افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 26 تشرين الثاني، 2018

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 20 شباط، 2023
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 24 شباط ، 2024
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 28 تشرين الثاني، 2017

ركزت "الأخبار" على تعمد جهة ما في الحكم، منع الجيش اللبناني من قبول هدية تسليحية من الجيش الروسي. وقالت إن هذه الجهة تخضع للإملاءات الأميركية والبريطانية، من دون أن تسمها بالإسم. أما "اللواء" فقد لفتت إلى المناورات الحربية التي بدأها جيش العدو "الإسرائيلي" في شمال فلسطين المحتلة قرب الحدود مع لبنان. وذكَّرت "البناء" بإحدى جرائم جيش الإحتلال الصهيوني، التي أسفرت عن مقتل 56 مدنياً لبنانياً عام 1982، بعد أن أغرق سفينة استقلوها من طرابلس نحو قبرص بغية اللجوء إليها. وأشارت إلى بيان وزارة الخارجية، الذي يطالب مجلس الأمن الدولي بادانة "إسرائيل" ومحاسبتها على جرائمها.     
إسرائيل تعترف بإغراق سفينة لاجئين لبنانيين قبالة طرابلس عام 1982
البناء
تصعيد في شرق أوكرانيا… ولافروف يدعو لتعاون روسي أميركي لحل قضايا النزاع الدولي 
قصف أحياء حلب بالكيميائي… و«الخوذ البيضاء» تتحمّل المسؤولية 
لبنان بلا حكومة إلى إشعار آخر… والحريري يدرس موعد «التشاوري» 

في ظل خلط أوراق كبير على الساحتين الدولية والإقليمية، وتفلت الكثير من أوراق العلاقات الدولية من نطاق السيطرة، وتصبح هوامش اللاعبين المحليين أوسع كما تصبح القدرة على التلاعب بها وتوظيفها من مراكز النفوذ المتصارعة في الدول الكبرى، كحال المواجهة بين المخابرات الأميركية والبيت الأبيض، تظهر على سطح الأحداث الكثير من الإشارات لمخاطر وقوع العالم في فوضى سياسية وأمنية، إذا استمرّ حال التردّد في مقاربة البحث عن تفاهمات كبرى تضع سقوفاً للتسويات الممكنة، والصراعات الصعبة، وكما تبدو حال التصعيد في أوكرانيا خارج سياق العلاقات الدولية المعقدة تبدو الاعتداءات بالسلاح الكيميائي في حلب، حيث تتراوح الاحتمالات بين كونها شعوراً لدى اللاعبين المحسوبين على المعسكر الأميركي بتراجع القبضة الأميركية وقدرتهم على فرض قواعد غير مسيطر عليها للصراع، أو أن تكون المخابرات الأميركية قد قررت استعمال أوراقها لخلق وقائع مربكة للعلاقات الدولية بوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل توجهه إلى قمة بوينس آيرس ومشروع القمة التي ستجمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
القصف العنيف لمدن شرق أوكرانيا من جانب الجيش الأوكراني بذريعة إسقاط طائرة بدون طيار تخطّت خط وقف النار، كما القصف الكيميائي لأحياء حلب من قبل جماعات الخوذ البيضاء التي تشغلها المخابرات الأميركية، إشارات لتعقيدات تنتظر الرئيسين ترامب وبوتين تضاف للملفات المعقدة على طاولة القمة، من الوضع في سورية والعقوبات الأميركية على إيران، إلى الوضع السعودي القلق والصعب على خلفية تورط ولي العهد السعودي بقتل جمال الخاشقجي. وقد جاء كلام وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ليرسم إطار نظرة موسكو لهذه التعقيدات، بتشديده على «أهمية إطلاق تعاون مهني وغير مسيّس بين موسكو و واشنطن على المسارات الحيوية، لما فيه مصلحة البلدين و المجتمع الدولي ، وتحديداً في سوريا و كوريا الشمالية». وأشار لافروف في تصريح له إلى أن «المجالات التي تتطلب التعاون بين روسيا والولايات، تشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وانتشار أسلحة الدمار الشامل والمخاطر التي تهدد الأمن السيبراني»، لافتاً إلى «أهمية تبادل المعلومات والخبرات على المستوى المهني في المجالات المذكورة، عوضاً عن ممارسة الافتراء والتضليل». واعتبر لافروف أن «نجاح الجهود الرامية إلى تسوية مختلف الأزمات التي تكثر في العالم الراهن بما فيها الأزمة السورية والتطبيع في شبه الجزيرة الكورية، مرهون بموقفي روسيا والولايات المتحدة لكونهما دولتين متنفذتين، حيث توجد «إمكانيات جدية» لتوحيد جهود البلدين من أجل نتائج إيجابية»، كما شدّد لافروف على «ضرورة التغلب على أوجه الخلل في العلاقات الثنائية التي باتت تتراكم بين البلدين منذ أن قطعت إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما معظم قنوات الحوار مع موسكو»، ولم يستبعد «احتمال لجوء القوى الأميركية الساعية لتقويض رئاسة دونالد ترامب إلى استفزازات جديدة للإضرار بالعلاقات الروسية الأميركية»، مؤكداً أن «كل ذلك لا يُقصي الحاجة للحوار والتفاعل». وأعرب لافروف عن «تفاؤله الحذر بهذا الشأن في ظل ظهور بوادر إيجابية في الفترة الأخيرة لإحياء بعض قنوات الحوار وتحديداً بين مجلسي الأمن الروسي والأميركي».
لبنانياً، تضاءلت الآمال بولادة الحكومة الجديدة التي بدت معلقة على المجهول، وبات على اللبنانيين تقبل التعايش مع وضع دولة بلا حكومة حتى إشعار آخر في ظل تراكم القضايا والملفات والتحديات أمام جمود اقتصادي قاتل، وتراجع خدمي وشعور بالقلق يعم اللبنانيين، فيما المناشدات بتخطي العقدة المتبقية أمام ولادة الحكومة تذهب في الهواء، ويستمرّ الجمود ينتظر اللبنانيون ما سيفعله الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بصدد طلب الموعد الذي توجّه به نواب اللقاء التشاوري، كإشارة على نيّة الحلحلة، بينما تتحدّث مصادر مقربة من الحريري عن عدم وجود مبرر للموعد، الذي قال نواب اللقاء التشاوري إنهم يريدون من خلاله تأكيد حرصهم على عدم تحدّي الحريري من جهة وتأكيد حقهم بالتمثيل في الحكومة من جهة مقابلة.
