين التأمت جمعية المصارف مساء امس لتأمين البند ‏الثاني لاكتمال المعطيات الضرورية لعودة عمل المصارف، وهو يتعلق بإجراءات ‏واضحة يتعاطى بموجبها موظفو المصارف مع الزبائن‎.‎
وفي هذا الاطار، عُلم انّ جمعية المصارف توصلت في اجتماعها المسائي الى ‏الاتفاق على 8 تدابير ستكون محور نقاش في اجتماع سيعقد اليوم بينها وبين ‏اتحاد نقابات موظفي المصارف وعلى أساسه سيُتخذ القرار‎.‎
وشدّدت المصادر المصرفية على أنّ هذه التدابير "موقتة واستثنائية" وسيتم ‏التراجع عنها عند تشكيل الحكومة. ولفتت إلى أنّه سيكون هناك سقف ‏للسحوبات بالدولار الأميركي، في حين أنّ السحوبات من الودائع بالليرة اللبنانية ‏هي بلا سقف‎.‎
وعلِم انه تمّ الاتفاق على منع التحويلات الى الخارج إلّا في حال الضرورة القصوى ‏والامور الشخصية، إضافة الى إمكان ان يكون سقف السحب للزبون 1000 دولار ‏اسبوعياً‎.‎
وعليه، ستبقى المصارف مقفلة اليوم، مع ترجيح ان تفتح ابوابها لموظفيها لإنجاز ‏الاعمال الداخلية اليوم، على أن تفتح ابوابها كالمعتاد امام الزبائن بدءاً من غد ‏الثلاثاء او بعد غد الاربعاء، اذا لم يطرأ ما يحول دون ذلك. .‎
انتخابات نقابة المحامين
من جهة ثانية عاشت نقابة المحامين يوماً انتخابياً طويلاً على وقع انتفاضة ‏الشارع، انتهى بإعلان المرشح المستقل ملحم خلف نقيباً للمحامين، حيث فاز ‏بمركز النقيب بحصوله على 2341 صوتاً، من أصوات المستقلّين وحزب الكتائب، ‏وسط تصفيق حار وإطلاق شعارات "ثورة ثورة‎".‎
وقال خلف بعد فوزه: "نأمل في أن يكون مشهد العرس الذي عشناه اليوم مناسبة ‏لتُجدّد الديموقراطية نَفَس المؤسسات"، مؤكداً أنّ نقابة المحامين "هي رافعة ‏الوطن‎".‎
وفي حين غرّد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل عبر حسابه في ‏‏"تويتر" قائلاً: "تم الالتفاف الشامل لجميع احزاب السلطة في وجه المرشح ‏المستقل ملحم خلف. أتمنى من زملائي منع وضع اليد على نقابتنا"، إتصل خلف ‏برئيس مجلس النواب نبيه برّي وشكره على دعم محامي حركة "أمل" له في ‏الانتخابات‎.‎
وسبق انتخاب النقيب انتخاب 6 أعضاء لمجلس النقابة، من بينهم خلف وحنّا ‏وكسبار. وجاءت نتائج انتخابات عضوية المجلس كالآتي: ملحم خلف 2062 صوتاً، ‏بيار حنا 1703، سعد الدين الخطيب 1699، ناضر كسبار 1681، ابراهيم مسلّم ‏عضواً خامساً (1480 صوتاً) ويبقى لسنة واحدة تنتهي في 15 تشرين الثاني من ‏السنة المقبلة، وعزيز طربيه عضواً رديفاً 1286 صوتاً‎.‎
أمّا في طرابلس، حيث اقترع 987 محامياً من أصل 1252، فحققت المحامية ‏باسكال أيوب المرتبة الأولى في انتخابات عضوية نقابة المحامين في الشمال ‏ونالت 406 أصوات، ونال المحامي نشأت فتّال 391 صوتاً، ونال المحامي أسامة ‏ديب 305 أصوات ليفوز بمركز عضو رديف، وكان هناك 49 ورقة بيضاء‎.‎
ورأت مصادر متابعة للعملية الإنتخابية أنّ "المرشحين الأساسيين النقيب ملحم ‏خلف وناضر كسبار ينتميان الى انتفاضة 17 تشرين، ولكنّ اللغط حصل بعد أن ‏سحب "التيار الوطني الحرّ" مرشحه، كونه غير قادر على المنافسة في ظل ‏الحالة الشعبية التي لا تؤيّد التيار، وانعكس سلباً تأييد الوزير جبران باسيل لكسبار ‏الذي تمّت "شَيطنته"، لتأتي النتيجة على الشكل الحالي‎".‎
نشاط الحراك
على صعيد الحراك شهدت ساحتا الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت مساء ‏احتشاداً للمتظاهرين على وقع إقفال بعض الطرق في المناطق. فبعدما كانت ‏الطرق مفتوحة في بيروت والمناطق، تغير الوضع ليلاً، حيث أقفل متظاهرون عدداً ‏منها. ففي زحلة، أقفلت الطرق الرئيسية في مجدل عنجر ومكسة ـ جديتا ومفرق ‏قب الياس بالاطارات المشتعلة‎.‎
