إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 5 تشرين الأول، 2019

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 21 أيلول، 2023
ألمانيا : الشرطة أوقفت عصابة “عائلية” لبنانية سرقت ذهباً تذكارياً بقيمتة 4 ملايين دولار
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 5 أيلول، 2019

عصيان الوزيرين جمال الجراح ومحمد شقير على القضاء تصدر افتتاحيات الصحف وعناوينها. وزيران رفضا تنفيذ استدعاء النائب العام المالي للمثول أمامه للإستماع إليهما بشأن أوضاع "أوجيرو" ووزارة الإتصالات. الوزير الجراح اختبأ خلف الرئيس نبيه بري. تحدث عن سابقةٍ استشار فيها بري، فأجابه بأن المجلس النيابي يفصل بالأمر. من المتوقع أن توضح رئاسة المجلس "خبرية" الجراح. الوزير شقير قال إن الإستدعاء "سياسي"، وأنه لم يمثل أمام لجنة الإتصالات النيابية لفزعه من النائب جميل السيد. يمكن أن نسمع من الوزيرين ذرائع أخرى. لكن العصيان قد وقع. المواطنون رأوا كيف تعصى "القدوة الوزارية" أمر القضاء، وكيف تتكبر على القانون، وتتجبر على حقوق المواطنين في معرفة ما جرى وما يجري في "مغارة" أوجيرو و"الإتصالات". في الديموقراطية الطوائفية هذا العصيان ليس غريباً ولا جديداً. فردين من "الأقلية الإجتماعية" الحاكمة التي تستبد بالسلطة والحكم والدولة تدثرا بعباءة طائفية لحماية الإستبداد.       
          

الجراح وشقير


البناء
«المرجعية» لخريطة طريق الحلّ في العراق: لجنة حكماء لصياغة آلية تنفيذية للمطالب والدولة تنفّذ
الحريريّ وباسيل يجدّدان التسوية… وشقير والجراح يتحدّيان القضاء… بانتظار موقف الحريري
نقيبا المحطات وشركات التوزيع لـ«البناء : الأزمة مستمرة وتعميم مصرف لبنان لم يحلّها

سال الجرح العراقي دماً وبلغ الشهداء أربعين، ولم تعد التحليلات والمواقف تكفي، فخطر الانزلاق إلى مذبحة مفتوحة قائم. ومن جهة شباب غاضب من الجوع والفقر والتهميش ويزيده غضباً حجم تفشي الفساد والثراء الفاحش ومظاهر البذخ، ومواطنون لا يعرفون الكهرباء ولا الماء في بيوتهم أيام وأسابيع. وما قاله رئيس الحكومة عادل عبد المهدي عن غياب الحلول السحرية وحجم الموروث صحيح، لكنه لا يطعم جائعاً ولا يضيء بيتاً مظلماً. ومن جهة مقابلة قوى سياسية وأجهزة استخبارية خبيثة تستعمل موجات الغضب وتدفع بها نحو الفوضى والشغب والتخريب، وتطلق النار على الطرفين، وترسل مجموعاتها داخل الجموع لترفع هتافات معادية لإيران لتوظيف المشهد العام في مشاريع الضغط على العراق كحكومة أولاً وكحشد شعبي ثانياً، لأجندات لا علاقة لها بالمواطنين ومطالبهم، بل بفتح معبر البوكمال، والموقع الذي يمثله العراق في الامتداد الاستراتيجي بين إيران وسورية وقوى المقاومة.
التطور البارز أمس، كان دخول المرجعيّة على خط الأزمة، بقوة دخولها ذاته يوم بلغت جماعات داعش جدار بغداد. وكان الجيش العراقي يتداعى أمامها. فأطلقت دعوتها لتشكيل فصائل الحشد الشعبي الذي غيّر مجرى الحرب وقادها نحو استنهاض الجيش مرة أخرى وصولاً إلى النصر، خلافاً لرغبة واشنطن التي كانت تريد حرباً لا تنته، واستنزافاً مفتوحاً تبرّر ببقائه بقاءها. وهذه المرة خرجت المرجعية بمبادرة عنوانها تشكيل لجنة حكماء مشهود لهم بالنزاهة والخبرة من خارج السلطة، تتولى لقاء المحتجين وسماع مطالبهم، وصياغتها بطريقة تجعلها خطوات تشريعية وتنفيذية وقضائية، مقابل التزام السلطات كل في مجالها بتنفيذ هذه الآلية ضمن جدول زمني مرفق بها. وكان لمبادرة المرجعية صداها المباشر بالتهدئة على طرفي الأزمة، الحكومة والشارع.
