افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 8 كانون الثاني، 2019

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 24 آب، 2019
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 29 أيلول، 2017
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 4 كانون الثاني، 2018

يرى أحد السياسيين أن الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل، "ما كانا يرغبان برؤية ممثلي سوريا في القمة العربية الإقتصادية"، التي تستضيفها العاصمة، يومي 19 ـ 20 كانون الثاني الجاري. وتسرب مصادره انتقادات شديدة لهما "لأنهما كانا قادرين على توجيه دعوة إلى الحكومة السورية لحضور القمة، أو الإعتذار من جامعة الدول العربية عن تنظيم القمة. لكنهما امتنعا عن ذلك استرضاء لعواصم غربية". وتضيف المصادر إن "جمود الحريري وباسيل في هذا الملف الحساس، سمح للعواصم العربية بأن تسبقنا إلى دمشق، مع إن بعضها كانت طرفاً فاعلاً في الحرب العدوانية على سوريا". وقالت : "هذه العقلية المحلية تضعف قدرة لبنان على الإندماج في شبكة المصالح الإقليمية والعربية الجديدة". 
 
   
البناء
إيران تلوّح بالخروج من الاتفاق النووي: المهلة لأوروبا لتنفيذ آلية التعامل المالي بدأت بالنفاد
الأسبوع المقبل يحسم القمة ودعوة سورية… وبعبدا تؤكد انعقادها
العواصف والجليد ثنائي الطقس والسياسة… وحكومة الـ 32 على الطاولة

أكدت المواقف الصادرة عن عدد من المسؤولين الإيرانيين أن انتظار طهران لبلورة عملية لآلية التعامل المالي التي تم الاتفاق عليها مع الاتحاد الأوروبي قد تخطى قدرة إيران على الصبر الذي بدأ ينفد. وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة إن طهران أبلغت القيادات الأوروبية أنها بعدما أثبتت جديتها بالوفاء بالتزاماتها التي ينص عليها التفاهم النووي رغم الانسحاب الأميركي من التفاهم، لا تستطيع الانتظار طويلاً كي يثبت الشركاء الباقون في التفاهم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم، وأن الأوروبيين وعدوا بمعالجة سريعة خلال الشهر الحالي، بعدما قالت طهران إنها ستجد نفسها مضطرة لتعليق العمل بالتفاهم حتى يفي الشركاء بموجباتهم، ما يعني عودة إيران للتخصيب المرتفع لليورانيوم، ووقف زيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنشآتها.
بانتظار تبلور المشهد الإقليمي على إيقاع المستجدات التي رسم إطارها التفاهم اليمني حول الحديدة وما يشهده من تجاذب من جهة، والانسحاب الأميركي من سورية وما أطلقه من تسابق خليجي تركي كردي نحو دمشق جاء وزير الخارجية الأميركية ومستشار الأمن القومي الأميركي لتهدئته من جهة أخرى، ينتظر لبنان ما سيحمله التشاور العربي حول القمة الاقتصادية العربية التي تستضيفها بيروت يومي 19 و20 من الشهر الحالي، وفي قلب المشاورات البحث بعودة الحكومة السورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية، ودعوتها للمشاركة في القمة، حيث قالت مصادر دبلوماسية إن اجتماع الغد للجامعة العربية على مستوى المندوبين ليس مخصصاً لهذا الملف، لكنه ربما يشهد مشاورات تمهيدية جانبية حوله، تتوّج الأسبوع المقبل بخطوات ربما تتضمن انعقاد مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، وفي ظل التساؤلات حول كيفية التعامل الرسمي مع موضوع القمة ودعوة سورية لحضورها، واحتمالات تأجيلها إذا تعذّرت دعوة سورية، قال رئيس الجمهورية إن القمة ستعقد في موعدها وإن الترتيبات لعقدها قد أنجزت.
بالتوازي دخل لبنان في منخفض سياسي وجوي، حيث العواصف والجليد ثنائي الطقس والسياسة، فالعاصفة التي تحمل الأمطار والرياح والثلوج ترافقت مع غياب أي جديد على مستوى معالجة التعثر الحكومي، وبقيت العقد تراوح مكانها، بينما كشفت مصادر متابعة عن تفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله على دعم حكومة الـ32 وزيراً كإطار لمعالجة الأزمة الحكومية، بحيث يتم من جهة إنصاف الطوائف المغبونة باستبعادها، اي الأقليات المسيحية والعلويين، ومن جهة مقابلة تتاح إعادة توزيع الحصص الرئاسية بما يترك مقعداً سنياً شاغراً لحساب اللقاء التشاوري لا يحتاج أخذه من حصة أحد، إلا أن المصادر قالت إن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري لا يزال يرفض بشدة هذا الطرح، بينما قالت المصادر إن التبادل الذي كان متفقاً عليه بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سيكون موضع إعادة نظر من بعبدا إذا بقي رفض صيغة الـ 32 وزيراً لدى الرئيس المكلف، الذي سيكون معنياً وحده عندها بتقديم الحلول.
«نورما» تقتحم المشهد…
فيما تستمر الحكومة في الأسر السياسي القسري منذ ثمانية أشهر، وقع لبنان في قفص العاصفة الثلجية «نورما» التي اقتحمت المشهد على مدى اليومين الماضيين مخلفة أضراراً كارثية في الطرقات والممتلكات معطلة حركة المواطنين اليومية، حيث احتجز عدد كبير منهم في السيارات في مناطق جبلية متعددة بينما غرقت مختلف المناطق اللبنانية بالسيول التي أدت الى انجرافات في التربة عملت فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني والأجهزة الأمنية على إزالة الثلوج وفتح الطرقات وإنقاذ المواطنين.
وإذ لم ينفض لبنان مخلفات وركام «نورما» بعد، يستعدّ لاستقبال عاصفة «الغطاس» اليوم وتستمر حتى الخميس المقبل بحسب مصلحة الأرصاد الجوية التي حذّرت المواطنين ودعتهم لاتخاذ أقصى درجات الحذر، حيث تصل سرعة الرياح الى ما فوق 100 كلم وتتساقط الثلوج على ارتفاع 700 متر.
