مصير «إسرائيل» : «انقلاب المجتمع الدولي على مبدأ دولتان لشعبين»؟

سانا : “لا صحة لكل ما تم نشره حول عودة أي علاقات” بين سوريا و”حماس”
أقمار أميركية تكشف عن توسيع منشآت البرنامج النووي “الإسرائيلي”
“حركة أحرار الشام” تنسق مع الإستخبارات “الإسرائيلية” عبر محمد رشيد؟

نشر هذا التقرير معهد “رئوت” (*) المختص بقضايا الأمن والرؤية الصهيونية في “إسرائيل”. وهو يكشف قلق النخبة الصهونية من ـ ما يصفه التقرير بأنه ـ “خطر” تخلي الدول الكبرى عن مشاريع تقسيم دولة فلسطين التاريخية إلى “دولتين”، وجنوحها نحو تأييد “حل الدولة الواحدة باعتباره هو الحل الوحيد الأخلاقي والعادل والممكن”. التقرير الذي نشر في آب الماضي، ترجمه عن اللغة العبرية المحامي محمد ماضي، من مدينة حيفا، وخص به موقع “أجراس العودة. وهنا نص التقرير :

1ـ تعريف

يصف هذا التعبير خطر تخلّي أو تراجع دول وهيئات مركزية في المجتمع الدولي عن دعمها مبدأ “دولتان لشعبين” كحلّ للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وانتقالها إلى دعم حل “الدولة الواحدة” [في فلسطين التاريخية] على أساس “صوت واحد لكل واحد”.

2ـ خلفية

إن معنى مبدأ حلّ “دولتان لشعبين” (أو مبدأ “حل الدولتين”) هو حلّ النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، من سبيل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، تجسّد حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

وقد تمّ ترسيخ مبدأ “حل الدولتين” في القرار رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1947، والذي دعا إلى تقسيم “أرض إسرائيل الانتدابية” إلى دولتين – يهودية وعربية(1).

وإلى ذلك المبدأ ـ صراحة أو ضمناً ـ استندت منذ إعلان المبادئ في شهر أيلول/سبتمبر عام 1993، الفرضية الأساسية القائلة بمسار دبلوماسي بين إسرائيل والفلسطينيين(2).

وقد حدث في السنوات الأخيرة تآكل مستمرّ على مبدأ “حل الدولتين” بسبب انسداد الأفق الدبلوماسي واستمرار العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين وصعود حماس.

وفي خلفية ذلك ادّعاء أوساط مختلفة بأن الانتشار الجغرافي للتجمعات السكانية اليهودية والفلسسطينية وضيق المساحة ومسألة المياه، كل هذه لن تتيح إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة(3).
ومنذ اليوم، تتعاظم أصوات مفكرين بارزين(4) في المحافل الدولية تدعو إلى تبنّي مبدأ “دولة واحدة” بدلاً من مبدأ “دولتان”، لأن حل الدولة الواحدة هو الحل الوحيد الأخلاقي والعادل والممكن (**).

[ماذا يعني “انقلاب المجتمع الدولي” على حل “الدولتين”]

إن “انقلاب المجتمع الدولي” على حل “الدولتين” يقصد به خطر تخلّي دول مؤثرة وهيئات مركزية دولية عن دعم حل “الدولتين” أو أيّ حل آخر يرسّخ مبدأ الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومن ثم تبنّي حل “الدولة الواحدة” على أساس “صوت واحد لكل واحد”.

وانقلاب المجتمع الدولي سيصبح رسميًا، فيما لو أعِدّ قرار في الأمم المتحدة يلغي أو ينقض اقتراحَي مجلس الأمن رقم 181 (خطة التقسيم) ورقم 1397 (الداعي إلى إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل)، ويدعو بدلاً من ذلك إلى إقامة دولة واحدة في “أرض إسرائيل الانتدابية” [في دولة فلسطين التاريخية] على أساس “صوت واحد لكل واحد”.

في السنوات الأخيرة أخذت تتطور توجّهات كثيرة، من شأنها تسريع الانقلاب داخل المجتمع الدولي : توجّه نحو نزع أساسيّ لشرعية إسرائيل؛ انقلاب فلسطيني على الاحتلال؛ وتدويل مسألة “عرب إسرائيل”.