وفي بعلبك، اعتصم المشاركون في حراك بعلبك في ساحة الشاعر خليل مطران. ‏ونظّموا سهرة فنية في ساحة العلم مقابل قلعة بعلبك الأثرية‎.‎
وفي البقاع الغربي، قطعت الطريق عند مستديرة جب جنين وطريق غزة ـ حوش ‏الحريمة بالاطارات المشتعلة‎.‎
وفي عكار، نصب الحراك الشعبي في الجومة، خيماً للاعتصام في بلدة العيون ‏على الطريق العام‎.‎
وفي صور، أضاء المعتصمون الشموع في ساحة العلم، لمناسبة "أحد الشهداء"، ‏ووقفوا دقيقة صمت "تحية لأرواح شهداء ثورة 17 تشرين الأول‎".‎
وفي صيدا، شهدت ساحة إيليا تجمّعاً لعدد كبير من المحتجين وسط الساحة، ‏فيما أقفل الجيش طريق التقاطع من جهاته الاربع‎.‎

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نداء الوطن
"حكومة الصفدي" في خبر كان… وحرب بيانات تنسف "التسوية"
بين تشرين وتشرين "انتصار ثانٍ"

"ثورة ثورة ثورة"… كم كان ثقيلاً هذا الهتاف على مسامع أهل السلطة وهو يصدح عالياً بأصوات المحامين في قصر العدل احتفاءً بفوز ملحم خلف نقيباً للمحامين على حساب مرشحي أحزاب السلطة والتيارات السياسية ولا سيما منها "التيار الوطني الحر" الذي اضطر إلى سحب مرشحه المحامي جورج نخله إثر التيقّن من انعدام حظوظه بالفوز حتى بعضوية انتخابات النقابة. "بين تشرين وتشرين" لم يحمل هذا العام "صيفاً ثانياً" فحسب، إنما جاء نجاح خلف بوصفه مرشح المستقلين في نقابة المحامين في 17 تشرين الثاني ليضيف انتصاراً ثانياً في سجل الثورة بعد نجاحها منذ انطلاقتها في 17 تشرين الأول في إسقاط حكومة الأحزاب… و"حبل الانتصارات على الجرار" تحت وطأة ضغط الثوار واتساع رقعة ساحاتهم مع استحداث ساحات جديدة خلال الساعات الأخيرة لا سيما في موقف مجمع فؤاد شهاب في جونيه الذي انضمّ إلى نقاط تجمع الثوار بديلاً من ساحة الزوق جنباً إلى جنب الساحات الوطنية المنتفضة شرقاً وغرباً وبقاعاً وجنوباً.
وبينما الثورة تواصل مسيرة انتصاراتها بثبات وعزم، تواصل السلطة مسار تخبطها في سياسة المكابرة والمناورة وإنكار ليس فقط الواقع المستجد بعد 17 تشرين الأول بل وتجاهل نداءات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي المتكررة وآخرها بالأمس عظته إلى "السياسيين المسؤولين من شتى المواقع عن تأليف الحكومة الجديدة" بأن يدركوا "مسؤوليتهم التاريخية عن الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي"، منبهاً إياهم: "الانتفاضة الشعبية ستحاسبكم والتاريخ… ثلاثة أسابيع مرت على استقالة الحكومة والمواقف هي هي ومركب الوطن آخذ في الغرق فهل أضحت المسؤولية السياسية للهدم والخراب والتعطيل؟ لا تنسوا تأكيد مقدمة الدستور أنّ الشعب هو مصدر سلطتكم".
وبالحديث عن المراوحة الحكومية، عاد مؤشر التكليف والتأليف إلى ما دون نقطة الصفر بعدما أضحى مشروع ترشيح الوزير السابق محمد الصفدي "في خبر كان"، وسط اندلاع حرب بيانات على جبهتي "بيت الوسط" – "ميرنا الشالوحي" تخطت شظاياه "تسوية" الصفدي لتصل إلى حد ملامسة نسف "التسوية" الأم بين الجبهتين بموجب الأسلحة المستخدمة بينهما من مختلف الأعيرة والعبارات اللفظية الثقيلة التي بلغت حدّ الاتهامات المتبادلة بـ"الكذب وانعدام المسؤولية والتسلل إلى التشكيلات الحكومية" و"الافتراءات وتحريف الوقائع على قاعدة ضربني وبكى وسبقني واشتكى".
