إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 20 أيار، 2019

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 19 أيلول، 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 31 تشرين الأول، 2016
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 4 أيلول، 2019

بينما يشتد التدافع على الموازنة في الشارع، ألمح النائب آلان عون إلى أن التدافع على الموازنة في الحكومة يمكن أن يهز استقرارها. وقال في تصريح له نشر هذا الصباح : "الحكومة لا يمكنها أن تستمرّ في هذا الأداء"، وأنّ "موضوع الاستقالة [الذي لوَّحَ به الوزير جبران باسيل أمس من الكورة] ليس واردًا اليوم، لكنّ ذلك لا يعني أنّه ليس واردًا في المطلق". وأكّد أنّ "كلّ الإحتمالات مفتوحة في حال استمرّ الأداء الحكومي على ما هو عليه". وتحفظت الصحف عن الخوض المعمق في وقائع واسباب التوتر السياسي الكامن بين أطراف الحكومة وتأثيره على إنتاجيتها ومصيرها. في هذه الأجواء، ينفذ اليوم، موظفو الإدارة العامة إضراباً شاملاً لتحذير الحكومة من المس بحقوقهم الأجرية والتقاعدية. وأصدروا دعوات للإعتصام الإحتجاجي في وسط العاصمة بيروت. كما نشرت الصحف معلومات مفصلة عن استغلال بعض الأحزاب لـ"شريط" بشارة الأسمر، لكي تكرس الطائفية في قيادة الإتحاد العمالي العام وهيئاته، بدعوى "الميثاقية والشراكة" الطائفية. فيما المواطنون يحتاجون إلى هيئات نقابية وطنية تنظم مصالحهم وتدافع عن حقوقهم.

Image result for ‫بشارة الأسمر عن البطرك صفير‬‎

البناء
واشنطن تعلن عن «ورشة عمل مالية» لفلسطين في البحرين يمكن أن تشهد إعلان صفقة القرن 
صاروخ قرب السفارة الأميركية في بغداد… والرياض لقمتين خليجية وعربية 
الحكومة تسهر على الموازنة… وتواصل نهاراً… والحريري يأمل الانتهاء هذا الأسبوع 

تبدو الأيام الستون التي أعلنتها إيران كمهلة نهائية لتأمين تجارتها النفطية قبل الانسحاب من الاتفاق النووي، والممتدة بين مطلع ايار الحالي ومطلع تموز المقبل، صيفاً حاراً استباقياً، حيث يصير بلوغ نهاية المهلة دون توافقات تخفض منسوب التوتر إيذاناً بتدهور يهدد بالخروج عن السيطرة لا يبدو ان أحداً يرغب بلوغه، ولذلك تتسارع الرسائل في قلب المهلة الإيرانية، من استهداف ناقلات النفط والمنشآت النفطية السعودية والإماراتية، إلى سقوط صاروخ قرب السفارة الأميركية في بغداد، وإعلان أنصار الله في اليمن عزمهم مواصلة استهداف المنشآت الحيوية في السعودية والإمارات، وبالمقابل ردود سياسية تصعيدية من المحور الأميركي الخليجي، تمثلت بالدعوة السعودية لقمتين خليجية وعربية نهاية الشهر الجاري في مكة، لاستصدار مواقف تندد بإيران إذا تسنى لها ذلك، أو تعلن التضامن مع السعودية ودول الخليج بوجه أي استهداف كحد أدنى، بعدما أظهرت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية خيبة أمل من التعامل الأميركي البارد مع العمليات التي استهدفت المنشآت النفطية، وبدت سبباً كافياً لتتولى واشنطن تنفيذ تهديداتها بالردّ العسكري على أي استهداف لحلفائها الخليجيين واعتبار أي أعمال تقوم به القوى المحسوبة حليفة لإيران كأنها أعمال إيرانية، ستدفع إيران ثمنها.
البرود الأميركي ستقرأه الدول المعنية بحضور القمم، ضعفاً في الموقف السعودي الإماراتي، وربما تترجمه بعض الدول بإعلان مساعي للوساطة بدلاً من تلبية الدعوة للانخراط في مواجهة، حرب الذين جاؤوا إلى الخيار السعودي في حرب اليمن، حدود ما يمكن فعله عبر تلبية مثل هذه الدعوات. وهذا ما يفسّر وفقاً لمصادر متابعة تجنب السعودية الدعوة لقمة إسلامية، ليس تفادياً لحرج توجيه الدعوة لإيران وحسب، بل للقلق من مواقف دول إسلامية كبرى كتركيا وباكستان وسواهما، ما سيبلور محاور تنضم إليها دول عربية يصعب أن تتخذ مواقف مشابهة في القمتين الخليجية والعربية.
