إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 4 أيلول، 2019

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 4 تشرين الأول، 2018
«العرشُ العونيّ» يهتزّ في جبيل
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 8 شباط، 2018

اهتمت الصحف بموقف الرئيس سعد الحريري من تداعيات العدوان "الإسرائيلي" على ضاحية بيروت يوم 25 آب 2019. وهذا موقف يجب على المواطنين ملاحظته، وتقديره، لما يرتب من نتائج سياسية حاضراً ومستقبلاً. فقد اختارت المقاومة الرد الديناميكي الدائم والمفتوح لصد العدوان، بدءاً من عشية ذلك اليوم. وهذا المسار الإستراتيجي الجديد حظي بـ"تغطية" من "الدولة"، ما ضمن "تحصين موقف المقاومة" بحسب "الأخبار". ويبدو أن وجود الرئيس الحريري ضمن "تريو الحكم" في تأمين هذه "التغطية"، وتوفير هذه "الحصانة" للمقاومة، قد فاجأ الولايات المتحدة ـ "إسرائيل". لذلك ـ وليس من تفسير آخر ـ تقدم عملاء "إسرائيل" السابقون، وعملاء الأجهزة الأميركية لـ"يندبوا" قرار مجلس الأمن رقم 1701. مثلاً، سمير جعجع، وهو عميل "إسرائيلي" سابق، وأحد مجرمي الحرب الأهلية، بات اشبه بـ"شريط كاسيت" في اتهام المقاومة بأنها أسقطت "القرار الدولي" المذكور. كذلك، الرئيس فؤاد السنيورة، الذي لم يبرئ ذمته المالية بعد توليه الحكم، أُخرِج من "العلبة الأميركية" على عجل، ليكرر ما جاء في "شريط الكاسيت". اهتمت الصحف بموقف الحريري لأنه "طبش" جعجع والسنيورة وسياسيبن محليين آخرين يقفون، بكل وقاحة، في صف العدوان.   

إذاعة النور

الأخبار
الدولة «تستوعب» اشتباك الجنوب: تحصين موقف المقاومة
لبنان «يطرد» الفلسطينيين

للمرة الأولى من عام 2006، تصل خطورة الاعتداءات الإسرائيلية إلى حدّ استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت. وللمرة الأولى، يكون الموقف الرسمي اللبناني بالوضوح الذي كان عليه في الجولة الأخيرة بين المقاومة والعدو.
انتهت الجولة الأخيرة من الصراع مع العدو بموقف من أركان الدولة شكّل غطاءً رسمياً لعملية المقاومة في الأول من أيلول، رداً على الاعتداء الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية وعلى مقاومين في سوريا. موقف الرئيس نبيه بري متوقّع وطبيعي. لكنه هذه المرة رفع السقف أعلى من السابق، إذ وضع حركة أمل في جاهزية، إلى جانب حزب الله، لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يسمح للموقع الرسمي بتقييده. على العكس من ذلك، حمّلته الرئاسة مسؤولية عن أمن البلاد أكبر مما كان عليه الأمر حين كان نائباً رئيساً لتكتل نيابي وتيار سياسي. ومن هذا المنطلق، كان موقفه الداعم، بلا أي تحفّظ، للمقاومة، في سعيها إلى تثبيت قواعد الاشتباك مع العدو. لكن اللافت موقف الرئيس سعد الحريري. ما قاله في جلسة مجلس الوزراء، أو في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، كان شديد الوضوح لجهة رفض الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية فجر 25 آب الفائت. جعل ردّ الاعتداء أولوية لا يتعداها أي نقاش آخر. من هم على تواصل دائم معه يؤكدون أن الحريري، في الجلسات المغلقة، يعلن قناعته في هذا الصدد: «لن نقبل باعتداء على بلادنا، بصرف النظر عن أي خلاف مع حزب الله أو غيره».
مصادر وزارية ترى في موقف الرؤساء الثلاثة دعماً كبيراً للمقاومة، وتحصيناً إضافياً لها في أي جولة مستقبلية مع العدو. وتقول المصادر إن أداء الحريري يضعف رهان العدو على العوامل الداخلية اللبنانية إذا قررت إسرائيل مستقبلاً تصعيد اعتداءاتها على لبنان.
يوم أمس، كان رئيس الحكومة، يعبّر، بدبلوماسية، عن موقفه. قال في السرايا إن «الدولة اللبنانية استوعبت ما حدث دبلوماسياً، منذ قصة المسيرات، وصولاً إلى ردّ فعل حزب الله. علينا أن نحافظ على الاستقرار وعلى القرار 1701. المشكلة الأساسية أن الوضع في المنطقة ككل متأزم، ونحن بغنىً عن أزمات جديدة. هذا هو منطلقي، وحماية لبنان هي الأساس».
ورداً على سؤال، قال: «القرار 1701 لم يسقط، ولا يزال موجوداً، والخطوط الحمراء ما زالت موجودة، والمهم أن نستمر في تطبيق القرار 1701. ما يهمني هو ما يحصل على الأرض، وهو تطبيق هذا القرار».
وفي الإطار عينه، أتى بيان كتلة المستقبل أمس ليعبّر عن «تموضع» رئيس الحكومة. أعلنت إدانتها «للاعتداءات والخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية»، وعبّرت عن «الاطمئنان للمسار الذي اعتمدته الحكومة في هذا الشأن، وللجهود التي تولاها رئيس مجلس الوزراء الذي أمسك بزمام الاتصالات الدولية والعربية، وعمل بالتنسيق مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب على تجنيب لبنان والمنطقة حرباً مجهولة الأبعاد».
وإذ نوهت الكتلة بـ«التضامن الوطني حيال هذه الاعتداءات»، اعتبرت أن «الالتفاف حول مرجعية الدولة وقرارها ومؤسساتها الدستورية والعسكرية والأمنية هو المصدر الأساس لقوة الموقف اللبناني في مواجهة التحديات الماثلة، وتطالب المجتمع الدولي، وأصدقاء لبنان خصوصاً، الوفاء بالتزاماتهم تجاه حماية القرار 1701 وممارسة كل أشكال التدخل لوقف مسلسل الخروقات الإسرائيلية وتجنيب المنطقة المزيد من حلقات التدهور العسكري».
