افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 15 كانون الثاني، 2019

“حركة الاستقلال”: “يعقوبيان تكرر استهداف معوض ولا نريد باتهامها بصداقاتها السياسية والمصرفية المتعددة والعابرة للدول”!
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 16 كانون الثاني، 2018
السفير المولى: لماذا لا تبتّ «التمييزية» شكوانا؟

وصل الديبلوماسي الأميركي ديفيد هيل إلى بيروت لتنفيذ مهام محددة. أولاها، عرقلة تشكيل الحكومة، بتحريض اللبنانيين على بعضهم البعض. ثانيها، إطلاق تصريحات تطعن في شرعية المقاومة، باعتبارها جزءاً من الدولة. ثالثها، تبرير عدوان "إسرائيل" على لبنان وتغطيته وتلميع صورة الكيان الصهيوني بالكلام الكاذب عن الحوار والسلم. جاء هيل ونفذ هذه المهام. لم يفاجأ المواطنون بما فعله مبعوث واشنطن. لكنهم قد يفاجأون بـ"هِيلِ" بعض السياسيين المحليين ممن سكروا بكلامه. 

البناء
ترامب يلملم تهديداته لتركيا… ولا يمانع بمنطقة عازلة… والجيش السوري يحشد باتجاه إدلب
القمة في موعدها دون ليبيا… وهيل معنيّ بنوع الحكومة ويشجّع تصريف الأعمال
من يضع النقاط على حروف الجدار الإسرائيلي …والتهديدات الأميركية… والحكومة ؟

يبدو أن فقاعات الصابون لا نهاية لها في جعبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فبعد مؤتمر وارسو لمواجهة إيران الذي أعلن عنه وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في صورة كاريكاتورية مستنسخة عن مؤتمر أصدقاء سورية، أو عن مؤتمرات شرم الشيخ، قام ترامب بلملمة شظايا تهديده بتدمير الاقتصاد التركي، مؤيداً في اتصال مع الرئيس التركي رجب أردوغان إقامة منطقة عازلة على الحدود التركية مع سورية، ستصبح منطقة أمنية داخل الحدود التركية، بسبب تعذّر فرض اي أمر واقع أميركي أو تركي داخل الحدود السورية، كما تؤكد مصادر متابعة لما يجري في شمال سورية، مع تحول الحشود التركية عامل تسريع للتفاهمات التي تجريها القيادات الكردية مع الحكومة السورية، ستكون ترجمتها تسريع تسلّم الجيش السوري النقاط الحدودية مع تركيا أسوة بما جرى في منبج، وتحوّل الفشل التركي في الوفاء بتعهدات أستانة لجهة إنهاء جبهة النصرة، إلى سبب مباشر لحل أحادي بات الأتراك يسلمون به، قوامه تقدّم الجيش السوري نحو إدلب، مع الأنباء عن حشود للجيش السوري تتجه نحو إدلب، وعن كلام تركي روسي عنوانه لم يعد هناك من حلّ إلا بالحسم العسكري وليس من يقدر عليه، ولا يحتاج لتفويض من أحد إلا الجيش السوري.
لبنانياً بات ثابتاً أن القمة العربية الاقتصادية ستعقد في موعدها، وأن سورية لن تكون مدعوّة لحضورها، وأن ليبيا ستغيب عنها، وأن الملف الحكومي مؤجّل لما بعد القمة، كما بات ثابتاً أن خسائر لبنان من القمة ستفوق عائداتها التي لا يبدو منها شيء سوى الإحراجات التي ستسببها للبنان والتي يبدو الغياب السوري أقلها أهمية، مع شعار القمة عن الازدهار في السلام، وعلاقته بمناخات التحضير للتطبيع مع «إسرائيل» من جهة، وما يرد من معلومات عن نيات الحكومات الخليجية الإصرار على تضمين البيان الختامي للقمة عبارات قاسية بحق إيران.
الجروح الداخلية من مسار الوصول إلى القمة لن يسهل علاجها بعد نهاية أعمال القمة، خصوصاً ما اصاب العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية في حمأة السجالات، لكن الملف الحكومي العالق سيفرض على الجميع التشاور للبحث عن حلول، خصوصاً بعدما سمع الجميع كلام الضيف الثقيل ديفيد هيل يحمل بوضوح دفتر شروط للسماح بولادة حكومة جديدة قال هيل إن حكومته من ضمن المهتمّين بازدهار لبنان ومعنية بنوع هذه الحكومة، والنوع هنا ليس كلمة غامضة، فهي معطوفة على لوم اللبنانيين على صمتهم تجاه امتلاك حزب الله لمئة ألف صاروخ تهدّد أمن «إسرائيل»، والحكومة التي ستنال الضوء الأخضر الأميركي تُقاس بحجم حضور حماة  الصواريخ بين صفوفها، والنوع المقبول هو النوع الذي يتيح لواشنطن القول إنه تمت بنجاح عملية الضغط لتقليص حضور حماة الصواريخ في الحكومة كماً ونوعاً، ولم يترك هيل مجالاً للتأويل حول كيفية التعامل مع المعادلات اللبنانية وصعوبة تشكيل حكومة بالشروط الأميركية فأطلق تشجيعه على قيام حكومة تصريف الأعمال بالمهمة.
هل سيلتزم لبنان بدفتر الشروط الأميركي أم سيتمكن من التمرّد وإطلاق مسيرة حكومة تعبر عن نتائج الانتخابات النيابية بعيداً عن شروط ديفيد هيل؟
شروط هيل لم تقتصر على الحكومة، فهو جاء يهدّد لبنان من أي رد على خطوات إسرائيلية لمواصلة بناء الجدار الإسمنتي في نقاط الاعتراض اللبنانية، واعداً بالعمل لتفاوض حول تسوية لترسيم الحدود البرية والمائية، وهو وعد قديم لم يتغيّر منه، سوى أن لبنان كان يشترط للانتظار وقف فرض الأمر الواقع الإسرائيلي تحت طائلة التهديد بالتصدي الميداني للانتهاكات الإسرائيلية، بينما المطلوب اليوم أن يكتفي لبنان بالانتظار والشكوى لمجلس الأمن الدولي بينما إسرائيل تضع ألواحها الإسمنتية في أراضيه.
ينتظر اللبنانيون إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تردد أنها ستكون يوم غد الأربعاء ولم تتأكد للحصول على الأجوبة الشافية حول هذه الأسئلة ، لتكون أجوبته وحدها عندما تحضر فرصة لعودة الأمور إلى نصابها .