واشنطن التي اعتبرت الحديث عن إعادة نشر قواتها في الخليج رداً كافياً على استهدافات المنشآت النفطية للسعودية والإمارات تفادياً للتصعيد، أعلنت عن ورشة عمل مالية لفلسطين تحت عنوان الاستثمار في السلام ستعقد في البحرين أواخر شهر حزيران المقبل، وقالت مصادر على صلة بترتيبات جارد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره وعراب صفقة القرن، لمواقع أميركية أن كوشنر سيحضر الورشة في البحرين ويتحدّث خلالها، ويرجّح أن تكون هي المناسبة التي قرّر الإعلان عن التصور الأميركي للسلام بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال، المسمّى بصفقة القرن، والتي تقوم على تأمين استثمارات إقتصادية للفلسطينيين مقابل موافقتهم على التنازل عن القدس وحق العودة للاجئين وإقامة دولة مستقلة في كامل الأراضي المحتلة العام 1967، وقبول دولة منزوعة السلاح في غزة، وإدارة محلية في مدن الضفة الغربية بعد ضمّ المستوطنات. وجاءت أول ردود الفعل على الإعلان الأميركي من الرئاسة الفلسطينية التي قال المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة، غن الفلسطينيين سيقاطعون هذه الاجتماعات ويرونها بلا قيمة.
لبنانياً، الحكومة سهرت على مناقشات الموازنة، وستواصل اليوم مناقشاتها، ولا يبدو أنها ستنتهي قريباً، وسط تصاعد التحركات الاحتجاجية، وتضارب في مواقف أطراف الحكومة تجاه كيفية التعامل مع بنود الموازنة سواء في ملف رواتب وتعويضات الموظفين العسكريين والمدنيين، أو كيفية وحدود مساهمة المصارف في خفض العجز وزيادة موارد الدولة.
كما كان متوقعاً لم تكن جلسة مجلس الوزراء ليل أمس، الجلسة الأخيرة المخصّصة لمناقشة مشروع الموازنة في السراي الحكومية قبل أن يبت بها نهائياً في جلسة ستعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا. فالوزراء المعنيون لم ينجزوا المهمة الصعبة بعد المتصلة بدراسة الأرقام المفترض أن يعرضها وزير المال كاملة يوم امس، والتي ستضع الاصبع على جرح الإيرادات والمصاريف، ليتم تحديد العجز الذي بحسب مصادر وزارية لـ«البناء» لم يصل بعد الى 7 في المئة ولا يبدو ان الامور تتجه نحو ذلك، فكل النقاشات افضت الى تخفيض في العجز حتى نسبة 9 في المئة، وقالت المصادر الوزارية إن هناك ملفات خلافية داخل المجلس يجري إلحاقها بالموازنة كمشاريع قوانين خاصة كي لا تعيق الموازنة، علماً أن مصادر رئيس الحكومة أكدت لـ«البناء» سعي الرئيس سعد الحريري لإقرار موازنة تقشفية تخفض العجز وتعالج الدين وتوقف الهدر، مشدّدة على ان الرئيس الحريري يجهد الى تحقيق إصلاح مالي جدي للسنوات الخمس المقبلة.
وبحسب المعلومات الوزارية تم توزيع الجزء الأول من أرقام الموازنة في حين أن الجزء الثاني لم يوزع، لأن وزير المال يريد مراجعة بعض الأرقام. في المقابل قال وزير المال إن لا مبرر لعدم الانتهاء من الموازنة خاصة أن الوزراء اطلعوا على كل الأرقام، مشيراً إلى أن «خفض تكلفة خدمة الدين سيتم، بالتنسيق مع البنك المركزي و المصارف ، بمجرد إقرار الموازنة، بالتوازي قالت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن تكتل لبنان القوي يفضل موازنة إصلاحية وحقيقية حتى لو طال الوقت، مشددة على أن همنا الأول والأخير تحقيق الإصلاح في الموازنة ومعالجة الخلل في السياسة المالية.
وأشار وزير الصناعة إلى أنه لا مبرر لتضييع الوقت فالنقاش استنفد وأرقام وزير المال مشجعة ومطمئنة، مضيفاً لا زلنا نبحث عن واردات عبر التخفيض من رواتب الموظفين وتجب العودة الى ملف الإملاك البحرية لدعم الخزينة اللبنانية والتخمينات المطروحة متدنية جداً ويمكننا كمجلس وزراء الاتفاق على التخمينات في صلب الموازنة وليس من خارجها.
أما وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب فلفت من جهته الى أن هناك أشياء تقنية في تدبير رقم 3، وهذا الأمر يحتاج بتفاهم كل قادة القوى الأمنية ولا أتحمل مسؤولية المسّ بحقوق العسكريين كأمر قائم منذ 1991، مشدداً على ان مجلس الدفاع الاعلى جاهز للاجتماع والبتّ بالأمر ولدينا تصور واضح وفي مكانه، هناك أفكار في ورقة الوزير جبران باسيل يمكن أن ندرسها تدر واردات كبيرة.
وأكد الحريري أن العمل على موازنة العام 2019 ليس عملاً عادياً، آملاً أن يكون الأسبوع المقبل، أسبوع إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب. وقال: «إن الأمور باتت بحاجة إلى قرار، ومجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين إنه «لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خريطة طريق لوقف الهدر وضبط الإنفاق وتحقيق الإصلاحات». ورأى الرئيس الحريري أن اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الإصلاحات، على مدى سنين طويلة. والآن وصلنا إلى حائط لا مجال إلا أن نكسره، وندخل إلى إصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية، تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر. هكذا نحمي الاقتصاد، ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، وهكذا نحافظ على كرامة العيش لكل اللبنانيين.