من جهته، أتى بيان تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه أمس، ليصبّ في خانة دعم موقف رئيس الجمهورية، إذ رأى التكتل «أن قواعد اللعبة قد تغيرت بفعل العمل الإسرائيلي الذي حصل في الضاحية الجنوبية، المسيَّرات التي تتناول أناساً وتشكل خطراً على حياتهم وأحيائهم ودساكرهم وبلداتهم، وهي التحدي الحقيقي، وكان المطلوب عدم استباحة سمائنا وناسنا بطائرات مسيَّرة تفجر وتغتال وتتجسس وتصور وتنقل الداتا إلى حيث لا نعلم أو نعلم وما شابه من أعمال عدوانية تمسّ حياة الناس. محلياً، لا يمكن أن نقبل بهذا الخرق السيادي، ولا تعارض مع منطقنا أو إحراج لنا في ردة فعل من منطلق مصلحة الدولة اللبنانية، مصلحة الشعب في ضوء ميثاق الأمم المتحدة. رد الفعل الثأري لا يمكن اعتباره تصعيداً (…). في تقييمنا، موقفنا المبدئي هو سيادي ويتلاقى مع موقف وطني موحد، باستثناء مكون اعتاد الشعار والشجار».
لبنان «يطرد» الفلسطينيين
لم تعد الهجرة من مخيمات الشتات، وصمة يخجل الفلسطيني بها. في السنوات الأخيرة، صارت إعادة التوطين في أوروبا أو كندا وأميركا، حلماً سهل المنال تُسهم في تحقيقه عوامل عدة. وأصبح بعض من كان يتظاهر في عين الحلوة والبداوي وشاتيلا واليرموك من أجل حق العودة، يعتصم أمام السفارة الكندية في بيروت لفتح باب الهجرة، كما حصل أول من أمس، للمرة الثانية خلال شهر (تقرير آمال خليل). 
عدّة عوامل تجعل مخيّم البداوي في الشمال يحتل المرتبة الأولى في عدد المهاجرين من اللاجئين الفلسطينيين، مقارنةً بباقي المخيمات. هنا، المخيّم مُدقع الفقر، مثل ضواحي طرابلس الملاصقة له، وحوصر مثلها لسنوات تحت رصاص المعارك من التبانة وجبل محسن. حصارٌ أضيف إلى «التعتير»، ومُزجت معه هموم النازحين من مخيم البارد، وتقليص خدمات الأونروا. يسعى كثير من شبان البداوي للهجرة بأي ثمن، فيما شكّلت الحرب السورية موسماً مزدهراً للهجرة غير الشرعية، على الرغم من أن تجربة المخيم مع الهروب في البحر والبر مريرة. رزان المغربي (20 عاماً) عادت جثة بعد غرقها في البحر إثر محاولتها الانتقال من تركيا إلى اليونان مع مهاجرين على متن قارب. قبلها، توفي محمد عودة في صحراء ليبيا من الحر والعطش، لدى محاولته العبور إلى إيطاليا، آتياً من سوريا والعراق، ولم تعد جثته.
في أحد المقاهي الكثيرة في المخيم الصغير، يتحلق شبان لدى كل منهم تجربة مع الحلم الأوروبي، وأقارب وأصدقاء سبقوه… ومنهم من ينتظر! شقيق أحدهم اشترى تأشيرة روسية للعبور من روسيا وبيلاروسيا إلى النروج، تحت غطاء طالب. فيما شقيق آخر، يُدعى رمزي (33 عاماً) المطلوب للقضاء، تسلل عبر وادي خالد إلى سوريا، ثم تركيا، وصولاً إلى اليونان بطريقة غير شرعية. يقول شقيقه إن المهرب قبض من شقيقه 6 آلاف و200 دولار «استدانها ولا نزال نسددها».
مسار شاقّ قطعه رمزي، «عبر سيارة إجرة، اجتاز حواجز الجيش السوري والجيش الحر وداعش ونقطة غازي عينتاب. في إسطنبول، قبضت عليه الشرطة أثناء مبيته في الشارع بانتظار إشارة المهرّب للانتقال عبر القارب إلى اليونان». اضطر المهاجر إلى إنكار هويته حتى، قال إنه فلسطيني من مخيمات سوريا تحسباً لترحيله لو كشف أنه من فلسطينيي لبنان، ثم أفرج عنه وتابع رحلته معتمداً على تحويلات مالية من عائلته الكادحة في نهر البارد. عند الحدود اليونانية، تعرض لإطلاق النار من قبل الشرطة، قبل أن يمشي لأيام ويصل إلى أثينا، ثم ينتقل من بلد إلى آخر، مهتدياً بسكة القطار، حتى وصل إلى أقاربه في الدانمارك، وهو ينتظر منذ نحو عام موافقة السلطات على منحه اللجوء. يشير أحد الشبان إلى أن الكثير ممن سافروا «تورطوا في أعمال غير مشروعة لتأمين المال للعيش، لأن عائلاتهم غير قادرة على دعمهم».
يقول مازن (اسم مستعار، من أبناء البص) إن الهجرة «هروب غير مضمون إلى المجهول. بعت بيتي وأقفلت محلي وغادرت أنا وعائلتي لنحط في بلجيكا. لكننا لم نتحمل عيش الذل في (الهايم) أو مركز الإيواء الذي يضم مهاجرين من حول العالم ينتظرون الحصول على اللجوء. الطعام والخدمة رديئان»، ما اضطره إلى العودة إلى البص، لكن صديقه رفض العودة. عاد عزّت وكرّر طلب اللجوء مرة جديدة، لكنه حرق إصبعه هذه المرّة لطمس بصمته واستخدام هوية جديدة للجوء.