هدوء «عاصفة القمة»…
بينما لبنان مجدداً على موعد مع عاصفة مناخية «ميريم» تصل مساء اليوم لا تقلّ قسوة وبرودة عن سابقتها «نورما» بحسب مصلحة الأرصاد الجوية، فإن الأرصاد السياسية قد سجلت هدوء العاصفة التي هبت على أثر دعوة ليبيا الى القمة العربية الاقتصادية المزمع عقدها في بيروت، وذلك بعدما قطعت الحكومة الليبية النزاع الداخلي بإعلانها رسمياً عدم المشاركة في القمة معللة الأسباب.
وأعلن الناطق الرسمي باسم وزارة خارجية حكومة الوفاق، احمد الأربد «أنه تقرّر رسمياً عدم المشاركة على أي مستوى في القمة»، قائلاً «إن مقعد دولة ليبيا سيكون شاغراً»، ودان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ما وصفه بـ «إهانة «حركة أمل» للعلم الليبي في مقر القمة»، مطالباً وزارة الخارجية «بتجميد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين».  في المقابل عمد عدد من الشبّان الليبيين الى مهاجمة السفارة اللبنانية في طرابلس الغرب، والاعتداء على مدخلها، وقد نفى سفير لبنان في ليبيا محمد سكينة التعرّض لداخل السفارة، وقال «إن ما جرى نزع للافتة الخارجية فقط».
 وفور الإعلان الليبي عن عدم المشاركة في القمة عاد الوضع الأمني الى طبيعته في بيروت بعد التوتر الذي شهده الشارع بفعل تحرك مناصري حركة أمل رفضاً لحضور الوفد الليبي القمة، وإذ لوحظت مغادرة مناصري الحركة الشارع، بقيت تفاعلات ما جرى على صعيد العلاقة بين أمل والتيار الوطني الحر.
وإذ عبّرت مصادر التيار عن امتعاضها الشديد من ردة الفعل الحركية في الشارع، معتبرة ذلك قفزاً فوق الدولة ومؤسساتها وعودة الى لغة الحرب الاهلية، ردت مصادر مطلعة في حركة أمل عبر «البناء» مطمئنة الى أن «الوضع في الشارع عاد الى طبيعته بعد قرار الدولة الليبية»، موضحة أن «موقفنا من مشاركة ليبيا لا علاقة له بموقفنا من القمة أو من العهد، إذ إن رئيس الحركة نبيه بري منذ بداية الأمر أعلن موقفه الداعي الى تأجيل القمة لأسباب تتعلق بعدم وجود حكومة أصيلة تعمل على ترجمة واستثمار نتائج القمة على المستويات الاقتصادية وغيرها، ثانياً أن البنود الرئيسية التي ستناقشها القمة تتعلق بسورية لا سيما إعادة الإعمار، فكيف ذلك وسورية غائبة؟».
وعن الموقف العربي من التحركات الشعبية، تساءلت المصادر: لِم لم يتحرك القرار العربي في قضية الإمام موسى الصدر المختطف منذ 40 عاماً والقضية موضع إجماع لدى اللبنانيين؟ وإن كانوا حريصين على العلاقات اللبنانية – الليبية كان الأفضل بهم مطالبة ورثة معمر القذافي كشف ملابسات إخفاء الإمام الصدر»، وتُذكّر المصادر بأن «أمل كانت من أوائل الداعمين للثورة الليبية ضد القذافي معلقة الآمال على جلاء الحقيقة على يد النظام الجديد، لكن النتيجة جاءت مخيّبة للآمال لا سيما أن بإمكان الحكومة الليبية استجواب قياديين شغلوا مواقع قيادية أمنية هامة في النظام القذافي كسيف الإسلام والسنوسي»، وتشير الى «مذكرة التفاهم بين القضاء اللبناني والحكومة الليبية التي وقعها السفير اللبناني في طرابلس الغرب عام 2014 وتتضمّن أن يحضر الوفد القضائي اللبناني جلسات التحقيق في القضية دون المشاركة فيها، لكن ومنذ ذلك الحين لم تتعاون الحكومة الليبية الجديدة مع لبنان في هذه القضية، فكيف نسمح لوفدها الحضور الى الأراضي اللبنانية؟».
واستغربت مصادر في كتلة التنمية والتحرير اتهام الحركة بالتهديد بالسلاح، موضحة لـ»البناء» أن «الأمر لم يكن ليصل الى هذه الدرجة التي يتخيلها البعض، فالحركة كانت وستبقى ضد استعمال السلاح في الداخل من أي مكوّن، لكن ما حصل تحرك سياسي عبرنا عنه بالمواقف وتحرك شعبي مدني سلمي، وتساءلت أين المظاهر المسلحة؟ ونفت توسع السجال مع التيار الوطني الحر»، مؤكدة أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو أشدّ الحريصين على مؤسسات الدولة والسلم الاهلي والاستقرار وقدم الكثير من التضحيات في سبيل بقاء الدولة ومؤسساتها لكن قلنا إن قضية الصدر خط أحمر والإمام ليس لأمل بل لكل اللبنانيين». ونفت أن يصل الى أزمة في العلاقة مع بعبدا، مشيرة الى أن «الرئيس بري كان يتمنى لو ان الأمر عولج بغير هذا الاسلوب والطريقة التي ولدت التوتر وكاد ينعكس فلتاناً في الشارع وهو كان أوفد الوزير علي حسن خليل الى بعبدا لأجل هذه الغاية».
وأمس، أكدت معلومات لقناة الـ «أن بي أن» أن «​ليبيا​ أصدرت قرارين بشأن ​لبنان​، أولهما يتعلق بوضع حراسة مشدّدة على ​السفارة اللبنانية​ في ليبيا». وأوضحت أن «القرار الثاني هو جمع رئيس ​حكومة​ الوفاق الوطني الليبي ​فايز السراج​ كل المسؤولين الليبيين المعنيين بملف قضية الإمام السيد ​موسى الصدر​ ورفيقيه لتفعيل لجنة المتابعات والتحقيقات التي أنشئت بين البلدين».
أما على صعيد موقف الرئيس بري من مسألة دعوة سورية الى القمة، أوضحت المصادر الحركية أن «العلاقة كانت وستبقى متينة وصلبة ولم تتغيّر في كل المراحل، فهي علاقة تاريخية ولا يحق لأحد الدخول على خط هذه العلاقة، فالرئيس بري ينطلق بتأكيده ضرورة هذه العلاقة من مصلحة لبنان قبل كل شيء إذ إن سورية تمثل المعبر اللبناني الوحيد الى العالم العربي في الاقتصاد وفي إعادة الإعمار الى جانب أنها باب الحل للملفات الساخنة كملف النازحين السوريين».