وفيما يترقب البرلمان أن تحط الموازنة في أدراجه لتبدأ لجنة الموازنة بمناقشتها، شدّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على أن «الموازنة التي تأتي في غير وقتها ليست بموازنة، بل باتت أمراً واقعاً، وموازنة العام 2019 تأخرت عن موعدها الدستوري ثمانية أشهر، وكان يفترض بها أن تأتي قبل نهاية السنة المالية لتطبيقها، وهو ما لم يحصل منذ الطائف حتى اليوم». واعتبر أن «إنهاء الموازنة خلال شهر في مجلس النواب عند إحالتها على لجنة المال، يتوقف عند تجاوب الوزارات والإدارات والنواب، والأكيد أننا لن نبصم، فهناك أكثر من ألف صفحة واعتمادات لـ 24 وزارة يجب التدقيق بها والاستماع الى مختلف وجهات النظر. وقال: «لا يمكن نشر موازنة العام 2019 من دون قطع الحساب، والبحث عن إيرادات جديدة وتخفيض النفقات المالية الحالية لا يكتمل من دون إقفال السلة المفخوتة».
من ناحية اخرى توجه وزير الصحة العامة جميل جبق إلى جنيف على رأس وفد من وزارة الصحة للمشاركة في الجمعية العامة السنوية الثانية والسبعين لمنظمة الصحة العالمية، حيث سيلقي كلمة لبنان أمام الجمعية ويشارك في الاجتماع الفرنكفوني والاجتماع التنسيقي لوزراء الصحة.
كما سيعقد وزير الصحة لقاءات مع نائب رئيس البعثة الدولية للصليب الأحمر ICRC ووزير الصحة الفرنسي ووزير الصحة القطري ووزير الصحة العراقي الذي يبحث معه في سبل تصدير الدواء اللبناني، إضافة إلى لقاءات مع عدد آخر من رؤساء الوفود الدوليين المشاركين في الجمعية العامة بهدف السعي لتحصيل الدعم لوزارة الصحة. ويختتم جبق زيارته بلقاء يعقد في السفارة اللبنانية بحضور عدد من سفراء الدول الأوروبية والآسيوية.
وأكد جبق أن اللقاءات التي عقدها مع ممثلي مختلف المنظمات الدولية والسفراء الأجانب أزالت الهواجس والمخاوف التي كانت موجودة على الصعيد الدولي في بداية تسلّمه وزارة الصحة. وقال: بات واضحًا لهم، أن ليس لديّ انتماء سياسي ولا أعمل وفق أجندة سياسية. وجزم وزير الصحة العامة أن الحكومة اللبنانية لم ولن توافق على أي مراقبة دولية لكيفية صرف أموال وزارة الصحة، مؤكدًا أن هذا الأمر يتم بتدقيق محلي ورقابة داخلية مطلقة الشفافية في وزارة المالية وديوان المحاسبة.
كما لفت إلى أن النقاش مستمرّ مع البنك الدولي للاتفاق على البنود التقنية والفنية بشكل نهائي، فيما خص مشروع القرض الميسّر الذي يقدمه البنك من أجل تأهيل المستشفيات الحكومية وتجهيزها ودعم مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية. وأوضح أن تنفيذ القرض سيخضع لآلية مراقبة، مضيفًا: ليس لديّ شيء لأخفيه.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الأخبار
باسيل يريد تغيير قادة الأجهزة الأمنية!
بشارة الأسمر «زنديقاً» في عصفورية الطوائف

في سياق سعيه لتوسيع رقعة نفوذه في الدولة، يعمل الوزير جبران باسيل على تأمين التأييد اللازم لإجراء تغيير يشمل قادة الأجهزة الأمنية، باستثناء قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كل بذريعة ما. كذلك يسعى للسيطرة على مفاصل مهمة في الجسم القضائي والنقابات العمالية!.
لا يوفّر وزير الخارجية جبران باسيل فرصةً لتعزيز فكرة سيطرة ما يسمّي «تيار رئيس الجمهورية» على مفاصل الدولة اللبنانية. ولأجل ذلك يسعى إلى حصر الحصّة المسيحية في الدولة بتياره. ويبدو أن باسيل يتصرف بموافقة الرئيس ميشال عون، على أن «العهد القوي» قد بدأ الآن، وأن بعض التعيينات الإدارية الرفيعة التي تمت في الفترة الأولى بعد انتخابات الرئاسة، تحتاج إلى تغييرات، بحثاً عن ولاءٍ صافٍ، من دون الإبقاء على تأثير لأي قوى أخرى على هذا الموظف أو ذاك.
ويجهد باسيل تحت عنوان «تثبيت الشراكة الكاملة» وفق مبدأ المناصفة، إلى قضم كل ما يعترض طريق مشروعه، ليس في إدارات الدولة فحسب، بل يسعى مؤخّراً إلى نقل هذا الأمر إلى المواقع في القطاع الخاص وإلى النقابات المهنية والعمالية!
في الجسم القضائي مثلاًً، يخطط باسيل لإحداث تغييرات وإجراء تعيينات في مواقع يشغلها قضاة مسيحيون، ليعيّن أشخاصاً يدينون بالولاء الصافي له. ولأجل ذلك، لا يريد أن يشاركه أحد في اختيار رئيس جديد لمجلس شورى الدولة، بينما يعمل لتغيير رئيس التفتيش المركزي جورج عطية، ويسوّق لطرح تعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى وتسمية أعضاء مسيحيين فيه.
