افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت الأول من شباط، 2020

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 13 آب، 2018
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 4 تموز، 2017
شيوعيون لبنانيون: لنكن سنداً فاعلاً للمقاومة (بيان)

تسود في أغلب صفوف اليسار الماركسي الآن، نزعة نقابوية / syndicaliste. لا يوجد بحوزة الإشتراكيين والشيوعيين في هذا اليسار، تقييم حقيقي، واقعي، لـ"قوى الثورة". ولا خطة فعلية لتطوير هذه "القوى". هناك رهان غامض على "تحول "الإنتفاضة في المدى الطويل إلى ثورة". هذه أمنية سياسية، لدى كل الإشتراكيين والشيوعيين في اليسار الماركسي. لكنها ليست مشروعاً سياسياً جاذباً للتحالفات الجدية. وكما نعلم فإن أساس هذا الرهان يقوم على رؤية نقدية للنظام الرأسمالي الطائفي الأوليغارشي، سبقت بسنوات بل بعقود، تفجر أزمته العامة اليوم، وبدء الإنهيار الإجتماعي ـ الإقتصادي الحالي. فالحاجة إلى تغيير النظام أو إصلاحه بعمق، هي ضرورة وجودية للمجتمع اللبناني وللدولة اللبنانية. كما أن طرح صيغة قانون الإنتخابات التي وردت في دستور الطائف، أي النسبية في كل لبنان مع إلغاء القيد الطائفي وتخفيض سن الإقتراع، هي، بالفعل، مفتاح المخرج الديموقراطي من الأزمة. لكي نحافظ على وحدة المجتمع وكيان الدولة، بينما تجري عملية إعادة تكوين السلطة السياسية لتحرير الأغلبية الإجتماعية من حكم القلة الإجتماعية أي الأوليغارشيه. طبعاً، هذه العملية السياسية الثورية، يجب أن تتولاها قوى سياسية ثورية وجماهير سياسية ثورية أيضاً. لن نساجل في "ثورية الجماهير" حينما وسط الإنهيار المتصاعد. لكن عندما نقول أن هذه الرؤية، الصائبة، لم تتحول إلى مشروع سياسي بعد، فلأن الأفكار البائسة لا زالت تنغل في وعي أغلب اليسار. "أنحس" فكرة، تلك التي يرى أصحابها، أن التناقض الإجتماعي أي الصراع الطبقي منفصل عن التناقض الوطني أي الصراع اللبناني ـ الصهيوني. هنا، يمط البؤس السياسي أسماله على بعض اليساريين، الذين يجادلون بأن فتح صناديق الإقتراع، ودعوة الهيئات الناخبة بعد 6 أشهر، عندما سيكون الإنهيار الإقتصادي ـ المالي قد أتى على استقرار أغلب الأسر، وضرب الأمن الإجتماعي، حينها، سيقع "الإنتصار الديموقراطي" على الأوليغارشيه بين أيديهم. يتمسك بهذه الرؤية "النقابوية" السخيفة حشد من الإشتراكيين والشيوعيين، وكذلك التروتسكيين و"الجمعياتيين" الفاشلين، الذين يتعامون عن مسؤوليتهم السياسية والتاريخية في حل التناقض الوطني، أي حماية السيادة وصونها، بذريعة مصالحهم المعيشية والحياتية، ويتخلون عن هذه المسؤولية لينصرفوا إلى حل التناقض الإجتماعي. نحن لا نؤيدهم في ذلك، هناك طريق آخر لـ"تثوير الإنتفاضة" اللبنانية، يوجب تحمل المسؤولية الوطنية والإجتماعية في آن معاً. فالصراع السياسي ضد الأوليغارشيه والمقاومة المسلحة ضد النظام الصهيوني لهما محتواهما طبقي بحت.
هيئة تحرير موقع الحقول
السبت، الأول من شباط‏، 2020

 

Image may contain: 3 people, people smiling, people standing and outdoor

 

البناء
الرفض الشعبيّ العربيّ للصفقة في صنعاء وتونس والأردن… والجامعة العربيّة تبحث عن خطاب
الحكومة تجتمع الثلاثاء في بعبدا لإقرار البيان الوزاريّ

كما في كل شأن يخصّ فلسطين كانت المبادرة العربية الأولى في الشارع؛ من صنعاء تحت الحصار حيث خرج مئات الآلاف يملأون الشوارع والساحات، ويهتفون لإسقاط صفقة القرن، وتحرير القدس وضمان حق العودة للاجئين، ويعلنون التزامهم بفلسطين حرة، وفي تونس شهدت ساحة الحبيب بورقيبة تظاهرة حاشدة رفضاً لصفقة القرن، بينما كان الرئيس التونسي قيس سعيّد يصف صفقة القرن بجريمة القرنين العشرين والواحد والعشرين، ويصف التخلّي عن القدس وفلسطين بالخيانة العظمى، بينما خرجت تظاهرات حاشدة في العاصمة الأردنية عمان تنديداً بالسياسات الأميركيّة تجاه القضية الفلسطينية وصفقة القرن”.
بالتوازي يشهد اليوم، اجتماع وزراء الخارجية العرب محاولة للتوفيق بين التزام حكومات عربيّة أساسيّة كالسعوديّة ومصر والإمارات وعمان بإصدار موقف يلاقي ما تريده واشنطن من فرض انخراط الفلسطينيين بالتفاوض على أساس صفقة القرن مع الإسرائيليين، وبين الموقف الفلسطيني الجامع الرافض لكل مندرجات الصفقة وأي تفاوض في ظلها. وقالت مصادر في كواليس الجامعة العربية إن هناك محاولة سيسعى لتظهيرها أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، تقوم على الدعوة للتفاوض على أساس مرجعيّات متعددة منها القرارات الأمميّة ومنها المبادرة العربية للسلام، ومنها صفقة القرن، لكن مصادر فلسطينية قالت إن هذا المسعى يعني تشريع صفقة القرن، وتمهيد الطريق لجعلها أساساً للتفاوض، لأن تعدّد المرجعيات يعني شيئاً واحداً، وهو أن الفلسطينيين يقبلون بصفقة القرن واحدة من مرجعيات التفاوض، بينما يرفض الإسرائيليون القرارات الدولية والمبادرة العربية كمرجعيّات، فتصير صفقة القرن المرجعية الوحيدة المشتركة، والأفضل للفلسطينيين إذا أرادوا فعل ذلك أن يقولوا علناً إنهم يقبلون صفقة القرن أساساً للتفاوض بلا مواربة، وهذا لن يعني إلا شيئاً واحداً وهو الانتحار وتصفية القضية الفلسطينية.
الموقف اللبناني سيكون تحت سقف التمسك بالمبادرة العربية للسلام، والتمسك برفض التوطين، ورفض صفقة القرن من هذا المنطلق. فيما قالت مصادر متابعة للبيان الوزاري للحكومة إنه سيتضمّن نصاً واضحاً لجهة رفض مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، والتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتأكيد الالتزام بالنص الدستوري لرفض كل أشكال التوطين.
الشق المالي من البيان الوزاري بلغ مرحلة شبه نهائية، بعدما شهدت السراي الحكومية سلسلة اجتماعات مع الخبراء والهيئات المعنية بالملف المالي، ولقاء مطولاً مع الهيئات الاقتصادية، شهد نقاشاً مفصلاً لطلبات الهيئات. وقالت مصادر اقتصادية إن رئيس الحكومة حسان دياب دخل في نقاش مفصل في برمجة طلبات الهيئات الاقتصادية، خصوصاً لجهة بعض الإعفاءات المطلوبة، أو لجهة مصير القروض المصرفية وتخفيض الفوائد، بينما تحدّث رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير بلغة شديدة الإيجابية عن الحكومة والآمال المعقودة عليها.