هذه الأوضاع المناخية دفعت بوزير التربية مروان حمادة الى اتخاذ قرار بتعطيل المدارس والمهنيات الرسمية يوم غد في المناطق الواقعة على ارتفاع 700 متر بينما ترك حرية التقدير للمدارس الواقعة على ارتفاع أقلّ وأعلنت المدارس الخاصة التزامها بقرار الوزير.
وكما كل عاصفة كشفت «نورما» فضائح الدولة وعجزها عن اتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة الظروف المناخية، إذ تحوّل المواطن من جديد ضحية العاصفة كما هو ضحية الأزمات السياسية وهشاشة النظام الطائفي وباتت الحلول المؤقتة جرعات مخدرة لا أكثر ولا أقل سرعان مع تعود الأوجاع الى الجسد الوطني المقطع الأوصال وبات الحل الجذري هو العبور الى دولة مدنية على قاعدة العدالة السياسية والمساواة في المواطنة لا اقتسام الوطن بالتساوي بين زعماء الطوائف.
وانسحبت برودة الطقس على ملف تأليف الحكومة الذي لم يسجل أي جديد، إذ إن «نقمة العاصفة» تحولت نعمة عند المؤلفين مع فرصة الأعياد لتبرير المماطلة في التأليف، ما يزيد الركام ويرفع منسوب السواتر السياسية بين المعنيين بالتشكيل.
عون: القمة في موعدها…
أما موقف الرئيس عون من القمة العربية الاقتصادية المرتقبة في بيروت، فخرق جمود المشهد وخطف الأضواء من العاصفة، حيث أكد أن «القمة سوف تنعقد في موعدها»، لافتاً الى ان «وجود الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال ليس سبباً لتأجيل القمة، لان الحكم استمرارية والحكومة الحالية تمارس صلاحياتها وفقاً للأصول والقواعد الدستورية المعتمدة». واكد رئيس الجمهورية ان «كل الترتيبات المتعلقة بتنظيم القمة أنجزت، ولبنان جاهز لاستقبال القادة العرب ولمناقشة المواضيع الواعدة على جدول اعمال القمة».
إلا أن المشاورات لإيجاد مخرج مناسب لهذه الازمة لم تقفل بعد ومستمرة عبر مسعيين يقودهما رئيس الجمهورية وفق مصادر مطلعة لـ»البناء»: الأول السعي مع المعنيين في الجامعة العربية لتأجيل موعد القمة ريثما يصار الى تسوية إعادة سورية الى الجامعة، وهذا أحرز تقدماً، والثاني ايجاد آلية معينة لتوجيه دعوة الى سورية، إلا أن أياً من المسارين لم يصلا الى نتيجة حاسمة بعد، لكن حزب الله بحسب ما تقول مصادر لـ «البناء» يضغط باتجاه الحضور السوري ويعتبر غير ذلك خسارة كبيرة للبنان لكن لن يخلق صداماً داخلياً الى درجة تعطيل القمة، وإن لم يستجب الآخرون فسيتحمّلون المسؤولية.
أما موقف سورية في حال لم تُدعَ، فلفتت معلومات «البناء» الى أن سورية لم تتخذ موقفاً حتى الآن، لكن اي موقف رهن السلوك اللبناني على هذا الصعيد. غير أن مصادر في 8 آذار لفتت لـ»البناء» الى أن «سورية وإن وجهت لها دعوة لحضور القمة فلن تشارك، إذ إن كرامتها الوطنية لا تسمح لها بالحضور في أي قمة عربية قبل إبطال قرار تعليق عضويتها في الجامعة العربية، علماً أن دمشق ليست «مستقتلة» للعودة اليها ولا المشاركة في قممها، بل العكس هو الصحيح».
وأوضح وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور لـ»البناء» أنه «طالما قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سورية ساري المفعول، فإن لبنان ليس الجهة المخوّلة توجيه الدعوات للدول الاعضاء في الجامعة لحضور القمة بل يقتصر دور لبنان لكون انعقاد القمة على أراضيه على تسليم الدعوات الى رؤساء وملوك الدول العربية»، وذكر منصور بموقف لبنان في العام 2011 عندما اعترض منفرداً على قرار الجامعة بتعليق عضوية الدولة السورية في الجامعة مطبّقاً عملياً سياسة النأي بالنفس التي اتخذتها حكومته آنذاك، وبالتالي انسجاماً مع موقفه حينها يضيف منصور بإمكان لبنان عبر حكومته دعوة مجلس وزراء الخارجية العرب الى اجتماع طارئ خلال 48 ساعة، وهذا حق لبنان بحسب ميثاق الجامعة وذلك لبحث مشاركة سورية وإيجاد مخرج لذلك، ويبين لبنان عن مسؤولية عالية وحسن نية وحرص تجاه شقيقته وجارته سورية، لكن البعض في لبنان يضيف منصور «يستمر بدفن رأسه في التراب ويناصب العداء الدولة السورية»، ولفت الى أن «رئيس الحكومة وحلفاءه يقدمون أوراق اعتمادهم للخارج ما يؤكد تبعية هؤلاء الذين يدعون الحرص على لبنان الى الخارج لا سيما للسعودية»، ولفت الى أن «آلية عودة سورية الى الجامعة قبل آذار موعد القمة العربية تتم باجتماع وزراء الخارجية العرب، إذ إن قرار تعليق العضوية لا يبطله إلا قرار مماثل»، وحذر من تداعيات قرار لبنان على مصالحه مع سورية على كافة الصعد لا سيما السياسية والاقتصادية».