لبنانياً، شهدت التسوية الرئاسية شحنة تزخيم مثلها لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، بعدما أدى إلغاء لقاء باسيل بكوادر تيار المستقبل إلى إشاعة مناخات فاقمت حال التوتر بين فريقي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل القائمة أصلاً، والتي لم ينجح لقاء الحريري – باسيل بتبديدها، بقدر ما وفر الأرضية لمواصلة التعاون الرئاسي والحكومي بمعزل عن علاقة التيارين ومشاكلها. وهو ما أكدته مصادر التيارين، التي لم تستبعد تحول قضية رفض وزيري الاتصالات والإعلام محمد شقير وجمال الجراح المثول أمام المدعي العام المالي علي إبراهيم، إلى مصدر جديد لتأزم علاقة التيارين، والقضية بدأت تأخذ أبعاداً تتخطى علاقة التيارين، في رسم تساؤل كبير حول التبرير الذي يمكن أن يقدّمه رئيس الحكومة الذي يدعو لوضع عودة الثقة بين المواطنين والدولة كأولوية، في تغطية وزيرين من فريقه يتصرّفان بطريقة خشنة وفظة مع استدعاء قضائي روتيني، في ظل كلام يومي عن الحاجة للمساءلة والمحاسبة والتدقيق، واعتبار المال العام أمانة على كل مسؤول تبرير كيفية تعامله معها للبنانيين ودولتهم ومؤسساتها وفي طليعتها القضاء، بينما يجري رسم أسوار الصين حول وزارة الاتصالات ـ ومؤسسة أوجيرو، وكأنها مغارة علي بابا، حيث أسرار المال العام، ما يزيد الشبهات والتساؤلات فيما كان اللافت اللغة التي أعلن فيها الوزير محمد شقير رفض المثول، وما فيها من استهزاء واستعلاء، وهو ما ينتظر تردداته اليوم وما بعده، خصوصاً كيفية تلقي الرؤساء له وتعليقهم عليه وتصرّفهم تجاهه، بينما العيون أولاً تتّجه صوب الرئيس سعد الحريري وما سيقول، وما سيرتّبه موقفه من تأثيرات وتداعيات على صورته وعلاقته برئيسي الجمهورية ومجلس النواب.
بالتوازي بقي الوضع المرتبك مسيطراً على الأسواق، وبقيت التهديدات بالإضراب قائمة وتتوسّع، لتطال الأفران وربما قطاعات أخرى. فأصحاب محطات البنزين وفقاً لكلام النقيب سامي البراكس، المهلة حتى يوم الإثنين قبل العودة للإضراب، مضيفاً لـ البناء أن الاتصالات جارية على قدم وساق مع رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة، ومع الشركات لإيجاد حلّ للأزمة في الساعات المقبلة، مشيراً إلى أن الرئيس الحريري وعدنا عبر مستشاره الاقتصادي نبيل يموت بأن الأمور سوف تجد طريق الحل اليوم، مستطرداً إذا لم نلقَ الجواب المطلوب فسيبدأ الإضراب المفتوح يوم الاثنين. وقال إن المشكلة تكمن في التعميم الصادر عن مصرف لبنان والذي يحمل بنوداً تعجيزية تمسّ الشركات التي لن تستطيع تنفيذها وتتصل بالآلية التي فرضها تعميم مصرف لبنان، للاستيراد بالنسبة إلى المستوردين، لجهة تقديم ضمانات مالية لفتح الاعتمادات، ووضع في كل حساب خاص وكل اعتماد على حدة، 15 من قيمته بالدولار عند فتحه، فضلاً عن الهامش النقدي الذي يجب تجميده عند كل عملية لمدة شهر حداً أدنى، بقيمة 30 مليون دولار أميركي لشحنتين من البنزين والمازوت، و0.5 بالمئة عمولة لمصرف، ما يعني أن الحل يجب أن يقترب من تعديل بعض البنود ومعالجة الثغرات الموجودة في التعميم. بالمقابل قال نقيب شركات توزيع المحروقات فادي أبو شقرا لـ»البناء» إن حقهم حصلوا عليه بعد صدور التعميم كمحطات وموزعين، لكنه أشار الى ان «المشكلة تكمن في الخلاف بين الشركات المستوردة والمصارف التي فرضت شروطاً تعجيزية على الشركات مطالبةً بفتح اعتمادات لمدة طويلة، فيما الاستيراد يتم خلال بضعة أيام من فتح الاعتمادات» الأمر الذي ينعكس سلباً على المحطات والموزّعين والمواطن، ليخلص ابو شقرا الى القول إن التعميم لا يزال حبراً على ورق ولم يطبق .
وصف الرئيس سعد الحريري لقاءه مع وزير الخارجية جبران باسيل بالـ»الجيد جداً». وقال خلال دردشة مع الصحافيين إن «هناك بالفعل هجمة غير طبيعية على البلد. صحيح أن لدينا مشاكل، لكن الحكومة تعمل كي تجد حلولاً لهذه المشاكل، وأتمنى على من يتحدث في الاقتصاد أن ينطلق من الواقع الذي نعيشه. هناك جهد كبير تقوم به الحكومة، وسنخرج من هذه الأزمة»، مشيراً إلى أنه «لم يحصل شيء للعلاقة مع باسيل كي يتم ترميمها».
ونفى الحريري «أن يكون قد تم تعليق العمل في مشروع قانون الموازنة للعام 2020، بانتظار الاتفاق على الإصلاحات اللازمة»، مؤكداً «أننا نعمل على كل الملفات في وقت واحد، ولذلك ترون في هذه الأيام تركيزاً على الإصلاحات، لمعرفة ما يمكن إدخاله ضمن الموازنة المقبلة».
ولفتت مصادر مطلعة على اللقاء إلى أنه «تمّ التطرق خلاله إلى مختلف الملفات خاصة على موازنة العام 2020»، مشيرةً إلى أنه «تمّ التوافق على ضرورة التعاون في المرحلة المقبلة».