وفي ما خصّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، فإن آخر المعلومات تؤكّد موافقة باسيل ومعه عون على خروج جرمانوس من السلك القضائي، وأن فكرة أولية ستُعرض على جرمانوس لكي يبادر إلى تقديم استقالته من منصبه ومغادرة السلك، مقابل وعد بتعيينه سفيراً من خارج الملاك في دولة مهمة.
أما في الأسلاك العسكرية، فيرى باسيل أنه يجب منع السيطرة الكاملة للعماد جوزيف عون على قيادة الجيش. وبعدما جمع الرئيس عون باسيل وقائد الجيش قبل فترة، تبين أن وزير الخارجية يريد تشكيلات عسكرية متنوعة، ويريد تأثيراً مباشراً في المؤسسة العسكرية، لا أن ترد طلباته إلى اليرزة من خلال مكتب المستشار العسكري لرئيس الجمهورية، العميد المتقاعد بول مطر، فضلاً عن أن باسيل أثار أخيراً مسألة تغيير مدير مخابرات الجيش العميد طوني منصور، وتعيين آخر يختاره باسيل بنفسه. وتنقل مصادر متابعة لنشاط وزير الخارجية، لـ«الأخبار»، رفض باسيل المطلق لأي مقترح أوّلي بتمديد ولاية بعض الضباط لعامين إضافيين. وتشير مصادر واسعة الإطلاع إلى أن باسيل وعون غير راضيين عن منصور، لسبين رئيسيين: عدم اكتشافه مبكراً وجود «سوء إدارة أمنية» في لواء الحرس الجمهوري، وأداؤه دوراً يراه باسيل سلبياً في تنسيق تحركات العسكريين المتقاعدين احتجاجاً على مشروع الموازنة.
وفيما يعتبر باسيل أن جهاز أمن الدولة ليس «كله في يده»، محدّداً سعيه بالبحث عن مدير جديد يؤمّن سيطرة مطلقة لرئيس التيار الوطني الحر بدل أن يتقاسم النفوذ مع أي ضابط آخر (قاصداً بعض الضباط المحسوبين على الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري)، يسعى المدير الحالي اللواء طوني صليبا إلى كسب ودّ باسيل، من خلال قبوله تنفيذ مهام قد لا يكون هو وضباطه مقتنعين بصوابيتها، مثل ملف وزارة الخارجية و«الأخبار» أو توقيف «قليلي الأدب»!
في المقابل، يرى باسيل أنه مقابل موافقة تيار رئيس الجمهورية على إطاحة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على خلفية شبهات فساد، فإنه صار من الضروري تعميم هذه المحاسبة وإطاحة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بسبب ملف الآبار الارتوازية ودور قوى الأمن الداخلي في الانتخابات النيابية. ويفترض أيضاً أن من الضروري تغيير رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن العميد خالد حمود، «الذي يكافح الفساد فقط في صفوف مناصري العهد». وترجّح مصادر معنية أن تواجه فكرة باسيل اعتراضاً من الرئيس سعد الحريري على أي مس بعثمان وحمّود، لأنه يرى فيهما ركنين أساسيين من فريق عمله. كذلك من المستبعد أن يطالب باسيل بأي تغيير في المديرية العامة للأمن العام، لأنه يدرك أن حزب الله وحركة أمل لن يقبلا باستبدال اللواء عباس ابراهيم.
يبقى جانب آخر في عمل باسيل، هو شروعه في الكلام عن ضرورة أن يجري تعميم مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في النقابات المهنية الحرة والنقابات العمالية. وهو انتهز «سقطة» بشارة الأسمر (غير المحسوب على العهد) للسيطرة على رئاسة الاتحاد العمالي العام والاتحادات العمالية الأخرى، وفق قاعدة أن الآخرين محسوبون على المرجعيات الاسلامية، وهو المشروع نفسه المنوي تنفيذه في نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين.
بشارة الأسمر «زنديقاً» في عصفورية الطوائف
هل تستحق نكتة بشارة الأسمر، الذكورية السمجة بلا شك، كل هذا الصخب؟ هل تستحق أن يستفيق القضاء من قيلولته الاعتكافية، في عطلة نهاية الاسبوع، ليعتقل رئيس الاتحاد العمالي العام، بسبب موقف أو رأي… أو حتى اساءة يرى فيها بعضهم قدحاً وذماً؟ نكتة بليدة بين زملاء «رجال»، لم تكن موجهة الى الفضاء العام، لولا أن أحد المتلصصين سمح لنفسه بتسريب التسجيل، مغتصباً خصوصية الرجل. أن تتحوّل هذه النكتة البائسة الى قضية وطنيّة، لكل موقفه البطولي في شجبها، فهذا يختصر حالة الخواء والعبث، وبؤس الحياة الفكرية والسياسيّة في لبنان. مواطن يطلق العنان لغضبه أمام الكاميرات، تحت خط التوتر العالي في المنصورية، فتقبض عليه السلطة كلص ذليل. مواطن آخر في الجنوب، يعبّر عن امتعاضه على مواقع التواصل، موجّهاً نقده السياسي القاسي إلى قطب سياسي جبار، فيتم الاعتداء عليه بالضرب، ثم يعتقل أيضاً. ما هذه الجمهورية المذعورة المترنحة التي تسخّر كل قوتها، القضائية والأمنية، لحماية أباطرتها من الغضب الشعبي؟ وحالة بشارة الأسمر لا تختلف كثيراً عن الحالتين السابقتين. لقد تم ايقافه بسبب نكتة على البطرك، لم يقصد نشرها.