لا جديد على الصعيد الحكومي، فعطلة نهاية الأسبوع لم تشهد أيّ تقدّم على صعيد حلّ أزمة تمثيل سنة الثامن من آذار، فالاتصالات تجمّدت يومي السبت والأحد، في حين كان لافتاً ما أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم السبت أنّ الأزمة الحكومية لم تعد أزمة صغيرة، لأنها كبرت محذراً من مخاطر تفرّد كلّ فريق بالسلطة. وأتى الرئيس عون على واقعة حكم لسليمان الحكيم «يوم أتت إليه امرأتان مع طفل وكلّ منهما تدّعي أنها أمه. وبعد جهد جهيد، قال إنه سيحكم بالعدل بينهما بأن يتمّ تقطيع الطفل الى قطعتين لكلٍّ واحدة قطعة. فصرخت إحداهما: لا تقتله بل اعطه كلّه الى الأخرى، فعرف سليمان عندها من هي الأم الحقيقية». وقال عون «نحن اليوم نريد أن نعرف مَن هي أم لبنان لكي نعطيها لبنان. وسأكتفي بهذه الكلمة الموجزة». وانسجاماً مع موقف العهد، أكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جهته من البترون، حيث قال فليكن عنواننا العمل البناء على أمل ان تبصر الحكومة العتيدة النور بالرغم من كل شيء. وقال للأسف لا تزال هناك نزعتان تتحكمان بنا في لبنان: نزعة الفرض ونزعة الاستئثار، وهناك من يريد أن يأخذ كل شيء له وهناك من يريد أن يفرض على غيره، وهاتان النزعتان لا تشبهان لبنان ولا تستطيعان أن تكسرا لبنان، وعندما تحكمتا بنا حصل خلل ما وضرب كل البلد واقتصاده وناسه».
وتبنى البطريرك الماروني بشارة الراعي كلام الرئيس عون ولفت في تصريح له من مطار بيروت الدولي بعد عودته من روما، إلى أن رئيس الجمهورية سأل مَن هي والدة الصبي، داعياً الجميع إلى أن يبرهنوا يحملون هم لبنان، مشيراً إلى أن من يحمل أم لبنان يقدم التضحيات، قائلاً: «لا أرى أحداً لديه همّ لبنان فوق كل اعتبار».
ومع ذلك، تشدّد مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» على انّ رئيس الجمهورية قد يلجأ الى حلّ العقدة السنية على قاعدة تنازل الجميع، مشيرة إلى أنّ خطوة الرئيس عون التي تترافق مع تكليفه الوزير باسيل الاتصال مع جميع الفرقاء بطرح بعض الافكار في محاولة لفتح باب للحوار بين اللقاء التشاوري والرئيس المكلف تهدف الى تسريع التأليف لا سيما أن العهد يتآكل، ففترة تصريف الأعمال طالت، والرئيس عون عوّل منذ اليوم على حكومة ما بعد الانتخابات للقيام بالإصلاحات التي وعد بها، في حين أن الرئيس الحريري يبدو أنه غير مستعجل فهو يعي أن أحداً من المكوّنات لن يلجأ الى تسمية غيره لتشكيل الحكومة. وتختم المصادر كلامها بالقول «انشالله ما يكون كلام القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري مع بداية الاستشارات النيابية صحيحاً حول أن «الحكومة في لبنان لن تتألف إلا وفق شروطنا ومهما طال الوقت».
وتستغرب مصادر حزب الله عبر «البناء» موقف الرئيس الحريري الرافض تمثيل نواب 8 آذار السنة، مشيرة إلى أن الحديث هنا وهناك أن حزب الله يريد عبر تمثيل اللقاء التشاوري محاصرة الرئيس المكلف عار عن الصحة جملة وتفصيلاً، متسائلة ليجاوبنا الحريري أين تكمن المشكلة اذا تمثل اللقاء التشاوري بوزير دولة داخل الحكومة وأين تكمن محاصرته، معتبرة أن الأقاويل السابقة الذكر هي دليل ضعف، لافتة إلى أن الأمور أكبر من ذلك بكثير لا سيما أن الحريري قلق جداً من اعتراف الجميع انه لم يعد يحتكر التمثيل السني، وأن ذلك الزمن قد ولى الى غير رجعة. وسألت المصادر لماذا لم يعترض حزب الله عند توزير إبراهيم شمس الدين او باسم السبع ولم يعتبر أن توزيرهما من ضمن حصة المستقبل إضعافاً للثنائي الشيعي علماً أن أحداً لم يأت على سؤال الحزب او الحركة حينذاك.
وفي هذا السياق، رأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن الأزمة الحكومية في لبنان تتفاقم وتتعقد، بسبب تنكر الرئيس المكلف لنتائج الانتخابات النيابية، ولحق النواب السنة المستقلين بالتمثيل الوزاري، لا سيما أنّهم يمثلون شريحة وازنة من اللبنانيين. كلما استمر الرئيس المكلف بالتنكر لنتائج الانتخابات ولحق هؤلاء بالتوزير، فهذا يعني أن الأزمة مستمرة، مؤكداً أننا حريصون على الحل، ولكن الحل والعقدة بدايتهما ونهايتهما عند الرئيس المكلف.