في تجمع المعشوق (البرج الشمالي) تتحدث الناشطة نزهة الروبي عن عشرات الشبان الذين غادروا مخيمات صور في السنوات الثلاث الأخيرة، 90 منهم من الرشيدية وحده. «الناس يائسة. إذا أصيب أحدهم بمرض مستعصٍ، نعتمد على لمّ التبرعات لعلاجه. في الوقت الذي يعمل فيه معظم شبان الرشيدية والبرج الشمالي سائقي تاكسي على سيارات غير مسجلة. لا يستطيعون تأسيس عائلة بسبب الضيق الاقتصادي، وفي حال جَمع مبلغ نعاني من منع إدخال مواد البناء إلى المخيمات. الفلسطيني عندما يستفيق لا يفكر في حق العودة، بل بالخبز والدواء والمدرسة»، تقول الروبي. اليأس دفع مؤيدي الهجرة إلى إيجاد إيجابيات لها في دعم القضية الفلسطينية: «الهجرة لا تمنع حق العودة، وفي حال حصولي على جواز سفر أجنبي، أتمكن من زيارة فلسطين المحتلة»، يقول أحد الشبان الحالمين بأوروبا!
يؤكّد ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي لـ«الأخبار»، إن «نحو 40 ألف فلسطيني غادروا لبنان في السنوات الأربع الأخيرة من طريق الهجرة الشرعية عبر المطار، من دون احتساب من سلك الطرق غير الشرعية براً. الرقم ليس تفصيلاً قياساً إلى عدد فلسطينيي لبنان المقدر بـ 250 إلى 300 ألف فلسطيني. ويشير عبد الهادي إلى أن «المشروع الأميركي المرتبط بصفقة القرن يهدف إلى توطين ما بين 75 إلى 100 ألف فلسطيني في لبنان وتهجير الباقي إلى أكثر من بلد». يضيف أن «من هاجر حتى الآن وقع ضحية الضغوط الإنسانية والحياتية وتقليص الأونروا وافتعال الأحداث الأمنية، فضلاً عن الشبكات المنظمة التي تؤثر في الشباب والعائلات لإقناعهم بالهجرة وغسل دماغهم كلما زاد الضغط الأميركي لتنفيذ صفقة القرن». أما القيادي في التحالف الوطني الفلسطيني أبو بلال مرعي، فرأى أن «مشروع التسوية الذي وافقت عليه السلطة الفلسطينية كان له أثر سلبي في فلسطينيي الشتات الذين شعروا بأن السلطة تخلت عن حقوقهم. أما في لبنان، فالدولة تمارس شبه حصار على المخيمات، ما أدى إلى خنق سكانها وإنتاج حالات انحراف وتطرف». مرعي المقيم في المعشوق، لا يرى في الهجرة إقلاعاً عن التمسك بالقضية وحق العودة: «فلسطينيو أوروبا ينظمون احتفالات تضامنية أكثر منا. فضلاً عن التغيير الاجتماعي والاقتصادي الذي يحدثه المسافر في عائلته». يدرك عبد الهادي أن المنظومة التشجيعية على الهجرة الناعمة متكاملة تُسهم الدول في التغطية عليها. وفي هذا الإطار، لفت إلى أن «الأمن العام اللبناني شدد الإجراءات على مكاتب السفريات المشهورة بتسفير الفلسطينيين، لكنه لاقى معارضة من زبائنه الفلسطينيين الذين اشتكوا من التضييق برغم شرعية الإجراءات». مدّ الهجرة مستمر، فما البديل؟ يقول عبد الهادي إن «حماس وضعت استراتيجية لمواجهة الهجرة بناءً على التفاهم مع لبنان من أجل تخفيف الضغط حتى يشعر الفلسطيني بأنه يعيش حياة كريمة، وتحقيق إنجازات في مجال الحقوق الإنسانية والضغط على الأونروا لتحسين الخدمات ومساهمة الفصائل الفلسطينية بتنفيذ مشاريع توفّر فرص العمل للشباب». مصدر مسؤول في أحد الفصائل كشف عن «تفاهم أميركي مع كندا لاستقبال 100 ألف فلسطيني (40 ألفاً من فلسطينيي لبنان و60 ألفاً من فلسطينيي سوريا)، وتفاهم أميركي مع إسبانيا لتستقبل 16 ألف فلسطيني من لبنان، إضافة إلى تفاهمات مماثلة مع بلجيكا وفرنسا. التفاهمات الدولية تلاقيها تسهيلات تقدمها شبكات التسفير عبر خفض تكلفة الهجرة من 12 ألف دولار إلى 7 آلاف دولار عن الشخص الواحد».
دورة حول العالم على طريق السماسرة
الهجرة غير الشرعية ليست رائجة كثيراً في مخيمات بيروت والجنوب (عدا عن عين الحلوة)، حيث تزدهر الهجرة عبر المطار تحت غطاء السياحة. مخيم الرشيدية يأتي في المرتبة الثانية بعد البداوي في عدد المهاجرين. في الرشيدية كما في معظم المخيمات، يوجد مندوبون لأحد مكاتب السفريات، لصاحبه سمسار هجرة الفلسطينيين، ج. غ. الذي يوفر لهم تأشيرات سفر سياحية للوصول إلى البلاد التي تقبل اللجوء. عزت (اسم مستعار) دفع للمندوب 12 ألف دولار ليصل إلى إسبانيا. العامل تدبر الأموال بعد أن باع «صيغة» والدته وجزءاً من أثاث المنزل. يشمل المبلغ استصدار التأشيرة وحجز تذكرة السفر والفندق وتكاليف الإقامة في البلد المقصود. خط سفر عزّت وسواه، يبدأ بتأشيرة سياحية من المطار إلى الإمارات كترانزيت، ومنها إلى إثيوبيا أو جنوب إفريقيا، وصولاً إلى الإكوادور أو بلد آخر في أميركا اللاتينية. وفي جميع المطارات، يجد عزت من ينتظره ليقوده إلى الوجهة التالية. يمضي في أميركا اللاتينية مدة محددة تحت إشراف مندوب من قبل مكتب السفريات قبل أن يحين موعد سفره إلى إسبانيا، بحجة أنه عائد إلى لبنان. 