الحداد الوطني على شخصية دينية رفيعة، هي البطريرك الراحل نصرالله بطرس صفير، أخذ ابعاداً تضخيمية مبالغاً فيها في نظر كثيرين. ودخلت شخصيات وجهات عدّة في لعبة مزايدات على الطريقة اللبنانية الأصيلة، ما استدعى تساؤلات مشروعة، وأثار سخرية مكبوتة لدى جزء كبير من اللبنانيين، من كل الانتماءات والعقائد؛ ويجب أن نضيف: بمن فيهم المولودون مسيحيين وموارنة! لكن أحداً لم يجرؤ على التعبير عن هذا التحفظ. لماذا؟ بسبب الجدار الطائفي العظيم الذي يجعل المجموعات منغلقة على نفسها، متربّصة بعضها بالبعض الآخر، تستمدّ علة وجودها من تلك العصبية السرطانية التي توحدها شكلياً، ضد «خطر خارجي» متمثّل في أبناء الوطن الآخرين. فوحدة «الجماعة» بالمعنى الانعزالي، تكون دائماً على حساب المنطق، والوطن، والديمقراطية، وحتى على حساب الدين بسموّه وارتقائه. ووحدة الوطن الهشّة لا تعود تقوم، في هذه الحالة، إلا على علاقات تكاذب وتحالف مصالح بين مختلف الجماعات المتناحرة، أو بالأحرى بين أمراء تلك الجماعات. باختصار، لا صوت يعلو فوق مصلحة الطوائف. ورئيس الاتحاد العمالي إختبر هذه الحقيقة على حسابه! فهو صديق النظام وحليفه وحارس مصالحه، لكن النظام الطائفي ضحّى به على مذبح الطائفية. فإذا به اليوم «زنديقالجمهورية» وكبش فدائها وبطلَها السلبي!
أمام مشهد المبالغة الوطنية في وداع البطرك صفير، ورياء شخصيات وجهات متعددة نعته أو عزّت به، وحده بشارة الأسمر اخترق جدار الصمت. لم يكن فعل بطولة، بل زلة خرقاء، لا ارادية، فشّت خلق الأكثرية الصامتة. إنه «فعل ناقص»، بالمعنى الفرويدي. في الجملتين التعيستي الذكر اللتين دارتا حول العالم (وتراجع عنهما المعني لاحقاً، لكن سدىً)، هناك احتجاج عفوي ساخر على الاجماع الوطني الكاذب، وعلى الطقوسية المضخمة للحداد، وعلى الذاكرة اللبنانية الضعيفة التي محت جزءاً مهماً من التاريخ القريب، وتناست أن البطرك الراحل، كان للأسف طرفاً سياسياً بقدر ما كان مرجعاً روحياً رفيعاً.
للأسف، رئيس الاتحاد العمالي العام، ركّز على هواجسه القضيبية التي تشغله اكثر من مصالح الطبقة العاملة. كان يمكن أن يقول: «أمضيت الليل أتضرّع لشفيعنا مثلث الرحمة، كي تُشفق السماء على الفقراء والمساكين في لبنان، وتساعدنا على حماية حقوقهم والدفاع عنها. فهذا ما أعجز عن القيام به في الاتحاد، بسبب سلسلة من التنازلات لأصحاب السلطة السياسية والاقتصادية، والتواطؤ معها، والتبعية لها على حساب مصالح العمال والموظفين». في مطلق الأحوال، استجابت له السماء على طريقتها: لقد «انتصب» ضده كل «طراطيف» الجمهورية (طرطوف هو بطل موليير الذي يجسد الورع الكاذب).
بين ليلة وضحاها انقلب النظام الطائفي المافيوي على أحد حراسه الأوفياء. لأن «هيبة» المؤسسة الطائفية التي تمنح النظام قوته وشرعية وجوده، هي المهددة هنا. هكذا تحوّلت نكتة بذيئة عابرة إلى خطب جلل، وخطر داهم. لقد أجمع أباطرة النظام على اعتبارها اساءة الى الدين والمقدسات، وهي، في المنظور العقلاني الهادئ، ليست كذلك تماماً. من «رابطة آل الأسمر» و «الرابطة المارونية»، إلى شخصيات سياسية ودينية رفيعة… هتف الجميع بصوت واحد: يا غيرة الدين! من يسمع الوزير جبران باسيل يعلن مقاطعته لاتحاد النقابات متحدثاً عن «اعتداء على بكركي»، يتذكر معركته ضد الأشباح في «قصر بسترس» بعد «واشنطن ليكس». لم يترك باسيل أياً من مؤثرات البديع إلا واستعملها: «أتمنى أن يكون توقيف بشارة الأسمر عبرة لكل من يتخطى حدود الأخلاق، وكرامة الانسان، وحرمة المقامات… يجب أن يقف الجميع عند حدود الحقيقة والاخلاق». أخلاق؟ حقيقة؟ معاليه يجب أن يتولّى وزارة الحريات العامة! أما زميله في الاقتصاد والتجارة، ففسخ عبر تويتر عقد العمل بين وزارته و«زنديق الجمهورية» في أهراءات بيروت «بعد سقطته الأخلاقية المستهجنة»! الأخلاق أيضاً وأيضاً. الوزير منصور بطيش سنقترح عليه قيادة الحركة المطلبية في عصفورية الطوائف!
في غمرة الحداد، سارعت القوات اللبنانية إلى اطلاق حملة اعلانية واسعة، تحيّة للبطرك الراحل. تمتد صورة غبطته على خلفية حمراء فوق الملصق العملاق، وإلى اليمين شعار القوات، وعبارة موجزة: «مثله لا يموتون». لعل هؤلاء هم الأكثر صدقاً في حدادهم، ووفائهم، واعترافهم بالجميل. البطرك صفير كان حاميهم وراعيهم، وداعم نهجهم. وذلك هو إرثه السياسي، والوجه الآخر، الدنيوي، لسلطته الروحيّة. فلتأخذ زلة بشارة الأسمر حجمها الطبيعي إذاً، لأن النقاش سياسي، لا ديني! دعوا الدين المسيحي جانباً، ولا تتصنّعوا الغيرة عليه! ‏دعوا الموارنة وشأنهم، فهم طائفة غنية ومتنوّعة، رغم كل سياسات استدراجها إلى المستنقع الانعزالي، تحمل في قلبها الحرية والعدالة والتنوير والعروبة. إن النقاش سياسي من أساسه. فإذا كان احترام المقامات من قواعد الديمقراطية وأصولها… وإذا كنا نلزم أنفسنا بالحياء وبواجب الخشوع أمام حرمة الموت… فمن حق اللبنانيين أن يتذكروا أن مثلث الرحمة مار نصرالله بطرس صفير،لعب أدواراً سياسية مهمة وخطيرة في تاريخنا الراهن والقريب. وأن يحتفظوا لأنفسهم بحق المراجعة النقدية لتاريخه السياسي، بعدما ينتهي الحداد.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اللواء
«إساءة الأسمر» تتقدّم على الموازنة.. وعين باسيل على رئاسة «الإتحاد العمالي»

الحريري لموازنة إصلاح مالي لخمس سنوات.. وساترفيلد يحمل الأجوبة الإسرائيلية على ترسيم الحدود
وحتى الثانية من فجر اليوم لم يكن مجلس الوزراء قد افرج عن الضوء الاخضر لخروج الموازنة من طاولته الى المجلس النيابي، وفق ما كان أمل الرئيس سعد الحريري قبيل الجلسة، حيث بدا واضحاً ان اجواء الجلسة التي انعقدت قرابة العاشرة ليلاً، لم تكن مثلما توقع ان تكون بمثابة دفع باتجاه الانتهاء من المناقشات، واتخاذ القرارات، اذ غرق الوزراء مجدداً في نقاش ورقة الوزير جبران باسيل، على الرغم من ان وزير المال علي حسن خليل كان قد وزع على الوزراء منذ الجمعة الماضية مشروع الموازنة الجديدة بارقامها المستخلصة من مداولات الجلسات الاربعة عشرة، تمهيداً لبدء النقاش فيها، لكن الاصرار على الانتهاء من ورقة باسيل، حتم ارجاء موضوع الارقام الى اليوم، تحت وطأة وجهة نظر باسيل بأن المجلس لم ينجز سوى نصف النقاط المطروحة في ورقته وان النقاش توقف الجمعة عند موضوع الاتصالات نتيجة التباين الذي حصل مع الوزير محمد شقير، معتبرا ان مقترحاته يمكن ان تخفض العجز في الموازنة الى ما نسبته 7 في المائة، فيما يستبعد وزير المال ذلك، ويؤكد ان مشروع الموازنة الجديدة التي نقح كل ارقامها اوصلت نسبة العجز الى 8،5 في المائة، ويعتبر هذا الرقم مقبولاً.
وكان الوزير خليل اعلن في مقابلة مع «رويترز» اكتتاب لسندات الخزينة بالعملة اللبنانية بقيمة 11 الف مليار ليرة، اي ما يعادل 7،3 مليارات دولار بفائدة 1 في المائة، مشيرا الى ان اكتتاب المصارف بضمان مصرف لبنان سيوفر على الخزينة الف مليار ليرة، وهو الرقم الذي كان اقترحه باسيل لتخفيض خدمة الدين من قِبل المصارف.
واذا بقيت الاجواء هكذا وسط تشكيك بعجز مستحكم يحيط بانجازها قريباً، فإن مصادر مطلعة لا تتوقع ان تخرج الموازنة قبل الغد في طريقها الى القصر الجمهوري، وسيعود مجلس الوزراء الى استئناف التشريح في جلسة تعقد بعد ظهر اليوم، على ايقاع دعوات للتظاهر والاعتصام عند الساعة الثالثة من بعد الظهر في ساحة رياض الصلح، رفضاً للمس بحقوق المواطنين ومكتسباتهم وتعويضاتهم الشهرية، واللافت في الحراك انه سيكون بشكل موحد، حيث عمد الاساتذة المتعاقدون في التعليم الاساسي الى استبدال تحركهم في الزمان والمكان الى الثالثة بعد الظهر تعبيراً عن تكاتفهم مع الروابط والهيئات المنضوية ضمن هيئة التنسيق النقابية التي تعود للاجتماع اليوم بعد الاعتصام لتقرير الخطوات المقبلة.