وأعرب الرئيس المكلف سعد الحريري عن أمله «ان يتم التوصل الى حل لأزمة تشكيل الحكومة»، وقال خلال تسلمه رسالة الاستقلال التي جاء بها غطاسون من نادي تشايسدايفرز من قعر البحر: «في نهاية المطاف أنا متأكد اننا سنصل الى حل، ويجب ان نصل الى حلّ، وعلى الجميع أن يعي أن الدستور اللبناني هو الذي يجمعنا». ودعت المصادر الرئيس المكلف الى قراءة الواقع بدقة لأن تشبثه بموقفه لن يعود عليه بالمنفعة على الإطلاق.
وفي المقابل، تؤكد مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن الامور تراوح مكانها، مشيرة إلى أن كل الاوساط الدائرة في فلك بيت الوسط تصب في خانة أن اللقاء لن يتم، لكن الاوساط نفسها تقول إن الموقف الرسمي لم يعلنه الرئيس الحريري حتى الساعة. وشددت المصادر على أن نواب سنة 8 آذار ليسوا على استعداد لتعديل موقفهم، ولم يطلبوا الاجتماع بالرئيس المكلف للتفاوض، إنما من أجل تمثيلهم من حصته، الامر الذي لن يتحقق، ولذلك فإن اللقاء لن يغيّر شيئاً. فوجهة نظر هؤلاء سمعها الرئيس المكلف منهم في الإعلام وتكفل حزب الله بتسويقها أيضاً، والرئيس الحريري قال ما عنده أيضاً، مشدّدة على ان الحكومة جاهزة وينقصها فقط أسماء وزراء حزب الله الثلاثة.
وفيما بدا واضحاً أن هناك مسعى لدى البعض لتوسيع مهمة تصريف الأعمال بحجة أن تأليف الحكومة بعيد المنال، وان الوضع الاقتصادي يستدعي اجتماع حكومة تصريف الأعمال، وإلا فإن البلد كله سيتعطّل. أكد الخبير الدستوري عادل يمين لـ«لبناء» أنه استناداً إلى المادة 64 من الدستور على الحكومة المستقيلة أو المعتبرة مستقيلة الاكتفاء بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، وأمام صراحة النص لا يمكن توسيع صلاحيات حكومة تصريف الأعمال بالمطلق، ولكن هذا المفهوم ذاته يستوعب القضايا والمواضيع ذات الطابع الضروري والملحّ والتي لا تتحمّل تأخيراً وهذا يقود إلى أن إطالة مدة تصريف الأعمال ستؤدي بطبيعة الحال إلى مرور مواضيع وقضايا أكثر وأكثر من هذا النوع وقد تضطر الحكومة إلى التعاطي ببعض المرونة إنما من ضمن سقف تصريف الأعمال.
أما بخصوص محاسبة وزراء تصريف الأعمال فتبقى قائمة، بحسب يمين، من حيث توجيه الأسئلة والاستجوابات من النواب وإمكانية تأليف لجان تحقيق نيابية وكذلك إمكانية توجيه الاتهام في حال ارتكاب جرائم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء وإمكانية تحرّك القضاء، ولكن لا يعود بإمكان البرلمان استخدام صلاحية حجب الثقة.
الى ذلك، وصل إلى بيروت أمس رئيس مجلس النواب البلجيكي سيغريد براك، على رأس وفد، آتياً من بروكسل، في زيارة رسمية للبنان، تستمر أياماً، يُجري خلالها لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، ويبدأها ظهر اليوم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، للبحث في عدد من القضايا المشتركة، أبرزها العلاقات بين مجلسي النواب في كلا البلدين، وتمديد الاتفاقية الموقعة بينهما، بالإضافة إلى العلاقات بين مجلس النواب اللبناني والبرلمان الأوروبي. ومن المقرر أن يلتقي براك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، ويجول في مخيم للنازحين السوريين في البقاع.
وتحدّث براك عن زيارته لبنان، فقال: «هناك العديد من القرارات المهمة جداً التي على لبنان واللبنانيين أن يتخذوها، وحيث إن لبنان يشكل جسر تواصل وعبور، بين الاتحاد الأوروبي مع العالم العربي، فإننا نتطلّع إلى الاستقرار السياسي في لبنان»، مبدياً تأكيده أن «النموذج اللبناني، سوف ينجح في إيجاد مخرج وحلّ للأزمة السياسية القائمة».
من ناحية أخرى، أعلن لبنان أمس رفضَه نتائجَ التحقيقات التي أجراها العدو الإسرائيلي في جريمة إغراق سفينة تحمل مدنيين عام 1982 قبالة الساحل الشمالي، ودعا الدول الأعضاء في مجلس الأمن الى إدانة «إسرائيل» وإصدار القرارات المناسبة بحقها. وأكدت الخارجية أن لبنان سيبقى السد المنيع وهي ستبقى أداته الدبلوماسية للوقوف بوجه أي اعتداء إسرائيلي على لبنان وشعبه.
موسكو تحتجز 3 سفن عسكرية أوكرانية
أفاد مركز العلاقات العامة في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بأنه تمّ احتجاز السفن الأوكرانية الثلاث التي انتهكت المياه الإقليمية الروسية.
وأكد المركز أيضاً توفر الأدلة الدامغة لتحضير كييف وقيامها بالاستفزازات في البحر الأسود، مشيراً إلى أنّ هذه «المواد ستنشر قريباً».
ورأى أنه «ينبغي على قيادة كييف، التي تتخذ مثل هذه القرارات الخطيرة وغير المسؤولة، أن تفكر في عواقب أفعالها».

اللواء
توسُّط دولي – محلي متجدّد لحل أزمة التأليف
الحريري يُبقي الباب مفتوحاً ولقاء قريب في بعبدا .. وجنبلاط لتوزير أحد الستة

ما قاله الرئيس المكلف سعد الحريري، لدى استقباله وفداً من غطاسي البحر، سلمه رسالة الاستقلال عن انه يأمل «بالتوصل إلى حل لأزمة تشكيل الحكومة»، مضيفاً انه «في نهاية المطاف أنا متأكد اننا سنصل إلى حل».. شكل المادة الأولى على طاولة الاهتمام لدى الأطراف المعنية بالخروج من أزمة التأليف التي الآخذة بالتحول إلى مأزق يُهدّد الاستقرار، ويفتح الطريق أمام الانهيار، وفقاً لتحذيرات النائب السابق وليد جنبلاط، عبر «التويتر».. والتي استكملها بقبوله بتوزير نائب سني من سنة المحور أو سنة المملوك (اللواء السوري علي المملوك).