ولفتت مصادر «البناء» الى أن «القمة وإن عقدت بلا سورية فلن تحقق أية أهداف ولا يمكن الحديث عن عمل عربي مشترك وسورية خارج المعادلة العربية»، وتساءلت: ما الذي حققته الجامعة خلال عشر سنوات الماضية غير تدمير سورية وأي أزمة عربية حلت وأي حرب أوقفت؟ واستبعدت المصادر «إعادة سورية بالسرعة المتوقعة الى الجامعة إذ إن الأميركيين لن يسمحوا للعرب بذلك قبل انتزاع جملة أهداف تتعلق بمستقبل إسرائيل والنفط وخريطة سورية الجديدة».
حزب الله: الحريري هو المعرقل
على الصعيد الحكومي، قالت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» إن «توجيه الحزب دفة التعطيل الى الحريري ليست إعادة تموضع بل اعادة تصويب للموقف وتأكيداً بأن المشكلة ليست بين الحزب واللقاء التشاوري والرئيس عون والتيار الوطني الحر، بل مشكلة اللقاء مع المغتصب لحقوق الآخرين أي الرئيس المكلف بفعل داخلي من الحريري نفسه والمحيطين به وإما من الراعي الإقليمي»، موضحة أن «حزب الله يؤكد بأن الرئيس عون ليس مسؤولاً عن العقدة السنية فيما هي في مكان آخر».
فحصة اللقاء التشاوري، بحسب المصادر، «ليست من حصة الرئيس عون ولا الحريري بل من الحصة السنية في الحكومة وهي 6 وزراء، حيث إن الحريري لا يمكنه احتكارها كلها وإن تبادله مع عون لا علاقة للقاء التشاوري به بل لهم حصة وزير على الأقل من المقاعد الستة».
وأكد رئيس حزب «الاتحاد» النائب عبد الرحيم مراد ، في حديث تلفزيوني، أن « اللقاء التشاوري » لا يقبل أن يسمّي له أحداً ممثله في الحكومة، موضحاً أنه بعد انتهاء المبادرة الأولى نتيجة الخطأ الذي حصل يسمع أعضاء اللقاء في الإعلام عن لقاءات ومبادرات، لكنه أكد أنهم لم يطلعوا على أي منها». وأشار مراد إلى أن اللقاء قدّم 3 أسماء بالإضافة إلى النواب الستة، أي أن هناك 6 أسماء، لافتاً إلى أن «اللقاء يوافق على أي اسم يتم اختياره من الأسماء 9».
غير أن اللافت فهو رسائل حركة أمل الى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل حول جدوى الثلث الضامن، فقد أكد رئيس الهيئة التنفيذية في الحركة مصطفى الفوعاني خلال احتفال في البيسارية أن «الحركة سارعت الى تسهيل الحكومة، وكذلك الثنائي الوطني، لكن للأسف هناك من يتلطى بشعارات لا تخدم لبنان ولا مستقبله، فالوطن لا يريد ثلثاً معطلاً انما حكومة زائدة الفعالية قادرة على مجابهة التحديات، وقادرة على ايجاد الحلول لكل الأزمات التي تحدق بلبنان، فالوطن لم يعد يحتمل التعطيل، والكل مدعو للتنازل وتخفيف السقوف العالية من أجل إنقاذ وحفظ الوطن وكرامة الانسان فيه»، في المقابل أكد عضو هيئة الرئاسة قبلان قبلان، خلال احتفال في النبطية أننا «لا نرى بالأفق حكومة قادمة لأن منطقهم ليس سليماً فهو غائب كلياً عن الوطن، فعقلية المحاصصة والاستئثار هي المسيطرة على عقول السياسيين على كل المستويات، هناك أزمات قائمة وعلى الجميع أن يسعوا وبأسرع وقت الى تشكيل الحكومة لتقوم بواجباتها امام التحديات التي يواجهها الوطن».
على صعيد آخر، عادت الرسائل التويترية لتطل مجدداً الى الواجهة داخل الساحة الدرزية، حيث غرد الوزير طلال ارسلان: «حقاً من رداءة الزمن أن يتم الرد على مرجعية درزية روحية عبر وسائل الإعلام كفى مهزلة ولعباً بمقدرات الدروز وللحديث تتمة بإسهاب». واشار أرسلان في تصريح آخر: «ليس لدينا أي علم حول توافقات مسبقة تخص أياً من التعيينات المرتقبة بعدد من المراكز الشاغرة أو التي ستشغر، وكل من يراهن على غير ذلك فهو واهم وسنكون بالمرصاد».

اللواء
الضغط على التأليف: حكومة من 32 وزيراً أو القمة بلا حكومة!
«نورما» تطيح بتوقعات الجفاف وتمدّد عطلة المدارس.. واتصال بين دريان ومطر لتطويق الفتنة

سحبت العاصفة القطبية تأثيراتها على النشاط العام في العاصمة والمحافظات والمناطق سواء أكانت جبلية أو ساحلية، فعطلة المدارس تأرجحت بين اقفال فوق الـ700م، وحرية قرار للمدارس الخاصة، في حين خطت المدارس الكاثوليكية خطوة مختلفة، وأعلنت التضامن مع المدارس الجبلية بالتوقف عن التدريس، في حين تأثرت الحركة الاقتصادية المشلولة بالعاصفة «نورما» أو التي تطلق عليها مصلحة الأبحاث الزراعية اسم «غطاس»، مع الإشارة إلى ان المصلحة أكدت في بيان لها أمس، ان لبنان سيبقى ولأكثر من 60 ساعة متتالية، تحت تأثير المنخفض الجوي..
اما المنخفض الحكومي، فما زال يتأثر بضغط سياسي مرتفع، لجهة التأليف، وهو يتأرجح بين خيارين كليهما مرّ: 
1- الخيار الاول: قبول الرئيس المكلف سعد الحريري، بالعرض الأخير، الذي نقله «اللواء» عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام، ويتضمن تشكيلة وزارية من 32 وزيراً، يتمثل فيها الطرفان: العلوي والأقليات، ولا يكون وزير اللقاء التشاوري (سنة 8 اذار) من حصة أحد..
وعلمت «اللواء» ان حزب الله يدعم هذا التوجه، وعلم ان لا مبادرات جديدة خارج هذا التوجه..