مصادر حكوميّة توقعت أن ينعقد مجلس الوزراء في بعبدا لمناقشة البيان الوزاري وإقراره، على أن يرسل للمجلس النيابي تمهيداً لتحديد موعد جلسة مناقشته والتصويت على منح الثقة للحكومة، وهو ما توقعت مصادر نيابية أن يكون الثلاثاء الذي يلي إقرار البيان حكومياً.

عن الاستحقاق الأول بعد الثقة، قالت مصادر متابعة إن القرارات المالية التي ترجمت وعود البيان الوزاري ستكون لها الأولوية، لكن المسار الذي سيكون على الحكومة حسمه هو هل أنها ستطلب مواعيد لزيارات رئيسها إلى العواصم الخليجية والأوروبية وتنتظر، أم أنها ستفعل ذلك وبالتوازي تبحث من الزاوية السياسية ماذا عليها أن تفعل لإنعاش الاقتصاد، وهو ما قالت المصادر إنه يطرح بقوة العلاقة اللبنانية السورية، ومن خلالها العلاقة اللبنانية العراقية، من الزاوية الاقتصادية لا السياسية. وقالت المصادر إن حكومتي الرئيس سعد الحريري أنفقت ثلاث سنوات، هي عمر عهد الرئيس ميشال عون، لنيل فرص تحقيق الوعود الخليجية والأوروبية، وتأجيل البحث بزيارة دمشق لاسترضاء أصحاب المال العربي والغربي، ولم يحدث شيء يشير إلى أن هذا الطريق قد نفع لبنان الذي لا يزال ينتظر، وإن عادت الحكومة الجديدة للمنهجية ذاتها ستقطف بأحسن الأحوال النتائج ذاتها، فما لم يفعله الغرب والعرب لحكومة الرئيس الحريري ومشاركة قوى 14 آذار فيها، لن يفعلوه لحكومة الرئيس دياب وحكومة يصفونها باللون الواحد، ولذلك قالت المصادر إن النقاش النيابي للبيان الوزاري سيبحث عن جواب على سياسة الحكومة تجاه العلاقة بسورية، ليس لاعتبار مبدئي وسياسي وحسب، بل من باب السؤال عما إذا كانت الحكومة ستمارس سياسة سيادية تنطلق من مصلحة لبنان أم من محاولات استرضاء الخارج؟

وتترقّب الأوساط المحلية والخارجية موقف لبنان من صفقة القرن في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يعقد في القاهرة لبحث تداعيات “صفقة القرن”، وأكد وزير الخارجية ناصيف حتي عقب لقاء نظيره القبرصي نيكوس كريستودوليديس على “موقف لبنان المبدئي من الصفقة المبني على مبادرة السلام العربية”. وتابع: “ناقشنا أزمة النزوح السوري التي أثقلت الاقتصاد اللبناني وشدّدنا على ضرورة عودة اللاجئين إلى بلادهم”.

وفي هذا السياق، أشار مصدر معني بالعلاقات بين لبنان وسورية لـ”البناء” الى أن “حل أزمة النازحين مرتبط بالقرار اللبناني بالانفتاح على الشام”، مشيراً الى أن “المبادرة الروسية تجمّدت على اصرار سوري على علاقات رسمية مع لبنان للتعاون بشتى المجالات بما فيها النازحون”، موضحاً أن “عودة بعض النازحين الى سورية هي طوعيّة تتم بالتنسيق المباشر بين الأمن العام اللبناني بتفويض من رئيس الجمهورية اللبنانية والسلطات الأمنية السورية”. ويرى المصدر بأن “لا حل للأزمة اللبنانية المستعصية الا بالانفتاح على سورية، فالأزمة الاخيرة التي شهدها لبنان على مختلف المستويات أكدت بأن العلاقة مع سورية لا تقتصر على المستوى الاقتصادي فقط، بل على المستوى النقدي والمصرفي، مذكراً بانعكاسات الأزمة النقدية والمصرفية في لبنان على سورية”. كاشفاً عن “مشاورات رسمية على مستويات عليا لإعادة تفعيل العلاقات بين بيروت والشام لكن الأمر يحتاج الى درس، لذلك تقرر التريث في فتح الملف الى ما بعد نيل الحكومة الثقة”، وأشار المصدر الى أن “الامر مرتبط بجملة عوامل واعتبارات محلية واقليميّة ودولية”.