ولاقت أحداث اليومين الماضيين صدىً عربياً واسعاً، وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط في بيان «أن من غير المقبول في أي حال من الأحوال او تأسيساً على أي حجة ان يتم حرق علم أية دولة عربية، خصوصاً إذا ما حدث هذا الأمر على أرض عربية، آخذاً في الاعتبار ان وجود اختلافات في الرؤى أو بواعث سياسية تاريخية معينة لا يبرّر حرق علم عربي يمثل في حقيقة الأمر رمز الدولة وواجهتها والمعبر عن إرادة ووحدة شعبها».
في المقابل حاول وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل احتواء الموقف الليبي، ووجّه رسالة إلى نظيره الليبي، معلناً رفضه المطلق للأمور والأعمال التي طالت دولة ليبيا ومشاركتها والتي لا تعبر عن موقفه وموقف لبنان. كما أكد حرصه على العلاقات بين البلدين وضرورة وضعها على السكة الصحيحة من دون أن يتخلى لبنان إطلاقاً عن واجبه الوطني بمعرفة مصير سماحة الإمام المغيب موسى الصدر ورفيقيه وحل هذه المسألة التي عكرت العلاقات بين البلدين لأكثر من أربعة عقود. وسأل الوزير باسيل نظيره الليبي مجدداً تقديم كل ما يلزم من مساعدة لمعرفة مصير سماحة الإمام مكرراً أسفه لما حصل ومؤكداً وجوب معالجته»، إلا أن موقف باسيل لاقى امتعاض حركة أمل، عبرت عنه في مقدمة نشرة أخبار قناة «ان بي أن» متهمة باسيل​ بـ»التودّد المريب في وقت مريب مقدماً الاعتذار عما اعتبره لا يمثل لبنان ربطاً بالحركة الاعتراضية التي عبر عنها شعب الإمام الصدر».
نصرالله يطلّ غداً
ووسط هذا المشهد الملبّد بالغيوم السوداء يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم غدٍ بمناسبة ذكرى شهداء القنيطرة، حيث يحدّد السيد نصرالله بحسب معلومات «البناء» موقف الحزب من أربعة عناوين: الأول التطورات الميدانية على الحدود مع فلسطين المحتلة في ضوء الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية. الثاني الاشتباك الداخلي لا سيما التوتر السياسي الذي رافق انعقاد القمة الاقتصادية بلا سورية والدعوة الليبية والمواقف التي أُثيرت حولها.
الثالث جولة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل الى بيروت والمواقف التي أطلقها ضد الحزب التي تأتي في إطار تشديد الضغط والحصار على حزب الله.
ويتناول السيد في العنوان الرابع الوضع الإقليمي عموماً لا سيما قرار الانسحاب الأميركي من سورية وجولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى المنطقة وأهدافها. 
وقد ترافقت جولة بومبيو مع حملة الإشاعات التي تناولتها وسائل إعلام أميركية أوروبية وعربية تحدثت عن تحضيرات أميركية عسكرية في المنطقة لشن حرب على إيران الى جانب استعدادات يجريها حلفاء واشنطن الإسرائيليين والخليجيين، غير أن الحزب بحسب مصادر مطلعة على موقفه لـ»البناء» «ينظر الى هذه التهديدات في إطار الحرب النفسية التي دأب الأميركيون والإسرائيليون على انتهاجها عند فشل مشاريعهم وعجزهم عن تغيير الواقع والمعادلات»، مشيرة الى أن «هدفها كما هدف زيارة دايفيد هيل، شدّ عصب حلفاء أميركا في المنطقة بعد قرار انسحاب القوات الأميركية من سورية»، لكن الحزب على «جهوزية تامة لمواجهة اي تحرك أو عدوان عسكري وقد أعد ّالعدة للمواجهة».
واعتبرت المصادر أن جولة هيل تأتي استكمالاً لزيارة بومبيو في محاولة لإعادة إحياء وتجميع قوى 14 آذار بقيادة النائب السابق وليد جنبلاط لتشديد الحصار السياسي على حزب الله وعودة لمشهد 2005 وفي هذا السياق خصص المسؤول الأميركي زيارته الأولى لجنبلاط ويندرج هذا التحرك الأميركي «خشية أن يستثمر الحزب انتصاره في سورية في الداخل اللبناني»، وأضافت المصادر أن «الحزب ينظر بعين الريبة الى اللقاء بين جنبلاط وهيل لكن لا ترهبه زيارات ولقاءات كهذه ولا مفاعيلها، لأن التجربة الأميركية مع القيادات اللبنانية وقيادات أخرى في المنطقة تُثبت استخدام أميركا لهم في سبيل تحقيق مصالحها»، كما وضعت المصادر التحركات الإسرائيلية الميدانية في إطار مواكبة الجولة الأميركية، إذ إن «إسرائيل ترفد المبعوث الأميركي بملفات للضغط على الحكومة اللبنانية كموضوع الأنفاق».
وهنا تشير مصادر عليمة في الملف الحكومي الى أن «تأخير ولادة الحكومة سببه ليس الحريري نفسه، بل استجابته لإملاءات أميركية للحؤول دون تأليف حكومة تكون فيها لحزب الله حصة وازنة». 

اللواء
هيل يشجِّع تعويم الحكومة: مهتمون بنوعية الوزراء ومواجهة حزب الله
قطوع القمة الرابعة يمر بأزمة مفتوحة مع ليبيا.. وتفاقم الخلافات بين بعبدا وعين التينة

تجاوز لبنان قطوع انعقاد القمة الاقتصادية الاجتماعية العربية الرابعة، لكن الاشكال بين حركة «أمل» والتيار الوطني الحر، لا يزال يتفاعل، في ضوء ما وصفته أوساط الحركة بـ«التودد المريب» في «وقت مريب» وصفاً لموقف وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال الذي اعتبر أن ما حصل في البيال قبل يومين لا يمثل لبنان الرسمي، على الرغم من المطالبة بجلاء قضية الامام السيّد موسى الصدر.