2- الخيار الثاني: وهو ما ألمح إليه الرئيس ميشال عون بقوله ان القمة الاقتصادية التنموية العربية يمكن ان تنعقد، حتى ولو لم تتألف الحكومة، ولو في ظل حكومة تصريف الأعمال..
وتعقد كتلة «المستقبل» اجتماعاً لها بعد ظهر اليوم برئاسة الرئيس الحريري تتداول خلاله في تطورات قضية تأليف الحكومة.
ولم يستبعد مصدر مطلع من ان يصدر عن الكتلة بياناً، يردّ فيه على ما أثير مؤخراً على لسان نواب «حزب الله»، لجهة تحميل الرئيس المكلف مسؤولية تأخير الحكومة.
عملياً، جمدت حالة الطقس الباردة مناخياً وسياسياً، الاتصالات حول تشكيل الحكومة العتيدة، وبقيت الأمور تراوح مكانها سواء بالنسبة للمقترحات حول تمثيل سُنة 8 آذار، أو حول توسيع الحكومة، أو تصغيرها، فيما استمر في المقابل، تبادل إلقاء المسؤوليات بين الأطراف السياسية، في حين انحصر الاهتمام السياسي، من أعلى الهرم السياسي إلى أصغر مسؤول في متابعة ما ألحقته العاصفة الثلجية «نورما» من تداعيات واضرار أو مكتسبات سياحية، على واقع البلاد، خاصة وان «نورما»، بحسب ما أعلنت دائرة الأرصاد الجوية، ستبلغ ذروتها اعتبارا من بعد ظهر اليوم الثلاثاء، وتستمر حتى صباح غد الأربعاء حيث تنحسر تدريجياً.
وحذرت الأرصاد الجوية من السيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة، والتي فاقت معدلاتها السنوية، عن السنوات الماضية، والتي تسببت بانجرافات في التربة وفيضانات على ضفاف الأنهر، وخطر سقوط أشجار ولوحات الإعلانات واعمدة الكهرباء بسبب شدّة الرياح التي تخطت الـ90 كيلومتراً في الساعة، فضلا عن ارتفاع موج البحر إلى حدود الخمسة أمتار، ما يشكل ذلك من خطر على سلامة الملاحة البحرية.
اما الثلوج، فستتساقط، بحسب الأرصاد الجوية ايضا على ارتفاع الـ800 متر وما فوق، وتلامس الـ600 متر في المناطق الداخلية والشمالية، مصحوبة بعواصف رعدية ورياح ناشطة مع تدنٍ في درجات الحرارة.
وإذا كانت العاصفة «نورما» فاجأت اللبنانيين بقوة رياحها وكثافة ثلوجها وغزارة امطارها، بحيث كست جبال لبنان ومرتفعاته بالثلوج واغرقت المناطق بالامطار والسيول وقطعت الطرق واحتجزت المواطنين في سياراتهم وعطلت المدارس، فإنها كشفت سوء البنى التحتية، ولم يفلت من قبضتها أي شيء على البر، فيما بقيت الأمور تحت السيطرة جواً، حيث لم تتأثر عمليات هبوط واقلاع الطائرات في مطار الرئيس رفيق الحريري، والتي سارت حسب المواعيد المحددة.
لكن  العاصفة بردائها الابيض وخيراتها لم تخل من الاضرار التي رافقتها والتي طالت البنى التحتية وشبكات الكهرباء والطرق مما استدعى استنفاراً من المسؤولين فجهدت فرق وآليات وزارة الاشغال والبلديات والدفاع المدني والصليب الأحمر وعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على فتح الطرق وخصوصاً الرئيسية في ضهر البيدر وإنقاذ المواطنين العالقين في سياراتهم ورفع الاضرار واجلاء سكان مخيمات النازحين التي غمرتها المياه وإصدار التعاميم والارشادات التي تساهم في الحفاظ على السلامة العامة للمواطنين. (راجع التفاصيل ص 5).
قمّة بيروت في موعدها
في غضون ذلك، حسم رئيس الجمهورية ميشال عون، النقاش الدائر في البلد، حول احتمال تأجيل القمة الاقتصادية التنموية المقرّر عقدها في بيروت في 19 من الشهر الحالي، في ظل حكومة تصريف الأعمال، مؤكداً على فك الارتباط بين انعقاد هذه القمة ومفاوضات تأليف الحكومة الجديدة، معلناً ان «وجود الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال ليس سبباً لتأجيل القمة لأن الحكم استمرارية، وان الحكومة الحالية تمارس صلاحياتها وفقاً للأصول والقواعد الدستورية المعتمدة».
وإذ أكّد ان القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية ستعقد في بيروت في موعدها، شدّد على ان كل الترتيبات المتعلقة بتنظيم هذه القمة انجزت، وان لبنان جاهز لاستقبال القادة العرب لمناقشة المواضيع الواعدة على جدول أعمال القمة.
وجاءت مواقف الرئيس عون، خلال استقباله قبل ظهر أمس، في قصر بعبدا، الممثل الشخصي للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الوزير العميد الازهر القروي الشابي الذي سلمه رسالة خطية من الرئيس التونسي يدعوه فيها للمشاركة في القمة العربية التي سوف تنعقد في تونس في 31 آذار المقبل، كما اكد الوزير الشابي ان الرئيس السبسي سوف يحضر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت في نهاية الاسبوع المقبل.
وشكل إعلان الرئيس التونسي حضوره قمّة بيروت في مقابل تأكيد الرئيس عون مشاركته في قمّة تونس وترؤسه للوفد اللبناني الذي سيشارك في أعمالها، أوّل إشارة عربية إلى ان القادة والمسؤولين العرب يفصلون بين حضورهم إلى بيروت، وبين التعثر الحاصل على صعيد تأليف الحكومة، وان كانوا يفضلون ان تكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات، بدليل ان الدوائر الرسمية المعنية أعلنت انها لم تتبلغ باعتذار أي دولة من دول الخليج عن حضور القمة، فيما تأكد ان وزير الاتصالات جمال الجراح، توجه أمس إلى الرياض، عن طريق روما، لنقل الدعوة اللبنانية إلى المسؤولين السعوديين بخصوص القمة التنموية في بيروت يومي 19 و20 كانون الثاني الجاري.