وتوقفت المصادر المعنية عند عبارة على «الجميع أن يعي ان الدستور الذي هو يجمعنا»، واعتبرت ان الرئيس المكلف فتح الباب لاستمرار الأخذ والرد حول حلّ عقدة تمثيل شخصية سنية من لقاء النواب الستة السنة.. أو على الأقل، لم تغلق الحوار..
واستدركت المصادر رداً على سؤال حول ما إذا كان الرئيس الحريري في وارد تحديد موعد لأحد نواب اللقاء التشاوري، أو لاعضائه، ان لا مواعيد، على هذا الصعيد اليوم.
وإذ اعتبر مصدر قريب من 8 آذار ان الرئيس المكلف يعمل على شراء الوقت، ورد مصدر في المستقبل ان «حزب الله» ماضٍ بالتعطيل، متلطياً وراء النواب الستة من السنة، علمت «اللواء» من مصدر دبلوماسي شرقي ان الاتصالات، عبر وسطاء محليين ودوليين قائمة على قدم وساق، لتنظيم موعد لسنة 8 آذار، عبر شخص أحد النواب، للبحث في الإمكانات المتاحة للحل.
إلى ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الاسبوع الحالي سيشهد تحركا اكثر فعالية في الملف الحكومي خصوصا ان هناك قناعة لدى الجميع انه لا بمكن للبلد الاستمرار من دون حكومة.
واشارت المصادر الى ان موقف الرئيس ميشال عون الاخير وكذلك قول الرئيس المكلف عن الدستور يؤشر الى وجود تصميم لدى الرئيسين المعنيين بتشكيل الحكومة من اجل قيام خطوة او مبادرة لكنها لم تتبلور بعد.
ورأت المصادر نفسها ان استعادة الرئيس عون لمثل سليمان الحكيم في موقفه اول من امس هو للدلالة على الحاجة الى اللجوء الى الحكمة لإيجاد الحل لان البلد لا يمكن له البقاء من دون حكومة مع العلم ان هذه الحاجة ضرورية بفعل تشبث كل فريق بموقفه ودعت الى انتظار ما قد تحمله الأيام المقبلة والمواقف التي ستعلن.
«أم الصبي»
في غضون ذلك، تضاربت المعلومات حول استمرار المسعى الذي يقوم به رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بين قائل ان المسعى توقف أو انه ما زال مستمراً، خصوصاً بعد اعتراف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان «ازمة تأليف الحكومة لم تعد أزمة صغيرة لأنها كبرت».
وفيما لوحظ انه لم يبرز لباسيل أي تحرك مؤخراً، وهو أمضى اليومين الماضيين بين البترون حيث رعى مشروع ترميم طريق عام هناك، ومحمية أرز الشوف، من دون ان يكون له أي موقف سياسي، باستثناء الإعراب عن الأمل بأن تبصر الحكومة النور، وشكر رئيس «الحزب الاشتراكي» وليد جنبلاط لاهتمامه بالبيئة في الشوف، لفت انتباه المتابعين للأزمة استحضار الرئيس عون لرمزية «أم الصبي» في حديثه عن الأزمة الحكومية، متسائلاً بأنه «يريد ان يعرف من هي أم لبنان لكي نعطيها اياه؟»، إذ توقعت مصادر متابعة ان لا ينتظر الرئيس عون طويلاً وسيحدد موقفاً إذا طال الانتظار أكثر، لا سيما بعدما اعترف بأن الأزمة «لم تعد صغيرة»، وانه قد يكون «أم الصبي» لجهة إمكانية تقديم حلاً من حصته، فيما استغربت مصادر القصر الجمهوري الكلام عن مهل طويلة لتشكيل الحكومة، تارة إلى نهاية العام وطوراً إلى الربيع المقبل، معتبرة بأن كل هذه المواعيد كلام بكلام ولا أحد يعرف متى يتم الاتفاق.
ولم تستبعد مصادر أخرى ان يتم لقاء بين الرئيسين عون والحريري، خلال اليومين المقبلين لتقييم مسار التأليف الحكومي، في محاولة لاحداث نافذة في الجدار المسدود عند نقطة توزير النواب السنة الستة، والذين يرفض الحريري استقبالهم ككتلة، طالما ان استشارات التكليف جاء كل منهم في كتلته، في وقت طرأ تطوّر على الصعيد السني، تمثل بإعلان الوزير السابق اللواء اشرف ريفي تأييده سياسة الحريري ودعمه له بشكل كامل في مواجهة حزب الله وشروطه، وهو أمر من شأنه ان يُعيد ترتيب البيت السني ويُعزّز موقف الحريري تجاه من يقف وراء النواب السنة.
وفي السياق ذاته، اعتبر الرئيس السابق ميشال سليمان في حديث لـ«اللواء» ان استحضار الرئيس عون لرمزية «ام الصبي» موشر لولادة حكومية قريبة، لا سيما بعدما أكّد الرئيس المكلف الحريري انه «متأكد من الوصول إلى حل في نهاية المطاف».
وقال انه «يستشعر من خلال الحراك الراهن بوجود حل لتوزير أحد النواب السنة الستة أو من خارجهم، وهذه التسوية تتطلب موافقة الرئيس المكلف، مرجحاً ان يكون هذا الأمر من الوزراء الذين سيعينهم رئيس الجمهورية وليس الرئيس الحريري». (راجع نص الحديث ص 2)
«رسالة من تحت الماء»
وكان الرئيس الحريري، ألمح للمرة الأولى، منذ اندلاع أزمة توزير النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل» إلى إمكانية وجود حل لهذه الأزمة، وان كان رفض الحديث كثيراً عن مسألة تعطيل ولادة الحكومة. وقال خلال تسلمه رسالة الاستقلال من غطاسين جاؤوا بها من تحت الماء: «أنا متأكد اننا في نهاية المطاف سنصل إلى حل»، مشدداً على «وجوب الوصول إلى هذا الحل»، داعياً الجميع إلى وعي ان الدستور اللبناني هو الذي يجمعنا، ويجب التركيز على ما يجمع، لافتاً إلى ان كل عمله في المرحلة السابقة انصب على الأمور التي تجمع.