وإذا كان ما كشف عنه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل بعد لقاء الرئيس المكلف سعد الحريري من ان «المجتمع الدولي يراقب عن كثب وضع الحكومة اللبنانية،.. وما يهمه (أي المجتمع الدولي) هو نوع الحكومة المختارة، وعدم القدرة على الاختيار..» معرباً عن دعم بلاده لتفعيل حكومة تصريف الأعمال، على المضي قدماً حيث يمكنها، وخاصة على الصعيد الاقتصادي، لتجنب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية، تنظر إليه أوساط 8 آذار بعين الريبة، لا سيما أوساط «حزب الله»، فإن المعلومات تؤكد استمرار الجمود على جبهة مساعي التأليف، وان المجتمع الدولي، والولايات المتحدة لا يمانعان من ان تلعب الحكومة دوراً إذا ما استمر التعثر في عملية التأليف.. في ضوء الاستراتيجية الأميركية التي تتجه «لمواجهة الأنشطة الإيرانية الخطيرة بما في ذلك تمويل وأنشطة المنظمات الإرهابية بالوكالة مثل حزب الله».
ومع الهدوء النسبي لزوبعة مشاركة ليبيا في القمة بعد إعلانها المقاطعة رسمياً، وتجميد العلاقة مع لبنان، فإن مضاعفات الوضع وتداعياته لم تقف عند حدّ، بل اتخذت اشكالاً متعددة، على الرغم من حضور نواب كتلة التنمية والتحرير إلى جانب نواب من تكل لبنان القوي، ومن كل أخرى في العشاء الذي أقامه النائب ميشال معوض، على شرف السفير هيل والوفد الأميركي المرافق في منزله في الحازمية مساء أمس.
هدوء «زوبعة» المشاركة الليبية
وعلى صعيد الأزمة اللبنانية – الليبية، طالب مجلس الدولة الليبي بتجميد العلاقات مع لبنان، رداً على ما وصفه «إهانة» حركة «أمل» للعلم الليبي في مقر القمة، فيما عمد عدد من الشبان في طرابلس الغرب إلى مهاجمة مقر السفارة اللبنانية، واكتفوا بنزع اللافتة الخارجية من دون اقتحام حرم السفارة.
وأوضح السفير في ليبيا محمّد سكيني الذي صودف وجوده في تونس، أثناء الحادث، ان طاقم السفارة بخير ولم يصب أحد بأذى.
واعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن انزعاجه الشديد حيال الاعتداء على علم ليبيا في بيروت، معتبراً انه «من غير المقبول في أي حال من الأحوال ان يتم حرق علم أية دولة عربية،  خاصة وان ذلك حدث على أرض عربية، وحث السلطات اللبنانية على العمل لتوفير الاحترام الكامل لوفود الدول الأعضاء في الجامعة، المقرّر ان تشارك في اجتماعات القمة الاقتصادية، مذكراً بأنه كان هناك ترحيب من مختلف الدول الأعضاء بالطلب اللبناني باستضافة هذه القمة».
اما بالنسبة إلى لبنان الرسمي، فإن تداعيات الموضوع الليبي، كشفت عن انقسام في الموقف الرسمي، خصوصاً وان ما حصل في محيط مقر القمة، مر من دون مساءلة أمنية أو محاسبة قضائية، عبرت عنه رسالة وزير الخارجية جبران باسيل إلى نظيره الليبي محمّد سيالة، معرباً عن اسفه لعدم مشاركة ليبيا في اعمال القمة، معلناً رفضه «للامور والاعمال التي طالت دولة ليبيا ومشاركتها والتي لا تعبر عن موقفه وموقف لبنان».
تثبيت موعد القمة
لكن البارز ان انتهاء أو هدوء «زوبعة» الحضور الليبي إلى القمة، حسمت الجدل الذي كان قائماً حول طلب تأجيلها بسبب عدم دعوة سوريا إليها، لجهة التأكيد على انعقادها وتثبيتها في موعدها، إذ أعلنت اللجنة العليا المنظمة للقمة في مؤتمر صحافي عقدته أمس، عن انتهاء التحضيرات العملانية واللوجستية للقمة كافة، وفق الخطة الموضوعة لهذه الغاية، وتأكد حسب القيمين على التحضيرات، حضور سبعة قادة عرب لغاية أمس.
وأكّد الناطق الرسمي باسم القمة رفيق شلالا ان لبنان لم يتبلغ رسمياً عدم مشاركة ليبيا، مشيراً إلى ان مشاركة سوريا من عدمها مرتبط بقرار مجلس وزراء الخارجية العرب، وليس اللجنة المنظمة أو الدولة المضيفة، واصفاً تمزيق العلم الليبي في مقر القمة «بالمؤسف».
ومن جهته، أكّد رئيس اللجنة العليا للقمة المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير ان عنوان القمة الذي اعتمده لبنان وهو «الازدهار من عوامل السلام» أتى في سبيل التشديد على ضرورة ايلاء الأهمية للقضايا التنموية والاقتصادية ودعم الجهود العاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات لضمان عدم استغلالها، مشيراً إلى انه سيصدر عن القمة «اعلان بيروت» يوجز مجرياتها ومن الممكن ان يُطلق الرئيس ميشال عون مبادرة تنموية، لم يوضح تفاصيلها.
وأوضح رئيس الهيكلية الأمنية الخاصة بالقمة قائد لواء الحرس الجمهوري الذي انيط به مهمة حفظ أمن القمة من قبل المجلس الأعلى للدفاع، ان هذه الهيكلية وضعت خطة أمنية مفصلة لمنع أي خرق أمني، يُشارك فيها إلى جانب لواء الحرس الجمهوري قوة مؤلفة من 500 ضابط و7000 عنصر بين رتيب وفرد من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، كما تمّ إنجاز بقعة أمنية في محيط مكان القمة في واجهة بيروت البحرية، ستقفل أيام الجمعة والسبت والاحد، ولن يدخلها الا حاملو البطاقة الأمنية الصادرة عن الهيكلية، وهم من السكان واصحاب المحلات والوفود المشاركة والاعلاميين ومقدمي الخدمات للقمة والعناصر الأمنية.
ولفت مُنسّق اللجنة العليا العميد جوزف نحاس إلى انه ستتخذ يومي السبت والاحد تدابير سير استثنائية على الطرق المؤدية من المطار إلى وسط بيروت على الاتجاهين، فيما أشار العقيد عماد الجمل إلى منع السير على اوتوستراد المدينة الرياضية، نفق سليم سلام، جادة شارل حلو، النفق المؤدي إلى فندق فينيسيا بالاتجاهين يومي السبت من السادسة صباحاً وحتى انتهاء وصول رؤساء الوفود والاحد من السادسة صباحاً وحتى انتهاء مغادرة رؤساء الوفود.