وفي تفاصيل انفجار الخلاف بين الحريري وباسيل، والذي دخل الصفدي على خطه منحازاً إلى الثاني في مواجهة الأول، برز في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال وضع الأجواء التي يضخها "التيار الوطني الحر" في خانة "التمادي في طرح وقائع كاذبة وتوجيه اتهامات باطلة" مفنّداً بشكل مسهب وقائع من مسألة ترشيح الصفدي واعتذاره لاحقاً ليكشف أنّ باسيل "هو من اقترح وبإصرار مرتين اسمه" بينما كانت اقتراحات الحريري تتمحور حول "أسماء من المجتمع المدني وعلى رأسها القاضي نواف سلام وقد قوبلت بالرفض المتكرر"، ناصحاً "التيار الوطني الحر" بالإقلاع عن "سياسة المناورة والتسريبات وتسجيل النقاط" باعتبارها "سياسة عديمة المسؤولية". وفي المقابل، لم يتأخر رد باسيل عبر اللجنة المركزية للإعلام في "التيار الوطني" ليتهم الحريري بأنّ سياسته "لا تقوم فقط على مبدأ "أنا أو لا أحد" بل زاد عليها مبدأ آخر هو "أنا ولا أحد" غيري على رأس الحكومة بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين".
وفي غضون هذا الاشتباك الإعلامي، كان "حزب الله" يجدد أمس تحديد مكمن "الداء والدواء" في بنية الأزمة الحكومية. فـ"الحزب لن يسمح بإخراج المقاومة وحلفائها من المعادلة الداخلية وهذا لن يحصل أبداً". عبارة اختصر "حزب الله" من خلالها المشهد الحكومي على لسان عضو المجلس المركزي الشيخ نبيل قاووق… هنا جوهر القضية وكل الباقي يدور في فلك "التفاصيل الفولكلورية".

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الشرق
 الحريري يفضح كذب ومناورة "الوطني الحر"

صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري البيان الآتي: "منذ ان طلب الوزير السابق محمد الصفدي سحب اسمه كمرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، يمعن التيار الوطني الحر، تارة عبر تصريحات نواب ومسؤولين فيه، وطورا عبر تسريبات اعلامية، في تحميل الرئيس سعد الحريري مسؤولية هذا الانسحاب، بحجة تراجعه عن وعود مقطوعة للوزير الصفدي وبتهمة أن هذا الترشيح لم يكن إلا مناورة مزعومة لحصر امكانية تشكيل الحكومة بشخص الرئيس الحريري.
وازاء هذا التمادي في طرح وقائع كاذبة وتوجيه اتهامات باطلة، وجب توضيح ما يلي:
أولا: إن مراجعة بيان الانسحاب للوزير الصفدي كافية لتظهر أنه كان متيقنا من دعم الرئيس الحريري له وعلى أفضل علاقة معه، وتمنى أن يتم تكليف الرئيس الحريري من جديد، وهو ما يتناقض مع رواية التيار الوطني الحر جملة وتفصيلا. كما يتضح من مراجعة البيان نفسه أن الوزير الصفدي كان صادقا وشفافا باعلان أنه رأى صعوبة في "تشكيل حكومة متجانسة ومدعومة من جميع الافرقاء السياسيين تمكنها من اتخاذ اجراءات انقاذية فورية تضع حدا للتدهور الاقتصادي والمالي وتستجيب لتطلعات الناس في الشارع"، وهو ما يكذب كليا مزاعم التيار الوطني الحر ومسؤوليه.
ثانيا: إن الوزير جبران باسيل هو من اقترح وبإصرار مرتين اسم الوزير الصفدي، وهو ما سارع الرئيس الحريري إلى ابداء موافقته عليه، بعد أن كانت اقتراحات الرئيس الحريري باسماء من المجتمع المدني، وعلى رأسها القاضي نواف سلام، قد قوبلت بالرفض المتكرر أيضا. ولا غرابة في موافقة الرئيس الحريري على ترشيح الوزير الصفدي الذي يعرف القاصي والداني الصداقة التي تجمعه به والتي جرى ترجمتها في غير مناسبة سياسية.