وبغض النظر عمّا إذا كان هذا الحل الذي تحدث عنه الرئيس الحريري أو الرئيس سليمان موجود، أو لا بدّ من استحضاره، فإن مصادر مطلعة تعتقد ان عودة الحريري إلى التمسك بالتفاؤل ومحاولته بث جرعات منه، ليس إلا مجرّد ردّ على المنحى التصعيدي الذي بدا «حزب الله» ينتهجه مؤخراً، من خلال تحميل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة شخصياً مسؤولية حل عقدة توزير نواب سنة 8 آذار، إلى حدّ التلويح بأن البديل عنه جاهز، بحسب ما ورد في «اللواء» يوم السبت الماضي.
وتعتقد هذه المصادر، ان الأمور لا تزال ضمن معركة «شد حبال» عبر ممارسة الضغوط المتبادلة، وبالتالي بقاء الحريري رئيساً مكلفاً، لكنه غير قادر على التأليف، وتؤكد مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» ان الحزب لا يزال يسلم بأن لا بديل بالنسبة إليه عن الحريري في رئاسة الحكومة، لكنه في الوقت نفسه يتمسك بتمثيل حلفائه السنة.
وتقول هذه المصادر ان «التسوية التي توصل إليها الأطراف عام 2016 وادت إلى انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة بعلم ورضا حزب الله، ومن ثم اجراء الانتخابات النيابية، لا تزال قائمة ومعمول بها، والكلام عن بديل للحريري غير مطروح إطلاقاً، وكل ما يتم تداوله حول هذا الموضوع محاولات ضغط وتصعيد لتطويع الحريري وفرض شروط عليه، علماً ان الجميع يُدرك، بمن فيهم الحزب، انه في حال اعتذر الحريري فلن يكون من السهل إيجاد البديل أو تشكيل حكومة.
اما أوساط تيّار «المستقبل» فترد على تصعيد الحزب بقولها: «اذا كان لديهم البديل فليأتوا به»، وتضيف: «ان الحريري لن ينصاع للضغوط وهو متمسك بصلاحياته في تأليف الحكومة، ومن هنا كان تأكيده على الدستور الذي يجمع ولا يفرق، وبموقفه الرافض لتمثيل سنة 8 آذار، وهي العقدة – الورقة التي لعبوها بعدما كانت الحكومة قاب قوسين من التشكيل».
وكان نواب «حزب الله» واصلوا أمس العزف على تحميل الحريري مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، وقال النائب حسن فضل الله، «ان المشكلة عند الرئيس المكلف فإذا كان لا يريد حلها فليتحمل المسؤولية، ولكن في نهاية المطاف ستشكل الحكومة، وتضييع الوقت الحاصل هو تضييع الوقت على اللبنانيين، ولا يأتي أحد ليرمي مسؤولياته على الآخرين».
وأكد فضل الله أننا «لن نقبل بأن تلغى نتائج الانتخابات في تشكيل الحكومة، ولن نقبل بأن نتخلى عن حلفائنا الذين كانوا معنا في الأيام الصعبة، فهم يعاقبون لأنهم كانوا معنا، لا سيما وأن حجة عدم توزيرهم هي أن هؤلاء النواب هم سنة 8 آذار أو سنة حزب الله»، متسائلا «هل تريدون أن نتخلى عنهم لأنهم معنا؟».
وقال: «إن أي تواصل أو تفاوض مع النواب السنة المستقلين يجب أن يتم باحترام، فلا يحق لأحد أن يتعامل معهم خلافا للأصول».
جنبلاط: اختلال موازين القوى
وفيما نقل عن الرئيس نبيه برّي بأنه «يفضل الصمت حيال موضوع تأليف الحكومة، مؤكداً انه ليس لديه من جديد في ما يخص هذا الموضوع، كانت لافتة للانتباه، دعوة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ضرورة الذهاب إلى التسوية ايا كانت مرارتها «تفادياً للانهيار»، بحسب ما قال في تغريده عبر «تويتر»، والتي ارفقها بصورة لاحجار «دومينو» تحمل صوراً لشخصيات عالمية وهي تتداعى.
ولاحقاً، أوضح جنبلاط دعوته هذه بقوله لموقع «المدن» الالكتروني: «الأمور بحاجة إلى تسوية، فليتم تعيين وزير منهم (يقصد سنة 8 آذار) وتنتهي القصة، طالما ان موازين القوى لصالحهم»، مشيراً إلى انه «كان يصفهم «بسنة علي المملوك»، ولكن المعادلة السورية – الإيرانية هي التي تتحكم بالبلد، وبالتالي كلما تمّ الاستعجال في إنهاء هذه المشكلة كلما كان أفضل، لأجل الحد من الانهيار».
وإذ أبدى جنبلاط الذي لا يراهن على العقوبات على إيران و«حزب الله» باعتبار انها «أوهام»، عتبه على اعتماد مقاييس جديدة في كيفية تشكيل الوزارة، سواء بتحديد أربعة نواب لكل وزير أو تقسيم الحقائب إلى سيادية وخدماتية وغيرها، لأنها تنسف ما تبقى من اتفاق الطائف، قال: «نحن ذاهبون إلى وضع أسوأ، ولا بدّ من وقف الانهيار الاقتصادي، لأنه إذا ما انهار الاقتصاد سيسهل على المتربصين السيطرة اكثر».
وأكّد انه «ليس هناك من عيب في القبول بالتسوية وباعتراف المرء بأن المقاييس ليست لصالحه، وهذا يفرض عليه تقديم التنازل في سبيل البلد، وبالتالي لا عيب بالاقرار بانعدام موازين القوى».