وكانت لافتة إشارة وزير الزراعة ​عباس مرتضى خلال استقباله ​تجمع مزارعي الجنوب أنه سيقوم «بكل ما يلزم لخدمة مصلحة المزارع وخصوصاً في مجال التصدير البري للمنتجات، لذلك الأولوية ستكون بعد نيل ​الحكومة​ الثقة للتوجه نحو ​سورية لبناء افضل العلاقات معها وتسهيل انسياب البضائع عبر اراضيها الى مختلف الاسواق العربية وتخفيض رسوم الترانزيت عليها»، آملاً ان «يشمل هذا التوجه أعضاء الحكومة كافة».

وفيما تواصل لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعاتها المكثفة لإعداد البيان تمهيداً لنيل ثقة المجلس النيابي، يجري رئيس الحكومة حسان دياب بموازاة ذلك مشاورات اقتصادية ومالية ونقدية ومصرفية مع المسؤولين في لبنان وعن المؤسسات المالية الدولية لبلورة رؤية واضحة لما يمكن للحكومة تحقيقه والقرارات التي تستطيع اتخاذها لمعالجة الأزمات القائمة، لكي لا تغرق في وحول الطموحات والوعود الكبيرة الصعبة التحقيق.

وعقدت اللجنة الوزارية أمس، اجتماعها السابع في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس دياب كما تعقد اليوم اجتماعاً في محاولة لإنجاز البيان مطلع الأسبوع المقبل وإقراره في جلسة لمجلس الوزراء في بعبدا تمهيداً لجلسة الثقة، وبحسب مصادر «البناء» فإن «الرئيس دياب وبالتوازي مع اجتماعات لجنة البيان الوزاري يجري جوجلة للآراء والمشاورات التي يقودها منذ أسبوع في السرايا الحكومية لبلورة رؤية اقتصادية ومالية ونقدية واضحة تكون أساساً للبيان الوزاري»، وأوضحت ان «هذه المشاورات هدفها تحديد سقف ما يمكن للحكومة الجديدة إنجازه ومدى نية الدول المانحة على دعم لبنان والبحث عن خيارات بديلة». إلا أن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر لفت الى أن «الفرص متاحة لمعالجة الوضع القائم ونراهن على الحكومة الجديدة المؤلفة من وزراء جديّين ولا تحوم حولهم أي شبهات فساد بعكس تركيبة الحكومات السابقة التي تورطت بملفات فساد وسجالات سياسية»، واعتبر في حديث لـ»البناء» أنه «اذا نجح لبنان في إصلاح مؤسساته وقطاعاته لا سيما الكهرباء والاتصالات، فالدول مستعدة للمساعدة، فملف الكهرباء يعد من المؤشرات الجدية بالنسبة للمؤسسات الدولية والدول الداعمة، فلا يمكن الاستمرار بنزف ملياري دولار سنوياً ومن دون خدمة جيدة ولا زلنا نعاني من التقنين القاسي في مختلف المناطق»، مضيفاً أن «النزيف المستمر في قطاع الكهرباء هو أقصى وأسوأ على لبنان من موضوع العقوبات الأميركية»، متسائلاً «ما علاقة الاميركيين بفشل الادارات والحكومات السابقة بإصلاح قطاع الكهرباء، بل إن الحكومات هي التي تتحمل المسؤولية». أما الملف الثاني برأي جابر الذي يجب إصلاحه فهو «الاتصالات الذي يعاني من هدر وفساد ولا يؤمن العائدات المطلوبة، فيجب إخراج هذه الملفات من دائرة التسويات والصفقات».

وأكد رئيس الحكومة أن «الوضع الاقتصادي في البلد وفي كل القطاعات يعاني من صعوبات، لكن علينا أن نتحمّل قليلاً على أمل أن تستطيع الحكومة تحقيق إنجاز يؤدي إلى الخروج من الأزمة التي يعيشها لبنان».

كما عرض وزير المال غازي وزني مع وفد من جمعية مصارف لبنان برئاسة سليم صفير الأوضاع المصرفية والنقدية ودور المصارف اللبنانية في تعزيز الاستقرار الاقتصادي. وشدّد وزني على عدم المسّ بالودائع، وحثّ جمعية المصارف على العمل على خفض معدّلات الفوائد في المرحلة المقبلة لتحريك عجلة الاقتصاد وتخفيف الأعباء على المالية العامة. وبدوره أكد صفير ان «لا ودائع محجوزة، فهي موجودة في المصارف، وستظل موجودة. وكرّر كلام حاكم مصرف لبنان أن لا HAIRCUT على الودائع». وأشارت المعلومات الى أن «تفاهماً حصل بين وزير المال وجمعية المصارف على خفض ملموس على الفوائد عموماً، على الودائع والقروض، ما يساهم في تحريك الاقتصاد ويساعد المقترضين ويخفف العبء عن المالية العامة».

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اللواء
إجراءات المركزي تريح الاسواق.. والعين على ودائع المنازل!
السحوبات 1000 دولار أسبوعياً والدولار بـ ألفي ليرة في المصارف.. واستدعاء النشطاء يتفاعل