وحرصت مصادر رسمية على التأكيد بدورها ان دعوة سوريا إلى القمة أمر يعود إلى مجلس وزراء الخارجية العرب وإلى جامعة الدول العربية، والتي أرجأت مناقشة هذا الموضوع على مستوى المندوبين إلى اليوم، لكن مصادر سياسية بارزة في الثنائي الشيعي، جزمت ان سوريا لن تحضر القمة في بيروت حتى لو تمت دعوتها، كاشفة بأن دمشق مستاءة من الأداء اللبناني بالنسبة لهذا الموضوع، لأنها كانت تفضل ان يعتذر لبنان عن استضافة هذه القمة، عندما تقرر هذا الأمر في العام الماضي، وانه كان يجب على لبنان ان يتخذ موقفه بالاعتذار بحكم علاقات الجيرة والصداقة والاتفاقيات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تجمع بين البلدين.
وكشفت المصادر في هذا السياق لـ«اللواء» ان الثنائي الشيعي وتحديداً «حزب الله» أبلغ بعبدا في حينه عدم موافقته على استضافة لبنان للقمة بهذا الشكل ولكنه لم ولن يضغط على رئيس الجمهورية لتغيير موقف لبنان تاركا له حرية التصرف واتخاذ القرار المناسب، الا انه لم يتركها للرئيس عون ورد عليه في عدم تسهيل تشكيل الحكومة حيث اصر على تنازله حصرا عن حصته السنية للقاء التشاوري اي بمعنى اخر سحب منه الثقة بمسالة الثلث المعطل.
واضافت المصادر ان رئيس التيار الحر جبران باسيل وبتوجيه مباشر من الرئيس عون جرب تدارك الخطأ الرئاسي بمحاولة التواصل مع جهات دبلوماسية عربية ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للتوسط لاعادة دمشق الى الجامعة العربية قبل القمة المنتظرة في ٢٠ الجاري الا ان المساعي «اللبنانية-المصرية» لم تتوصل حتى اللحظة الى اية نتيجة. واشارت المصادر الى ان العقدة ليست عربية فقط بل ان دمشق رفضت هذه المساعي ايضا لانها تعتبرها مهينة بحقها، وابلغت المعنيين بالمساعي وتحديدا الجهات اللبنانية انها في غنى عن بائعي المواقف في ظل تهافت الدول العربية بدون وساطة احد الى اعادة علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع سوريا كما كانت قبل بداية الازمة.
لا جديد حكومياً
في هذا الوقت، قالت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة أن ما من جديد على صعيد تأليف الحكومة وان ما من حراك استثنائي وكل الافكار التي أقترحها الوزير باسيل يواصل تداولها من أجل اخراج الملف الحكومي الى النور انما من خلف الكواليس وبعيدا عن الاعلام . واكدت ان باسيل يجري اتصالاته مع الاطراف المعنية وسيستمر في ذلك انطلاقا من المقترحات الخمسة التي تداول بها مع الرئيس سعد الحريري مؤخرا.
واوضحت المصادر ان الاتصالات الحكومية مستمرة لكن الصورة غير واضحة، مشيرة إلى ان لا حكومة الـ32 وزيراً ولا تلك المصغرة، بحسب ما يطالب البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومعه عدد من السياسيين وفي مقدمهم رئيس الكتائب سامي الجميل، قادرة على ان تبصر النور، لأن الاقتراحين لم يلقيا الصدى المطلوب، فالاول رفض من قبل الرئيس الحريري، في حين ان الثاني بقي مجرّد اقتراح للحل ولم يسوق، وفي الأصل بقي مجرّد تمن.
وكشفت معلومات ان الرئيس الحريري أبلغ الوزير باسيل انه لن يقبل بتوسيع الحكومة الـ32 وزيراً، مهما كلف الأمر، لأن حزب الله هو صاحب هذه الفكرة، ويريد فرضها على الرئيس المكلف الذي لا يريد فرض اعراف جديدة في عملية التأليف.
وفي هذا السياق، قال تلفزيون «المستقبل» في مقدمة نشرته الإخبارية مساء الأحد، ان الرئيس المكلف لن يخضع للشروط التي يعتبرها «حزب الله» مناسبة لولادة الحكومة، تحت أي ظرف من الظروف، ولن يسمح بتحويل الصلاحيات الدستورية لرئيس الحكومة إلى ساحة مباحة لتجاوز الأصول والأعراف، واداة تتلاعب بها الأهواء والمصالح السياسية.
اضافت ان الرئيس المكلف مسؤول عن تأليف الحكومة، وعن اعداد الصيغة التي تكفل قيام حكومة ائتلاف وطني، تراعي مقتضيات اللحظة السياسية ولا تعزل احدا من المكونات الاساسية عن المشهد الحكومي. فمن هو المسؤول يا ترى عن عرقلة التأليف وتعطيل إصدار المراسيم التي كانت قيد الإعداد، ومن هي الجهة التي تتحمل مسؤولية قطع الطريق على الصيغة التي انجزها الرئيس المكلف».
وختمت: «الاسئلة برسم «حزب الله»، وليست برسم الرئيس المكلف. الرئيس المكلف قام بمسؤولياته الكاملة في سبيل تأليف الحكومة، وهناك من قام بقطع الطريق على التأليف».