واشارت أوساط سياسية في تيار المستقبل لــ»البناء» الى أن «اللقاء تمكّن من تثبيت التسوية الرئاسية وتحصين الحكومة لتتمكّن من مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية»، لافتة الى أن «إقرار الموازنة في المهلة الدستورية وإنجاز الإصلاحات قبيل مهلة الستة أشهر التي حددتها المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف يحتاج الى تضامن الحكومة بجميع أركانها ولم يعُد هناك متّسع من الوقت للخلافات والسجالات السياسية أمام تردي الواقع الاقتصادي»، مشيرة الى أن «الموازنة والإصلاحات تسيران بالتوازي وما يجري الاتفاق عليه من بين الأوراق الاقتصادية التي تناقش يمكن تضمينه في الموازنة، والأخرى يمكن إحالتها الى المجلس النيابي كمشاريع قوانين وبالتالي لا خلاف حول هذا الامر».
في غضون ذلك، لم يتمكن التعميم الصادر عن مصرف لبنان بعد أربعة أيام على صدوره، من إنهاء أزمة الدولار والمحروقات، وسط تدحرج الأزمة الى إعلان قطاعات أخرى اعتراضها على عدم شمولها في التعميم، لا سيما أصحاب الافران، ما يؤشر الى تجدد الأزمة وتفاقمها باتجاه الإضرابات بالجملة بدءاً من يوم الاثنين المقبل.
وأعلنت نقابة أصحاب المحطات وأصحاب الصهاريج وموزعي المحروقات الإضراب يوم الاثنين، ما لم تسفر الاتصالات الجارية عن حلول ترضي العاملين في القطاع. وإثر اجتماع الجمعية العمومية لأصحاب المحطات اليوم بحضور رئيس النقابة سامي البراكس ورئيس نقابة الصهاريج إبراهيم سرعيني وممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا وحشد من أصحاب المحطات والصهاريج، قال البراكس القرار بالاكثرية هو إعطاء مهلة 48 ساعة افساحاً في المجال امام الاتصالات الجارية على أكثر من صعيد . وأكد سرعيني، الاضراب ما لم تحل المشكلة، والصهاريج ستكون أمام الشركات من الساعة السادسة صباحاً . وشدد ابو شقرا باسم موزعي المحروقات على التزام الإضراب وضرورة التسعير بالليرة من الشركات ومنشآت النفط التابعة للدولة .
وبحسب مصادر البناء ، فإن شركات استيراد المحروقات لم تلتزم بتعميم المركزي وتصرّ على تسلم كامل ثمن المحروقات بالدولار، فيما قالت أوساط اصحاب المحطات أن المشكلة باتت بين شركات الاستيراد والمصارف، كما علمت البناء ان سعر صرف الدولار لم يتغير لا في المصارف ولا في محال الصيرفة والسوق السوداء ما زالت هي الحاكمة والسائدة في الاسواق. كما نفت المصادر المصرفية لـ البناء رفض المصارف طلب المودعين سحب ودائعهم بالدولار، مؤكدة أن السحوبات ممكنة للحسابات الجارية أما الحسابات المجمّدة فيمكن سحبها بعد نهاية استحقاقتها .
كما حذّر رئيس اتحاد نقابات المخابز والأفران كاظم ابراهيم جميع المسؤولين بأن أصحاب الأفران قد يتوقفون عن العمل قسرياً وليس بإرادتهم، بل بفعل الأزمة الاقتصادية .
كما حذّرت نقابة الصرافين في بيان من أنها ستعلن توقف كامل قطاع الصرافة عن العمل وصولاً إلى إقفال محالها إذا استمر تجاهل حقيقة نشاطها القانوني واتهامها المجحف، الأمر الذي ينعكس سلباً على أعمال المواطنين ومصالحهم، وبالتالي على الحركة الاقتصادية في البلد عموماً .
كما كشفت الهيئات الاقتصادية أنها تدرس خيارات تصعيدية متدرّجة ستكشف عنها قريباً لمواجهة أي توجّه لزيادة الضرائب .
على وقع الإضرابات والاعتراضات، تابعت اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الإصلاحات المالية والاقتصادية اجتماعاتها أمس، في السراي الحكومي، برئاسة الحريري، إلا أن ملف الاتصالات فرض نفسه على مداولات الجلسة، بعد تمنع الوزيرين المستقبليين جمال الجراح ومحمد شقير المثول أمام المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم لوجود مخالفات قانونية وهدر في المال العام في قطاع الاتصالات.
ومثل الوزير السابق بطرس حرب أمام القاضي إبراهيم وحمّل حرب في إفادته المسؤولية الى وزير الاتصالات الاًسبق نيكولا الصحناوي، رفضت مصادر في المستقبل لــ البناء مثول الوزيرين الجراح وشقير أمام القاضي ابراهيم، إلا وفقاً للأصول القانونية ألا وهي محكمة الوزراء والرؤساء، لأن الحصانة النيابية وكما الوزارية لا تعطي القضاء الحق باستدعائهم. ولفت الجراح الى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري طلب منه في وقت سابق عدم المثول.
وأكّد رئيس لجنة الاتصالات والإعلام النيابية النائب حسين الحاج حسن أن «استدعاء الوزراء هو نتيجة إخبار قدّمه النائب جهاد الصمد في ملف أوجيرو وليس في ملف الخلوي»، مشيرًا الى أنه «ليس هناك إدانة مسبقة لأحد ولا براءة مسبقة لأحد». ولفت الى أنه «حين يقول شقير إنه يريد أن يخفض الإيجارات وعقود الصيانة والإعلانات ويرفع حصة الدولة من الفاسد، السبب أنه اكتشف أمرًا ما، على القضاء أن يقرّر».