وعلى الصعيد الحكومي ايضاً، اعتبر عضو التكتل الوطني النائب ​طوني فرنجية أن الحكومة ستبصر النور في حال حل العقدة السنية، مشيراً إلى أن التنازل الأكبر من المفترض أن يكون من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​.
ورداً على سؤال حول تحرك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لمعالجة العقدة السنية، شدد فرنجية على أن المطلوب هو تنازل لا تحرك».
واعتبر فرنجية في مقابلة مع الإعلامي جورج صليبي ضمن برنامج «وهلق شو» على قناة «الجديد»، «أن ليس هناك من يعرقل العهد إلا العهد نفسه، كما كان يعرقل عهد الرئيس السابق ميشال سليمان وعرقل رئاسة الجمهورية لمدة عامين، مشيراً إلى أننا «كنا نأمل أن يضمن وصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة انتقال لبنان من شبه الدولة باتجاه الدولة القوية والمتماسكة وإصلاح المؤسسات».
ورأى أن المصالحة بين تيار «المرده» وحزب «القوات اللبنانية» هي أكثر محطة إيجابية حصلت في الفترة الأخيرة، معتبراً أن من ضحّى أكثر هو سليمان فرنجية بالمسامحة والمصالحة.
وأوضح فرنجية أن الحل، من وجهة نظره، يكمن بتشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة أقطاب، لكن أمام التحديات الموجودة يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية.
مناورات معادية
على صعيد آخر، بدأت وحدات من الجيش الإسرائيلي، أمس، مناورات عسكرية بالقرب من الحدود الشمالية لإسرائيل تحاكي عدة سيناريوهات في مواجهة أي اعتداء، يلاحظ خلالها حركة نشطة للمركبات العسكرية والطيران.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيان «يبدأ ظهر اليوم(أمس) تمرين عسكري في شمال البلاد يستمر خلال أيام الأسبوع».
وأضاف أدرعي «خلال التمرين ستلاحظ حركة ناشطة للمركبات العسكرية والطيران»، لافتا إلى أنه «قد تم التخطيط للتمرين مسبقا في إطار خطة التدريبات السنوية للعام 2018 ويهدف للحفاظ على جاهزية واستعداد القوات».
تأتي المناورات على الحدود الشمالية فيما يواصل لواء الكوماندوز في الجيش الإسرائيلي مناورات واسعكةتحاكي القتال على جبهتين مختلفتين، ضد قطاع غزة في الجنوب، وحزب الله اللبناني في الشمال.
وقال قائد لواء الكوماندوز العميد كوبي هيلير أن»القادة والمقاتلون أتموا المهام وأثبتوا مستوى مهني عالي. التمرين يثبت استعدادها وجاهزيتها لكل سيناريو ولمواجهة كل التحديات وجميع الأعداء».

الأخبار
نصرالله: لا تراجع عن توزير السنّة المستقلين
لبنان يرفض هبة عسكرية روسية

بعد ستة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، تتجه الأزمة الحكومية إلى التعقيد مع تشدّد الأطراف بمواقفهم ورفض تقديم تنازلات تتيح إيجاد مخارج لأزمة تمثيل النواب السنّة المستقلين في الحكومة.
فحتى مساء أمس، كان موقف النواب السنّة المستقلين على حاله بالإصرار على توزير أحدهم، مدعوماً من حزب الله وحركة أمل، وموقف الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل برفض التنازل عن وزير من حصتهما لتمثيل هؤلاء، فيما لا يزال الرئيس سعد الحريري يرفض حتى لقاء النواب، فيما نقل زوار التقوا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أخيراً، عنه قوله أن «لا تراجع عن دعم تمثيل النواب السنّة المستلقين وزارياً طالما بقوا هم على تمسّكهم بتمثيلهم».
وفي خطوة غير بروتوكولية في الشكل والمضمون، لم يردّ الحريري بعد على طلبين من النائب عبد الرحيم مراد لعقد لقاء مع «نواب التكتل الوطني»، بعد أن كرّر مراد الطلب يوم عيد الاستقلال.
وبدل الجلوس مع النواب والبحث عن مخارج، يعمل الحريري على حشد الأصوات خلفه من دار الإفتاء التي عمّمت في الأيام الماضية أجواءً على المشايخ للهجوم الكلامي على النواب، وما صدر عن مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو من اتهامات بحقّهم، إلى رؤساء الحكومة السابقين، بالإضافة إلى محاولات تهييج الشارع، خصوصاً في طرابلس، ضد النواب المستقلين.
وفيما نُقل عن الحريري خلال اليومين الماضيين أنه لا يمانع لقاء النواب المستقلين في حال حملوا إليه خلال اللقاء اسماً يمثّلهم من خارجهم، أكد أكثر من نائب من هؤلاء لـ«الأخبار» أن هذا الطرح لم يصلهم، وحتى لو وصلهم فإنه لن يكون هناك اسم قبل اللقاء. وقال النائب جهاد الصمد لـ«الأخبار» إن موقف النواب حتى الآن هو أن يتمثّلوا بواحد من النواب الستة، فيما أكد مراد لـ«الأخبار» أنه «لم نسمع من الحريري أي موقف، ومواقف كهذه لا تصلنا عبر الإعلام أو بالواسطة. اللائق أن يقوم الحريري بالاجتماع معنا، وعندها يطرح علينا حلوله البديلة إن وجدت، ونفكر معاً. أما أن يضع علينا شروطاً قبل اللقاء، فهذا الأمر غير منطقي».
وبالتوازي، يبدو باسيل ومعه عون على موقفهما السابق برفض التنازل عن مقعد وزاري، حتى يتمكّن النواب السنّة من أن يتمثّلوا، ما دام الحريري بعد رفع السقوف لم يعد باستطاعته التنازل عن أي مقعد من حصته.