«حزب الله» مع حكومة الـ 32
وكان نواب «حزب الله وقياديوه واصلوا العزف على تحميل الرئيس المكلّف مسؤولية التأخير بتشكيل الحكومة، ورأى عضو كتلة «الوفاء المقاومة» النائب حسن فضل الله، ان «حل الأزمة الحكومية بكل وضوح وبساطة، هو بيد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وليس في أي مكان آخر، وبالتالي فلا يذهبن أحد للتفتيش عن أي حلول خارج إطار قيام الرئيس المكلف بدوره الطبيعي في إيجاد المعالجة الضرورية، لا سيما وأن بين يديه اقتراحات محددة واقعية وعملية لتشكيل الحكومة، وإذا قرر اليوم أن يأخذ بأي منها، فيمكن أن تشكل الحكومة، وإذا أراد أن ينتظر باعتباره أن موضوع الوقت يمكن أن يغير الأمور، فإن الواقع لن يتغير، فهناك حقيقة موجودة في البلد، ألا وهي وجود آخرين لا بد من الاعتراف بهم».
وفيما رأى «فضل الله» ان الاقتراحات التي بين يدي الرئيس المكلف اليوم هي أفضل له مما يُمكن ان يأتيه بعد شهر أو شهرين، لأنه بعد هذه المدة يُمكن ان يغير البعض رأيه، قال تلفزيون «المنار» الناطق بلسان الحزب، ان الحل المنطقي للحكومة يُمكن ان يكون عبر حكومة الـ32 وزيراً التي رفضها الحريري، أو عبر تمثيل نواب سُنة «اللقاء التشاوري» بوزير حصري من حصة تيّار «المستقبل» والذي رفضه الحريري ايضا.
أما النائب عبدالرحيم مراد فقال لـ«اللواء» ان اقتراح الوزير باسيل بتوسيع الحكومة الى 32 وزيرا باضافة وزير علوي من حصة الرئيس الحريري ووزير من الاقليات المسيحية من حصة رئيس الجمهورية، ويبقى الوزير السني السادس مستقلا من حصة «اللقاء التشاوري»  هو حل عملي والاكثر واقعية طالما ان المطلوب حكومة وحدة وطنية تمثل كل الاطراف السياسية وتؤمن الميثاقية الكاملة بتمثيل كل الطوائف، لكن الرئيس الحريري يرفض منح «الثلث الضامن» لأي طرف سياسي منفردا تحت اي صيغة.
وكرر مراد إصرار «اللقاء التشاوري» على ان يكون من يمثله في الحكومة من حصته ويلتزم قراراته.
وكانت بعض المعلومات قد اشارت الى طرح اسماء جديدة للتوزير غير الاسماء التسعة التي اقترحها «اللقاء التشاوري»، لكن مصادر اللقاء اكدت لـ«اللواء» انها كلها تسريبات وتركيبات لا اساس لها من الصحة وهدفها الاساءة الى «اللقاء» وطروحاته وخلق حالة من التشويش والبلبلة على موقف «اللقاء» الثابت..
تطويق الفتنة
وعلى صعيد تطويق قضية ما  حدث للنائب رلى الطبش في كنيسة في انطلياس، جرى اتصال بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وراعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر، تمّ خلاله تداول في الخلفيات المحيطة بمحاولات تحريك مشاعر الفتنة، واتفق على اتخاذ الإجراءات اللازمة لطي هذه الصفحة، ومنع المصطادين في المياه العكرة، في إطار ما اشارت إليه «اللواء» في عددها السبت الماضي. وشدّد الشيخ دريان والمطران مطر على أهمية الحفاظ على صيغة الوحدة الوطنية والعيش المشترك.

الأخبار
الخليل لـ«الأخبار»: متمسّكون بالحريري!
النزاع على كلفة التصحيح المالي يشتدّ: «غولدمان ساكس» يهوّل بإفلاس مصارف

يتمسّك حزب الله باستمرار الرئيس سعد الحريري في موقعه كرئيس مكلف، أقله في هذه المرحلة. وهو رغم التباينات الكثيرة معه حول ملف التأليف، وتحديداً في ما يتعلق بتمثيل سنّة 8 آذار، ومن ثم موقفه من توزير علوي، إلا أن الحزب يؤكد أن لا قرار ولا نية عنده للهجوم على الحريري (مقال ميسم رزق).
بدأت مواقف المسؤولين في فريق الثامن من آذار تتخّذ منذُ أيام منحى تصعيدياً تجاه الرئيس المكّلف سعد الحريري، على خلفية تعامله مع عقدة تمثيل سنّة هذا الفريق في الحكومة، وتحمّله مسؤولية ما آلت اليه الأمور. وهو ما طرح علامات استفهام حول الهدف من هذه «الحملة»، بعدَ أن صبّ التركيز سابقاً على أداء وزير الخارجية جبران باسيل في هذا الملف. ولم يسلَم حزب الله، كما في كل مرّة، من توجيه سِهام الاتهامات الموجّهة إليه بأنه أوعَز الى المسؤولين فيه، كما إلى حلفائِه، بالهجوم على الحريري، في ظل الحديث عن بدء البحث عن بديل للأخير، وعمّا إذا كان في وارِد الاعتذار. لكنّ توجّه حزب الله لا يوحي حتّى الآن بأي تغييرات في نظرته تجاه الحريري، إذ أكد المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل لـ «الأخبار» أن «لا قرار ولا نية عند قيادة الحزب بالهجوم على الرئيس المكلّف»، مشيراً إلى أن «الحزب لا يزال مقتنعاً رغم كل شيء بأن الحريري هو رئيس حكومة المرحلة»، معتبراً أن «المواقف الأخيرة لبعض المسؤولين ليسَت مؤشراً على وجود أمر عمليات بذلك».