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأخبار

«المستقبل» للقضاء: أنا الدولة!
لا يكفّ تيار المستقبل عن وضع نفسه في قفص الاتهام بشأن إهدار المال العام وسرقته. يوم أمس، كان دور وزير الاتصالات محمد شقير وسلفه جمال الجراح في رفض المثول أمام القضاء كمستمَع إليهما (لا كمشتبه فيهما ولا كمدّعى عليهما) في قضايا تمسّ إدارة المال العام في وزارة الاتصالات. تمرّد جديد على كل ما يمتّ للدولة بصلة، يرتكبه التيار الذي يرفع زوراً شعار العبور إلى الدولة!
في آذار الماضي، احتمى الرئيس فؤاد السنيورة بالطائفة وبالفريق السياسي ليمنع أي مساءلة له بشأن كيفية إدارته للمال العام، وزيراً للمال ورئيساً للحكومة. لم يكن الرئيس الأسبق للحكومة يتصرّف بصورة فردية، بل كان يعبّر عن أداء تيار سياسي عريض، ولو باعدت الخلافات بينه وبين قيادته قليلاً. كان وزير مال رفيق الحريري ينطق باسم تيار المستقبل مجتمعاً. فهذا الفريق يرفض رفضاً تاماً فتح أي تحقيق جدي بشأن إنفاق المال العام، سواء قبل عام 2005 أو بعده. وبعد تمرّد السنيورة قبل أشهر، ها هو وزير الاتصالات محمد شقير يعلن، بلا خجل، رفض تلبية دعوة المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، للاستماع إليه، وإلى سلفَيه جمال الجراح وبطرس حرب، بشأن كيفية إدارة قطاع الاتصالات، بناءً على ما أثير من فضائح في لجنة الاتصالات النيابية. وقال شقير إنه، والجراح، لن يمثلا أمام القاضي إبراهيم. وبدلاً من ذلك، وفي تجاوز فاضح للدستور والقوانين والأعراف وكل ما يمتّ للدولة بصلة، «استدعى» شقير القاضي ابراهيم للاستماع إليه! هذا التجاوز لم يكن الأول في مسيرة شقير الوزارية التي يبدو أنها ستُنسي الجميع ما ارتكبه أسلافه في الوزارة التي تحوّلت إلى منجم للمال السياسي والصفقات التي تراكم الثروات في حسابات الطبقة الحاكمة. ففي الأسابيع الفائتة، رفض وزير الهيئات الاقتصادية المثول أمام لجنة الإعلام والاتصالات النيابية، رغم أن القانون يُلزم جميع الوزراء والمسؤولين في الدولة بالمثول أمامها كما باقي اللجان النيابية. وذهب أبعد من ذلك في محاولته أول من أمس الحصول على تغطية من مجلس الوزراء لتمرّده على اللجنة، بل وطلبه منع اللجنة من النظر في إدارة وزارته وشركتي الخلوي للمال العام.
ما فعله شقير والسنيورة، سبقهما إليه الجراح عندما كان وزيراً للاتصالات، يوم رفض أيضاً تلبية دعوة القاضي ابراهيم للاستماع إليه بشأن قرارات اتخذها للسماح لشركات خاصة بالاستثمار في قطاع الألياف الضوئية. هو ببساطة قرار من تيار المستقبل، بجميع أجنحته المتصارعة، بوضع نفسه في قفص الاتهام، من خلال رفض أي شكل من أشكال المساءلة، ولو كان أعضاء هذا التيار شهوداً لا مشتبهاً فيهم. ما يفعله تيار الحريري يبدو دفاعاً عن كل الطبقة التي استفادت، ولا تزال، من المال العام، منذ عام 1992 حتى اليوم.
يومَ أمس، اتخذ الوزير المستقبلي من حصانته الوزارية حجة لرفض الدعوة، علماً بأنها مجرّد «جلسة للاستفسار عن بعض المعلومات» كما تقول مصادر مطلعة. أعلن أنه «لن يذهب لا هو ولا الوزير الجراح إلى مكتب المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم لا لشرب القهوة ولا لشرب الشاي». فيما تهرب الجراح بحجة أن «ابراهيم طلبني حين كنت نائباً واستشرت رئيس مجلس النواب نبيه بري وقال لي لا تذهب، وهناك قانون يرعى العلاقة بين الوزراء والقضاء ونحن تحت القانون»، أما الوزير السابق بطرس حرب، فأعلنَ في تغريدة له «تلبية دعوة النائب العام المالي لتوضيح ما جرى ويجري في وزارة الاتصالات من مخالفات وفساد وصفقات لإيماني باستقلالية السلطة القضائية عن السلطة السياسية، واحتراماً مني للقانون وإسهاماً مني بكشف الهدر والفساد ومرتكبيه».
