قمة اسطنبول : أردوغان يهدي نتنياهو اعترافاً “إسلامياً” بـ”إسرائيل”

الحراك الشعبي الوطني وأخطار المناورة الأميركية حول بيروت وجبل لبنان
السعودية في متاهة الحروب المزمنة؟
“أميركا أكبر مساحة، الآن”، كيف ولماذا …!!

الذين انتظروا من قمة "التعاون الإسلامي" الإستثنائية في اسطنبول، أن تقدم دعماً لقضية فلسطين كانوا مخطئين. "الإعلان الإسلامي" الذي أصدره ممثلو 48 دولة مسلمة، بينهم 16 رئيساً وملكاً وأميراً، اعترف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل". بينما شعار القمة كان رفض "إعلان" الرئيس الأميركي دونالد ترامب مدينة القدس عاصمة لـ"إسرائيل". 
أصابع أردوغان في بيان "قمة التعاون الإسلامي" واضحة. قسَّم البيان القدس إلى قدسين شرقية وغربية. فاكتفى بـ"القدس الشرقية" عاصمة "دولة فلسطين". وترك "القدس الغربية" عاصمة للكيان الصهيوني/ "دولة إسرائيل". وهذه الخطوط الوهمية في الجيوبولتيك الفلسطيني أو المقدسي، كما حددها البيان، تعبر عن جوهر السياسة التركية التقليدية في الصراع العربي ـ الصهيوني. أُضيف عليها بعض النفاق "الإخواني" في المسألة الفلسطينية. 
اعتراف "التعاون الإسلامي" حسب البيان، بـ"القدس الغربية" عاصمة للكيان الصهيوني/ "دولة إسرائيل"، أي الإعتراف "الإسلامي" بـ"دولة إسرائيل"، هو الهدية السياسية الكبرى التي قدمها رجب أردوغان إلى بنيامين نتنياهو في قمة اسطنبول. بقية البيان، مثل الإختباء خلف القرارات الدولية بشأن فلسطين والقدس، تفاصيل. لقد مدَّ أردوغان طاولة "التعاون الإسلامي" ليبيع ويشتري في حقوق الشعب الفلسطيني، مع الولايات المتحدة ـ "إسرائيل"، مربط مصالحه و … مصيره.
الذين انتظروا من قمة "التعاون الإسلامي" الإستثنائية في اسطنبول، غير هذا البيان الغادر بقضية فلسطين، والمتعدي على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، كانوا مخطئين. سقف البيان، يعكس جوهر السياسة الخارجية التركية، ومصالح أردوغان، الذي ما برح متمسكاً بميزان القوى في النظام الدولي ـ الإقليمي، في مرحلة الحرب الباردة، ومرحلة هيمنة الأحادية القطبية، والذي أملت الولايات المتحدة ـ "إسرائيل" شروطه، آنذاك. ومنها القرارات الدولية حول فلسطين والقدس.    
بيان "التعاون الإسلامي" محافظ ورجعي، لأن ميزان القوى في النظام الدولي قد تغير. دخل هذا النظام في مرحلة انتقالية. وأهم ما يميزها هو بروز محور الدول المستقلة، كقوة صاعدة فيه، وقادرة على مقاومة الهيمنة الأورو ـ أميركية على النظام الدولي. أردوغان بهذا البيان "الإسلامي"، وجَّه رسالة استراتيجية حاسمة، بأنه حزباً ونظاماً، وأنه شخصياً، خارج هذا المحور. أردوغان أكد لأعداء هذا المحور، أعداء فلسطين، أنه ما زال يحترم ميزان القوى القديم، الذي يحفظ مصالحهم، وهي أساساً مصالح أميركية ـ "إسرائيلية". 
إنه غدر "الإخواني" التركي بالفلسطينيين، بل بالأمة العربية قاطبة. من يصدق أن القائد "الإخواني" التركي، قد جمع "القمة الإسلامية" لدعم قضية فلسطين، ووزير الإستخبارات الصهيوني يسرائيل كاتس، مثلاً، صرح منذ يومين، بأن "تركيا تنقل بضائعها إلى دول الخليج [العربي] عبر ميناء حيفا [في فلسطين المحتلة]، ومن ثم يعاد نقلها بالشاحنات إلى الأردن، ومن هناك إلى دول الخليج [العربي]. بحيث أن نحو 25 بالمئة من التجارة التركية مع الخليج [العربي] تمر عبر ميناء حيفا، والأردن".
من يصدق أن القائد "الإخواني" التركي، قد جمع "القمة الإسلامية" لدعم قضية فلسطين، وهو الذي دأب، ويصر إلى الآن، على بث الإرهاب والخراب في حصن فلسطين الراسخ في الجمهورية العربية السورية. من يصدق أن أردوغان نصير لقضية فلسطين، وهو الذي يأوي فلول "الإخوان" في عاصمته، ويمدهم سياسياً ومالياً وإعلامياً، لكي ينشروا الإرهاب، ويبثوا الفتنة الطائفية في جمهورية مصر العربية، فيما هي تحاول كسر قيود منظومة كامب ديفيد، أي النظام الدولي ـ الإقليمي القديم.
قبل إعلان ترامب كانت أنقرة ترسل إشارات تهدئة إلى سوريا وإلى مصر. وكانت التقارير تتحدث عن لقاءات سورية ـ تركية، واتصالات مصرية ـ تركية. وحتى إذا كانت هذه التقارير صحيحة، أو دقيقة، فإن الغدر التركي الذي ظهر في بيان اسطنبول، يحملنا على التخمين بأن مصالح أنقرة الخاضعة لنظام حكم "الإخواني" أردوغان، تمنعها من تسوية العلاقات الثنائية مع دمشق والقاهرة.
ولئن كان الأرجح أن أنقرة ماضية في تأجيج نار المواجهة مع هاتين العاصمتين العربيتين. فالأكيد أن سوريا ومصر هما في صلب هذه المواجهة، التي تحدث أثناء مخاض النظام الدولي الإنتقالي، لكي تحتل كلتا الدولتين، بل وفلسطين وكل العرب، مواقع في صميمه. 
إن تركيا المحافظة والرجعية لم تغادر مواقعها ولم تترك تحالفاتها الإستراتيجية في النظام الدولي القديم، الذي تهيمن الولايات المتحدة ـ "إسرائيل" عليه. 
أما سوريا فقد احتوت "مفاعل" النظام الدولي الإنتقالي، طيلة السنوات السبع الماضية، بكل ما يُظهر ويضمر من إرادة وإصرار على تنظيف وجه العالم من لطخات الهيمنة الغربية التي سادت لقرون. 
ومصر… مصر ليست في الوسط، فهي تقترب بقوة الإرادة وحركة الواقع، ودفع المصالح وأقدار التاريخ من الإنخراط في بنية هذا النظام العالمي البازغ.
… … … 
السلام على فلسطين الحرة العربية. السلام على عاصمتها الأبدية القدس. 

هيئة تحرير موقع الحقول 
‏الجمعة‏، 27‏ ربيع الأول‏، 1439، الموافق ‏15‏ كانون الأول‏، 2017