ولاحقاً، أعلن العميد فغالي عن انه طلب اتخاذ إجراءات إضافية لحماية القمة شملت وقف العمل بتراخيص الأسلحة اعتباراً من يوم أمس ولغاية 21 الشهر الحالي ضمناً، في مدينة بيروت وضواحيها، وعدم منح أي تراخيص للاعتصام أو التظاهر في هذه الفترة ضمن البقعة الأمنية المغلقة ومنع تحليق الاجسام الطائرة (درون ومنطاد) فوق بقعة العزل، فضلاً عن منع سير الشاحنات في بيروت وضواحيها.
وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» انه مع اكتمال التحضيرات اللوجستية والأمنية للقمة، أصبح من الصعوبة بمكان العودة إلى الوراء، ورأت ان المؤتمر الصحافي المتكامل امس يؤشر الى ان القمة صارت بحكم المنعقدة وينتظر بعض التفاصيل عن مستوى مشاركة بعض الدول وسط توجه ان تحقق افضل الممكن بعد كل الذي رافقها على ان موضوع مشاركة سوريا توضح.
ولم تخف المصادر التأكيد ان اي قرار بشأن السير بإنعقاد القمة هو افضل بكثير من تأجيلها.
واشارت الى ان هناك رغبة بإنجاح القمة بعد كل الجو السائد ولذلك يتم رصد كل الاجتماعات المرتبطة بها وما تشهده الأيام المقبلة مع العلم ان هناك اهتماما دوليا بها.
هيل وترسيم الحدود
إلى ذلك، ينهي مساعد وزير الخارجية الاميركية للشرق الاوسط ديفيد هيل زيارته للبنان اليوم، بعد مروحة لقاءات سياسية وامنية، تركزت بشكل اساسي حسب معلومات «اللواء» على موضوع ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطيين المحتلة عند النقاط المختلف عليها وعددها 12 نقطة اضافة الى «النقطة ب1» عند الناقورة، وهوطلب التوافق اللبناني على الموضوع نتيجة اختلاف بوجهات النظربين المسؤولين حول هل يكون الترسيم شاملا الحدود البرية والبحرية كلها كما يطرح الرئيس نبيه بري ام يكون متدرجا حسب ما يمكن الاتفاق عليه بين لبنان والكيان الاسرائيلي برعاية الامم المتحدة.
وذكرت مصادر رسمية واكبت زيارة هيل، انه طرح ضرورة تحقيق إجماع لبناني على ترسيم الحدود، ونقل استعداد الكيان الاسرائيلي لتنفيذ العملية، موضحة ان النقاط الاثنتي عشرة بينها سبع نقاط شبه متفق عليها وخمس يمكن حلها، لكن المشكلة الاكبر هي حول النقطة «ب 1» ولكن مساحتها لا تتعدى 14 مترا يصر لبنان على استعادتها كلها. ولكن المصادر اكدت ان حل الموضوع ليس مستحيلا او صعبا، وانه متى توافر التوافق اللبناني يمكن البدء بالحل وهومجرد عملية إجرائية.
وفي الجانب السياسي، اوضحت المصادر ان هيل لم يطرح شيئا جديدا خارج الموقف التقليدي من ايران و«حزب الله» وان الاميركيين ماضون في العقوبات على ايران وحلفائها ولا سيما «حزب الله»، كما انهم ماضون في الضغط على سوريا من اجل تقديم تنازلات في العملية السياسية الجاري بحثها وبخاصة ما يتعلق بأمن الكيان الاسرائيلي عند الحدود الجنوبية لسوريا، وتقديم ضمانات للاكراد عند الحدود الشمالية.
واستنتجت المصادر ان الضغط على سوريا يعني بشكل مباشر تأخير الانسحاب العسكري الاميركي ستة اشهر، وبشكل غير مباشر عدم عودتها الى الجامعة العربية حاليا، وهو ما عارضه الجانب اللبناني حيث اكد المسؤولون اللبنانيون على ضرورة انفتاح لبنان الرسمي على سوريا ولو من الباب الاقتصادي كمرحلة اولى.
وتمنى هيل – كما جاء في تصريحه- على المسؤولين اللبنانيين الاسراع في تشكيل الحكومة وبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، الا انه شجع حكومة تصريف الأعمال على المضي قدماً حيث يمكنها، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي.
وكشفت المصادر عن ان هيل والذي يعتبر الرجل الثاني في الخارجية الأميركية، بعد وزير الخارجية استفسر من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم عن تطور الاوضاع في لبنان ناقلا قلق بلاده من اي تطور قد يحصل عند الحدود ومؤكدا حرص بلاده على الاستقرار. 
واشارت المصادر الى انه اثار مع المسؤولين مسالة اكتشاف انفاق لحزب الله عند الحدود الجنوبية، كما اشارت الى ان لبنان اكد التزامه القرار ١٧٠١، واي خرق يحصل في اتجاه الاراضي اللبنانية لا بد وان يواجه يالتصدي له. وان الاجهزة الامنية على استعداد لذلكِ.
واثار المسؤولون الخروقات الاسرائيلية المتكررة وكيفية متابعة الوضع على الحدود، كذلك افادت ان جولة هيل استطلاعية وهو سيرفع تقريره الى كبار المسؤولين في واشنطن بعد سلسلة لقاءات عقدها خلال وجوده في بيروت.
هيل: «حزب الله» ميليشيا لا تحاسب
وكان الدبلوماسي الأميركي، جال أمس، برفقة السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد على الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، كما التقى وزيري المال علي حسن خليل والخارجية جبران باسيل، قبل ان يلتقي ليلا السفير السعودي في بيروت وليد بخاري في دارته في اليرزة.
واكد هيل على ضرورة ان يتخذ الشعب اللبناني وحده القرارات السياسية الكبرى بين الحياة والموت»، مشدداً على» ان بلاده تدعم المؤسسات اللبنانية ولاسيما الجيش اللبناني لتأمين الحدود والحفاظ على الأمن في لبنان،» داعيا الدولة اللبنانية وحدها الى ان تدافع عن نفسها، وقال:إننا نمضي قدما في جهودنا لمواجهة الأنشطة الخطيرة الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك تمويل وأنشطة المنظمات الإرهابية بالوكالة مثل حزب الله. وبينما يحق للبنان الدفاع عن نفسه، هذا حق للدولة اللبنانية وحدها. من غير المقبول وجود ميليشيا خارجة عن سيطرة الدولة، ولا تحاسب من كل اطياف الشعب اللبناني، وهي تقوم بحفر أنفاق هجومية عبر الخط الأزرق في إسرائيل أو تجميع أكثر من 100،000 صاروخ تهدد الاستقرار الإقليمي.