مضمون ما كشفه حرب بعد لقاء ابراهيم أول من أمس أن «الأخير استوضحه حول آليات العمل في وزارة الاتصالات، بالإضافة الى عمل شركات تشغيل قطاع الخلوي، ونقل المصاريف التشغيلية التي كانت على عاتقها إلى عاتق وزارة الاتصالات، ما سمح للوزير المختص بفرض توظيف مئات الموظفين والمحاسيب في هذه الشركات، وتقرير حجم هذه المصاريف ونوعها وهدفها»، يُظهر أن استدعاء القاضي ابراهيم للوزراء جرى للاستماع اليهم «على سبيل الدردشة»، وهو لا يتعارض مع الدستور الذي تنص المادة 71 منه على أن الوزراء يحاكمون أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء. هذا ما أكده حرب في اتصال مع «الأخبار»، إذ أشار إلى أن ابراهيم «لم يوجه إليّ أي اتهام، بل جرى استيضاح بعض النقاط ليسَ إلا، منها ما تم تداوله على لسان بعض النواب في ملف الاتصالات». حرب أشار إلى أن «الحصانة يُمكن اللجوء إليها في حال استدعاء الوزير كمدعى عليه»، معتبراً أنه «كانَ أجدى بالوزيرين التصرف كمواطنين قبل التصرف كوزراء والحضور الى مكتب القاضي لأن الاستدعاء هو للاستماع اليهم حصراً». مصادر سياسية بارزة أكدت أن موقف شقير والجراح «ضعيف»، مشيرة إلى أنه «لا استهداف سياسياً لأحد»، بل إن ما حصل هو «عمل متراكم قامت به لجنة الإعلام والاتصالات للتدقيق في قطاع الاتصالات ككل ، وباتَ يتطلّب محاسبة المسؤولين عنه، وعلى القضاء أن يأخذ مجراه».
وفيما يرفض القاضي ابراهيم التعليق في الإعلام على رفض شقير والجراح الحضور، أكدت مصادر قضائية متابعة أن «لا أحد يعلّم النيابة العامة الأصول، وهي حين تقرّر أن تستدعي أحداً تعرف الآلية الواجب اتباعها»، مشيرة الى أن «القاضي ابراهيم وجّه لهم دعوة للحضور كمُستمَع إليهم». لكن بما أنه لا نصّ قانونياً يلزمهما بالمجيء الى مكتبه، فهذه إشارة إلى أن «الملف طار»، تتحسّر المصادر! وتعليقاً على ما حصل، أكد رئيس لجنة الاتصالات النائب حسين الحاج حسن أن «استدعاء الوزراء الثلاثة ليس على خلفية أجندة سياسية، بل إصلاحية». وفي حديث إلى قناة «الجديد» قال: «لا أعرف ما هي اعتبارات المدعي العام المالي لاستدعاء هؤلاء الوزراء وليسَ آخرين».
هذا الملف فتحته لجنة الاتصالات منذ سنوات، وبيّن وجود ارتكابات كبيرة بدأ الكشف عنها في اللجنة يوم كان النائب حسن فضل الله رئيساً لها، ومن ثم استكملها خلفه النائب حسين الحاج حسن. لكن النتيجة أظهرت وجود قصور كبير في القضاء، كما في القوانين والنصوص الدستورية التي يحتمي بها الوزراء والموظفون من أجل تمييع التحقيق. ولهذا السبب، اقترح النائب جميل السيد إنشاء لجنة تحقيق برلمانية، يحق لها قانوناً استدعاء الوزراء والموظفين ومن تشاء للتحقيق معهم. إضافة إلى ذلك، يجري العمل في مجلس النواب على اقتراحات قوانين تمنع الموظفين والوزراء من التلطي خلف الحصانة القانونية كما الدستورية. إذ علمت «الأخبار» أن واحداً من هذه الاقتراحات قدّمته كتلة «الوفاء للمقاومة»، بهدف تعديل يخص المادة 61 من قانون الموظفين (المسؤولية الجزائية) التي تحدد بأن «يُحال على القضاء الموظف الذي يتبين أن الأعمال المنسوبة اليه تشكّل جرماً يعاقب عليه، وإذا كان الجرم ناشئاً عن الوظيفة، فلا يجوز ملاحقة الموظف إلا بناءً على موافقة الإدارة التي ينتمي اليها».
وقد أجرت لجنة الإدارة والعدل بعض التعديلات عليه، بتوافق كل الكتل، لينصّ على «إعطاء المرجع المختص مهلة 15 يوماً للإجابة على ملف ادعاء، وفي حال لم يفعل يعتبر ذلك موافقة ضمنية على الملاحقة». أما في حال الرد، فتقوم النيابة العامة برفع كتاب الى النائب العام التمييزي، ويعطى بدوره مهلة 15 يوماً، ويعتبر عدم رده موافقة ضمنية، أما إذا رفض فيتحمل هو كقاضٍ مسؤولية عدم الملاحقة». هذا الاقتراح الذي يسير في طريقه الى الهيئة العامة، سيلحق به اقتراح قانون آخر، ينتظر أن يوقّع عليه 10 نواب، يطالب بتعديل دستوري. ويطاول هذا الاقتراح الموقّع حتى الآن من النائبين حسن فضل الله والآن عون المادة 71 من الدستور التي تقول: «يحاكم رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المتهم أمام المجلس الأعلى في حال الخيانة العظمى والإخلال بواجباتهم»، وهو عملياً يسمح في جزء منه بإسقاط الحصانات عن الوزراء، إذ فصل بين الخيانة العظمى والإخلال بالواجبات، كما بين الوزراء والرؤساء. وبدلاً من أن يكون الوزير خاضعاً للمجلس الأعلى، يصبح في حال إخلاله بواجباته في القضايا التي تتعلق بالمال العام خاضعاً للقضاء العادي، ولا يعود له ترف الاحتماء بالحصانة الدستورية. الاقتراح الذي بادرت اليه كتلة «الوفاء للمقاومة» ينتظر توقيع نواب عليه، لكن مشكلته أنه يتطلب، بحسب الدستور، موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب كي يرسل الى الحكومة التي وجب عليها أن تضع مشروع التعديل، بأكثرية الثلثين أيضاً، وتطرحه على المجلس خلال أربعة أشهر، وإذا لم توافق فعليها أن تعيد القرار إلى المجلس ليدرسه ثانية.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اللواء
أزمة «الموازنة» بين الحريري وباسيل.. وتفاهم على الكهرباء والتعيِّينات

«عض أصابع» بين سلامة وتُجّار المحروقات.. والجرّاح وشقير يرفضان الإستنسابية في الإستدعاءات
على نحو يثير الأسئلة في كل اتجاه: ماذا يجري في خضم الاجتماعات التي تعقد على مستوى اللجنة المكلفة بالإصلاحات المالية والاقتصادية، والتي اجتمعت عصر أمس في السراي، في إطار السعي لاتفاق على الإصلاحات التي يجب إدخالها في موازنة العام 2020، التي نفى الرئيس سعد الحريري ان يكون توقف البحث فيها بانتظار الاتفاق على الإصلاحات المطلوبة؟..