وعلى حدّ اعتبار مصادر متابعة للملف الحكومي، فإن الكلام الذي صدر عن مسؤولين من حزب الله (كالنائب حسن فضل الله الذي دعا الحريري إلى القبول بما هو مطروح عليه حالياً لأن «البعض ربما يبدّل رأيه بعد شهر أو شهرين») ليسَ سوى «تعبير عن الامتعاض من رفض رئيس الحكومة المكلف مطلب وزير الخارجية بتأليف حكومة من 32 وزيراً»، والأهم «رفضه القاطع لتوزير علوي في هذه الحكومة»، على قاعدة أن «من غير المعقول التصرف بهذه العقلية، واعتبار توزير علوي هو قفز فوق الطائف كما يروّج الحريري، فهي طائفة موجودة، ويحق لها التمثّل كما الأقليات». وبينما تتصّرف جميع القوى السياسية كأنها عاجزة عن حلّ لغز أصل المشكلة الحكومية، قالت المصادر إن «الاتصالات مجمّدة، وإن الطرح الأخير كان لوزير الخارجية الذي اقترح توسيع الحكومة (32 وزيراً)، لكن الرئيس الحريري لا يزال يرفض الأمر بشكل قاطع، كما لا يزال يرفض أن يكون حلّ العقدة السنية من حصته». وعلمت «الأخبار» أن الرئيس المكلّف أبلغ موقفه هذا إلى باسيل وإلى القوات اللبنانية.
وكان لافتاً أمس تصعيد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي ربط التعثر الحكومي بوجود «حملة مبرمجة من أبواق النظام السوري لتعطيل تشكيل الحكومة، تارة عبر التشاور وتارة أخرى عبر بدعة زيادة وزيرين، وغيرها من الحجج الواهية»، مشيراً الى أن «كل ذلك لتعطيل القمّة الاقتصادية وتدمير مناعة الجسم اللبناني لمزيد من الهيمنة». ويظهر موقف جنبلاط الإصرار على إبقاء لبنان خارج التوجه العربي بالعودة إلى سوريا. ففيما تمضي الدول العربية، الواحدة تلوَ الأخرى، الى دمشق لإعادة تفعيل العلاقات السياسية والدبلوماسية معها، يُصرّ خصوم سوريا في لبنان على مكابرتهم، محاولين تحميلها مسؤولية التعطيل. وفي هذا الإطار يجزم الخليل بأن «الرئيس السوري بشار الأسد لا يتعاطى بالتفاصيل اللبنانية على الإطلاق، وهو ينصح زائريه من لبنان ممَن يتناقشون معه في الملف اللبناني «بمشاورة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله»».
وفي السياق عينه، علمت «الأخبار» أن الوزير باسيل اقترح على الحريري أن يبادر لبنان، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب المقبل، إلى الدعوة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، مُحاولاً إقناعه بأنّ الطرح سيلقى تأييد غالبية الدول العربية. وقال باسيل للحريري إن الموقف الأقصى الذي يمكن أن تتخذه السعودية هو الامتناع عن إبداء الرأي، فيما ستؤيد الاقتراح غالبية الدول الخليجية ومصر والسودان والجزائر والعراق وتونس وموريتانيا والأردن… إلا أنّ الحريري رفض اقتراح باسيل.
النزاع على كلفة التصحيح المالي يشتدّ: «غولدمان ساكس» يهوّل بإفلاس مصارف
يعتقد «غولدمان ساكس» أن استدامة الدين العام في لبنان تتطلب تقليصه إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا بدوره يفرض على الدولة أن «تصادر» 65% من قيمة سندات الدين وتترك 35% للمستثمرين، «ما سيؤدي إلى إفلاس المصارف التي توظّف ضعفَي رؤوس أموالها في الدين السيادي». «غولدمان ساكس» يمثّل كبار حملة السندات، وهو «يصارع» باسمهم من أجل تقليص حصّتهم من فاتورة التصحيح، وتحميلها للذين تحمّلوا كلفة السياسات التي خلقت الأزمة: ذوو الدخل المتوسط والمتدني (مقال محمد وهبة).
بصدور التقرير التحليلي الأخير للمصرف الأميركي «غولدمان ساكس»، يكون الحديث عن الوضع المالي في لبنان تجاوز النقاشات حول «احتمالات الانفجار المالي» في مواجهة سرديّة «القدرات الأسطورية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة»، وقفز نحو عملية التصحيح المالي وتوزيع فاتورته. قبل نحو شهر، كان «غولدمان ساكس» يناقش احتمالات الانهيار المالي في تقرير صدر بعنوان «إلى متى يمكن لبنان أن يموّل عجزه المالي»، إلا أنه قرّر أن يفتتح 2019 بالحديث عن آليات التصحيح المالي والتهويل من كلفة فاتورة التصحيح على المستثمرين، وعلى رأسهم المصارف اللبنانية التي «توظّف في سندات الدين السيادي ضعفي رؤوس أموالها». تصريح واحد من وزير المال علي حسن خليل كان كفيلاً بتغيير نظرة «غولدمان ساكس». ففي 30 كانون الأول الماضي قال خليل الآتي: «الأزمة الاقتصادية اليوم في أعلى تجلياتها وارتداداتها، وبدأت تتحول من اقتصادية إلى مالية… نأمل إلا تتحوّل إلى أزمة نقدية».
تصريح خليل، شكّل المبرّر الأساسي لقيام «غولدمان ساكس» بإصدار تقرير تحليلي للمبالغ التي يمكن المستثمرين استردادها من سندات الدين اللبنانية. رغم ذلك، فإن خطوة احتساب هذه المبالغ تشي بأن احتمال الانهيار بات طاغياً على ما عداه. والمبرّر الثاني الذي تطرّق إليه «غولدمان ساكس» متصل بالمستثمرين الخائفين من عدم الاستقرار المالي على المدى الطويل «ما جذب تركيزهم نحو السؤال الآتي: في حال قرّرت الحكومة اللبنانية أن تقوم بعملية إعادة هيكلة سندات الدين، فما هي قيمة استرداد هذه السندات؟». لذا، أجرى «غولدمان ساكس» تحليلاً مالياً لاحتساب قيمة الاسترداد في إطار هدف إعادة العجز المالي إلى وضع الاستدامة. حدّد المصرف ثلاثة عوامل أساسية تؤثّر على العجز المالي هي: أسعار الفوائد، والنمو الاقتصادي، والعجز/الفائض الأولي في الخزينة. وتفترض عملية الاحتساب هذه أن وضع الدين العام على سكّة الاستدامة يتطلب أن تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 50% (حالياً، نسبة الدين إلى الناتج تتجاوز الـ150%). ولا يمكن تحقيق هذا الهدف عن طريق رفع النمو إلا إذا سجّل لبنان معدلات خيالية، كما لا يمكن تحقيقه عبر تسجيل فائض أوّلي في الخزينة، لأن ذلك يتطلب أن تكون نسبة هذا الفائض 8% من الناتج المحلي الإجمالي أو ما يعادل نحو 5 مليارات دولار، وهذا أمر صعب جداً. كما أنه لا يمكن بلوغ هذا الهدف عبر خفض اسعار الفوائد إلى المعدلات الملائمة… لذا، هناك خيار «قصّ الشعر». هي عبارة عن عملية مالية تقنية تتيح للحكومة استرداد السندات التي أصدرتها في السوق بعد حسم نسبة محدّدة من قيمتها. في حالة لبنان، بحسب «غولدمان ساكس»، فإن بلوغ نسبة من الدين إلى الناتج توازي 50%، يتطلب أن تقوم الحكومة بـ«قصّ شعر» لسندات الدين بالعملات الأجنبية (اليوروبوندز) بنسبة 65% من قيمتها. عملياً، فإن الحكومة تصادر 65% من قيمة السندات، وتدفع للمستثمرين وحملة السندات 35% من قيمتها.