في مطار مدريد، يجد عزت من ينتظره أيضاً ويدله على آلية طلب اللجوء. لكن الكثيرين انتظروا طويلاً في الإكوادور ريثما يحدد لهم المندوب مسار العودة عبر البلد الذي سيوافق على لجوئه، منها إسبانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اللواء
باريس تلاقي بحَذَر إندفاعة لبنان نحو «سيدر»!
ضغوط روسية وفرنسية على نتنياهو لعدم الإنزلاق إلى الحرب

من زاوية ترقب حذر إزاء مجريات المفاوضات الأميركية – الإيرانية الفاترة حيناً، والحارة حيناً آخر، والجانحة إلى العقوبات ضمن خدمة جديدة تطال الوكالة الإيرانية للدراسات الفضائية، وما يروّج لمخاوف من جنوح بنيامين نتنياهو إلى الحرب قبل 17 ايلول الجاري، في محاولة لتأجيل انتخابات الكنيست من زاوية خشيته من الخسارة، والخروج من المشهد السياسي بضربة موجعة، يندفع لبنان الرسمي بقوة الي وضع قرارات اجتماع بعبدا الاقتصادي على طاولة مجلس الوزراء، تنفيذياً، بدءاً من غد الخميس، تحت عين المنسق الفرنسي لتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» بيار دوكان، الذي يكوّن ملفاً حول التزام لبنان وقدرته على الإيفاء بالتزاماته، عشية مؤتمر صحفي يعقده غداً بالتزامن مع مجلس الوزراء، قبل سفره إلى بلاده، لرفع تقرير إلى الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، المعني مباشرة بتنفيذ مقررات «سيدر» الذي دعا إليه ورعاه في العاصمة الفرنسية باريس قبل أشهر لإنقاذ اقتصاد لبنان.
خطوط حمراء في الموازنة؟
وعلى غرار الأيام السابقة، وتحديداً منذ 25 آب الماضي، ليلة «غارة المسيّرات» الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية، بقيت تداعيات الاعتداء الإسرائيلي تتجاذب مع الهم الاقتصادي في صدارة الاهتمامات اللبنانية، لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي طرأت على المحورين الأمني والاقتصادي:
الاول: إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله كسر الخطوط الحمراء في مواجهة إسرائيل، ما يعني ضمناً سقوط القرار 1701، بعد عملية «المقاومة الإسلامية» في خراج مارون الراس التي يفترض ان تكون قد أعادت تثبيت قواعد الاشتباك التي أرساها القرار الدولي المذكور.
والثاني: القرارات أو التوصيات التي خرج بها لقاء بعبدا الاقتصادي لوقف الانهيار الاقتصادي والتي يفترض ان تواكبها ورشة عمل توازي التحديات الكبيرة التي تواجهها الدولة، وتحتاج إلى تفعيل سريع لعمل المؤسسات للشروع في وضع هذه القرارات الإصلاحية موضع التنفيذ، بحسب ما أكّد الرئيس ميشال عون امام زواره في بعبدا أمس حيث لفت إلى ان «المهلة قصيرة ولا تتعدّى الستة أشهر ليثبت لبنان قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الراهنة، ما يُعيد الثقة وينعش الحياة الاقتصادية من جديد»، ودائماً وفق الرئيس عون الذي اعتبر ان الورقة الاقتصادية والمالية التي خرج بها لقاء رؤساء الأحزاب والكتل النيابية في بعبدا، هي «بداية مسيرة النهوض الاقتصادي».
وذكرت مصادر وزارية شاركت في اجتماع بعبدا السياسي- الاقتصادي امس الاول، ان الآلية التنفيذية للقرارات التي صدرت ستتولاها الحكومة ومن خلال الحركة التي سيقوم بها الرئيس سعد الحريري مع هيئة الطواريء التي شكلها المجتمعون، وقالت المصادر: ان الرئيس الحريري سيتابع تنفيذ الاوراق التي قدمها المشاركون، وبالاخص ورقة رئيس الجمهورية التي تضمنت 49 مقترحاً، تحتوي نقاطا مركزية لمعالجة الازمة، والتي لا تتضمن بالطبع اية ضرائب او رسوم، انما علاجات علمية استثنائية لظروف استثنائية.
اضافت: ان السلطة التنفيذية مكلفة متابعة تنفيذ القرارات التي صدرت، والتي سيتم ترجمتها في بدء التطبيق من خلال مشروع موازنة 2020 اولاً وضمن المهلة الدستورية، وقرارات مؤتمر «سيدر» وخطة «ماكينزي» وفي امور اخرى تؤدي الى زيادة الواردات وخفض النفقات . كما ان لمجلس النواب دوره في اقرار بعض القوانين اذا تطلب الامر ذلك من قوانين تزيد الدخل مثل تسويات مخالفات البناء والمخالفات على الاملاك.
واستغربت المصادر اثارة جو الهلع في بعض الاعلام والحديث عن خراب انهيار وفرض ضرائب بينما النص واضح وعبر عنه الرئيس الحريري، معتبرة ان لا صحة لكل ما يُثار.
دوكان في بيروت
لكن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد غداً في السراي الكبير، الذي وزّع أمس على الوزراء ويتضمن 41 بنداً، لم يتضمن أي موضوع يتصل بقرارات اجتماع بعبدا، خلافاً لما أشار إليه الرئيس الحريري، كما خلا من أي إشارة إلى موضوع التعيينات القضائية، ما يُؤكّد انه لم يحصل اتفاق في شأنها داخل «البيت الواحد» على الرغم من استمرار الاتصالات لتذليل الخلافات.