هل تسير الأمور بسلاسة أم بإرباك، عززه الاشتباك بين الوزيرين جمال الجراح ومحمّد شقير، على خلفية طلب المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم الاستماع إليهما في ما خص وزارة الاتصالات، وما يُحكى عن مخالفات أو أمور مالية، إذ شدّد الوزير الجراح انه تحت القانون، ولا بدّ من أخذ رأي مدعي عام التمييز أولاً..
وبقي التجاذب موضع متابعة في ما خص المحروقات، إذ حذّرت نقابة أصحاب المحطات وموزعي المحروقات من الإضراب المفتوح بعد غد الاثنين، ما لم يطرأ تطوّر إيجابي على المفاوضات الجارية التي دخلت مرحلة صعبة من عض الأصابع..
وكانت الاتصالات تواصلت منذ الصباح بين نقابات المستوردين والتجار والمعنيين لحل الإشكالات المتعلقة بالأسعار التي تعترض تنفيذ الآلية التي اتفق عليها مع حاكم مصرف لبنان.
ولكن هذه الاتصالات، اصطدمت أولاً بإصرار المستوردين على تقاضي ثمن المخزون النفطي بالدولار، مع الأخذ بعين الاعتبار فوارق الأسعار المستجدة، إضافة إلى الكميات المطلوب استيرادها.. وهذا ما رفضه الحاكم..
العقدة الثانية: طلب المستوردون قيمة الدولارات للاستيراد من جديد بالعملة اللبنانية فور وصول المستوردات والمباشرة ببيعها..
وضمن الآلية، يُصرّ الحاكم على تسديد المبالغ المترتبة بالعملة اللبنانية، بعد تحويل الدولارات من مصرف لبنان..
وهؤلاء يرفضون نظراً لوضع الأموال بالمصارف بالعملة اللبنانية..
وثمة نقطة ثالثة، يطالب المستوردون بتحويلات تشمل الكميات المستوردة، حتى يستمر هامش التهريب قائماً..
وفي السياق، لوّح اتحاد نقابات المخابز والأفران بالتوقف عن العمل، في ضوء مناقشات الجمعية العمومية، وفي الأجواء المشابهة لما يحصل على جبهة الدولار والاسعار بين نقابات المحروقات والمصاريف وحاكم مصرف لبنان..
أسبوع الاضطرابات المالية
وعلى الرغم من نفي الرئيس الحريري، ان يكون قد تمّ تعليق العمل في مشروع قانون الموازنة للعام 2020، بانتظار الاتفاق على الإصلاحات اللازمة، فإن أي موعد جديد للجنة الإصلاحات لم يتحدد وكذلك الأمر بالنسبة لجلسة مجلس الوزراء، بانتظار عودته، من مؤتمر الاستثمار الذي سيعقد في العاصمة الاماراتية أبو ظبي يوم الاثنين المقبل، وهذا يعني ان استئناف جلسات مجلس الوزراء بالتوازي مع لجنة الإصلاحات لن يتقرر قبل الأسبوع المقبل والذي يحمل مؤشرات لعودة الاضطرابات إلى السوق المالية بدءاً بتلويح أصحاب شركات استيراد ومحطات بيع المحروقات بالإضراب المفتوح الاثنين، بسبب انعدام السيولة بالدولار، ومعها تهديد نقابة الصرافين بالإضراب بعد قطع طريق شتورا من قبل بعضهم، وكذلك تحرك نقابات المخابز والأفران، وصولاً إلى تبني الهيئات الاقتصادية تحرك القطاع التجاري بالتوقف عن العمل ساعة واحدة يوم الخميس المقبل، تحت عنوان: «معاً لمنع انهيار القطاع الخاص».
ويبدو ان عودة الاضطرابات إلى السوق النقدية، بالتزامن مع تجدد أزمة شح الدولار، حيث بيع في السوق الموازية، أي سوق الصرافين بـ1600 ليرة للدولار الواحد، أعطى انطباعاً بأن التدبير الذي اتخذه مصرف لبنان بشأن تسهيل استيراد المحروقات والدواء والقمح بالدولار، عبر إجراءات معينة، لم يكن سوى حل آني متواضع، ولا يعالج مشكلة نقص السيولة بالدولار بشكل كامل، وان كان يلبي متطلبات سوق المحروقات والقمح والدواء، مع وجود تحفظات وملاحظات على آلية التدبير من قبل شركات المحروقات لناحية ان تطبيق تعميم مصرف لبنان لا يشمل المفعول الرجعي.
