افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 8 كانون الأول، 2018

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 31 آب، 2016
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 29 تموز، 2020
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 27 أيلول، 2022

حاول اللواء عباس إبراهيم تحريك المياه الراكدة في مستنقع تشكيل الحكومة. اقترح على الرئيس سعد الحريري أن يلتقي نواب "اللقاء التشاوري". رفض. جاء الوزير جبران باسيل باقتراح توسيع التشكيلة الوزارية لتضم وزيراً علوياً، وآخر من الأقليات. رفض. عبَّر رئيس الجمهورية عن نيته توجيه رسالة إلى المجلس النيابي، لكن الحريري رفض. تلقت الصحف بياناً من مصادره، يقول أن ما يؤخر ولادة الحكومة هو "الاصرار على الاخلال بالتوازن وتقليص التمثيل السياسي للرئيس المكلف، الأمر الذي يضفي على الحكومة العتيدة شكلا من أشكال الغلبة يرفض الرئيس الحريري تغطيته". هذا اعتراف للمواطنين بأنه لا يكترث لنتائج تصويتهم في الإنتخابات النيابية 2018. اعترافٌ بحرصه على إقامة حقوق الطوائف وهدر حقوق المواطنين.     
Image result for ‫الحريري التقى عباس إبراهيم‬‎
البناء
الدفاع الروسية تؤكد وجود أدلة قاطعة على التحضير لهجوم كيميائي في حلب لتخريب تسوية إدلب
عون يتّجه لإعادة ملف تكليف رئيس الحكومة إلى مجلس النواب إذا لم يؤلّفها سريعاً
الحريري يؤجّل السفر ويستنفر سلام والسنيورة والنواب للردّ على رئيس الجمهورية 

تصاعدت المخاوف الروسية من رعاية أميركية لتخريب تسوية إدلب التي منحت فرصاً إضافية لتركيا وفقاً لتفاهمات أستانة الأخيرة، ومؤشرات التخريب يمثلها تحرك الخوذ البيضاء التي ترعاها المخابرات الأميركية والبريطانية، والتي قامت بتنظيم هجوم بالأسلحة الكيميائية على أحياء حلب الشمالية قبل أسبوعين، وبينما دعت أنقرة واشنطن لإنهاء وجود قواتها شرق سورية لأنه تحوّل مظلة لإقامة وضع يهدد وحدة سورية وتستظل به مجموعات إرهابية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها تملك أدلة قاطعة على التحضير لهجوم كيميائي في حلب.
بالتوازي تتواصل مساعي الكونغرس الأميركي لمساءلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول مسؤولية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في ضوء جلسات الاستماع لكل من مديرة المخابرات الأميركية وفريقها، بعد جلسة تشاور واستماع غير رسمية مع مدير المخابرات التركية، بعدما ضمّ أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين السفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان إلى لائحة المتورّطين في قضية قتل الخاشقجي.
التسوية اليمنية تدخل التفاوض الجدي حول فتح مطار صنعاء، ويدور التفاوض بين مطالبة جماعة منصور هادي بإخضاع الطائرات الآتية للمطار للتفتيش من التحالف الذي تقوده السعودية، عبر هبوط انتقالي في مطار جيبوتي، مقابل عرض أنصار الله بإخضاع المطار للمعايير الدولية بما فيها استعدادهم لقبول رقابة أممية.
لبنانياً، انتقل ملف الحكومة المتعثرة خطوة إضافية نحو المزيد من التصعيد، بعدما أعلنت رئاسة الجمهورية عزم رئيس الجمهورية التوجه إلى النواب لوضع قضية تعقيدات تأليف الحكومة أمامهم، باعتبارهم الجهة التي قامت بتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وربطت الرئاسة هذه الخطوة بحال استمرار التعثر، بينما استنفر الرئيس الحريري رئيسي الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة للردّ على رئيس الجمهورية، حيث قال سلام إن لا أساس دستوري لنقل قضية تكليف رئيس الحكومة إلى مجلس النواب، بينما دعا السنيورة رئيس الجمهورية إلى معالجة قضية الحكومة مع الرئيس المكلف، واشترك نواب تيار المستقبل بإطلاق تصريحات تهاجم طرح رئيس الجمهورية وتتفادى التصعيد الكلامي، لكن بالإصرار على أن الرئيس الحريري يملك حق البقاء ما يشاء دون تشكيل حكومة، من دون أن يملك رئيس الجمهورية أي حق بمخاطبة مجلس النواب.
مصادر متابعة رأت أن الخطوة التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية هي حق دستوري غير مشروط يملك عبره صلاحية مخاطبة مجلس النواب بأي شأن يرى الحاجة لوضعه في عهدة المجلس النيابي، وطبيعي أن يكون بينها ما يتصل بنتائج تسمية النوب لرئيس مكلف بتشكيل الحكومة في حال التعثر في عملية التشكيل، بينما وضع البلد يواجه مخاطر وتحديات تستدعي وجود حكومة تتخذ القرارات وتتحمّل المسؤوليات، حتى لو لم يكن بيد النواب دستورياً صلاحية سحب تكليف الرئيس الحريري. فالمناقشة النيابية تمثل شكلاً من أشكال تحريك الجمود في الملف الحكومي ورفعاً للمسؤولية الدستورية عن رئيس الجمهورية.
لا تُخفي مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» انزعاج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من تعطيل وتأخير تشكيل الحكومة ورفض المعنيين الأفكار والطروحات التي من شأنها أن تنهي الفراغ الحكومي وتعجل في التأليف للانكباب على تنفيذ المشاريع الإصلاحية والاستفادة من مقرّرات مؤتمرات الدعم ومحاربة الفساد.
وبينما أشارت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» إلى أن رئيس الجمهورية غير منزعج من سفرات الرئيس المكلّف للخارج، شدّدت في المقابل على أن الوضع الراهن قد يفرض على الرئيس عون توجيه رسالة إلى المجلس النيابي يفنّد فيها الأزمة الحكومية ويحضّ الحريري على التعجيل بالتشكيل، وهذا حق كفله الدستور له، مع اعتراف المصادر بأن هذه الخطوة ستشهد انقساماً بين مَن يعارضها وبين مَن يؤيدها. ورأت المصادر نفسها ضرورة عدم أخذ ما تقدّم إلى منحى آخر، فرئيس الجمهورية متمسك بتكليف الرئيس سعد الحريري وبالتسوية السياسية وجل ما يطالب به الرئيس الحريري من موقعه بذل الجهود لتسريع وتيرة الحل.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان «حق تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة منحه الدستور الى النواب من خلال الاستشارات النيابية الملزمة، وبالتالي فإذا ما استمر تعثر تشكيل هذه الحكومة، فمن الطبيعي أن يضع رئيس الجمهورية هذا الامر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه».
وشدّد مصدر رفيع ومقرّب من الرئيس سعد الحريري على ان الاقتراح الذي يطالب بحكومة من 32 وزيراً لتبرير توزير مجموعة النواب الستة، هو اقتراح من خارج السياق المتعارف عليه في تشكيل الحكومات وأمر غير مقبول، والرئيس المكلف لن يسير فيه، مشيراً الى ان المسار الذي اتخذته تلك المشاورات لم يصل الى النتائج المرجوة بسبب الإصرار على الإخلال بالتوازن وتقليص التمثيل السياسي للرئيس المكلف، الأمر الذي يُضفي على الحكومة العتيدة شكلاً من أشكال الغلبة يرفض الرئيس الحريري تغطيته بأي شكل من الأشكال. وقال لا يصحّ أن يتخذ البعض الحق الدستوري لفخامة رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى المجلس النيابي، وسيلة للنيل من صلاحيات الرئيس المكلف وفرض أعراف دستورية جديدة تخالف نصوص الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني.
وأشار إلى أنه إذا كان البعض يجد في تكرار التعطيل وسيلة لفرض الشروط السياسية، وتحجيم موقع رئاسة الحكومة في النظام السياسي، فإن الرئيس الحريري لن يتخلّى عن تمسكه بقواعد التسوية السياسية التي انطلقت مع انتخاب فخامة الرئيس، فحرصه على موقع رئاسة الجمهورية واجب وطني لن يتهاون فيه، ونجاح العهد هو نجاح لكل اللبنانيين، وحماية هذا النجاح تكون أولاً وأخيراً بتأليف حكومة قادرة على جبه المخاطر والتحديات وتعزيز مساحات الوحدة الوطنية وليس تحجيم هذه المساحات وبعثرتها.
وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن لقاء الحريري الوزير جبران باسيل مساء اول امس، لم يخرج بنتائج ايجابية، مشيرة إلى أن الحريري ابلغ باسيل رفضه السير بصيغة الـ32 وزيراً رسمياً بعدما كان المح إلى ذلك في الاعلام قبل اللقاء عبر مصادره. ولفتت المصادر إلى أن الامور لا تزال تراوح مكانها، مع اشارتها الى ان الواقع يقول إن لا حكومة قبل العام الجديد، فكل المؤشرات والبيانات على خط بعبدا بيت الوسط تثبت ذلك، قائلة «لقد بات من الصعب المراهنة على تأليف حكومة قبل الأعياد، لا سيما ان الرئيس المكلف سيغادر غداً الأحد الى فرنسا ثم الى بريطانيا لحماية مقرّرات مؤتمر سيدر المرهونة بتأليف الحكومة والإجراءات الإصلاحية، الأمر الذي يشي ان هناك اقتناعاً تاماً عند المكونات المعنية بالتأليف فلا حكومة في المدى المنظور.
وأكد النائب عبد الرحيم مراد لـ»البناء» أن التأليف الحكومي في حالة جمود، مشيراً إلى أن اللقاء التشاوري لم يسمع أي جديد حول الصيغ المطروحة لحل ما يسمّيه البعض العقدة السنية، منذ اللقاء الأخير مع الوزير جبران باسيل. ولفت إلى أن صيغة الـ 32 وزيراً رفضها الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي بدل أن يستعجل التأليف لمعالجة الأوضاع الاقتصادية، نجده يعطل التشكيل بإصراره على عدم تمثيل اللقاء التشاوري. واستغرب مراد كيف للرئيس المكلف إن يقول إن الصيغ المطروحة هدفها الإخلال بالتوازن وتقليص تمثيله السياسي قائلاً ألا يعي الحريري أنه لا يحتاج الى ثلث معطل، لأنه الوحيد الذي يستطيع أن يعطل الحكومة متى يشاء.
وقال ليس وارداً على الإطلاق أن نوزّر من حصة الرئيس ميشال عون مع احترامنا وتقديرنا لمواقفه، لكن حيثيتنا النيابية تفرض أن تمثل من خارج حصة اي فريق لا سيما ان تمثيلنا حق وليس منة من أحد، مشيراً الى أن ما يحكى عن وزير ملك، فالوزير الملك لا يكون من حصة أي من فرقاء، مع تأكيده اننا لا نزال مصرّين على أن الشخصية التي ستوزر لن تكون من خارج اللقاء التشاوري. وقال مراد إذا كان الرئيس المكلف يعتبر أن حزب الله يعطل التأليف من خلال دعمنا ويبتدع العقد، فليتنازل عن مقعد سني لنا ولنرى عندئد إذا كان حزب الله يعطل التأليف أو لا، مشدداً على اعتراف الحريري بحقنا وبتمثيلنا من شأنه أن ينهي الأزمة الحكومية في ساعات.
ولما كانت صيغة الـ32 وزيراً هي الصيغة العملية التي طرحها الوزير جبران باسيل وخرجت إلى الضوء من دون أن تحظى بتأييد بيت الوسط، فإن مصادر عين التينة، تشير لـ»البناء» إلى أن الامور رهن خواتيمها، مشدّدة على أن لدى الرئيس نبيه بري أفكاراً يناقشها مع المعنيين بعيداً عن الإعلام، ويأمل الأخذ بها لا سيما انها ستضع حداً للفراغ الحكومي، مشددة على أنّ الأفكار التي طرحها الوزير باسيل لا يفهم منها سوى أنّ حصة الرئيس عون والتيار الوطني الحر خط أحمر، بمعنى أنّ تمثيل اللقاء التشاوري يجب ان يكون من خارج هاتين الحصتين.
وأملت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ»البناء» أن يأخذ رئيس الجمهورية والوزير باسيل بطرح الرئيس بري من أجل الإسراع في تأليف الحكومة، معتبرة أن هذا الطرح الذي لم يخرج من الصالونات الضيقة حرصاً على إنضاجه وكي يبصر النور، لديه الحظوظ اكثر من غيره، مشيراً إلى أن هناك مسؤوليات كبيرة على الصعيدين المعيشي والاقتصادي فضلاً عن التهديدات الإسرائيلية تفرض من المعنيين تقديم التنازلات والإسراع في تأليف الحكومة، معتبرة أن اجتماع الرئيس المكلف بنواب اللقاء التشاوري قد يساهم بدوره في ايجاد حل للمشكلة على قاعدة الحوار والتفاهم، غير أن المصادر نفسها رأت أن مؤشرات الساعات الماضية تؤكد أن الامور تراوح مكانها وليس هناك من جديد يبشر أن ولادة الحكومة قد تكون هدية الأعياد.
الى ذلك، لم يتبنّ النائب طلال ارسلان كلام رئيس حزب التوحيد وئام وهاب لجهة إعادة توزيره وإنهاء الـdeal الذي جرى الاتفاق عليه لناحية توزير الشخصية الدرزية الثالثة من حصة الرئيس ميشال عون . وأعلن ارسلان أمس تمسكه بالاتفاق مع رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالوزير الدرزي الثالث. وأشار أرسلان بعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل إلى أن صيغة الـ32 وزيراً مطروحة من ضمن سلسلة صيغ يتم التباحث فيها.
في سياق آخر، وبعد حادثة الجاهلية وعملية الاقتحام الأمنية للبلدة، برز أمس اعلان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان خلال حفل تدشين مبنى سريّة بيروت الإقليميّة الأولى وفصيلتي الروشة والرملة البيضاء النموذجيَّتين بدعم بريطاني، أنّ أي موضوع جلب أو إحضار يقوم به عناصر الأمن الداخلي لا يكون إلاَّ من خلال إشارة قضائية ويكون هذا الشخص عند ذلك مُسْتَمَعاً إليه وليس موقوفاً.

الأخبار
سجال عون ــ الحريري: إنها أزمة النظام
برّي اليائس: لا أحد يريد التراجع

وصل تأليف الحكومة إلى الطريق المسدود مع انكشاف أن الأزمة السياسية في البلاد باتت على حافة أزمة النظام السياسي برمتّه، لا سيّما بعد سجال الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري.
فشل الرئيس المكلف سعد الحريري على مدى الأشهر السبعة الماضية بتأليف الحكومة اللبنانية. وبدل أن تلوح في الأفق بوادر الحلول، يتجّه الاستحقاق الحكومي إلى الحائط المسدود، فينكشف معه عقم التسويات السياسية في البلاد، وتتعرّى الأزمة الحالية إلى أزمة نظام لا أزمة حكومية عابرة.
بالأمس، اتضّح مرّة جديدة حجم الهوّة بين رؤية الحريري ورؤية الرئيس ميشال عون لصلاحيات كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. السّجال الدستوري غير المستجدّ، أعاد إلى الأذهان لبّ الصراع بين الرئاستين وبين النهجين، بعد أن غمرتهما تسوية انتخابات الرئاسة وما تلاها من مشتركات بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ.
ويمكن القول إن سجال الأمس، نسخة مكرّرة عن انتكاستين مرت بهما العلاقة بين عون والحريري، الأولى بعد الانتخابات النيابية مباشرةً في حزيران الماضي، يوم اندلع سجال الصلاحيات، والثانية في أيلول الماضي بعد تقديم الحريري تشكيلة حكومية لم تعجب عون، فردّ عون على لسان وزير العدل سليم جريصاتي ملمّحاً إلى إمكانية سحب التكليف من الحريري. فما كان من الأخير إلا أن حشد خلفه كلّ العدّة الطائفية في سياق الدفاع عن صلاحيات رئاسة الحكومة و«حقوق الطائفة» من رؤساء الحكومة السابقين إلى دار الإفتاء.
ولم يكن بيان رئاسة الجمهورية أمس، الذي حاول إيضاح ما نُشِر أمس عن رسالة ينوي عون إرسالها إلى مجلس النواب بغية الضغط على الحريري، سوى تأكيد على رؤية رئيس الجمهورية لمسار الأزمة الحكومية وصلاحية الرئيس في وقف التعطيل. وذكر بيان الرئاسة أن «فخامة الرئيس يعتبر أن حق تسمية دولة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة منحه الدستور إلى النواب من خلال الاستشارات النيابية الملزمة (المادة 53 – الفقرة 2). وبالتالي فإذا ما استمر تعثر تشكيل هذه الحكومة، فمن الطبيعي أن يضع فخامة الرئيس هذا الأمر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه». ليأتي بعدها بيان الحريري عن لسان «مصدر مقرّب»، معمّقاً الأزمة إلى أبعد من تفاصيل توزير النوّاب السنة من خارج تيار المستقبل والحلول المطروحة لتلك العقدة. وأكّد بيان الحريري أن «أحداً لا يناقش الحق الدستوري لفخامة رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة إلى المجلس النيابي، فهذه صلاحية لا ينازعه عليها أحد، ولا يصح أن تكون موضع جدل أو نقاش، بمثل ما لا يصح أن يتخذها البعض وسيلة للنيل من صلاحيات الرئيس المكلف وفرض أعراف دستورية جديدة تخالف نصوص الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني».
بات واضحاً اليوم، أن الصراع على الحكومة هو صراع توازنات جديدة في البلاد وانعكاس الانتخابات النيابية الأخيرة والتوازنات الإقليمية الجديدة، على مجمل النظام اللبناني، في ظلّ إصرار الحريري على عدم خسارة ما حصّلته رئاسة الحكومة في اتفاق الطائف، وسعي الوزير جبران باسيل إلى الحصول على ثلث معطّل في الحكومة، يضمن «تقريش» وصول عون إلى بعبدا، على تحوّلات في السلطة التنفيذية تعيد جزءاً من الصلاحيات إلى رئاسة الجمهورية.
ولا يمكن التكهّن بالمسار الذي تسلكه رسالة عون، في حال قرّر التوجّه فعلاً إلى المجلس النيابي، إذ إن لا شيء يضمن قبول الرئيس نبيه برّي بمثل هذه الخطوة، أو حتى انعقاد مجلس النواب في حال قرّرت كتلة المستقبل النيابية المقاطعة. وبحسب أكثر من مصدر، فإن الحريري أكّد أمام أكثر من طرف في اليومين الماضيين، أنه لن يتنازل عما يعتبره حقّاً له، كما أنه لن يتراجع عن التكليف مهما ازدادت الضغوط، ما يحوّل خطوة عون إلى موقف سياسي وضغط «تحريكي« أكثر منها خطوة عمليّة.
ومما لا شكّ فيه، أن «خطيئة الجاهلية» التي ارتكبها الحريري وفريقه، كسرت حاجز الصبر عند عون، خصوصاً بعد أن حاول فريق تيار المستقبل، وعلى لسان أكثر من مسؤول، الإيحاء بأن عون كان على علمٍ بما حصل، وهو الأمر الذي أكّد التيار الوطني الحر عكسه خلال اتصالات مع حلفائه. في المقابل، أكّد رئيس الجمهورية أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان اتصل به بعد محاولة اعتقال الوزير السابق وئام وهّاب، وأبلغه بأن قوى الأمن توجّهت إلى الجاهلية لتبليغ وهّاب بالحضور إلى فرع المعلومات، وأن الدورية تعرّضت لإطلاق النار فعادت أدراجها، من دون وضعه في حقيقة ما حدث وحجم القوة الأمنية والهدف الحقيقي من العملية، ما دفع عون إلى القيام بردّ فعل قاس تجاه عثمان ومدعي عام التمييز سمير حمود. وبعدها خرج عون في خطابه في افتتاح المكتبة الوطنية في بيروت، اعتبره الحريري موجّهاً ضدّه ومتعاطفاً مع موقف وهاب وحزب الله.
وكشف الاجتماع بين باسيل والحريري قبل يومين، عن استحالة موافقة الحريري على الحلول التي يطرحها عون، ومنها رفع عدد الوزراء إلى 32 وزيراً، التي يرفض الحريري عبرها تكريس عرف توزير علوي، ولو كان من حصته. فرئيس الحكومة يرى أن توزير علوي من حصته في هذه الحكومة «يعني توزير علوي يسمّيه (الرئيس السوري) بشار الأسد في الحكومات المقبلة». إذ إن الحريري، ولدى وصول باسيل، كان قد وصل إليه ما قاله رئيس الجمهورية أمام وفد اللقاء الديموقراطي عمّا حدث في الجاهلية، وموقفه الغاضب من الحريري وكشفه عن الرسالة التي ينوي إرسالها إلى مجلس النواب. وفي المعلومات، أن أياً من الحلول الوزارية، من رفع عدد الوزراء إلى تسمية رئبس الجمهورية وزيراً سنّياً، غير واردة، خصوصاً أن الحريري لا يزال يرفض لقاء النواب السنة ويضع فيتو على توزير أي منهم، ويطالب بأن يكون الوزير السني من حصة رئيس الجمهورية فعلاً وليس «وديعة» لحزب الله في حصّة الرئيس. وفي الوقت ذاته، يبدو هذا الحلّ مرفوضاً بالنسبة للنوّاب السنة، الذين يصروّن على أن يكون الوزير واحداً منهم، وليس هناك من استعداد للتنازل عن هذا الموقف، طالما أن الحريري يستمر بالتعامل الفوقي معهم. وعلمت «الأخبار» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم حاول تليين موقف الحريري لجهة اللقاء مع النواب السنة، لكن من دون جدوى.
برّي اليائس: لا أحد يريد التراجع
في 10 تشرين الثاني الفائت، تحدّث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن تعثّر تأليف الحكومة، وسرد العقبات واقترح المخارج. بعد انقضاء اكثر من شهر، ثبت ان بوصلة التأليف تقف عند الرجل. مذذاك لم يطرأ جديد، بل استعيد ما قاله (مقال نيقولا ناصيف).
يومذاك تحدّث الامين العام لحزب الله عن الاصرار على توزير احد النواب السنّة الستة، حلفائه، مؤكداً عدم التخلي عنهم و«من حقهم علينا ان نقف الى جانبهم وسنبقى معهم سنة او سنتنين والى قيام الساعة». تطرّق الى اقتراح حكومة 32 وزيراً بغية تمثيل العلويين والاقليات، قبل ان يُعوَّم هذا الاقتراح في الايام الاخيرة كمخرج لأزمة توزير احد النواب الستة، ويصبح في صلب السجال كما في اسباب استمرار التعثر.
يروي رئيس مجلس النواب نبيه برّي انبثاق فكرة حكومة 32 وزيراً في يوم انتهاء الاستشارات النيابية الملزمة في 24 ايار، في الاجتماع الذي عقده مع رئيس الجمهورية ميشال عون وإطلاعه منه على نتائجها. في انتظار وصول الرئيس سعد الحريري الى قصر بعبدا، فاتح عون برّي في هذا الاحتمال، فأيده. عندما حضر الحريري عرضه عليه رئيس الجمهورية، فاستمهله للدرس. بانقضاء يومين سأل برّي الحريري، عندما التقيا في ساحة النجمة، عن موقفه من حكومة 32 وزيراً فعارضها. مذذاك صُرف النظر عنها.
في اعتقاد رئيس المجلس ان استعادة فكرة حكومة 32 وزيراً لا تزال مخرجاً متاحاً لمأزق التأليف، وهو مستعد للذهاب الى الحد الاقصى لتهدئة خاطر الرئيس المكلف بوضع المقعدين المحدثين، العلوي والاقليات، في حصته دونما تخليه عن اي مقعد سنّي. مع ذلك لا يرى سبباً لرفض الحريري التجاوب مع اعادة طرح الاقتراح في الشهر السابع للتكليف.
يقول برّي ان حكومة 32 وزيراً تلاقي، في نتائجها، الاقتراح الذي حمّله في وقت سابق للوزير جبران باسيل مرتين، وهو يجزم بأن اقتراحه هذا لا يزال الافضل والاسهل منالاً اذا حظي بموافقة رئيس الجمهورية. لم يحدّث به الرئيس المكلف ظناً منه ان باسيل اقدر على تخريجه باقناع رئيس الجمهورية بالموافقة عليه: توزير احد النواب السنّة الستة في المقعد السنّي السادس الذي قايض به الحريري عون ثمن مقعد مسيحي يريده في حصته هو.
على ان رئيس المجلس يثابر على الابتعاد عن ابداء اي موقف بازاء المأزق الحكومي، بقول جملة مقتضبة مفيدة: «الازمة موصدة الابواب. لا احد يريد التراجع».
الى الآن ليس ثمة ما يشير الى استعداد الرئيس المكلف الخوض، حتى، في اقتراح يفضي الى التوزير الذي يناوئه. ظاهر حجته ان ليس لاحد ان يملي عليه سوى ما يدخل في صلاحياته الدستورية، وباطنه رفضه شريكاً سنّياً له داخل الحكومة ظهيره حزب الله. ما يعرفه ايضاً ان ممارسته صلاحياته الدستورية الآن وهمية اكثر منها واقعية. بيد ان الاهم ان اقصى ما يسعه فعله تجميد التأليف، الا انه لا يملك ان يفرض تشكيلته:
– بالقول تارة انه لا يريد اعادة العلويين الى السلطة الاجرائية، على نحو حقبة الوجود السوري، لسبب مباشر هو ارتباط هذه الطائفة والتصاقها بنظام الرئيس بشار الاسد، كمَن يعطي – في ظنه – المقعد الى الاسد نفسه.
في البرلمان الجديد نائبان علويان احدهما طرابلسي في كتلة الرئيس نجيب ميقاتي هو علي درويش، والآخر عكاري في كتلة باسيل هو مصطفى حسين وكان سابقاً في كتلة الحريري. في اي حال ليس الحريري مدعواً الى توزير احدهما، بل ثالث من خارج مجلس النواب يدين بالولاء له، شأن النائبين العلويين في دورتي 2005 و2009 اللذين انضويا في كتلته النيابية، من دون ان يمتا بصلة الى نظام الاسد، ومن دون ان يتذرع الحريري ايضاً، حينذاك، بحجته الحالية.
– وبالاصرار طوراً على رفض الاقرار بوجود ثنائية داخل طائفته، يمثلها النواب الستة السنّة الذين – من دون هذا المقدار غير المشروط من دعم حزب الله لهم – لا يسعهم الوقوف في طريق تأليفه الحكومة.
ليست المرة الاولى، منذ اتفاق الطائف، تنشأ ثنائية سنّية خبرتها تجربتا الرئيس رفيق الحريري وخلفه من بعده. في انتخابات 1996 – الاولى التي خاضها الحريري الاب – كان في البرلمان الرئيس سليم الحص والنائب (آنذاك) تمام سلام، قبل ان يطيحهما الرئيس الراحل في انتخابات 2000 بغية قصر الزعامة السنّية البيروتية – وليس طبعاً في كل لبنان – عليه. مع الحريري الابن نشأت زعامة سنّية صاعدة في طرابلس منذ انتخابات 2000 هي الرئيس نجيب ميقاتي، بترؤسه الحكومة عام 2005 مع شرط عدم ترشحه للانتخابات عامذاك، ثم تحوّله معادلاً رئيسياً في طرابلس اذ تمدد اليها الحريري الابن. عام 2011 انتزع منه ميقاتي رئاسة الحكومة بعد عودته قبل سنتين الى مجلس النواب. وهو الآن القطب الطرابلسي الثاني. مع ذلك تصرّف الحريري الابن على ان لا ثنائية سنّية تتهدّده، ما دامت المنافسة مع ميقاتي طرابلسية، لا تشبه القلق الذي اضفاه الحص على الحريري الاب في بيروت معارضاً دائماً له.
مع ظهور النواب السنّة الستة، المتفرّق ثلثهم على كتلتي حركة أمل وحزب الله والثلث الثاني منضو في كتلة رأسها سليمان فرنجيه، ثمة ثنائية سنّية مختلفة تماماً. اربعة من النواب الستة انتزعوا مقاعدهم من الحريري في بيروت وطرابلس والضنية والبقاع الغربي، وهي ليست حال النائبين قاسم هاشم والوليد سكرية.
اكثر من سبب لإقلاق الحريري جراء تسليمه بثنائية سنّية، لا تكتفِ بحرمانه من المقاعد الستة، بل تنشئ للفور سابقة برسم الحكومات المقبلة تنجم عن تفكيك الزعامة السنّية – بعدما احتفظ بها 13 سنة على التوالي – الى كتل متوسطة. احداها النواب السنّة هؤلاء اذ استمدوا شرعية مقاعدهم من ناخبي طائفتهم، وشرعية فرضهم في المعادلة السياسية من حزب الله.
يطمئن هؤلاء الى ما ينتظرهم قول نصرالله في 10 تشرين الثاني، الساري المفعول حتى اشعار آخر، والبوصلة الوحيدة للتأليف: توزيرهم أو لا حكومة.

اللواء
تأليف الحكومة يدخل نفق المادة 53: إحراج الحريري لإخراجه؟
الرئيس المكلف يرفض الخلل والنيل من صلاحياته .. ورؤساء الحكومات السابقون يحذرون من نقل الأزمة إلى المجلس

الفصل الأخطر في الاشتباك حول تأليف الحكومة، برز على نحو لا لبس فيه أمس، في الموقف العائد للرئيس ميشال عون، وعبر عنه المكتب الإعلامي في الرئاسة الأولى، وجاء فيه: «اذا ما استمر تعثّر تشكيل الحكومة، فمن الطبيعي ان يضع فخامة الرئيس هذا الأمر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه».
موقف من هذا العيار، وان ارتكز على المادة 53/د الفقرة 10، ونصها: «يوجه (أي رئيس الجمهورية) عندما تقتضي الضرورة رسائل إلى مجلس النواب»، لم يكن من الممكن ان يمر مرور الكرام، فلاحظ المصدر الرفيع والمقرب من الرئيس سعد الحريري، وفقاً للمكتب الإعلامي للرئيس الحريري بأن الحق الدستوري «لا يصح ان يتخذه البعض وسيلة للنيل من صلاحيات الرئيس المكلف، وفرض اعراف دستورية جديدة، تخالف الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني».
هذا المناخ المستجد، اضفى هذا السجال الدستوري، أجواء عمقت أحوال التشاؤم، ودفعت بالأزمة إلى الامام، من دون انقشاع أفق ظهور ما يوحي بأن النفق الحكومي ليس طويلاً.
وعلمت «اللواء» ان سفر الرئيس المكلف إلى العاصمة البريطانية، الثلاثاء المقبل، ما يزال قائماً، وان الارجاء حصل فقط بالنسبة لزيارة فرنسا.
وحذرت مصادر مطلعة من مخاطر رسالة الرئيس عون المزمع توجيهها إلى المجلس، معربة عن مخاوفها من ان تكون محاولة لاحراج الرئيس المكلف وإخراجه، الأمر الذي يدخل البلاد في نفق خطير، على المستويات كافة.
ردّ الحريري
وفي ردّ غير مباشر على البيان الرئاسي، حسم الرئيس الحريري السجال الدائر حول العقد المتعلقة بتأخير تشكيل الحكومة، عبر بيان صدر عن مكتبه الإعلامي وضع فيه النقاط على الحروف حول ما يطرح عن توسيع الحكومة أو توزير أحد نواب سنة 8 آذار، أو توجيه رسالة من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، محذراً من محاولات النيل من صلاحيات الرئيس المكلف وفرض اعراف دستورية جديدة تخالف نصوص الدستور ومقتضيات الوفاق الوطني.
ونقل المكتب الاعلامي للحريري عن «مصدر رفيع ومقرب من الرئيس سعد الحريري، تعليقا على تطورات الوضع الحكومي وما استجد عليها من مواقف وتحليلات»، ان الرئيس المكلف «بذل أقصى الجهود للوصول الى تشكيلة ائتلاف وطني تمثل المكونات الاساسية في البلاد، وهي التشكيلة التي حظيت بموافقة رئيس الجمهورية ومعظم القوى المعنية بالمشاركة، ثم جرى تعطيل اعلانها بدعوى المطالبة بوجوب توزير كتلة نيابية، جرى اعدادها وتركيبها في الربع الاخير من شوط التأليف الحكومي».
وقال:ان تعليق عملية التأليف تتحمل مسؤوليته الجهة المسؤولة عن التعليق، وان كل محاولة لرمي المسؤولية على الرئيس المكلف هي محاولة لذر الرماد في العيون والتعمية على اساس الخلل. 
وتابع المصدر: إن موقف الرئيس الحريري من توزير هذه المجموعة النيابية لم يعد سرا، واذا كانت مشاورات الاسابيع الأخيرة قد تركزت على ايجاد مخرج مقبول، يتجاوب مع الصلاحيات المنوطة بالرئيس المكلف ومكانته التمثيلية في الحكومة، فان المسار الذي اتخذته تلك المشاورات لم يصل الى النتائج المرجوة بسبب الاصرار على الاخلال بالتوازن وتقليص التمثيل السياسي للرئيس المكلف، الأمر الذي يضفي على الحكومة العتيدة شكلا من أشكال الغلبة يرفض الرئيس الحريري تغطيته بأي شكل من الاشكال.
واوضح «إن الرئيس المكلف كان صريحا منذ الأيام الاولى للتكليف بانه يفضل العمل على حكومة ائتلاف وطني من ثلاثين وزيرا، وان الاقتراح الذي يطالب بحكومة من 32 وزيرا، هو اقتراح من خارج السياق المتعارف عليه في تشكيل الحكومات، وان اعادة استحضار هذا الاقتراح لتبرير توزير مجموعة النواب الستة»، وإنشاء عرف جديد في تأليف الحكومات أمر غير مقبول، اكد الرئيس المكلف رفضه القاطع السير فيه.
ولفت المصدر الرفيع الى ان مسيرة التعاون بين الرئيسين عون والحريري هي التي شكلت جسر العبور من مرحلة تعطيل المؤسسات إلى مرحلة إعادة الاعتبار لهذه المؤسسات ودورها، مؤكدا بأن الحريري «لن يتخلّى عن تمسكه بقواعد التسوية السياسية التي انطلقت مع انتخاب الرئيس عون، ذلك لأن حرصه على موقع رئاسة الجمهورية واجب وطني لن يتهاون فيه، وان نجاح العهد هو نجاح لجميع المتضررين، معتبرا ان الرئيس المكلف هو أوّل المتضررين من هدر الوقت ومن تأخير تأليف الحكومة، لمعرفته ان حكومة تصريف الأعمال ليست الجهة المخولة أو القادرة على معالجة المشكلات، وان المخاطر الماثلة على الحدود الجنوبية تتطلب حكومة كاملة الصلاحيات، وان بعض المصطادين بالماء العكر الذين يأخذون على الرئيس المكلف تعدد جولاته الخارجية يفوتهم ان الرئيس الحريري جعل من الوقت الضائع الذي استنزفوه في تأخير التأليف وسيلة لحماية المشروع الاستثماري والاقتصادي الذي يراهن اللبنانيون على انطلاقته».
وتزامن بيان الحريري، مع كلام آخر ومواقف اعلنها، خلال استقباله أمس في «بيت الوسط» وفدا من اللقاء التشاوري في إقليم الخروب، أكّد فيها ان «ادارة البلاد لا يُمكن ان تحصل في ظل الخلافات بين أبناء الوطن، بل بالتفاهم والمشاركة والتعاون»، وان «ما يحصل يصب في خانة العراقيل امام تشكيل الحكومة»، لافتا «الى ان المشكلة أصبحت واضحة، ولا أحد يُمكنه ان يختبئ وراء أي أمر يقوم به لهذه الغاية»، مشددا على ان «قناعاته السياسية معروفة وارتهانات غيري مكشوفة».
وفي إشارة إلى ما حصل في الجاهلية إلى السبت الماضي، لفت الحريري ان ما حصل لا يصيب سعد الحريري بل يصيب لبنان، وسأل: «هل اللغة التي سمعها اللبنانيون والعرب تعبر عن صورة لبنان الحقيقية وعن عادات اللبنانيين وتقاليدهم؟ وهل تجسّد الصورة التي نريد اعطاءها للعالم العربي والعالم اجمع؟ وهل نريد ان نعطيهم صورة الدولة العاجزة عن تطبيق القانون، أم نقدم إليهم سيل الخطابات السياسية التي تكيل الشتاتم لي ولسواي من دون الاحتكام إلى القضاء؟ وقال: ان «التشهير والقدح والذم هي من مطلقيها، فالله يمهل ولا يهمل».
توضيحات بعبدا
في المقابل، أكد مصدر مطلع على مواقف بعبدا لـ«اللواء» ان الرئاسة الأولى ليست في وارد الدخول في سجال أو جدال مع الرئيس المكلف، وليس الهدف من بيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية استهداف الرئيس الحريري، علماً ان رئيس الجمهورية حريص على استمرار علاقته معه، وإنما المقصود هو ان يعرف مجلس النواب ما يحصل على صعيد عملية تأليف الحكومة، إذا ما تقرر توجيه الرسالة، في حال وصلت الأمور إلى أفق مسدود.
وإذ أوضح المصدر ان فكرة إرسال الرسالة إلى مجلس النواب، والتي لم تتحوّل إلى قرار نهائي بعد، هي حق دستوري لرئيس الجمهورية، شدّد على انها لا يُمكن ان تعني سحباً للتكليف، وإنما الهدف منها إعادة الملف إلى المنبع الأساسي، أي إلى مجلس النواب لاتخاذ القرار، خصوصا ان هذا المجلس هو من سمى الرئيس الحريري.
ولفت إلى ان اللجوء إلى هذه الفكرة سببه رفض الصيغ التي طرحت من قبل الفريقين المتنازعين، وآخرها صيغة حكومة الـ32 وزيراً، التي لم تلق التجاوب، مع العلم انها هدفت إلى اراحة تشكيل الحكومة وقيام تمثيل أوسع والانتهاء من الأزمة.
واوضحت المصادر المطلعة لـ«اللواء» أن لا نص دستوري يتحدث عن سحب الرئيس عون التكليف أو تبديل رئيس الحكومة فرئيس الجمهورية يحترم الدستور وهو حلف اليمين لكن في الوقت نفسه لا يمكن البقاء من دون حكومة مؤكدة ان رئيس الجمهورية لم يقل ان الرئيس الحريري يترك البلاد انما ذكر ان التشكيل سيتأخر بفعل هذا الغياب.
ولفتت إلى أن الرئيس عون ليس مسؤولا عن التعثر الحاصل وهو امام وضع مفاده ان البلد من دون حكومة منذ 7 اشهر وانه كلما طرح حل يرفضه الفريقان وبالتالي فان فكرة ارسال الرسالة هي حقه.
وقالت المصادر نفسها ان الرئيس عون لم يحدد موعدا لهكذا خطوة ملاحظة امتعاض رئيس الجمهورية من الوضع القائم الذي لا بد من حل له في اقرب وقت ممكن.
اما ماذا يمكن للمجلس النيابي الذي يعد المنبع لوضع كهذا ان يفعل فان المصادر اكدت ان المجلس يقرر ماذا يغعل وان النواب يتشاورون في ما بينهم بهدف المعالجة ومن غير المعروف ما اذا كانت هناك من توصية ام لا والامر منوط به.
وكان المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، أصدر أمس بياناً حول ما نسب إلى الرئيس عون من كلام حول الوضع الحكومي، والذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً بأن ما نسب إلى الرئيس لم يكن دقيقاً، لكنه لم ينف بعض هذا الكلام خصوصاً ما يتعلق باقتراح حكومة من 32 وزيراً، مشيراً إلى ان البديل من الحريري حاضر لتكليفه، الا ان البيان أكّد ان ما جاء في الكلام أتى خارج السياق وأعطى تفسيرات متناقضة لا تنطبق مع مواقفه المعلنة في كثر من مناسبة، ولا سيما في ما خص العودة إلى مجلس النواب لمقاربة الأزمة الحكومية.
وقال ان «رئيس الجمهورية يعتبر ان «حق تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة منحه الدستور الى النواب من خلال الاستشارات النيابية الملزمة. وبالتالي فاذا ما استمر تعثر تشكيل هذه الحكومة، فمن الطبيعي ان يضع فخامة الرئيس هذا الامر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه».
ردّ رؤساء الحكومة السابقين
غير ان توضيحات رئاسة الجمهورية لم تلق أصداء إيجابية لدى الرؤساء فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، الذين تولوا إصدار بيانات اعتبروا فيها ان «وضع المشكلة الحكومية بيد مجلس النواب من شأنه ان يزيد الأزمة تعقيداً ويخلق اعرافاً مخالفة للدستور.
وإذ ثمن الرئيس السنيورة موقف الرئيس المكلف معلناً دعمه له والذي يُؤكّد على احترام احكام الدستور، قال ان «معالجة مشكلة تشكيل الحكومة من خارج السياق الدستوري كوضعها بيد مجلس النواب من شأنه مخالفة احكام الدستور ولا سيما المادة 53 منه، والخروج على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يُحدّد صلاحيات المؤسسات الدستورية، والتنازل عن صلاحية تشكيل الحكومة من قبل من فوضهم الدستور تشكيل الحكومة، أي رئيس الحكومة المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية وتفويضها إلى جهة أخرى، ووضع مسألة التشكيل بيد مجلس النواب بما لا يؤدي إلى حل لازمة تشكيل الحكومة، مع العلم ان مجلس النواب ليس هو المخول تشكيل الحكومة ولا في التدخل في آلية تشكيلها، إذ ان مهمته تنتهي بإنتهاء الاستشارات الملزمة..
اما الرئيس سلام فقد استغرب موقف رئيس الجمهورية لأنه «يستبطن القول بأن النواب الذين منحهم الدستور حق تسمية الرئيس المكلف بإمكانهم إعادة النظر بهذا التكليف»، معتبراً انه يُشكّل «بدعة جديدة تضاف إلى سلسلة البدع التي ترمى في ساحة النقاش السياسي منذ فترة بهدف خلق اعراف منافية للنص الدستوري».
وقال: «وإذا كان الدستور، الذي توافق عليه ممثلو الشعب اللبناني في الطائف، أعطى رئيس الجمهورية الحقّ في توجيه رسائل إلى مجلس النواب عندما يرى ضرورة لذلك، فإنّه لم يمنح الرئيس صلاحية وضع مسألة تشكيل الحكومة في عهدة مجلس النواب، كما لم يعط المجلس حق مراجعة التكليف الذي يحصل عليه رئيس الحكومة بموجب الإستشارات الملزمة».
وردّ جريصاتي
ولاحقاً، ردّ وزير العدل سليم جريصاتي في بيان على منتقدي فكرة إرسال رسالة رئاسية إلى مجلس النواب، معتبراً ان اللجوء إلى المجلس في مثل هذ الأحوال والضرورات أمر يتلاءم مع نظامنا البرلماني الديمقراطي ودستورنا، لان مجلسنا ليس مجرد سلطة شكلية، بل هو السلطة التي تنبثق منها صحيحاً كل السلطات الدستورية بالتزكية او بالتسمية او بالانتخاب، فضلاً عن انه السلطة الاكثر والاحدث التصاقاً بالإرادة الشعبية التي تم التعبير عنها للمرة الاولى بصورة اقرب ما تكون الى التمثيل الفاعل والصحيح على ما أتى في وثيقة الوفاق الوطني.
وقال: ان منبر مجلس النواب متاح لكل النقاشات والمداخلات عند تلاوة رسالة فخامة الرئيس عندما يقرر ارسالها حيث الرأي والرأي المضاد، ومجلس النواب قادر على اتخاذ القرارات والتوصيات الصائبة لأنه المعني الاول بالتكليف وبالثقة كي تكتمل اوصاف الحكومة الدستورية.
ولفت الانتباه، وسط هذا الجدل الدستوري تأكيد مصادر في فريق 8 آذار، بأن الوزير السابق النائب فيصل كرامي هو أحد الأسماء المطروحة لتكليفه تشكيل الحكومة كبديل مرتقب للحريري.
لكن مصادر كرامي نفت لـ«اللواء» علمها بهذا الموضوع، وأكدت ان الأمر غير مطروح طالما ان الرئيس المكلف ما زال مصرا على عدم الاعتذار مع تشديدها على ان هذا حقه الدستوري الكامل.
واعتبرت المصادر انه قبل الحديث عن بديل للحريري، يجب التاكيد على عدم استطاعة اي طرف سحب التكليف منه او استبداله اذ لا يوجد اية نصوص دستورية او اعراف تسمح بذلك، ونحن من جهتنا وبمعزل عن خلافنا السياسي مع الحريري لا نقبل المساس بصلاحياته ولا ببنود الدستور.
وفيما باشر قائد قوات «اليونيفل» ستيفانو ديل كول وضع السلطات اللبنانية في تفاصيل الكشف عن العثور على نفق أقامه «حزب الله» في الجنوب، حيث زاره قائد الجيش العماد جوزاف عون اتهم الجيش الإسرائيلي في بيان «حزب الله» بتحويل قرية كفركلا إلى «قاعدة عسكرية»، وانه يوجد بداخل القرية عدد كبير من مخازن الأسلحة ومواقع مراقبة ومقرات قيادة، إضافة إلى موقع قتالي تحت الأرض، مشيراً إلى ان جميع المؤشرات تدل على ان الحزب يجهز القرية لتلعب دوراً في أي حرب مقبلة.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن أحد الأنفاق التي تم رصدها ينطلق من منزل في البلدة، ويمتد مسافة 40 مترا داخل إسرائيل، مضيفا أنه يعمل على «تدميرها».
ووفق البيان، فهناك موقع قتالي داخل القرية تتخذ منها «الوحدة الشرقية» في حزب الله مقرا لها، ويقع أيضا في جنوبي القرية شارع على طول خط الحدود، وعلى امتداده هناك شرفات مراقبة.