مع برودة نبض الحراك، على خلفية فرصة قد تكون متاحة لحكومة الرئيس حسان دياب، أو «السوط الامني» الذي رفع في وجههم، بعد وقبل جلسة إقرار الموازنة العائدة للعام 2020، بقيت خارطة الطريق حبراً على ورق: اجتماعات، بيانات، ارتياحات، إجراءات متسرعة في هذه الوزارة أو تلك، كلام عن ثقة، وبيان وزاري، وجدية في المعالجة، جعلت الهيئات الاقتصادية تعتبر من المفيد إعادة المواطنين الاموال المكدسة في منازلهم إلى المصارف، التي عرضت النظام المصرفي اللبناني ذي السمعة الجيدة دولياً، لخطر الضعضعة واللاثقة، وحتى اللامسؤولية”.
وإذا ما سارت الامور على ما هو مرسوم لها، تصبح العين على الاموال المعادة إلى المنازل، والمقدرة بـ6مليارات دولار، والتي يُمكن ان تعود إلى المصارف إذا ما عادت الثقة إلى النظام المصرفي.
والانظار تتجه إلى الإجراءات التي يعتزم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاقدام عليها، بالاتفاق مع المصارف، وبغطاء سياسي، وضمن صلاحياته الاستثنائية التي يمنحه إياها قانون النقد والتسليف/ المادة 174:
1- رفع نسبة السحب النقدي من 200 أو 300 دولار إلى 1000 دولار اسبوعياً، شرط ألا يتجاوز السحب الشهري 6000 دولار شهرياً.
2 – تسعير الدولار في المصارف بـ2000 ليرة لبنانية، وذلك لإبقاء الدولار داخل المصارف، وعدم سحبها إلى السوق السوداء.
3- تقديم ما يلزم من تسهيلات لتوفير الاعتمادات لشراء واستيراد السلع الغذائية كالسكر والارز، بالإضافة إلى المعدات الطبية والادوية، وكذلك أدوات ومسلتزمات الصناعة، لتحريك الاقتصاد ودورة الإنتاج، للحد من البطالة، وتوفير فرص عمل للشباب اللبناني، والحد من البطالة والهجرة.
4- صرف النظر كلياً، عن فكرة الـhaircut، أي الاقتطاع من ودائع المواطنين، أياً يكن حجمها أو كميتها..
وأكدت مصادر مصرفية لـ«اللواء» ان الهدف إبقاء الدولارات داخل المصارف، وعدم استخدامها في السوق السوداء.. أو سوى ذلك..
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان هذه التدابير يرتقب ان يتخذها حاكم مصرف لبنان عملا بصلاحياته بعد أخذ رأي السلطة السياسية، ولفتت الى أن الحاكم تيقن ان القوانين قد لا تكون مرنة اذا تم الاتجاه نحو القانون او ان المراسيم قد لا تكون متاحة اذا تم الذهاب الى مجلس الوزراء في حين ان اي تدبير قد يتخذه الحاكم مؤقتا وبصورة استثنائية يدخل في صلاحياته ضمن المادة 174 من قانون النقد والتسليف.

وقالت ان الاهتمام اليوم ينصب على ترقب التدابير النقدية التي تريح اللبنانيين بشكل جدي وان لم تأت بالحلول الكاملة لأنه في نهاية المطاف هم احرار في اموالهم بالتأكيد. واشارت الى رغبة رئيس الجمهورية ببيان وزاري وثقة والحد من تأثير تداعبات ما سمي «بصفقة القرن» متحدثة عن إجماع لبناني على رفضها لما تشكل من مخاطر كيانية وميثاقية ودستورية .

وتحدثت عن ايلاء الرئيس عون ملف النزوح السوري الاهتمام  بعدما تبلغ رئيس الجمهورية تقرير صندوق النقد الدولي الذي جاء فيه: «ان النزوح السوري كلف لبنان 25 مليار دولار حتى تاريخه، وقد وصف عون التقرير بالموجع والمفاجىء في الوقت نفسه وبالتالي فإن رئيس الجمهورية يسأل عن ماهية الحلول لمسألة النزوح السوري. وقالت ان المهم لديه ان تقلع الحكومة في عملية الانقاذ».

وكشف الامين العام لجمعية المصارف مكرم صادر ان الحاكم أعلم الجمعية في الاجتماع الذي عقد بتاريخ 29 ك2 2020، انه سيصدر التعميم المطلوب بحكم صلاحية المصرف المركزي وبعد التوافق مع السلطات على التدابير والتي تتضمن أولاً حرية الاموال الجديدة الواردة من الخارج بعد تاريخ ١٧/١١/٢٠١٩. وثانياً ان يقتصر التحويل الى الخارج، خارج الاموال الجديدة، من جهة لتغطية النفقات الشخصية الملحة وضمن سقف 50 الف دولار سنوياً، ومن جهة اخرى لتمويل استيراد المواد الاولية للزراعة والصناعة ايضا ضمن سقف نصف في المئة من الودائع سنوياً، وثالثاً تبقى العمليات بالعملات الاجنبية داخل لبنان بما فيها التحويلات او الشيكات او البطاقات، غير خاضعة لأي قيود. ورابعاً يتحدد السحب النقدي بالليرة بسقف شهري قدره 25 مليون ليرة للمودع الواحد مع تطبيق اجراءات مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، ويخضع استعمال البطاقات خارج لبنان للحدود المفروضة عليها، كما تدفع الشيكات بالليرة او بالدولار بالحساب وليس نقدا على شبابيك المصارف.

وجرى التوافق على ضرورة التطبيق الجدي لموضوع الاموال الجديدة Fresh كمدخل لاستعادة الثقة مع الزبائن وتفادياً لتحويلها مباشرة الى الصرافين، علما ان تحويلات اللبنانيين لا تزال مرتفعة وتفوق أربعة مليارات دولار. ولمح الحاكم الى ان الاتصالات جارية مع المؤسسات الدولية التي أبدت استعداداً للتعاون مع المصارف الراغبة لتوفير تمويل الاقتصاد من خلال تعاون ثلاثي، المصرف والمؤسسة الدولية والقطاع الخاص.

وفي سياق هذا الترقب، جاء اجتماع وزير المال غازي وزني مع وفد جمعية المصارف برئاسة سيم صفير، الذي عرض الاوضاع المصرفية والنقدية ودور المصارف في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، لكن الاجتماع لم يتخذ أي قرار، بحسب ما أكّد صفير، في حين شدّد الوزير وزني على عدم المس للودائع، وحث الجمعية على العمل على خفض معدلات الفائدة في المرحلة المقبلة لتحريك عجلة الاقتصاد وتخفيف الاعباء على المالية العامة.

ووصف صفير الاجتماع بأنه إيجابي جداً، وقال تبادلنا معلومات ولم يتخذ أي قرار. وعما إذا كان سيتم دمج المصارف لتفادي الإفلاس، قال: «لم يتخذ أي قرار وما تداولنا فيه هو مجرّد افكار».