ولاحظت مصادر اقتصادية ومالية عليمة، ان مشكلة الاستيراد بالدولار تواجه أيضاً كبار تجار المواد الغذائية والاستهلاكية اليومية مثل السكر والارز، عدا تجار الادوات الكهربائية وقطع غيار السيّارات وسواها من مواد مستوردة تهم المواطن في حياته اليومية، وبالتالي يجب إيجاد حل لهؤلاء التجار أيضاً حتى لا تصبح اسواقهم عُرضة للفوضى في التسعير والبيع، علماً ان مسألة التسعير بالدولار باتت مسألة مطروحة للتلاعب بين السعر الرسمي أو السعر الموازي.
مشكلة التسعير بالدولار
واوضحت المصادران تسعير الدولار في المصارف لا زال على حاله الرسمي لكن مع شح في العملة بحيث لا تتم تلبية كل طلبات المودعين، بينما سوق الدولار الموازي عند الصرافين لا زال يشهد حالة من الاضطراب نتيجة استمرار الطلب على العملة الاميركية لأسباب عدة، منها ما هو ناتج عن هلع المواطنين فتهافتوا على شراء الدولار لتخزينه، ومنها ما له علاقة بتخفيض المصرف المركزي للكوتا المخصصة لكل مصرف بالدولار، فبات الصرافون هم الملجأ الثاني، ومنهم من بات يحتكر العملة ويبيعها بسعر اعلى من السعر الرسمي بحجة خضوع سوق الدولار للعرض والطلب مثله مثل اي سلعة.
وفي تقدير مصادر مصرفية، ان مواجهة هذه الاضطرابات ليست من مسؤولية البنك المركزي الذي اتخذ إجراءات استثنائية بما يفوق الممكن وخارج الإطار العادي الذي يعتمده عادة لحماية للاستقرار الاجتماعي، وشددت على ان مصرف لبنان مسؤول عن الموضوع النقدي اما الأمور الاقتصادية، فلا تدخل ضمن صلاحياته. فهناك حكومة موجودة فلتبادر إلى معالجتها، في حين ان البنك المركزي مسؤول عن السوق النقدية حفاظاً على أموال النّاس.
وكشفت المصادر ان تلويح قطاع المحروقات بالإضراب يوم الاثنين المقبل، مرتبط بمشكلة مخزون المحروقات الموجود في السوق قبل صدور تعميم مصرف لبنان، مشيرة إلى ان اللجوء إلى المصرف المركزي لتغطية الفارق أمر مُعيب، ويجب ان يعالج بين مستوردي النفط وأصحاب المحطات، بدلا من ممارسة الضغط على المركزي.
ورقة «حزب الله»
وفي انتظار استئناف مجلس الوزراء، ولجنة الإصلاحات اجتماعاتهما، كشفت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان «حزب الله» يعتزم تقديم ورقة إصلاحية إلى مجلس الوزراء، يضمنها تصوره لمكافحة الفساد والهدر، والذي يقوم، بحسب المصادر، على ما وصف «بالنموذج السوري».
وكشفت المصادر ان وفداً من الحزب سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لوضعه في صورة الورقة الإصلاحية.
وفي تقدير المصادر نفسها ان ورقة «حزب الله» قد تكون مختلفة بالشكل والمضمون عن الأوراق الإصلاحية المقدمة من الأطراف السياسية المنضوية في الحكومة، ولا سيما «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي» وتيار «المستقبل»، على اعتبار ان هذه الأوراق متشابهة ومتقاربة بنسبة 80 في المائة، بحسب تعبير أحد الوزراء الذي يشاركون في اجتماعات لجنة الإصلاحات. فيما المطلوب واحد: وقف الهدر ومكافحة الفساد، وهو ما تركز عليه ورقة «حزب الله»، انطلاقاً من ان وقف الهدر ومكافحة الفساد ما زالت تحول دون تحقيقهما أسباب عدّة، منها ما يتعلق بطبيعة القوى السياسية الممسكة بالبلد والتي من الصعب ان تكافح هدراً تسببت به أو فساداً راكمته بالممارسة طيلة سنوات طويلة من الحماية السياسية.
لقاء الحريري- باسيل
في غضون ذلك، شكل اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري برئيس «التيارالوطني الحر» الوزير جبران باسيل في «بيت الوسط»، حدثاً سياسياً كونه جاء في أعقاب التشنج الذي أصاب العلاقة بين التيارين الأزرق والبرتقالي في الأيام الأخيرة، على خلفية الحملات التي يقودها نواب في تكتل «لبنان القوي» ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مما أدى إلى إلغاء جلسة الحوار بين باسيل وقيادة تيّار «المستقبل» في القنطاري.
وبحسب المعلومات المستقاة من الطرفين، فإن «بيت الوسط» الذي جرى بعيداً من الإعلام تناول موضوع هذه الحملات، وان الوزير باسيل تفهم الظروف التي رافقت إلغاء «حوار القنطاري»، بعد شرح مسهب من الحريري، وأكّد انه سيسعى لضبط الوضع وعدم خروج الأمور عن نصابها.
وفي دردشة مع الصحافيين، وصف الرئيس الحريري لقاءه الوزير باسيل، بـ«الجيد جدا»، وقال: «أنا أرى أن هناك بالفعل هجمة غير طبيعية على البلد. صحيح أنه لدينا مشاكل، لكن الحكومة تعمل لكي تجد حلولا لهذه المشاكل، وأتمنى على من يتحدث بالاقتصاد أن ينطلق من الواقع الذي نعيشه. هناك جهد كبير تقوم به الحكومة، وإن شاء الله سنخرج من هذه الأزمة».