وشدد على ان «تشكيل الحكومة يعود الى لبنان وحده لكن نوع الحكومة مهم بالنسبة للجميع»، وقال: نحن نثق بقدرة قادة لبنان على ادارة البلاد خلال هذه الاوقات الصعبة، ونشجع حكومة تصريف الاعمال على المضي قدما حيث يمكنها، وخصوصا على الصعيد الاقتصادي، لتجنب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية..
وابلغ رئيس الجمهورية هيل، انه كلما دعمت الولايات المتحدة عملية السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الاوسط، ارتاح الوضع في لبنان وترسّخ الهدوء على الحدود الجنوبية. وقال «ان عملية ترسيم الحدود في الجنوب تأخرت، لكننا نأمل في ان تستأنف قريباً».
اما الرئيس بري فتوقف خلال اللقاء مع هيل امام التمادي الإسرائيلي بالخروق والإنتهاكات اليومية لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، وتجاوزه لقوات «اليونيفل» واللجنة الثلاثية بالإعتداء على الخط الأزرق والأراضي اللبنانية. وشدد مرة اخرى على الحل السياسي في سوريا، وضرورة إستعادة العلاقات اللبنانية- السورية لطبيعتها على الصعد كافة.
سوق السندات
مالياً، طرأت تطورات أمس، ساهمت في عودة الارتفاع إلى سوق السندات المالية، بحسب ما أكدت وكالة «رويترز»، في ضوء الاجتماع المالي الذي انعقد أمس الأوّل في بعبدا لإزالة الالتباس الذي احدثه تصريح وزير المال بشأن إعادة هيكلة الديون اللبنانية، إذ أعلن الرئيس عون خلال استقباله وفد مجلس الإدارة الجديد للمؤسسة المارونية للانتشار ان «الودائع ستدفع كاملة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السندات مع فوائدها وفق الآجال المحددة»، فيما أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان اجتماع بعبدا أفاد ان الدولة اللبنانية ملتزمة تسديد الدين وفوائده.
وقال في لقاء – غداء، نظمه مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة فؤاد زمكحل مع الحاكم في فندق «فور سيزن» حضره عدد من رؤساء ومجالس إدارات المصارف، «صحيح أن ردّة الفعل في سوق السندات في السوق اللبنانية اليوم كانت حذرة، لكنها مرتاحة، علماً أن لدينا القدرة على تسديد الديون في تواريخها المحدّدة وبدون أي اقتطاع منها».
واعتبر أن «تأليف الحكومة وإعلان برنامج اقتصادي وتطبيق مؤتمر «سيدر» ومشاريع أخرى، سيساعد لبنان على تخطي أزماته الاقتصادية الراهنة». وأكد أن «لا خطر على سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي، وأن الشائعات الراهنة لم تؤثر علينا والعملة مستقرة، والكميات من الليرة متوافرة في السوق ومدعومة بأرقام وليست بشعارات».

الأخبار
المركزي يقيّد تحويلات المغتربين
فرمان عثمان: إدفعوا لنقمعكم!

أصدر مصرف لبنان تعميماً يضع قيوداً محدودة على التحويلات المالية إلى لبنان عبر المؤسسات المالية غير المصرفية، إذ بات ممنوعاً على المتلقين قبض قيمة هذه التحويلات بغير الليرة. يصيب هذا التعميم تحويلات العاملين في الخارج، التي تسهم في إعالة أسرهم في لبنان. امّا السبب، فهو مصادرة دولاراتهم والإفساح في المجال امام مشاركة مؤسسات تحويل الاموال بعمليات الهندسة المالية التي يجريها مصرف لبنان مع المصارف (مقال محمد وهبة).
فرض مصرف لبنان أمس على المؤسسات المالية غير المصرفية التي تنفّذ عمليات تحويل من الخارج إلى لبنان، أن تسدّد التحويلات بالليرة اللبنانية. هذه التحويلات تأتي من العاملين في الخارج إلى أسرهم في لبنان. وهؤلاء بات ممنوعاً عليهم قبض العملات الأجنبية التي يكدّ أبناؤهم للحصول عليها في الخارج، إلا إذا أرسلوها عبر المصارف حيث كلفة التحويل أعلى، وحيث يمكن أن يخضع سحبها من المصارف للاستنسابية في ظل نقص فادح في السيولة بالعملات الأجنبية لدى هذه الأخيرة. أثار التعميم مخاوف واسعة من أن يكون بمثابة تمهيد لوضع قيود أوسع على التحويلات. إلا أنه بحسب مصادر مصرفية، فإن هذه المخاوف المبرّرة لا تلغي واقع أن التعميم كان مبنياً على طلب من المؤسسات المالية غير المصرفية المشاركة في الهندسات المالية التي تحقق أرباحاً طائلة بطريقة سهلة وسريعة، فكان لها ما أرادته.
مؤسسات غير مصرفية
تعميم مصرف لبنان يحمل الرقم 12978، وهو يضيف المادة 7 مكرّر على التعميم الأساسي الرقم 7548 المتعلق بالعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية. ينصّ التعميم على الآتي: «على المؤسسات كافة التي تقوم بعمليات التحاويل النقدية بالوسائل الالكترونية أن تسدّد قيمة التحاويل النقدية الالكترونية الواردة إليها من الخارج بالليرة اللبنانية حصراً». وأصدر البنك المركزي بعد ظهر أمس توضيحاً أكد فيه أن قراره لا يشمل التحويلات المصرفية.
توضح مصادر مصرفية مطلعة أن التعميم الصادر عن حاكم مصرف لبنان جاء بناءً على طلب من شركات تحويل الاموال نفسها، التي أبدت رغبتها في الاستفادة من أرباح الهندسات المالية التي يجريها البنك المركزي مع المصارف للحصول على العملات الصعبة. فالمعروف ان نسبة مهمّة من التحويلات الخارجية الصغيرة، التي يرسلها المهاجرون الى اقاربهم ومعارفهم في لبنان، تمرّ عبر هذه الشركات، مثل «ماني غرام»، و«ويسترن يونيون»، وOMT، نظراً الى سهولة الاجراءات وسرعة التحويل والكلفة الادنى من الكلفة التي تفرضها المصارف. وبالتالي بات يمكن لهذه الشركات تجميع مئات ملايين الدولارات من خلال حصر عملية تسديد قيمة التحويلات عبرها بالعملة المحلية، إذ إنها ستتلقى طلبات التحويل من الخارج بعملات أجنبية وستسدد قيمتها الى المتلقين بالليرة، وهذا يؤدي الى تراكم كمية من العملات الاجنبية، ولا سيما لدى الشركات الثلاث الاكبر، ويسمح لها بإعادة توظيفها لدى المصارف بفوائد مرتفعة.