وأكّد ان «لا ودائع محجوزة، فهي موجودة في المصارف، وستظل موجودة، وكرر كلام حاكم مصرف لبنان ان لا HAIRCUT على الودائع».

تزامناً، كانت لافتة للانتباه الصرخة التي أطلقها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد اجتماع تكتل «الجمهورية القوية» برفض المس بودائع النّاس في المصارف تحت أي حجة، في إشارة إلى ان فكرة تحويل الودائع بالدولار إلى الليرة، باتت جدية لكنها مرفوضة.

وقال أنّ «الناس وضعت الاموال ضمانة لآخرتها، ولا يجوز أن يتحمّلوا ما وصل إليه الوضع في لبنان. من أوصل الوضع إلى هنا يتحمّل المسؤوليّة، ومن غير المقبول المس بأموال الناس»، مشدّدًا على أنّه «لا يجب تحميل المودعين مسؤوليّة إخراج البلد من الازمة. الدولة بحدّ أدنى لديها مقدرات ما يكفي لإعادة السيولة، وهذا يحتاج إلى استقامة ونظافة كف. المس بالودائع غير مقبول».

و«بالنسبة إلى موضوع سداد الديون الخارجيّة، أوضح جعجع أن هذا الموضوع له علاقة بخطّة شاملة تضعها ​الحكومة​. وعندما تكون هناك سلّة إصلاحات متكاملة، عندها ممكن أن نبحث بهذا الموضوع».

لجنة البيان

في الاثناء، واصلت لجنة وضع البيان الوزاري عملها امس، في اجتماعها السابع وقبل الاخير المفترض عقده اليوم والذي يبدأ الساعة العاشرة صباحا وينتهي الثالثة بعد الظهر، لوضع اللمسات الاخيرةعلى الشق الاقتصادي والمالي والمعيشي والاجتماعي والاجرائي الذي انتهت صياغته، فيما استمرتضارب المعلومات حول الشق السياسي، هل سيكون نسخة طبق الاصل عما ورد في بيان حكومة سعد الحريري ام بصياغة وتوجهات جديدة ولو ابقت على المضمون نفسه تقريباً. علماً ان التطورات الاخيرة على صعيد المنطقة، ولا سيما بعد الإعلان عن «صفقة القرن» لتصفية القضية الفلسطينية تفرض تعاملاً مختلفاً، يبدو انه سيكون أكثر حزماً وتشدداً طالما ان المواجهة ستكون أكثر عنفاً.

وقد دخل مشروع البيان الوزاري في تفاصيل اعمال الوزارات ومشاريعها وخططها.لا سيما معالجة ازمة الكهرباء وقطاعات المال والاقتصاد والصناعة والزراعة والتنمية، ومكافحة الفساد، وبطريقة قابلة للتنفيذ، وهو ما يرجح ان يكون البيان الوزاري موسعاً ومفصّلا ومختلفا عمّا سبقه من بيانات وزارية.

وفي حال انتهاء الصياغة النهائية اليوم، سيتم توزيع نسخ عنه على الوزراء، لتعقد جلسة الاسبوع المقبل في القصر الجمهوري لإقراره بصيغته النهائية واحالته على المجلس النيابي، والذي لن يتمكن من عقد جلسة الثقة، قبل عيد مار مارون في 9 شباط الحالي.

ومن أجل ان تكون الهيئات الاقتصادية شريكة للحكومة في صياغة البيان الوزاري، اسوة بالهيئات المالية بحسب تعبيره، حرص رئيس الحكومة حسان دياب في الورشة الاقتصادية والرقابية والقضائية التي شهدها السراي الحكومي، طيلة نهار أمس، على إشاعة مناخات تفاؤلية في الاجواء الداخلية، ولا سيما الاقتصادية منها بشكل خاص، مؤكداً ان الوضع الاقتصادي في البلد وفي كل القطاعات يُعاني من صعوبات لكن علينا ان نتحمل قليلاً على أمل ان تستطيع الحكومة تحقيق إنجاز يؤدي إلى الخروج من الازمة التي يعيشها لبنان».

وإذ أسف للضغوط الكبيرة التي يتعرّض لها القطاع الاقتصادي، غمز من قناة ما يحصل على صعيد تخريب المؤسسات في أسواق بيروت، معتبرا ان هؤلاء، من دون ان يسميهم، يشوهون الحراك المطلبي الحقيقي واهدافه الاصلاحية».

وأعربت مصادر الهيئات الاقتصادية لـ «اللواء» عن ارتياحها للاجتماع المطوّل والصريح الذي جمعها مع الرئيس دياب، ونقلت تفاؤلاً حول نظرته لمعالجة المشاكل التي سيكون لها حلول، كما يُؤكّد، وهو يُشدّد (أي دياب)، على ان الامور غير مغلقة كما يصور البعض، وان المعالجات تكون من خلال تعاون وتواصل بين الهيئات الاقتصادية والوزارات المختصة، حسب كل قطاع.

ولمست المصادر جدية من قِبل رئيس الحكومة في العمل للتوصل إلى حلول، داعية إلى انتظار نيل الحكومة الثقة، وتوقعت ان يتم الإضاءة في البيان الوزاري على المشاكل الحقيقية التي يعاني منها البلد، ووضع النقاط على الحروف، خصوصا ان المشاكل ليست جديدة بل هي متراكمة عبر السنوات الماضية، وشددت المصادر على اهمية اتخاذ الاجراءات الاصلاحية في كافة الوزارات لمعالجة المشاكل التي تعاني منها، وتنقل المصادر عن الرئيس دياب اطمئنانه للمسار الذي ستؤول اليه الامور، وتأكيده انه سيكون هناك تعاون ما بين الهيئات الاقتصادية والوزارات من خلال كل قطاع والوزارة المعنية بشكل منفرد لوضع القطار على السكة لايجاد المعالجات المطلوبة.

ضخ أموال للصناعة

وفي معلومات «اللواء» انه تمّ التأكيد خلال الورشة على ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لتسهيل استيراد المواد الاوّلية للمصانع، من أجل تحويل الاقتصاد من «ريعي» إلى «منتج» حتى ولو اقتضى الامر تحديد سقف التعامل المالي بالعملة الاجنبية من أجل استمرار عملها، لأنه في حال توقفت الحركة الصناعية سنشهد مزيداً من البطالة.

وأشار وزير الصناعة عماد حب الله إلى انه في حال تمّ التوافق على التدبير الذي اعلمه حاكم مصرف لبنان للمصارف والقاضي بأن يقتصر التحويل إلى الخارج، لتغطية النفقات الشخصية الملحة وضمن سقف 50 ألف دولار سنوياً، من جهة، ومن جهة أخرى لتمويل استيراد المواد الاوّلية للزراعة والصناعة أيضاً ضمن سقف ثقف 0.5 في المائة من الودائع سنوياً، سيساعد الاقتصاد والنهوض بالقطاع الصناعي وتأمين استمرارية الإنتاج للمصنع اللبنانية، والتصوير والمحافظة على التوظيف تجنباً لمزيد من البطالة.

وكشف الوزير حب الله ان موضوع المطالبة بضخ نحو 300 مليون دولار للقطاع الصناعي، سيكون محور بحث في اجتماع مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الاسبوع المقبل.

ورشة حكومية – نيابية

على صعيد آخر، ذكرت مصادر نيابية في كتلة كبيرة لـ«اللواء»، ان مرحلة ما بعد نيل الحكومة الثقة النيابية ستشهد فوراً ورشة عمل حكومية ونيابية كبيرة تتعلق بمعالجة وقوننة كل الملفات الاصلاحية والخدماتية بما يواكب مطالب الحراك الشعبي ويمثل خطوات تنفيذية للبيان الوزاري، عبر رزمة تشريعات نيابية بعضها كان مدرجا على جدول اعمال الجلسة التشريعية التي الغيت تحت ضغط الشارع، وتضمنت عشرة مشاريع واقتراحات قوانين لمكافحة الفساد واسترداد المال المنهوب وإقرار قانون السلطة القضائية المستقلة.

وكشفت المصادر ان اللجان النيابية المشتركة انهت درس واقرار مشروع قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهي خطوة اساسية على طريق الاصلاح وتلبي احد مطالب الحراك الشعبي. كما ان المجلس النيابي بصدد مواكبة اجراءات الحكومة ومصرف لبنان في معالجة الازمة الاقتصادية والنقدية والمصرفية وخفض الفوائد على الديون والايداعات وقروض الاسكان. واذا استلزم الامر بعض التشريعات في هذا الخصوص سيتحمل المجلس مسؤولياته.

الاستدعاءات

في غضون ذلك، تفاعلت قضية استدعاءات ناشطي الحراك الشعبي للتحقيق امام القضاء، سنداً إلى التحقيقات الجارية مع الناشط ربيع الزين حول الاتهامات الموجهة إليه، لا سيما وأن عدد المطلوبين إلى التحقيق في هذا الملف بلغ 12 مدعى عليهم إضافة إلى شاهدين في قضايا مختلفة متعلقة بالحراك.

وفجرت هذه القضية، حالة من التململ على الصعيد الشعبي سيتخذ اشكالا متعددة في الايام المقبلة، بالرغم من التهدئة النسبية الحاصلة.

وعلم على هذا الصعيد، ان المنتفضين يحضرون لعمل جاد في وجه المجلس النيابي خلال جلسة الثقة بالحكومة، يريد الحراك ان يتجاوز عبره اخفاق منع جلسة الموازنة الاخيرة والتي بدا خلالها الاعتراض الشعبي غير مؤثر ان لم نقل خجولاً.

وألمح إلى هذا العمل المؤتمر الصحفي «لهيئة تنسيق الثورة» الذي دعا إلى حجب الثقة عن الحكومة الحالية، والتمسك بمطلب حكومة مستقلين اكفياء، وكذلك رفض الموازنة التي أقرّت في جلسة نيابية ملتبسة دستورياً ومبنية على أرقام ومداخيل وهمية، وشجب الاستخدام المفرط للضغط والقوة ضد المواطنين والمتظاهرين.

وكان الزين مثل أمس امام قاضي التحقيق في جبل لبنان بسّام الحاج الذي أجرى مواجهة بينه وبين الموقوفين محمّد سرور وجورج قزي اللذين اوقفتهما مخابرات الجيش في الملف نفسه، وعلى الاثر ردّ طلبات تخلية سبيل الثلاثة وحدد الاثنين موعدا لاستكمال التحقيقات وطلب الاستماع إلى شهادة كل من ش.ق وع.ع.

ومساء انطلقت مسيرة سيّارة علىاوتوستراد نهر الكلب باتجاه جونية، حيث تجمع عدد من المتظاهرين على الاوتوستراد احتجاجاً على استمرار توقيف القزي والزين وسرور، وسجلت حركة سير كثيفة في المحلة خصوصاً مع قطع السير على الاوتوستراد بالاتجاهين لبعض الوقت.

وتزامناً، انطلقت مجموعة من المتظاهرين بمسيرة من امام محطة القطارات في مار مخايل وتوقفت امام مبنى مؤسسة كهرباء لبنان، ورفعوا الإعلام اللبنانية ويافطات تدعو إلى محاسبة الفاسدين الذين اهدروا المال العام، وهتفوا بإطلاق الناشطين الثلاثة الموقوفين.

وتابع هؤلاء سيرهم باتجاه ساحة الشهداء حيث تجمعوا امام مدخل مجلس النواب لجهة بلدية بيروت ورددوا هتافات المطالبة بالمحاسبة واسترجاع الاموال المنهوبة، من دون الإفادة عن وقوع احتكاكات بينهم وبين القوى الامنية في المكان.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
إنهم يقتلوننا… بالدجاج!
مزارع الدواجن تستخدم مضادات حيوية تساهم في نقص المناعة أمام الأمراض

لتسريع نمو الدجاج وتصريفه في الأسواق، تلجأ معظم مزارع الدواجن في لبنان إلى إعطائها عقار «كوليستين»، وهو مضاد حيوي يستخدم في علاج مرضى الحالات المستعصية. سوء استخدام هذا العقار أدّى الى انتشار جين «mcr-1» المقاوم للمضادات الحيوية بما فيها الـ«كوليستين» نفسه. بكلام آخر، نحن أمام سيناريو العودة الى ما قبل ظهور المضادات الحيوية، وأمام عودة الأمراض التي كان يمكن علاجها بالمضادات إلى أمراض مميتة مرة أخرى، وهذا من «أكبر الأخطار التي تهدد الصحة العالمية والأمن الغذائي»، وقد يتسبّب بوفاة نحو 10 ملايين شخص سنوياً بحلول سنة 2050، بحسب منظمة الصحة العالمية”.
في ختام محاضرة أُلقيَت، قبل أسبوعين، في حرم كلية العلوم الزراعية والغذائية (FAFS) في الجامعة الأميركية في بيروت، خرج الحاضرون باستنتاجات غير سارة… وكثير من الذعر. أوّل تلك الاستنتاجات يفيد بأن عقار الـ«كوليستين»، المضاد الحيوي الذي يُعطى عادةً للمرضى في حالات المرض المتقدّمة، يُستخدم في مزارع الدواجن في لبنان «بكميات كبيرة وبطرقٍ غير خاضعة للرقابة» لتسريع نمو الدجاج وتصريفه في الأسواق. يعني ذلك أن الدجاجات «غير المريضة» تمرّر لها جرعات من هذا العقار، غالباً عن طريق إذابته في مياه الشرب، في بلد يضمّ أكثر من 600 مزرعة دجاج، ويستهلك بين 50 و60 مليون فروج من الانتاج المحلي سنوياً.
ثاني تلك الاستنتاجات أن 90% من العينات البكتيرية التي أخذت من مزارع دواجن متعددة «في كلّ من الشمال والجنوب اللبناني» تحتوي على جين «mcr-1» المقاوِم للـ«كوليستين»، والذي تم اكتشافه للمرة الأولى في مزارع الخنازير في الصين عام 2015، قبل أن يُكتشف لاحقاً في أكثر من 30 دولة. هذا الاستنتاج توصّل إليه الأستاذ المساعد المتخصّص في العلوم الجرثومية والغذائية عصمت قاسم، في تموز الماضي، في دراسة أجراها بإسناد من «فريق عمل بحثي يتألف من أساتذة مختصّين ومجموعة من الطلبة الباحثين»، أجروا لاحقاً أبحاثاً أخرى في هذا الإطار. إلا أن قاسم فضّل – على ما يبدو – تعميم نتائج كل الدراسات خلال المحاضرة، دُفعةً واحدة، وبشكلٍ تسلسلي ومترابط، علّ الحاضرين يتنبهون إلى سوء الوضع الذي «يستدعي قرع ناقوس الخطر على المستوى الوطني». «نتائج كهذه تهتزّ على اثرها حكومات في الخارج»، يقول ممازحاً، قبل أن يستدرك بأن الأمر «لا يحتمل سخرية»، ويستدعي تدخلاً حاسماً من الجهاز الرقابي في وزارة الزراعة، إذا افترضنا أن للوزارة جهازاً فاعلاً يدرك أساساً أن المزارعين في لبنان يشترون الـ«كوليستين» بالسهولة التي يشترون فيها الخبز والسكر، ويستخدمونه في تحفيز نمو الحيوانات المنتجة للأغذية. وهو استخدام سبق أن حظره الاتحاد الأوروبي عام 2006، والولايات المتحدة عام 2017.

الاستنتاج الثالث و«الأهمّ»، يفيد بالعثور على جين «mcr-1» في 44% من عينات بكتيريا «E. coli» تم عزلها عن مياه الاستخدام المنزلي ومياه الصرف الصحي في مخيمات النازحين المنتشرة بين البقاع والجنوب. وهذا يعني أمرين: أن الجين دخل في منظومتنا الغذائية وهو قابل للانتقال بسرعة بين البكتيريا بأنواعها المختلفة، وأن الأخيرة تتحوّر من خلال الطفرات الجينية (Mutations) لتصبح مقاوِمة للمضادات الحيوية المستخدمة في علاج العدوى، بما فيها الـ«كوليستين». وعندما تشهد البكتيريا المقاومة للمضادات زيادة كبيرة في النمو لسهولة تنقلها بين البشر والحيوانات، يتحقق السيناريو الذي يتخوف منه العالم اليوم: العودة إلى عصر ما قبل المضادات الحيوية!

ماذا يعني ذلك؟
ثبات وجود جين «mcr-1» في بكتيريا «E. coli» التي ينقلها الدجاج إلينا عبر السلسلة الغذائية يعني، عملياً، أن أجسادنا «خرقتها» البكتيريا التي تتغذى على الـ«كوليستين»، وقد لا نعود قادرين، في المدى القريب، على مواجهة تفاقم مقاومة البكتيريا للعلاج. وعليه، تصبح الأمراض التي كان يمكن علاجها مطلع القرن الماضي، مميتة مرة أخرى بسبب ضعف قدرة المضادات الحيوية على مقاومة البكتيريا. بمعنى أن الإجراءات الطبية الشائعة، مثل العمليات القيصرية وزرع الأعضاء والعلاج الكيميائي، قد تصبح محفوفة بالمخاطر إلى درجة لا يمكن تصوّرها. ولهذا السبب، تعتبر منظمة الصحة العالمية مقاومة العقاقير واحدة من «أكبر الأخطار التي تهدد الصحة العالمية والأمن الغذائي والتنمية». وهي المشكلة التي قد تتسبّب بوفاة نحو 10 ملايين شخص سنوياً بحلول سنة 2050، وفق دراسة نشرت عام 2016 ، ما لم تتخذ إجراءات جدية لكبح تمدّد الظاهرة، خصوصاً في قطاع الزراعة الحيوانية.

مبيع بلا قيود
قبل أن يشرع قاسم في أبحاثه اللاحقة حول انتشار الجين المقاوم للكوليستين في لبنان، لاحق – بحثياً – العوامل التي رافقت نشأة الجين في البيئات الزراعية الصينية منذ اكتشافه. صحيح أن وضع الجين في لبنان كان شبه مجهول في حينه، إلا أن خطورة «mcr-1» تكمن في أنه «لا يلتصق بجرثومة واحدة»، بل يمكنه القفز بين أنواع من الجراثيم، مما يجعله سهل الانتشار.