ثالثا: إن الرئيس الحريري لا يناور، ولا يبحث عن حصر امكانية تشكيل الحكومة بشخصه، لا بل إنه كان أول من بادر إلى ترشيح أسماء بديلة لتشكيل الحكومة. وفي المقابل، هو كان واضحا منذ اليوم الأول لاستقالة الحكومة مع كل ممثلي الكتل النيابية، أنه لا يتهرب من أي مسؤولية وطنية، إنما المسؤولية الوطنية نفسها تفرض عليه إبلاغ اللبنانيين والكتل النيابية سلفا أنه إذا تمت تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة التي يفرضها الدستور، فإنه لن يشكل إلا حكومة اخصائيين، انطلاقا من قناعته أنها وحدها القادرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة والعميقة التي يمر بها لبنان.
رابعا، وأخيرا: إن سياسة المناورة والتسريبات ومحاولة تسجيل النقاط التي ينتهجها التيار الوطني الحر هي سياسة غير مسؤولة مقارنة بالأزمة الوطنية الكبرى التي يجتازها بلدنا، وهو لو قام بمراجعة حقيقية لكان كف عن انتهاج مثل هذه السياسة عديمة المسؤولية ومحاولاته المتكررة للتسلل الى التشكيلات الحكومية، ولكانت الحكومة قد تشكلت وبدأت بمعالجة الأزمة الوطنية والاقتصادية الخطيرة، وربما لما كان بلدنا قد وصل إلى ما هو فيه أساسا".
و"التيّار" يرد: سياسة الحريري أنا ولا أحد
وضربني وبكي وسبقني واشتكى
صدر عن اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر البيان الآتي: في الوقت الذي كانت فيه جهود ‏التيار الوطني الحر منصبّةً على تسهيل عملية قيام حكومة انقاذ ‏بدءاً من الاتفاق على شخصية الرئيس الذي سيكلف والذي بامكانه ان يجمع اللبنانيين على الانقاذ الاقتصادي والمالي بعيداً عن الانقسامات السياسية، فوجئنا ببيان صادر عن المكتب الاعلامي لدولة الرئيس سعد الحريري يتضمن جملة افتراءات ومغالطات مع تحريف للحقائق مما يفرض علينا متأسفين بأن نوضح للبنانيين بايجاز النقاط الآتية:
1- ان اسباب وصول لبنان إلى الوضع الصعب الذي هو فيه تعود الى السياسات المالية والاقتصادية والممارسات التي ‏كرست نهج الفساد منذ 30 عاماً ولايزال اصحابها يصرّون على ممارستها وما المعاناة التي مررنا بها وعبّرنا عنها جزئياً في السنوات الأخيرة سوى بسبب رفضنا لهذه الممارسات واصرار تيار المستقبل على التمسّك بها وحماية رجالاتها.
2- ان التيار الوطني الحر بادر وتحرّك من اجل الاسراع في سدّ الفجوة الكبيرة التي سبّبتها استقالة دولة الرئيس الحريري على حين غفلة لأسباب لو مهما كانت مجهولة الّا انها وضعت البلد في مجهول أكبر؛ لكنّ التيار، ولأجل التسريع في بدء عملية الانقاذ، قدّم كل التسهيلات الممكنة وذلك بعدم رفضه لأي اسم طرحه الرئيس الحريري وعدم تمسكه باي اسم من جهته،‏ الّا انّه اصبح واضحاً ان سياسة الرئيس الحريري لا تقوم فقط على مبدأ "أنا أو لا أحد" على رأس الحكومة بل زاد عليها مبدأً آخر وهو "أنا ولا احد" غيري في الحكومة وذلك بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين‏؛ وتبقى شهادة الوزير الصفدي المقتضبة واللائقة كافية لتبيان من يقول الحقيقة.
3- إن ما يهم التيار الوطني الحر في النهاية هو قيام حكومة قادرة على وقف الانهيار المالي ومنع الفوضى والفتنة في البلد والتي يعلم دولة الرئيس الحريري تماماً من وكيف يحضّر لها وعليه تفاديها؛ و حيث أن دولته يؤكد ان اولويته هي تشكيل الحكومة دون اي غاية سياسية خاصة، فاننا ندعوه للتعالي عن اي خصام سياسي خاصةً وانه يفتعله معنا على قاعدة" ضربني وبكى، سبقني واشتكى"، فقد "فعل فعلته وسارع الى الاعلام"، ولذا ندعوه ان يلاقينا في الجهود للاتفاق على رئيس حكومة جامع لكل اللبنانيين ونقول إن الفرصة لا تزال متاحة أمامنا جميعاً لكي ننقذ البلد عوض عن الاستمرار بنحره افلاساً وفساداً.