تشير المصادر إلى أن هذه الخطوة، أي حصر صرف التحويلات من الخارج بالعملة المحلية، كانت ستترك أثراً إيجابيا لو أنها جاءت في إطار سياسة نقدية جديدة ترمي الى تخفيض معدلات الدولرة وتعزيز التعامل بالعملة المحلية وضبط تدفقات حركة الاموال عبر الحدود، إلا أن هذه الخطوة تأتي في سياق السياسة النقيضة المعتمدة، والتي تؤدي الى زيادة الدولرة، وتعمل على امتصاص السيولة بالليرة والحد من تسليفها، وتشجع على تحويل القروض بالعملة المحلية الى العملة الاجنبية. وبالتالي لا يمكن فهم هذه الخطوة الا إمعاناً في مصادرة الدولارات وحبسها في مصرف لبنان.
كلفة التحويل تتضخم
ليست هذه النتيجة الوحيدة للقرار، بل هناك ما يصيب الفئات الاضعف في المجتمع. فالمعروف أن من يلجأ إلى خدمات الشركات المذكورة، هم العمال اللبنانيون في الخارج الذين يرسلون حوالات مالية دورية لإعالة أسرهم في لبنان أو مساعدتها. كلفة تحويل الأموال عبر هذه الشركات أقل بالمقارنة مع كلفة التحويل عبر المصرف. فعلى سبيل المثال، إن التحويل من الإمارات العربية المتحدة إلى لبنان عبر ”ويسترن يونيون“ يكلّف 7 دولارات ضمن سقف للتحويل محدّد بقيمة 7500 دولار لكل عملية.
أما كلفة التحويل عبر المصارف، فهي تزيد على 25 دولاراً لكل عملية تحويل. والذين يجرون عمليات تحويل لمبالغ زهيدة من هذا النوع، هم العاملون اللبنانيون الذين فرض عليهم النظام اللبناني الهجرة إلى الخارج بحثاً عن عمل، وهم ينتظرون قبض رواتبهم في المهجر آخر كل شهر ويقتطعون نسبة منه لإرسالها إلى أسرهم في لبنان. وهؤلاء هم الفئات المتوسطة والفقيرة، وهم يتمايزون عن غيرهم من الفئات العاملة في الخارج مثل رجال الأعمال والتجار من الذين يملكون شركات ومصالح وأعمال وعقود ولديهم حسابات مصرفية وافرة ولا تتأثر بكلفة التحويل مهما ارتفعت. كالعادة إذاً، قرارات السلطة المالية لا تصيب إلا الفئات المقهورة التي بات ممنوعاً عليها أن تتسلّم العملات الأجنبية وأن تدّخرها، إلا إذا تم الأمر عبر المصارف.
مخاوف سوقية
الأسوأ من ذلك، أن هذا التعميم الذي يمكن اعتباره كوضع قيود على التحويلات ضمن الحدود الضيّقة، خلق مخاوف أوسع في السوق من احتمال لجوء مصرف لبنان إلى توسيع هذه القيود. وما يكرّس هذا الاعتقاد، أن المصارف تعاني اليوم من نقص حاد في العملات الأجنبية. فبحسب مصادر تجارية، تلقى المستوردون إشعارات من المصارف تبلغهم بعدم وجود دولارات لديها لتمويل عمليات الاستيراد. وهذا الأمر لا ينطبق على قطاع معيّن، بل على القطاعات التي تستورد سلعاً حيوية مثل المشتقات النفطية والقمح والغذاء على أنواعه. وتشير المصادر إلى أن التجّار باتوا عاجزين عن شراء الدولارات من المصارف لتسديد ثمن الشحنات من الخارج، ما يشكّل تهديداً مباشراً لتزويد السوق بالسلع. وتقول المصادر إن تجمع مستوردي النفط راجع حاكم مصرف لبنان لإيجاد صيغة تتيح لهم الحصول على الدولارات، إلا أنه أبلغهم عبر أحد الوزراء «دبّروا حالكن».
في هذا السياق، يمكن فهم تعميم مصرف لبنان. هو يريد تعزيز احتياطاته بالعملات الأجنبية في ظل النزف الكبير الذي يعتريها، ومن جهة ثانية هو يعزّز ربحية المصارف ويتيح لها الحصول على العملات الأجنبية بعدما باتت هذه المصارف قاصرة عن استقطاب الدولارات من الخارج، فضلاً عن أن التعميم يسمح له بإظهار مصرف لبنان أنه يكافح عمليات التحويل النقدية التي يمكن أن تستعمل جزئياً في عمليات تبييض الأموال أيضاً.
أرباح للمصارف لا خسائر
قالت مصادر مصرفية إن عدداً من المصارف اللبنانية جنى أرباحاً لا خسائر في الاسبوع الماضي، على إثر تصريحات وزير المال علي حسن خليل عن خطة لإعادة هيكلة الدين العام. فقد سارع بعض حملة سندات الدين في الخارج الى عرض هذه السندات بأسعار أدنى بكثير من سعر الإصدار، بهدف التخلص منها، ولا سيما أن تقرير «غولدمان ساكس» المنشور في الرابع من الشهر الجاري رسم سيناريو ينطوي على قص نحو 65% من قيمة هذه السندات، في حال أرادت الدولة اللبنانية تفادي سيناريو التوقف عن السداد. 
قسم مهم من السندات التي عرضت للبيع في السوق الثانوية تستحق في هذا العام، وهو ما شجّع مصارف محلية على شرائها، بغية الاستفادة من ربح وفير، إذ إن الدولة ستسترد هذه السندات عند استحقاقها بسعر الإصدار مضافاً اليه الفائدة.
فرمان عثمان: إدفعوا لنقمعكم!
من دون قرار قضائي، وتحت مسمّى «أمر بالتحصيل»، تمعن السلطة السياسيّة وأجهزتها الأمنيّة في قمع الحق في التظاهر والاعتراض. «بدعة» جديدة اعتمدتها الأجهزة منذ 2015، وتستمرّ في «ترسيخ» تطبيقها بوجه المعترضين، وهذه المرة لمن تجرّأوا على التظاهر في عوكر أواخر عام 2017 احتجاجاً على القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (مقال إيلده الغصين).