وانضمت الى التحرك اليوم نقابة معلمي المدارس الخاصة التي اعلنت الاضراب عن التدريس رفضاً لما وصفوه فصل التشريع بين القطاعين العام والخاص.
الحريري في افطار «المستقبل»
وكان الرئيس الحريري، قد نفى في الكلمة التي القاها غروب امس في افطار تيار «المستقبل» ان يكون مجلس الوزراء تأخر في اقرار الموازنة، وان مناقشات الوزراء تكرر نفسها، لافتاً الانتباه الى ان العمل على موازنة العام 2019 ليس عملاً عادياً، مؤكداً «بأننا نعمل على وضع الاسس الكاملة لاصلاح مالي جدي للسنوات الخمس المقبلة، ووضع المبادئ التي يجب ان يتم اعتمادها في موازنات العامين 2020 و2021 ايضاً وما بعدهما».
واذ أمل بأن تعطي الجلسة المسائية التي عقدها مجلس الوزراء ليلاً دفعاً في اتجاه احالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب، قال: «ان الامور باتت بحاجة الى قرار، وان مجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين انه لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خارطة طريق لوقف الهدر وضبط الانفاق وتحقيق الاصلاحات».
وتطبيقاً للمثل الذي يقول: «وجع يوم ولا وجع كل يوم» اعتبر الحريري ان «ما نستطيع القيام به الآن يجب الا يتأجل»، مشيراً الى ان اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الاصلاحات على مدى سنين طويلة والآن وصلنا الى حائط لا مجال الا ان نكسره وندخل الى اصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر، قائلاً: «هكذا نحمي الاقتصاد ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، والتي ينتمي اليها 90 في المائة من جمهور تيار «المستقبل».
وغمز الحريري من قناة «حزب الله» من دون ان يسميه، منتقداً التهجم على المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، وقال: «الاهانة تجر اهانة والتهجم يجر تهجماً، واذا كان مطلوب من أحد ان يقدم فواتير لدولة خارجية (في اشارة الى ايران) فليقدمها من حساب هذه الدول وليس من حساب اللبنانيين، لافتا الى ان التوافق على مبدأ النأي بالنفس وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية كان هدفه حماية لبنان من صراعات المنطقة، والاصرار على خرق هذا المبدأ دعوة مباشرة لضرب مصالح لبنان واللبنانيين بالدول العربية، خاصة في ظل اجواء التوتر السائدة في المنطقة والاعتداءات التي تستهدف الامارات والسعودية.
وكان الحريري يشير بذلك، الى ما اعلنه سفير دولة الامارات في بيروت حمد الشامسي، خلال افتتاحه مسجداً في كفرحمام في العرقوب، من ان نصف الجالية اللبنانية في الامارات هم من اهل الجنوب، وان ما نسمعه من كلام مغرض حول موضوع الموقوفين اللبنانية الثمانية هو كلام غير صحيح، وان سفارة لبنان في ابوظبي لديها الحيثية الكاملة عن الموضوع، وان الامارات هي دولة القانون والسيادة.
استقالة الاسمر
وجاءت اشارة الرئيس الحريري، في ختام كلمته عن شعوره بالاهانة والخجل من كلام رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر في حق البطريرك الراحل نصر الله صفير بمثابة تأكيد على ان «زلة لسان» الاسمر اصبحت قضية رأي عام تجاوزت الابعاد الطائفية، مع انها مسألة طائفية باعتبارها مسّت رمزاً كبيراً من رموز الطائفة المارونية، ويبدو انه من هذه الزاوية تم توقيفه السبت من قبل النيابة العامة التمييزية بتهمة المس بالسلم الاهلي وتعريض البلاد لفتنة، رغم انه لا يوجد في هذه القضية نزاع طائفي كون الاسمر مارونياً.
وفي رأي مصادر قانونية ان كلام الاسمر في حق البطريرك صفير سقطة اخلاقية بامتياز، لكن توقيفه بتهمة المس بالسلم الاهلي نقطة خلافية على الصعيد القانوني، وتعتقد هذه المصادر ان تحريك القضاء جاء لمسايرة المزاج العام، وجاء توقيفه لتنفيس غضب الرأي العام، والذي عبّر عنه مارونياً البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعلن ان ابواب بكركي ستبقى مقفلة امام الاسمر الى حين تكفيره وتعويضه عن خطيئته بما يحفظ كرامة قدسية وفاة البطريرك صفير واللبنانيين، كما عبّر عنه اسلامياً الرئيس الحريري عندما قال انه شعر بالاهانة كاخوانه الموارنة وبالخجل بأن في بلدي اشخاصاً يفكرون بهذه الطريقة ويخرج منهم مثل هذا الكلام.
ووفق معلومات «اللواء» فإن مجلس الوزراء ناقش في مستهل جلسته المسائية مسألة مصير الاسمر ورئاسة الاتحاد العمالي، ولم يخل النقاش من مزايدات بين ممثلي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، فيما تدخل وزراء آخرون معتبرين ان مسألة خلافة الاسمر قضية نقابية لا علاقة بمجلس الوزراء فيها.