وقيل له هل سيتم ترميم العلاقة مع الوزير باسيل فقال: «أصلا لم يحصل شيء لهذه العلاقة لكي يتم ترميمها».
اما باسيل، فقالت مصادر مقربة منه، ان لقاء «بيت الوسط» يأتي في طليعة سلسلة من الاتصالات يجريها لتزخيم العمل الحكومي بهدف إنجاز الموازنة على الأسس الإصلاحية المطلوبة ووضع خطة الكهرباء موضع التنفيذ.
ووصفت اللقاء مع الرئيس الحريري بأنه كان مثمراً وبناء والجو أكثر من ممتاز، وتخلله تبادل الأفكار للدفع بالأمور في الاتجاه الصحيح والعمل على تحقيق ايجابيات في المرحلة المقبلة».
وعلمت «اللواء» ان مشروع الكهرباء جرى التفاهم حوله ولن يتأخر اطلاقه.. وفي المعلومات انه جرى التطرق إلى التعيينات التي ستحصل في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، بعد عودة الرئيس الحريري من مؤتمر الاستثمار اللبناني – الاماراتي في أبو ظبي، برفقة 7 وزراء..
لجنة الإصلاحات
وسبق لقاء الحريري – باسيل، اجتماع اللجنة الوزارية لدراسة الإصلاحات، التي رفعت مداولاتها من دون الإعلان عن موعد جديد لها. في حين نفى رئيس الحكومة ان يكون قد تمّ تعليق العمل في مشروع الموازنة بانتظار الاتفاق على الإصلاحات اللازمة، مشيراً إلى انه يعمل على كل الملفات في وقت واحد، لافتاً إلى ان التركيز على الإصلاحات هو لمعرفة ما يمكن إدخاله ضمن الموازنة المقبلة.
وبحسب المعلومات، فإن الجلسة استغرق معظمها في تناول موضوع قطاع الاتصالات والإمكانات المتاحة لتحسين وضع هذا القطاع، ورؤية الوزير محمّد شقير الاستراتيجية لمستقبل هذا القطاع.
وقال وزير الإعلام جمال الجراح، انه جرى أيضاً عرض من قِبل معهد باسل فليحان للقانون الجديد للشراء العام الذي يراعى أعلى المعايير الدولية، آخذاً في الاعتبار كل ما هو حديث في العالم والخبرات التي تكونت لدى دول العالم في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى انه تمّ عرض القانون بخطوطه العريضة، على ان يبحث لاحقاً بالتفصيل ويقر في مجلس الوزراء ويحال بعد ذلك إلى مجلس النواب.
استدعاء الوزراء 
وإلى جانب هذين الموضوعين، يبدو ان الجلسة ناقشت ظروف وملابسات استدعاء المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم لوزراء الاتصالات الثلاثة: شقير والجراح وبطرس حرب، للاستماع إلى اقوالهم بناء على المعلومات التي زودته بها لجنة الإعلام والاتصالات النيابية على مدى سنتين، إضافة إلى معطيات سبق ان قدمها له النائب ياسين جابر، فضلاً عمّا اثير لاحقاً في اللجنة، خصوصاً لجهة طلب إنشاء لجنة تحقيق برلمانية في قطاع الخليوي.
وكان الوزير شقير، أعلن قبل دخوله إلى اجتماع اللجنة انه لن يمثل امام القاضي إبراهيم، وقال «إذا أراد هو ان يزورني في مكتبي أو في منزلي فأهلاً وسهلاً به»، لافتاً «الى ان الموضوع تمّ اخذه بالسياسة، وإذا فتح فيجب ان يفتح منذ العام 1992، من الباب العريض».
وأشار إلى ان استدعاء الوزراء أمر غير قانوني لأنه بحاجة إلى اذن من المدعي العام التمييزي، مؤكداً انه «ليس مشتبهاً به لا بالأمس ولا اليوم ولا غداً، النّاس ترى كل شيء، لكن الموضوع أصبح سياسياً». وكرر رفضه النزول إلى لجنة الاتصالات النيابية، طالما هناك شخص اسمه (النائب) جميل السيّد يتهجم عليّ بالطريقة الشخصية».
اما الوزير الجراح فلفت النظر إلى ان هناك قانوناً يرعى العلاقة بين الوزراء والقضاء والنيابة العامة المالية. مؤكداً انه تحت سقف القانون، مبدياً عدم ممانعته بتشكيل لجنة تحقيق نيابية، لكن بشرط ان تكون علنية وبوجود وسائل الإعلام كافة، ملاحظاً عدم قانونية استدعائه من قبل المدعي العام المالي، وانه لا بدّ من أخذ رأي مدعي عام التمييز في الموضوع.
يُشار الى ان السجال التويتري تجدد أمس بشكل عنيف، وبعبارات غير مألوفة بين النائب السيّد والوزيرين الجراح وشقير على خلفية استدعائهما للقضاء واتهامهما بالفساد وارتكاب مخالفات مع الوزير السابق بطرس حرب الذي أعلن انه لبى دعوة القاضي إبراهيم. مؤكداً ثقته بالقضاء واستعداده لوضع نفسه في تصرفه ومؤازرته في التحقيق الذي يري لتبيان الحقيقة والمسؤوليات.