ويمكن القول إن الجميع الآن في مرحلة عضّ الأصابع وانتظار من يتعب أوّلاً، وسط إصرار الجميع على مواقفهم، في وقت يبدو فيه الرئيس عون أكبر الخاسرين، مع بقاء عهده ستّة أشهر من دون حكومة، ما بعد الانتخابات الأولى في عهده، وفي ظل قانون الانتخابات الجديد، يليه الحريري. غير أن الحريري، الذي انزعج من طرح باسيل العودة عن القبول بحصول الحريري على وزير مسيحي مقابل وزير سنّي لرئيس الجمهورية، أبلغ أكثر من طرف نيّته عدم التراجع والاستمرار في التكليف إلى أن يتراجع حزب الله أو عون عن موقفه، ولن يقدم على الاعتذار تحت أي ظرف، ولو استمرت البلاد من دون حكومة.
ولم يحرك كلام النائب السابق وليد جنبلاط، يوم السبت، أي مبادرة حكومية، بعد أن أكّد أن «التسوية ضرورية أياً كانت مراراتها تفادياً للانهيار». مع أن أكثر من طرف استبشر خيراً في كلام جنبلاط، عطفاً على تغريدة سابقة مشابهة حول ضرورة التنازل، انتهت لاحقاً بتنازله عن إصراراه على تسمية الوزراء الدروز الثلاثة، وحلّ ما كان يسمّى حينها العقدة الدرزية.
لبنان يرفض هبة عسكرية روسية
بعد أشهر من المماطلة، رفض لبنان الحصول على هبة روسية لأسباب ظاهرها تقني وفحواها سياسي. بات واضحاً في لبنان كما في موسكو، أن الأميركيين يمنعون أي تعاون عسكري لبناني مع روسيا، لكن ثمة في لبنان من ينفّذ الرغبة الأميركية من دون مقاومة.
قبل أيام من عيد الاستقلال، رفض لبنان استلام هبة ذخائر مقدّمة من وزارة الدفاع الروسية، تضم ملايين الطلقات متعددة العيارات لبنادق رشاشة ومتوسطة (ثمنها نحو خمسة ملايين دولار، بالإضافة إلى أعتدة وصواعق ومتفجرات)، بذريعة أن الأعيرة المقدّمة لا تتناسب مع الأسلحة التي يستخدمها الجيش اللبناني، والتي تتطابق مع أعيرة حلف الناتو. علماً أن الجيش يملك عشرات آلاف بنادق كلاشينكوف الروسية ورشاشات PKS المتوسطة، وبالتالي يحتاج هذه الذخائر. فضلاً عن أن إسرائيل، عدوة لبنان، وفي الوقت الذي تملك فيه أكبر ترسانة أسلحة غربية في المنطقة، تحافظ على قدر معيّن من الأسلحة الشرقية في مستودعاتها يضاهي ما تملكه بعض الدول العربية.
ويأتي التبرير التقني الذي أرسِل للجانب الروسي عبر رسالة رسمية وصلت إلى الملحقية العسكرية الروسية في بيروت، بعد أكثر من عائق ساهم في تأخير وصول الهبة في موعدها المقرّر بداية حزيران الماضي، قبل أن تنتهي المسألة برفض «مهذّب».
الرسالة تخفي قراراً سياسياً لبنانياً، غير معروف المصدر حتى الآن، لكنّه يصبّ في خانة وضع الجيش اللبناني في أحضان التسليح الأميركي حصراً، وعزله عن أي مصدر تسليحي خارج دول حلف الناتو.
فاعتماد الجيش على مصدر تسليحي واحد وتبديل ما يملكه من السلاح الروسي لحساب أسلحة غربية، هو قرار سياسي قبل أي شيء آخر، وهو قرار لا يمكن الجيش أن يتخذّه، بل هو جزء من سياسة الدولة العليا، التي من المفترض أن تناقش – على الأقل في مجلس الوزراء – السياسة التسليحية. فهل اجتمعت الحكومة وقررت الشروع في هذه السياسة؟ على الأقل لم تفعل ذلك في ظل تصريف الأعمال. فمن اتخذ القرار؟ لا جواب على هذا السؤال حتى كتابة هذه السطور.
ولم يكن القرار الروسي بتقديم الهبة للجيش قراراً روسياً ذاتياً، بل حصيلة محطتين، أوّلها بعدما تقدّم الجانب اللبناني إبان ما سمي حينها بالهبة السعودية لشراء الأسلحة بلائحة متطلبات من الجانب الروسي، وفي محطة ثانية خلال زيارة وزير الدفاع يعقوب الصراف إلى موسكو في العام الماضي وعرضه لحاجات الجيش. وعلى هذا الأساس، قرّر الجيش الروسي تقديم هبة عينية للجيش اللبناني، تكون بمثابة هدية أولى تمهيداً لبداية مسار من التعاون العسكري تنفيذاً لاتفاقية التعاون العسكري التقني الموقعة، وتأسيساً لاتفاقية التعاون العسكري التي كان من المفترض أن توقّع قبل الانتخابات النيابية في شهر نيسان، قبل أن ينجح الأميركيون والبريطانيون في إقناع رئيس الحكومة سعد الحريري بمنع توقيعها. كما أن الهبة جزء من نتائج لقاءات اللجنة العسكرية المشتركة، التي عرضت في اجتماعاتها الأخيرة للهبة، وعلى أساسها تم تحضير الطلبية من مستودعات الجيش الروسي، وقد صدر بها مرسوم من الرئيس فلاديمير بوتين.
في المرّة الأولى، حصل خطأ تقني في شهادة «المستهلك النهائي» التي أرسلها الجانب اللبناني، بعد أن تمّ تحضير الطلبية وتوضيبها على مرفأ عسكري روسي تمهيداً لنقلها. وطلب الروس تصحيح الخطأ لأشهر طويلة من دون ردّ. ثم وبعد أن وافق الروس على نقل الطلبية على حساب الحكومة الروسية، اعترض اللبنانيون على نقلها بسفينة حربية من المفترض أن ترسو في مرفأ بيروت، نظراً لضيق الحوض في القاعدة البحرية في بيروت. وفيما يؤكّد مصدر عسكري لبناني أن رسو أي سفينة حربية يحتاج إلى إذن مجلس الوزراء والحكومة الآن معطّلة، تؤكّد مصادر أخرى مطّلعة، أن لبنان برّر للروس، بصورة غير رسمية، عدم قدرته على استقبال بارجة روسية بسبب الرفض الأميركي. وعادةً ما تنقل الجيوش المعدات العسكرية بسفن حربية، خصوصاً أن البوارج والقطع البحرية الروسية تأتي دائماً إلى مرفأ طرطوس السوري، وبإمكانها أن ترسو في بيروت وتنزل حمولتها قبل أن تكمل رحلتها إلى سوريا من دون تكلفة إضافية.