وتبلغ المجلس ان هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي ستعقد ظهر اليوم اجتماعاً طارئاً برئاسة نائب الرئيس حسن فقيه للبت بالاستقالة التي تقدم بها الاسمر  من مكان سجنه في قصر بعبدا، نزولاً عن رغبة اكثرية اعضاء هيئة المكتب المؤلفة من 12 عضواً التي تمنت على الاسمر بأن يقدم استقالته بملء ارادته ومن تلقاء نفسه كي نتجنب اقالته او عزله من منصبه، خصوصاً وان هناك اتجاهاً لدى القضاء لاطلاق سراحه اليوم، على ان يحاكم بعد ذلك وفق ما تقتضيه الاصول القانونية، على اعتبار ان تهمة القدح والذم لا تستوجب توقيفاً، بحسب وكيله.
وبحسب المعلومات فإن منصب الاسمر سيؤول الى نائبه فقيه في المرحلة الراهنة، وسيتم تشكيل لجنة طوارئ لمواجهة الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاتحاد العمالي، وحتى اجراء انتخابات تؤدي الى انتخاب رئيس جديد وهيئة جديدة، مع العلم ان الصراع على رئاسة الاتحاد فتح قبل ان يتم عزل الاسمر، وهو ما تأكد بعد زيارة وفد «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل الى بكركي امس، حيث اكد من هناك انه لن يعترف بهذا الموقع (رئاسة الاتحاد) وبالشكل الذي هو فيه الى حين تصحيح الوضع القائم، معلناً انه وبما يمثل يقاطع هذا الموقع حتى يقوم اصحابه، بالمراجعة اللازمة في حسن التمثيل من زاوية الميثاقية والشراكة»، والمقصود هنا بالطبع، الزاوية اياها التي اوصلت «التيار الحر» الى الرئاسة الاولى واعطته حصة وازنة في الحكومة والمجلس النيابي».
وفي تقدير مصادر سياسية ان طموح التيار للمطالبة برئاسة الاتحاد العمالي يطرح مسألة بالغة الخطورة يتعين على المكتب التنفيذي للاتحاد ان يعالجها بعد ان تتوضح سيرورة الموقف، مع العلم ان فريقاً من الاتحاد المعروف بقربه من حركة «امل» كان يميل الى دعوة القضاء ليقوم بعمله واعتبار اساءة الاسمر خطأ شخصياً لا علاقة للاتحاد به كمؤسسة مكونة من اتحادات ونقابات لمتابعة شؤون العمال والموظفين، وحتى لا يتعطل دور الاتحاد في هذه المرحلة التي تعمل فيها الحكومة على اقرار موازنة اصلاحية، بحسب رئيس اتحاد ونقابات النقل البري بسام طليس الذي اعتبر ان كلام الاسمر مسيء ومرفوض، داعياً لاستمرار العمل بمؤسسات الاتحاد العمالي الذي لا يختصر بشخص».
تجدر الاشارة الى ان اتحادات عمالية عديدة اعلنت تعليق عضويتها في الاتحاد رفضاً لكلام الاسمر، كما اعلن وزير الاقتصاد منصور بطيش انه سيفسخ اليوم عقد العمل مع الاسمر في اهراءات بيروت، بصفته طبيب اسنان.
جبق في جنيف
وبعيداً عن قضية الاسمر وتداعياتها، يعود اليوم الى بيروت مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد حاملاً معه الجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني من مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية، فيما توجه امس الى جنيف وزير الصحة جميل جبق لحضور اجتماعات الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية، معلناً انه تمكن من خلال حيازته على ثقة اللبنانيين والتزام الشفافية في عمل وزارة الصحة من تجاوز الهواجس الدولية والاميركية التي تحدثت لدى تسلمه منصبه عن امكان تحويل اموال الوزارة وما تحصل عليه من دعم لصالح «حزب الله».
وقال في مقابلة مع وكالة «الاسوشيتدبرس» الأميركية ان «حزب الله» عمد بدوره الى ضمان عدم تأثير العقوبات المفروضة عليه على وزارة الصحة من خلال الاتفاق مع رئيس الجمهورية على اختيار شخص حائز على ثقة الحزب انما غير حزبي ليتولى مهام الوزارة.
وفي السياق، اشار تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الاميركية الى ان العقوبات التي فرضها الرئيس الاميركي دونالد ترامب على التجارة مع ايران العام الماضي اضعفت من قدرتها على تمويل حزب الله الذي يعتبر ابرز وكلاء طهران في المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن عدد من مسؤولي الحزب واعضائه من دون تسمية احد، ان ايرادات الحزب هبطت بشكل غير مسبوق مما اجبره على اجراء تخفيض كبير على النفقات ومنها منح عدد من مسلحيه اجازات او تسريحهم من الخدمة او احالتهم الى الاحتياط، ووقف الامتيازات السابقة التي تمتعوا بها مثل الوجبات وقسائم الوقود والمواصلات، وكشفت كذلك ان الحزب بصدد اغلاق تلفزيون «المنار» وتسريح موظفيه، علاوة على ذلك تم سحب الكثير من مسلحي الحزب من سوريا، لكنه ابقى على مخصصات اسر قتلاه في سوريا او في المواجهات مع اسرائيل.