لذلك، ركّز قاسم أبحاثه على الممارسات الزراعية في لبنان، وأجرى مسحاً لمخازن الأدوية البيطرية، ليكتشف أن الـ«كوليستين» «متاح على نطاقٍ واسع للاستخدام الحيواني، ويمكن شراؤه من دون وصفة طبية من الطبيب البيطري، تحت اثنتي عشرة علامة تجارية مختلفة»، بينها كوليسولتريكس (Colisultrix)، ألتيبيوتيك (Altibiotic)، كوليكسين (Colexin)، أمبيسين (Ampisin)، كوليسول (Colisol) ومونتاموكس (Montamox). وهو ما يبدو مستغرباً باعتبار أن مركّبات الـ«كوليستين» غير متوفرة في الصيدليات العادية وهي متاحة فقط في صيدليات المستشفيات لعلاج الحالات المستعصية. ما يعني أن المزارعين في لبنان، و«أغلبهم لا يعرف شيئاً عن تداعيات الاستخدام الخاطئ للمضاد» وفق قاسم، «يستحصلون عليها من مخازن الأدوية البيطرية، وبطريقة شرعية». يطرح ذلك تساؤلات في شأن الجهاز الرقابي في وزارة الزارعة، وتحديداً مصلحة مراقبة الاستيراد والتصدير. إذ أن الـ«كوليستين» لا يُنتج محلياً بل يُستورد، غالباً من إيطاليا، عبر شركات أدوية محلية كبرى. وما يبدو خطيراً أن الاستمرار في استخدامه في الزراعة يزيد من احتمال أن تصبح البكتيريا في لبنان مقاومة للمضادات ذات «الأهمية المصيرية بالنسبة للطب البشري» حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية. ويصبح الـ«كوليستين»، بالتالي، عديم الفائدة في علاج المرضى.

من دلهي إلى بيروت: «blaNDM-1» في مياه البحار والأنهار
بعد دراسة الممارسات الزراعية والاستخدامات السريرية لهذا المضاد، قرر فريق البحث تعميق دراساته حول استخدامات «كوليستين» بعيداً عن مزارع الدواجن ومياه الري فيها . وانطلاقاً من النتائج الخطيرة، بعد فحص عينات من مياه الاستخدام المنزلي ومياه الصرف الصحي في مخيمات النازحين، أجريت دراسة أخرى، بإشراف الأستاذ في كلية العلوم الزراعية والغذائية هادي جعفر، عُثر بنتيجتها على جين آخر هو «blaNDM-1» في 45% من عينات جرثومية مأخوذة من مياه البحر، وفي 95% من العينات المأخوذة من مياه عدد من الأنهار. وهو جين ينتج ما يصفه بعض الخبراء بـ«جراثيم خطيرة» تتمتع بمقاومة عالية للمضادات الحيوية، وسبق أن عثر عليه عام 2011 في العاصمة الهندية دلهي في المياه المنزلية. صحيح أن نتائج هذه الدراسة، الحديثة جداً، لم يُجرَ تعميمها رسمياً حتى اللحظة، إلا أنها تؤكد، بلا شكّ، أن نمو وانتشار البكتيريا والفايروسات المقاومة لكافة أنواع المضادات غير مستبعد في لبنان، وأنها سهلة الانتقال عبر الدواجن، ومياه الري والصرف الصحي، إلى جانب مياه البحار، في بلادٍ تعاني في الأساس من بنية تحتية هشة، ونظام صحي يسير بقوة… الدفع الإلهي!

وزارة الزراعة: لا كتاب… لا جواب!
حسب رئيس مصلحة إنتاج وتربية الحيوان في وزارة الزراعة، سليم المصري، فإن «كل ما يتعلق بقطاع الزراعة الحيوانية يتحمل مسؤوليته مدير الثروة الحيوانية، الطبيب البيطري الياس ابراهيم». الأخير، في اتصال مع «الأخبار»، قال إن «أي إجابة على أي استفسار تستدعي إرسال كتاب رسمي إلى الوزير حسن اللقيس، يجيز لنا التحدث مع الصحافة». وعندما حاولت «الأخبار» التواصل مع الوزير، لم تلقَ منه أي جواب.

استهلاك «كوليستين» في لبنان إلى ارتفاع
بعد فحص كمية الـ«كوليستين» المستوردة إلى لبنان بين عامي 2010 و 2017، لاحظ الأستاذ المساعد المتخصّص في العلوم الجرثومية والغذائية عصمت قاسم زيادة بنحو خمسة أضعاف في الكمية، في مؤشر واضح على زيادة غير مسبوقة في الإصابات المقاومة للمضادات المتعددة في مستشفيات لبنان، والتي تتطلب استعمال هذا المضاد. وبعملية حسابية بسيطة، قدّر أن «ما يقرب من ثلاثة آلاف مريض لبناني (0.05٪ من التعداد السكاني)» استدعت حالتهم العلاج بالكوليستين. وهو «رقم مخيف، بل كارثي، في حال أصبح الكوليستين غير فعّال».

علاج «الملاذ الأخير»
منشطات النمو المستخدمة في تربية الدواجن هي مضادات حيوية تُعطى للطيور لحمايتها من الأمراض أو لجعلها تكتسب وزناً أسرع بغية تحقيق ربح أكبر. الـ«كوليستين» هو أحد أبرز المضادات التي باتت تستخدم لهذا الغرض. وقد أعيد استخدامه سريرياً بعد شيوع حالات مستعصية مقاومة للمضادات، على الرغم من أنه تمّ التخلي عنه بالكامل في السبعينيات بسبب سُميّته. يطلق عليه الأطباء تسمية «الملاذ الأخير» لأنه يستخدم لعلاج المرضى المصابين بأمراض خطيرة من الالتهابات التي تقاوم جميع المضادات الأخرى تقريباً.