عند هذا الحدّ، لا يعتقد «غولدمان ساكس» أن التصحيح المالي المطلوب لاستدامة الدين ممكن تنفيذه. ففي أحد السيناريوات يتبين أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار سيرتفع من 1507 ليرات إلى 3000 ليرة، وهناك سيناريو آخر يتطلب خفض أسعار الفائدة ورفع معدلات النمو «وهو أمر ممكن لكنه بعيد عن متناول صانعي السياسات في لبنان، ويعتمد على تطورات الظروف الإقليمية والاقتصادية والسياسية أيضاً».
في الواقع، إن المصرف الأميركي خلص إلى هذه النتيجة، للقول إن العنصر الاساسي المحدّد لتنفيذ عمليات إعادة هيكلة الدين هو المصارف. فالمشكلة التي ستواجه صانعي السياسات، أن انكشاف المصارف على الدين السيادي كبير جداً، فهي تحمل سندات دين بقيمة 55 ألف مليار ليرة، أي ما يوازي ضعفي رؤوس أموالها البالغة 30 ألف مليار ليرة. «إذا قرّرت الحكومة أن تقوم بعملة قصّ الشعر بنسبة 65%، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى إفلاس المصارف. أهمية النظام المصرفي اللبناني كوسيط يؤمن التمويل للعجز الخارجي ولعجز المالية العامة، يجعل من سيناريو كهذا أمراً مستبعداً».
ويشير التقرير إلى أن «بعض الزبائن تحدّثوا عن وجود مقترحات لعمليات «قصّ شعر» تطاول الودائع (على الطريقة القبرصية، أي أن تمنع الدولة خروج الأموال ثم تصادر نسبة من الودائع لإطفاء الدين العام)، فإن هذا الخيار ممكن نظرياً، لكنه مستبعد أيضاً، نظراً إلى الضرر الطويل المدى الذي سيلحق بسمعة لبنان المصرفية، وهي أمر حيوي جداً من أجل استمرارية ودائع المغتربين». وفي النهاية، يخلص التقرير إلى أن أي عملية إعادة هيكلة للدين ستأخذ في الاعتبار تخفيف الأعباء على المصارف.
إذاً، «قص الشعر» صار أمراً متداولاً. الحقيقة أنه لا دخان بلا نار. فالحديث عن إعادة هيكلة الدين العام أمر متداول بين المسؤولين والخبراء. هناك أكثر من جهة تعمل على هذه الهيكلة، من دون أن تسرّب أي معطيات عنها، لا في الشكل ولا في المضمون. بعض المصرفيين أعربوا عن رغبتهم في المشاركة في عملية التصحيح، وبعضهم الآخر رفض بهدف تحميل «سلسلة الرتب والرواتب» كلفة الانفجار المالي. تقرير «غولدمان ساكس» يأتي في إطار الصراع على توزيع كلفة التصحيح. يستخدم المصرف المذكور معطيات واقعية للتهويل. لعبة محسوبة ضمن المصالح المشتركة بين المصارف المحلية والمصارف الأجنبية. فالمصارف اللبنانية ومصرف لبنان يحملون سندات يوروبوندز بما لا يقل عن 27.5 مليار دولار، وهناك 5 مليارات دولار محمولة من قبل صناديق أجنبية (هذه الأرقام صادرة عن مصادر في مصرف لبنان). هؤلاء هم في غالبيتهم زبائن «غولدمان ساكس». أبرزهم صندوق «بلاك روك» الذي يحمل سندات يوروبوندز بقيمة تصل إلى مليار دولار، أي إنه وحده يمثّل 20% من قيمة السندات المحمولة من قبل أجانب. «بلاك روك» زار لبنان في منتصف تشرين الأول الماضي ضمن جولة نظّمها «غولدمان ساكس» لاستطلاع الوضع المالي في لبنان، ولإقناع زبائنه باستثمار المزيد من الأموال في السندات اللبنانية. لا أحد يعلم إذا تمكن هذا المصرف من إقناع زبائنه بهذا الاستثمار، لكن المعروف أنه يستند إلى تصريح وزير المال للتحذير من نتائج عملية التصحيح. «غولدمان ساكس» هو أحد أطراف اللعبة، وهو «يصارع» باسم من يمثّلهم من صناديق أجنبية ومن مصارف لبنانية يتعامل معها أيضاً، لتقليص حصتهم من فاتورة التصحيح. «غولدمان ساكس» لا يختلف عن المصارف اللبنانية التي حققت الكثير من الأرباح على حساب الخزينة العامة وذوي الدخل المتوسط والمتدني، وتسعى اليوم للفوز بإعفاء من دفع فاتورة التصحيح وتحميلها أيضاً للفئة نفسها التي تحمّلت كلفة تضخّم ثروات أصحاب المصارف وكبار المودعين.