بدل «نفقات معالجة» و«أصفاد أميريّة مفقودة» وسواها من «الأضرار»… تنوي قوى الأمن الداخلي تحصيل مبلغ مالي كبير يفوق الـ25 مليون ليرة لمصلحة الخزينة العامة من عشرة شبان شاركوا في تظاهرة 10 كانون الأول 2017 أمام السفارة الأميركية في عوكر، تنديداً بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. التظاهرة التي تخلّلتها أعمال شغب، واستخدمت فيها قوى الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين لم تنتهِ مفاعيلها إلى اليوم. المبالغ المالية التي «قدّرتها» القوى الأمنية لنفسها، بلا قرار قضائي، تفوق قدرة «المكلّفين»، وبينهم طلاب جامعات كانت قد برّأت بعضهم المحكمة العسكرية من تهمة «أعمال الشغب» في التظاهرة المذكورة، ودفّعت بعضهم غرامات لا تفوق «قيمتها الثلاثمئة ألف ليرة» بحسب المحامية المكلّفة من قبلهم فداء عبد الفتاح.
وعمدت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بتاريخ 27 آب 2018، بتوقيع من المدير العام اللواء عماد عثمان، إلى إصدار أمر أول بتحصيل مبلغ مالي قيمته 14 مليوناً و94 ألف ليرة من عشرة مشاركين في تظاهرة عوكر، بينهم لبنانيون وفلسطينيون وسوري. حددت المديرية المبلغ بأنه بدل «تعطيل عناصر قوى أمن داخلي عن العمل بمسؤوليتكم عن أعمال الشغب الحاصلة أمام السفارة الأميركية في عوكر». علماً أن ستة من هؤلاء كانوا قد مثلوا أمام المحكمة العسكرية في التهمة عينها، أي «المشاركة في أعمال الشغب والاعتداء على عناصر قوى الأمن والأملاك العامة والخاصة»، وصدر حكم بتبرئتهم (في 15 كانون الأول 2017)، فيما دفع بعضهم غرامات مالية وأخلي سبيله، ما عدا قاصراً جرى تحويله إلى محكمة الأحداث. إلّا أن الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية حينها، لم تمنع قوى الأمن الداخلي من إصدار أمر التحصيل الأول بعد ثمانية أشهر من قرار المحكمة. ثم عادت المديرية لتصدر أمراً ثانياً في 3 كانون الأول 2018، بتحصيل مبلغ قيمته 11 مليوناً و209 آلاف ليرة لبنانية بحق أربعة أشخاص من أصل العشرة الذين شملهم التحصيل الأول. ويمثّل أمر التحصيل الثاني «نفقات معالجة وبدل تعطيل عناصر قوى أمن داخلي عن العمل وتصليح آلية عسكرية وثمن أعتدة أميريّة متلَفة وأكلاف تصليحها مع ثمن ذخيرة مستهلكة وأصفاد أميريّة مفقودة بمسؤوليتكم عن اعتداء 10 كانون الأول 2017».
بحسب أحد المكلَّفين التحصيل الثاني، عمدت يوم أمس جهة قالت في اتصال معه إنها «ماليّة بعبدا وطالبتني بغرامة ماليّة قيمتها مليونان و803 آلاف ليرة». قدّر «المكلّف» أن المبلغ المذكور يساوي «ما يجب على أحدنا نحن الأربعة دفعه من الـ11 مليوناً»، وقد اشترطت الجهة المتصلة «أن نجمع كلّنا المبلغ كاملاً ونسدّده في مالية بعبدا، وإلّا فسنكون بدءاً من 12 شباط المقبل معرّضين للتوقيف ولزيادة 2 في المئة عن كل شهر تأخير».
المحامية عبد الفتاح توكّلت عن خمسة «مكلّفين» من أصل عشرة بأمر التحصيل الأول، وتقدّمت في تشرين الأول الماضي باعتراض أمام القاضي المالي في صيدا جورج سالم، ضمن المهلة المحدّدة، أي خلال شهرين من تاريخ التبليغ. وأكّدت لـ«الأخبار» أن آلية الاعتراض «غير مفهومة، وقد اجتهدنا بالاعتراض أمام القاضي المالي، لكون التحصيل يعود إلى الخزينة»، ولا سيّما أن الأمر صادر أيضاً عن وزارة الداخليّة، ويمكن الاعتراض أمام القاضي المنفرد الجزائي. وبحسب عبد الفتاح، إن الاعتراض حصل «أمام القاضي المالي في صيدا، لأن معظم المكلفين من هناك، علماً أن بينهم طلاب جامعات، وهذه الرسوم مجحفة بحقهم، وليس بمقدورهم جميعاً دفع رسوم التكليف مرة جديدة للاعتراض على أمر التحصيل الثاني».
أمر التحصيل الصادر عن قوى الأمن ذيّل بملحوظة لأصحاب العلاقة، مفادها أنه «يحق لكم الاعتراض أمام المحكمة العدلية الصالحة في محل إقامتكم خلال شهرين من تاريخ التبليغ، وإن الاعتراض لا يوقف التنفيذ إلا إذا قررت المحكمة ذلك جزئياً أو كلياً». وعليه، فإن القاضي المالي في صيدا جورج سالم، الذي قدّم أمامه الاعتراض على أمر التحصيل الأول ويفترض أنه بلّغ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي به، مطالب باتخاذ قرار وقف التنفيذ. وكذلك قبول الاعتراض الذي تنوي عبد الفتاح تقديمه أمامه على أمر التحصيل الثاني ووقف تنفيذه. وبحسب مرجع قضائي، إن «القضاة المنفردين مطالبون بالتحلّي بالجرأة لاتخاذ القرارات بوقف تنفيذ أي أمر تحصيل مشابه، وكذلك على محكمة الاستئناف أن تحذو حذوهم لتبنّي وقف التنفيذ، إذا قررت الجهات التي تصدر الأمر بالتحصيل الاستئناف أمامها». ويرى المرجع نفسه «أن هذه المسألة بدعة جديدة لمنع التظاهر، إذ لا يمكن الجهة التي تعتبر نفسها متضرّرة وتطالب بالتعويض، أي قوى الأمن في هذه الحالة، أن تكون الحكم والحاكم وتحدّد من تلقاء نفسها قيمة التعويض من دون أن يفصل القضاء بينها وبين من تطالبهم باسترداد ما تعتبره حقّها».