كل هذه الذرائع، انتهت الأسبوع الماضي، بموقف واضح برفض الهبة، التي عمل على تأمينها وتمهيد الطريق لها في موسكو مجموعة من الديبلوماسيين والعسكريين الروس واللبنانيين، فسقطت جهودهم هباءً، لأن أحداً ما قرر أن يخضع مرة جديدة للإملاءات الأميركية!
خطوة لبنان فاجأت موسكو. مصدر عسكري روسي امتنع الأسبوع الماضي عن التعليق لـ«الأخبار»، في انتظار تبلور الصورة في وزارة الدفاع وفي الدوائر المعنيّة، إلّا أنه أكّد أمس، أن «رفض هديّة يحمل دلالات سياسية. نحن نعتبر لبنان دولة صديقة وتاريخياً لدينا علاقات مع الحكومة اللبنانية. ونعتبر الجيش هو العمود الفقري للدولة اللبنانية». ويتابع المصدر: «من حق الجيش اللبناني أن يعتمد على أي جهة للتسليح، مع تفهمنا لأن تكون للبنان صداقة مع أميركا وفرنسا والصين والدول الأخرى وأن لا يكون التعاون مع روسيا على حساب الدول الأخرى، ولكن ليس ليكون هذا التعاون على حساب الجيش الروسي ودور روسيا في إقليم الشرق الأوسط».
بدورها، تقول مصادر ديبلوماسية معنية بشؤون الشرق، إن «الخطوة اللبنانية غير منطقية، وهي تأتي بسبب الضغوط الأميركية والبريطانية في سياق محاولة الغرب تقييد حركة موسكو في الشرق. لكن روسيا دائماً كانت نصيراً كبيراً للبنان في المحافل الدولية وفي مجلس الأمن والأمم المتحدة، وهي شكلت خطة لإعادة النازحين السوريين إلى سوريا للحفاظ على التوازن والاستقرار في لبنان».
هناك من يتعمد وضع الجيش تحت رحمة طرف تسليحي واحد، هو الولايات المتحدة الأميركية، دافعاً بالمؤسسة العسكرية إلى فالق صراع المحاور على جيوش المنطقة. فحتى الجيش الأردني والإماراتي والسعودي والمصري، الذين يرتبطون بالجيش الأميركي ارتباطاً وثيقاً، يملكون هامش حركة كبيراً للحصول على أسلحة من مصادر متعددة. وكذلك الأمر بالنسبة للموقف السياسي، إذ إن المواقف الروسية في المحافل الدولية عادةً ما تصب في مصلحة لبنان، على عكس المواقف الأميركية التي تدعم إسرائيل في كلّ ما يخصّ مصالحها على حساب مصالح لبنان والدول العربية. وليس بعيداً من المواقف، فإن أزمة النازحين السوريين، التي يصفها وزير الخارجية جبران باسيل وحتى الحريري بالأزمة الوجودية، فإن روسيا كانت سباقة في السعي إلى إيجاد حل لها عبر طرح المبادرة من دون تكليف لبنان أعباء مالية، فيما تتكشّف كل يوم النيات الأميركية والغربية لعرقلة العودة إلى سوريا وفرض التوطين، لا سيّما بعد ما كشفه وزير خارجية الفاتيكان قبل أيام للوفد اللبناني (راجع «الأخبار»، عدد 24 تشرين الثاني 2018) عن نيّة الأميركيين إبقاء النازحين السوريين في لبنان. فهل مصلحة لبنان تقتضي الانحياز إلى دولة عظمى على حساب دولة أخرى، أم أن «سياسة النأي» بالنفس تطبّق على محور من دون آخر؟
يوم رفض لبنان طائرات الميغ 29
في عام 2008، قررت روسيا تقديم هبة عسكرية للجيش اللبناني تتضمن عشر طائرات ميغ 29، و77 دبابة T-72 ومدافع هاون 130 ملم، و50 ألف قذيفة لكل من الدبابات والمدافع. وكان بإمكان هذه الهبة أن ترفع من مستوى تسليح الجيش اللبناني بشكل كبير. لكن لبنان، الذي كان يرأسه ميشال سليمان، رفض الهبة. وكانت الذريعة أن طائرات الميغ تحتاج إلى مطارات مجهزة خصيصاً لهذا النوع من الطائرات، فضلاً عن حاجتها إلى كلفة عالية للصيانة ودعمها بمنظومات رادارات ودفاعات جوية. وبعد رفض الهبة، ردّ الروس بأنه يمكن أن يمنحوا لبنان مروحيات قتالية تستطيع التكيّف مع ظروف البنية التحتية العسكرية في البلاد بكلفة صيانة أقلّ، إلا أن السلطات اللبنانية ماطلت طويلاً حتى أسقطت العرض الثاني أيضاً. فالضغط الأميركي نجح يومها في رسم خطوط للبنان. وكشفت وثائق ويكيليكس لاحقاً كيف تمّت عرقلة الهبة (8 نيسان 2011)، وإفشال الجهود الروسية وحرمان لبنان هذه المساعدة المهمة، لأجل أسلحة أميركية تحصر مهام الجيش في مكافحة الإرهاب.
كذلك الأمر بالنسبة إلى اتفاقية التعاون العسكري بين لبنان وروسيا التي عمل الأميركيون والبريطانيون على الطلب من الرئيس سعد الحريري عدم توقيعها، وهو ما حصل بالفعل.