الا انه كان لافتاً للانتباه، ظهور المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» بيار دوكان في بيروت، في أعقاب اجتماع بعبدا، مستهلاً جولته على المسؤولين اللبنانيين بزيارة وزير المال علي حسن خليل، ومؤكداً من هناك ان «سيدر» ما يزال قائماً ولا سبب لعدم وجوده»، ومشدداً «على وجوب إقرار موازنة العام 2020 ضمن المهل الدستورية لها في العام 2020، معتبراً ان هذا الأمر إلزامياً ليس للمجتمع الدولي بل لمصلحة لبنان».
وقال ان «هناك سلسلة إصلاحات تمّ طرحها في «سيدر» تتعلق بالقطاع العام والجمارك والتهرب الضريبي، وهذه الأمور يجب البحث فيها في مجلس الوزراء في الأسابيع المقبلة».
ويزور دوكان اليوم الرئيس الحريري ووزيرة الطاقة ندى البستاني، بعدما شمل في جولته أمس وزير الاقتصاد منصور بطيش الذي نقل عن المبعوث الفرنسي اطمئنانه إلى توجه المسؤولين، آملاً ان يتمكن خلال الأشهر القليلة المقبلة إنجاز خطة الكهرباء واستكمال الإصلاحات في موازنة 2020.
ولاحظت مصادر دبلوماسية غربية ان كلام دوكان كان شديد الوضوح لجهة وجوب إقرار موازنة 2020 ضمن المهل الدستورية متضمنة الإصلاحات التي كان يفترض تنفيذها منذ عام ونصف عام. وقالت ان «الرسالة الفرنسية شديدة الوضوح: لا سيدر دون إصلاحات، وان زيارة دوكان لإبلاغ هذه الرسالة».
مجلس الوزراء
اما أبرز بنود جدول أعمال مجلس الوزراء غداً فهي في الشؤون المالية: طلب وزارة الاتصالات اطلاق مزايدة تتعلق باعادة بناء وتأهيل قطاع البريد في لبنان، مشروع قانون يسمح للمكلفين اجراء تسوية ضريبية، طلب وزارة التربية والتعليم العالي صرف مساهمة الدولة للمدارس الخاصة المجانية عن العام 2015-2016 بعدما تعذر على التفتيش المركزي اجراء التدقيق في البيانات الاحصائية وتأكيد أعداد التلامذة الذين تستحق عنهم المساهمة المالية للدولة. 
ومن بنود الشؤون الوظيفية:اقتراح قانون لتعديل الفقرة واحدمن المادة 68 من قانون الموظفين (انتهاء الخدمة بسبب بلوغ السن). واقتراح قانون تعديل لتعديل بعض احكام المرسوم الاشتراعي رقم 112/1959(نظام الموظفين). ومشروع قانون لتحديث وتوسعة ملاك المحاكم الشرعية السنية والجعفرية. واعفاء مدير عام التعليم العالي في وزارة التربية ووضعه بتصرف رئيس مجلس الوزراء. 
وفي بنود الشؤون المتفرقة: اقتراح قانون ومشروع مرسوم لتعديل قانون اصول المحاكمات، الاول بما يسمح للموقوف الاستعانة بمحامٍ خلال التحقيقات الاولية والثاني حول هوية الشاهدالمستمع، واقتراح قانون يرمي الى استقلالية القضاء العدلي، ومشروع قانون لتعديل نظام الصيد البري في لبنان.
القرار 1701 سقط لم يسقط؟
ولفت الانتباه بين البنود البند المتعلق بعرض وزارة الدفاع الوطني تعليمات حول ترخيص استيراد واستخدام طائرات التحكم المسيرة عن بعد غير المصنفة كألعاب (بدرون)، ربما قد يطرح مجدداً امام مجلس الوزراء الاعتداء الإسرائيلي على الضاحية بواسطة هذا النوع من الطائرات المسيرة.
وفي هذا السياق، أكّد الرئيس الحريري، ردا على سؤال حول التطورات الأخيرة في الحدود الجنوبية، ان «الدولة اللبنانية استوعبت ما حدث ديبلوماسياً، منذ قصة «المسيرات» وصولاً إلى ردة فعل «حزب الله»، وعلينا ان نحافظ على الاستقرار وعلى القرار 1701».
لافتاً إلى ان المشكلة الأساسية هي ان الوضع في المنطقة متأزم ككل، ونحن بغنى عن أزمات جديدة».
وقال: هذا هو منطقي، وحماية لبنان هي الأساس.
ورداً على سؤال آخر، أكّد الحريري ان القرار 1701 لم يسقط ولا يزال موجوداً، والخطوط الحمراء ما زالت موجودة، والمهم ان نستمر في تطبيق القرار 1701».
وعن المطالبة باستقالة الحكومة قال: «هذه وجهات نظر، لكن من طالب بذلك لا يزال في الحكومة». في إشارة إلى ما قاله رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في اجتماع بعبدا أمس الأوّل.
وجاءت مواقف الحريري في ما يشبه الرد على السيّد نصر الله الذي كان أعلن أمس الأوّل كسر كل الخطوط الحمراء مع إسرائيل، والدكتور جعجع الذي اعتبر في تغريدة له ان كلام نصرالله بعد ردّ حزب الله هو بمثابة إلغاء للقرار 1701.
وفي السياق، كشفت مصادر ديبلوماسية لـ«اللواء» معلومات خاصة وصفتها بالحساسة عن إسرائيل تتوسط لدى موسكو للضغط على حزب الله لإعادة التزامه مجدداً بقواعد الاشتباك السابقة وتحديداً القرار 1701.
 وقالت المصادر ان تل أبيب تعهدت للروس عدم استهداف مقاومين لحزب الله في سوريا (على غرار ما حصل في عقربا السورية) أو خرق القرار 1701 شرط التزام الحزب بقواعد الاشتباك السابقة، كاشفة عن وساطات لكل من أميركا وفرنسا وروسيا ومصر لإعادة احياء القرار الدولي المذكور.
