"زيارة غير عادية" لرئيس الصين إلى روسيا

"زيارة غير عادية" لرئيس الصين إلى روسيا

عصر الفوضى العالمية
وقائع العملية العسكرية الخاصة التي ينفذها الجيش الروسي في أوكرانيا حتى اليوم الـ 267
إميل لحود ماذا يتذكر… عن وقائع بدون "رتوش"؟

تمثل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى روسيا التي بدأت أمس والتي تستمر ليومين علامة فارقة في العلاقات بين البلدين. صحيح أنها ليست الأولى للرئيس الصيني، فقد زار روسيا العام الماضي وشارك في حضور المنتدى الاقتصادي في فلاديفوستوك، لكن للزيارة الحالية أهمية خاصة، فهي «زيارة دولة»، وتأتي في وقت يتعرض فيه البلدان لحرب اقتصادية شرسة من جانب الإدارة الأمريكية، ومحاولة كبح جماحهما عسكريا من خلال مناورات على مقربة من حدودهما البرية ومياههما الإقليمية في البحر الأسود وبحر الصين الجنوبي، عدا عن نشر أنظمة صاروخية متطورة على مقربة من تخومهما في كوريا الجنوبية واليابان (صواريخ ثاد)، وفي دول أوروبا الشرقية (الدرع الصاروخية).

لا تخفي الولايات المتحدة مناصبتها العداء للدولتين، فقد أعلنت صراحة في «استراتيجية الأمن القومي» التي كشف عنها الرئيس دونالد ترامب عام 2017 أن روسيا والصين تشكلان «تحديا للولايات المتحدة»، وأنها تدخل معهما «عصراً جديداً من التنافس»، وأن البلدين «يسعيان إلى تحدي نفوذ الولايات المتحدة في العالم وقيمها». وقد انتقدت الصين وروسيا «ذهنية الحرب الباردة» و«الطابع الإمبريالي» للاستراتيجية، ومحاولة «عدم التخلي عن الأحادية القطبية».

لا شك في أن الولايات المتحدة تسعى للبقاء في موقع السيادة العالمية، وترفض أي شراكة عالمية على قدم المساواة مع الدول الأخرى حتى الحليفة لها، لذلك هي توسع من إطار قوس الأزمات في العالم من خلال التدخل في شؤون الدول الأخرى، وخلق الأزمات معها وفرض عقوبات عليها، كما الحال في كوبا وفنزويلا والمكسيك وأوروبا وروسيا والصين وكوريا الشمالية.

تأتي زيارة الرئيس الصيني إلى روسيا على كل هذه الخلفية لتأكيد العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ومناقشة سبل مواجهة التهديدات التي تواجههما جراء السياسة الأمريكية المعادية.

يجمع المتابعون لمسيرة العلاقات الروسية الصينية أن البلدين يشعران بالقلق من السياسة الأمريكية الهجومية التي تستهدفهما، وأن الهدف الأساسي لزيارة الرئيس الصيني هو ضخ الزخم في الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين على كل المستويات، وهذا ما أكده شي جين بينج عشية زيارته إلى موسكو في مقابلة مع وكالة «تاس» وصحيفة «روسيسكايا جازيتا» بأن «علاقات الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين روسيا والصين وصلت إلى مستوى غير مسبوق». وأوضح أن التعاون الثنائي متعدد الأوجه يتميز بأهمية استراتيجية، ويعتبر عاملاً إيجابياً قوياً في ظل الأوضاع الصعبة على الساحة الدولية. وأعاد شي إلى الأذهان أن التبادل التجاري بين روسيا والصين حطم العام الماضي الأرقام القياسية وتجاوز ال 100 مليار دولار.

يمكن اختزال معنى الزيارة وأهدافها بما ذكره مدير معهد الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية سيرجي لوزيانين بقوله «إن البلدين يعتزان باستقلالهما، ويسعيان جاهدين لإقامة نظام لا يقوم على هيمنة الولايات المتحدة». صحيح أن الرئيس الصيني يلبي دعوة نظيره الروسي للاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، لكن أهداف الزيارة تتجاوز ذلك بكثير.

 

افتتاحية صحيفة الخليج ـ الإمارات العربية المتحدة
الخميس، 6 حزيران/يونيو، 2019