• نزع أساسيّ لشرعية إسرائيل

النزع الأساسي لشرعية إسرائيل هو ما يحصل من اجتماع في الموقف بين حركات ونقابات وتنظيمات، لا يربطها معًا شيء في الظاهر، حول مسألة تثور دوريًا تجاه إسرائيل، على خلفية رفض يهودية الدولة.

وفي الخطاب العام الدوليّ نحن نسمع دائمًا إنكار حق إسرائيل في الوجود، ولكنه الآن ينتقل من الهوامش إلى المنصّات المركزية

وقد حوّلت مختلف الأوساط المعادية للصهيونية نزع الشرعية عن إسرائيل إلى نمط تأسيسي لنشاطها.

وتتحدّر هذه الأوساط من دول وحركات إسلامية، ومنظمات يسارية، ودول العالم الثالث وحركات لاساميّة. ويتميّز خطاب هذه الأوساط بعدة خصائص :

ـ استخدام نظريات سياسية ليبرالية : هنالك أوساط مختلفة تتنكّر لحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية، وذلك باسم نظريات سياسية ليبرالية (5). ويدّعي هؤلاء أن الصهيونية هي مشروع استعماريّ يمسّ بحقوق الإنسان الفلسطيني.

ـ استخدام مصطلحات الفصل العنصري (أبارتهايد) : هنالك أوساط تساوي بين سياسات إسرائيل في “المناطق” [الضفة الغربية وغزة] وتجاه “الأقلية العربية” [في الأراضي المحتلة عام 1948] بسياسة الفصل العنصري تجاه السود في جنوب إفريقيا(6).

وهذه المقارنة تعزّز منحى نزع الشرعية عن إسرائيل، كما تشجع دعوات مقاطعة إسرائيل إقتصادياً أو أكاديميًا(7).

• انقلاب الفلسطينيين على الاحتلال

منحى الانقلاب لدى الفلسطينيين على الاحتلال هو تصوّر آخذ في الانتشار بينهم، ومفاده أن المصلحة الفلسطينية تكمن في استمرار الاحتلال الإسرائيلي.

وتنشط أوساط فلسطينية مختلفة في المجال السياسي ومجال الإرهاب، لإفشال الخطوات الهادفة إلى إنهاء الاحتلال، انطلاقًا من تقدير هذه الأوساط بأن العبء السياسي والاقتصادي والإداري والديموغرافي الذي يسببه الاحتلال، سوف يتسبب في انهيار إسرائيل(8).

ويشكل منحى الانقلاب الفلسطيني تعبيرًا عن تآكل مبدأ “الدولتان” وعن الانسداد السياسيّ. ونظريًا، فإن فوز حماس في الانتخابات (في شهر كانون الثاني/يناير 2006) وتسلطها على غزة يقوّي فكرة الدولة الواحدة بين الفلسطينيين.

وكلما أصبح الانقلاب الفلسطيني تجاه الاحتلال أكثر جلاءً بحيث يصبح انقلابًا رسميًا ـ أي : دعوة رسمية من جانب الحركة الوطنية الفلسطينية(9) إلى إقامة دولة واحدة ـ ازداد خطر الانقلاب الدوليّ على مبدأ “الدولتان”.

• نقد سياسة إسرائيل تجاه “عرب إسرائيل”

في السنوات الأخيرة، تمرّ مسألة العلاقات بين “عرب إسرائيل” ودولة إسرائيل بعملية تدويل. إذ تنتقد أوساط دوليّة سياسة إسرائيل تجاه “الأقلية العربية” داخلها، كأنما لا يتعلق الأمر بمسألة إسرائيلية داخلية.

ويتعاظم منحى تدويل قضية “عرب إسرائيل” على ضوء التوتر المستمر بينهم وبين دولة إسرائيل(10).

ففي وثيقة التصور المستقبلي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل (11)، الذي نشرته لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية، يتحدى واضعو الوثيقة تعريف دولة إسرائيل كدولة يهودية(12).

إن التقاء عاملَي التوتر المستمر بين دولة إسرائيل و”الأقلية العربية” داخلها، ومنحى تدويل مسألة عرب إسرائيل، يعزز النقد الموجّه إلى إسرائيل وتعريفها كدولة يهودية، ولربما يكون له تأثير على منحى انقلاب المجتمع الدولي على صيغة “الدولتين” كحل للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني(13).

COMMENTS