وفي المعلومات التي كشفتها المصادر الدبلوماسية، اتصال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بجهات رسمية لبنانية منها رئيس الحكومة سعد الحريري للضغط على حزب الله لوقف عمليته العسكرية ضد اسرائيل، والاكتفاء بالرد الذي استهدف آلية عسكرية للعدو قرب مستعمرة افيفم كرد مزدوج عن «مسيرات» الضاحية واستشهاد عنصري الحزب في سوريا.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر ايضا عن عروض قدمتها ادارة ترامب للحزب والدولة اللبنانية عبر وسطاء اوروبيين تتضمن تقديم تعهدات اميركية بلجم اسرائيل والتزامها بالقرارات الدولية من جهة وعدم تصعيد واشنطن ضد لبنان لجهة تاخير اصدار عقوبات جديدة ضد حلفاء حزب الله او جهات اقتصادية على صلة به من جهة اخرى، شرط التزام الحزب مجددا بقواعد الاشتباك السابقة خصوصا بالقرار الدولي 1701 اضافة الى تعهده بعدم استهداف سلاح الجو الاسرائيلي.
الا ان اللافت في كلام المصادر اشارتها بوضوح الى ان الحرب بين لبنان واسرائيل ما زالت قائمة، ووفقا للمعلومات المتوافرة فان الحزب رفض كل العروض والوساطات لاعادة الامور الى ما قبل تاريخ 25 آب، وكما تشير المعلومات فان الحزب على جهوزية تامة وما زال في حالة استنفار لمواجهة اي تهور اسرائيلي، في حين تبدو قيادة العدو مستنفرة ومتاهبة للحرب رغم كل مناشداتها لمنع وقوع اي حرب مع حزب الله، من دون استبعاد امكانية شن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو لعدوان ضد لبنان قبل الانتخابات الاسرائيلية في ١٧ ايلول الجاري لتأجيلها بعدما اشارت كل الاحصائيات الى خسارته لهذه الانتخابات.
تلوث ونفايات
من جهة ثانية، رعى الرئيس الحريري عرض نتائج خطة رفع التلوث الصناعي عن نهر الليطاني، مؤكداً ان مجرى النهر سيصبح نظيفاً، وهذا يتطلب ان نعمل كلنا مع بعضنا البعض بوتيرة سريعة، فيما أعلن وزير الصناعة وائل أبو فاعور انه سبق ان وعد بتحقيق هدف صفر تلوث صناعي في نهاية الصيف، وأنا اجدد هذا الوعد».
وانهت اللجنة الوزارية للمقالع والكسارات عملها بعد اجتماع برئاسة الحريري، حيث تمّ التوافق على المخطط التوجيهي للمقالع والكسارات بمعظم بنوده، وفق ما أوضح وزير البيئة فادي جريصاتي، الذي كان أعلن ان أبواب الوزارة مفتوحة للجميع امام حرية التظاهر والتعبير عن الرأي، تعليقاً على التظاهرة التي نظمها ناشطو «ائتلاف إدارة النفايات والتحالفات البيئية امام وزارة البيئة في مبنى اللعازارية» رفضاً لاعتماد محارق للنفايات المنزلية، وخارطة الطريق التي اعدها الوزير جريصاتي ووصفها المعتصمون بأنها «خارطة طريق الهاوية».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


البناء
تقدّم فرنسي إيراني نحو التفاهمات.. والاحتلال يهرب من نكبة «أفيفيم» إلى حديث الصواريخ 
الوضع المالي بين مقرّرات بعبدا والمبعوثين الدوليين… ومخاطر استسهال الضرائب 
سجال عونيّ قواتيّ… وجعجع والسنيورة يلتقيان على الـ 1701… والحريري يردّ 

لم يعد التموضع الفرنسي إلى منطقة وسط بين واشنطن وطهران محصوراً بالموقف من الاتفاق النووي الذي تبذل باريس مساعي حثيثة لتحصينه ودفع شركائها الأوروبيين للتعاون معها في تقديم حزمة حوافز مالية لإقناع إيران بالبقاء تحت مظلة الاتفاق. فقد جاءت مواقف الخارجية الفرنسية غداة رد المقاومة في أفيفيم على عدوان جيش الاحتلال على المقاومة في سورية، وانتهاكه للسيادة اللبنانية بعدوان الطائرتين المسيّرتين فوق الضاحية الجنوبية، ليظهر تحولاً نحو موقف بعيد عن اللهجة الأميركية التي أعلنت الوقوف مع جيش الاحتلال واصفة عدوانه بالدفاع عن النفس وحمّلت حزب الله مسؤولية زعزعة الاستقرار في المنطقة، بينما تجاوزت فرنسا كون الاستهداف الذي طال المقاومة وسقط بنتيجته شهيدان من مجاهديها، كما تجاوزت معارضتها لوجود المقاومة في سورية، وتصنيفها للجناح العسكري لحزب الله على لوائح الإرهاب، والأهم أنها تجاوزت كون رد المقاومة جاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 وليس في أراضٍ لبنانية معترف بها، لتؤكد وقوفها على مسافة واحدة من المقاومة وكيان الاحتلال بالحديث عن اتصالها المستمر بطرفي النزاع، وبدعوتهما لضبط النفس والابتعاد عن التصعيد. وهذا الموقف الفرنسي الجديد الذي لاقته إيران كما يبدو في منتصف الطريق، تجسّد بالسعي لتأمين اعتماد مالي بقيمة 15 مليار دولار بالتعاون مع بريطانيا وألمانيا تعويضاً عن عائدات مبيع النفط الإيراني المجمّدة في المصارف الأوروبية، وهو ما وصفته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسعي لإضعاف الجهود الأميركية لفرض شروط الضغط القصوى، كما يسمّيها الرئيس ترامب، وفقاً لما نشرته صحيفة الـ نيويورك تايمز .
على مسار مواز في جبهة المواجهة بين المقاومة وكيان الاحتلال، حصدت المقاومة معنوياً وإعلامياً، تفوقاً بائناً على قادة الكيان وحكومة بنيامين نتنياهو والقيادة العسكرية بعدما تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مفصلاً الوقائع والمعادلات. وبعدما بثت المقاومة شريطها المصوّر والموثق للعملية، فقد أجمع الإعلام في الكيان على توصيف عملية أفيفيم بالنكبة، وطالت الانتقادات مشهد الثكنة المهجورة مع بقاء عتاد الجنود ما يؤكد حالة هرب وليس مجرد إخلاء، كما تناقلت وسائل الإعلام تحليلات استخدمت تعابير السيد نصرالله عن بيت العنكبوت، وعن معنى الردع باستهداف الأراضي المحتلة عام 48، وعن المقارنات بين الوضع على طرفي الحدود قبل العملية وخلالها وبعدها، وكان موضع سخرية الكلام الذي قاله الناطق بلسان جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عن مصانع الصواريخ الدقيقة، بعدما واجهته الأسئلة تحت عنوان، دعنا نتحدّث عن أفيفيم، فلم ننته من الموضوع بعد. كما حملت التعليقات على مواقع عديدة سجلت الاستغراب لهروب الإعلام العسكري من الاعتراف بالفشل الذريع والعشوائية والتخبط مقابل الدقة والصدقية والشجاعة والموضوعية في أداء إعلام المقاومة.
لبنانياً، بين السياسة والاقتصاد، حضر السجال بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بعد حملة رئيس حزب القوات سمير جعجع على اليتار ورئيسه وصولاً لرئيس الجمهورية، وكان لافتاً تلاقي جعجع والرئيس فؤاد السنيورة في التعليق على كلام السيد نصرالله عن سقوط الخطوط الحمراء، بالتساؤل عن سقوط القرار 1701 ما استدعى رداً من رئيس الحكومة سعد الحريري وجّهه لجعجع بتأكيده على نجاح لبنان دبلوماسياً في إحاطة الوضع المتفجّر بنتيجة الانتهاكات الإسرائيلية للقرار 1701، مؤكداً تمسك لبنان به، معتبراً أن مصدر الخطر على القرار يأتي من جانب جيش الاحتلال.
على الصعيد الاقتصادي والمالي بقي النقاش حول طبيعة الإجراءات التي ستتحول إلى قرارات في ضوء مناقشات لقاء بعبدا، دون حسم نهائي في ظل الحديث الغامض عن تسعير البنزين، والضريبة على القيمة المضافة رغم معارضة واسعة لقيها الأمران في اجتماع بعبدا. وقد ورد ذلك بوضوح على لسان كل من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وفي مداخلة رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، بينما كان المبعوث الخاص لمؤتمر سيدر يلتقي بوزير المالية مسجلاً دعوته للإسراع بإقرار موازنة 2020 وبالسير بالإصلاحات المنتظرة، خصوصاً في قطاع الكهرباء، وهو ما أكدت عليه ورقة بعبدا المالية، مؤكدا أن مقررات المؤتمر بدعم لبنان قائمة.
تبقى العبرة في تنفيذ ما انتهى إليه حوار بعبدا الاقتصادي، وإن كان التشاؤم يُخيّم على بعض الأوساط المطّلعة بعد أن ذهبت الأمور اقتصادياً ومالياً إلى السراي بإعلان رئيس الحكومة سعد الحريري عقب اجتماع بعبدا اول امس، انه سيترأس لجنة لمتابعة المقررات من دون أن يتمّ الإعلان عن أعضاء اللجنة، هذا فضلاً عن ان الاجتماع نفسه نسف الكثير من البنود التي وردت في ورقة الخبراء والتي تتصل بفرض الضرائب على الفئات المقتدرة وإعادة هيكلة النموذج الاقتصادي ولا تمس بأصحاب الدخل المحدود وأخذت بعين الاعتبار الأوضاع المعيشية الدقيقة والحرجة. وعلى هذا الأساس تلفت المصادر لـ»البناء» إلى أن الورقة الاقتصادية قد تكون بمثابة رسالة لوكالات التصنيف الدولية والمنظمات الدولية خاصة أن لبنان لديه فترة ستة أشهر للمعالجة قبل ان يصنف مفلساً، مشيرة الى ان الجميع بات على عينة من الوضع الخطير الذي يستدعي من الجميع عدم التعطيل، لكن المشكلة تكمن راهناً في التباين على طرق الإصلاح، صحيح أن الجميع يتفق على ضرورة الإصلاحات لكن لا اتفاق بين القوى كافة على اسلوب المعالجة خاصة أن الخطوات العملية تضرب مجدداً جيوب المواطن، لافتة الى ان الانقسام كان واضحاً خلال الحوار حيال الضرائب وذهاب البعض الى القول إن المواطن لا يجوز ان يتحمل عواقب ما ارتكب في الماضي من قبل البعض من فساد وأعمال غير شفافة.
وتقول المصادر إن الإصلاحات لا تكون بفرض الضرائب على الفقراء والطبقة المتوسطة، إنما بضبط المعابر غير الشرعية ومعالجة أزمة الجمارك والأملاك البحرية وقطاع الكهرباء، هذا فضلاً عن أن الاقتصاد يجب أن يكون اقتصاداً منتجاً. ومع ذلك، ترى المصادر أن إعلان الجميع ضرورة اعلان حالة الطوارئ، يبقى من دون جدوى إذا لم يسارع المعنيون الى تنفيذ الخطوات المطلوبة ووضع ما اتفق عليه على سكة التنفيذ.
في المقابل، ترى مصادر تكتل لبنان القوي لـ البناء أن الورقة الاقتصادية، سوف تكون عاملاً مساعداً لكي يستفيد لبنان من مقررات سيدر، خاصة أن الحوار أكد ضرورة البدء باتخاذ التدابير ذات الصلة بإطلاق المشاريع الاستثمارية والإسراع بخطة ماكينزي ، معتبرة أن ما حكي عن ضرائب ورسوم تطال البنزين، لم يحصل فحصل تبنٍّ لما ورد في ورقة الخبراء الاقتصاديين لجهة فرض 15 في المئة tva على الكماليات، في حين ان ما يتصل بسعر صفيحة البنزين خلص الى تحديد سقف أعلى وسقف أدنى لها. ولفتت المصادر إلى إيجابية الاجتماع، معتبرة ان مداخلات القوى السياسية في الداخل كانت موحدة حول ان المشكلة تحتاج الى حلول جذرية وقاسية وأن الجميع مقتنع ان لا مساعدات من المجتمع الدولي اذا لم يبادر لبنان الى تخفيض عجزه وإجراء الإصلاحات.
واعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن اللقاء الذي عُقد في قصر بعبدا مع رؤساء الأحزاب والكتل النيابية، خرج بورقة اقتصادية مالية لمقاربة الأزمة التي يمر بها لبنان حالياً. ولفت الرئيس عون امام زواره، الى ان الاقتراحات التي اقرت لبدء مسيرة النهوض الاقتصادي يجب ان تأخذ طريقها الى التنفيذ، خصوصاً ان المهلة قصيرة ولا تتعدى الستة اشهر ليثبت لبنان قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الراهنة، ما يعيد الثقة وينعش الحياة الاقتصادية من جديد.
وسط هذه الأجواء، حط المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر بيار دوكان في لبنان، حيث التقى في اليوم الاول لزيارته وزيري المال علي حسن خليل والاقتصاد منصور بطيش، مؤكداً ان هناك سلسلة اصلاحات تم طرحها في سيدر تتعلق بالقطاع العام والجمارك والتهرب الضريبي. وهذه الأمور يجب البحث فيها في مجلس الوزراء في الاسابيع المقبلة . وقال: أثرنا موازنة 2020 والتي يجب ان تقرّ ضمن المهل الدستورية لا في العام 2020 وهذا الأمر إلزامي ليس للمجتمع الدولي بل لمصلحة لبنان، وسيدر لا يزال قائماً ولا سبب لعدم وجوده ونحن ملتزمون على صعيد برنامج استثماري . وأشار دوكان الى ان السرعة مطلوبة في اقرار موازنة 2020 وهناك قرارات يجب ان تؤخذ بسرعة لإقناع المجتمع الدولي واللبنانيين .
واشارت مصادر متابعة للحركة الفرنسية لـ البناء الى ان دوكان كان واضحاً برسائله التي بعث بها الى الحكومة اللبنانية عندما تحدّث عن إصلاحات يجب ان يقرها مجلس الوزراء فضلاً عن اقرار موازنة العام 2020 في موعدها الدستوري، غامزة من قناة ان موفد الرئيس ايمانويل ماكرون ابلغ المعنيين بغير المباشر أن لا أموال من سيدر اذا لم نرى إصلاحات حقيقية، مشيرة الى ان عدداً من الدول المانحة قرر سلوك الطريق نفسه بتجميد كل المبالغ المخصصة لمشاريع سيدر بانتظار أن تتأكد من أن لبنان وضع ما أقره من إصلاحات على سكة التنفيذ.
إلى ذلك، يبحث مجلس الوزراء في جلسته غداً الخميس في السراي الحكومية، جدول أعمال من 41 بنداً، أبرزها عرض وزارة الدفاع الوطني تعليمات حول ترخيص استيراد واستخدام طائرات التحكّم المسيّرة عن بعد غير المصنفة كألعاب، وطلب وزارة التربية والتعليم العالي صرف مساهمة الدولة للمدارس الخاصة المجانية عن العام 2015-2016 بعدما تعذر على التفتيش المركزي إجراء التدقيق في البيانات الإحصائية وتأكيد أعداد التلامذة الذين تستحق عنهم المساهمة المالية للدولة. وبحسب المعلومات لن يطرح بند التعيينات القضائية من خارج جدول الأعمال لأنه لم يتم التوافق على الأسماء بعد.
إلى ذلك وفي سياق موقفه المنسجم الى حد كبير مع حزب الله بعد الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية، أشار رئيس الحكومة سعد الحريري إلى أنّ الدولة اللبنانية استوعبت ديبلوماسياً ما حدث من تطورات في الجنوب منذ قصة المسيّرات وصولاً إلى ردّ حزب الله ، وقال إنّ القرار 1701 لم يسقط ولا يزال موجوداً، والخطوط الحمراء ما زالت موجودة، والمهم هو أن نستمر في تطبيق القرار 1701. ما يهمني هو ما يحصل على الأرض، وهو تطبيق هذا القرار .
واعتبر نائب الأمين العام لـ حزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الصورة التي شاهدناها عن قصف الآلية الإسرائيلية من مكانين مختلفين وهي تشتعل بالكامل، تكذّب كل ادعاءات نتيناهو، وتثبت أن المقاومة قادرة على أن تقوم بعمل شجاع في أصعب الظروف وأخطر الأماكن، وأنها تلتزم تنفيذ وعدها لتجعل الإسرائيلي يفهم معنى أن يكون الردع متوازناً . وتابع: في الوقت الذي لا نريد فيه حرباً، لكننا لا نقبل أن يعتدي علينا الإسرائيلي بحجج مختلفة، فإن لكل اعتداء رداً، وعلى الإسرائيلي أن يفهم أننا لن نقبل بتغييره قواعد الاشتباك مهما كانت التهديدات ومهما كانت الأخطار، وما حصل هو أكبر دليل على جدية المقاومة، وجدية حزب الله في إبقاء توازن الردع وقواعد الاشتباك محفوظة في هذه المرحلة.
على خط آخر، يصل الى لبنان منتصف الأسبوع المقبل الوسيط الأميركي الجديد في ملف ترسيم الحدود بين لبنان و إسرائيل السفير ديفيد شينكر في زيارة هي الأولى له للبنان بعد تسلمه الملف من سلفه السفير ديفيد ساترفيلد الذي تم نقله الى مركز دبلوماسي آخر. وسيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكلاً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري.