2025-07-12
Alhoukoul
اليمن يتحدى جيوبوليتيك

اليمن يتحدى جيوبوليتيك "المحيط العالمي"، فماذا عن الصين؟

إن تجرؤ الصين على "استهداف طائرة ألمانية" تعمل ضمن حملة أسبيدس الممدد لها، يتضمن بعداً اوروبياً وأميركياً ايضاً

08-07-2025

كتب محرر الحقول / خاص ـ الوطن العربي : اشتكت وزارة الخارجية الألمانية هذا الصباح، من إقدام وحدات الجيش الصيني على استهداف طائرة عسكرية ألمانية كانت تقوم بمهام حربية في إطار حملة ASPIDES/ أسبيدس التي أطلقها الاتحاد الأوروبي ضد الجمهورية اليمنية في مياه البحر الأحمر في السنة الماضية. وهذا هو أول اشتباك صيني ـ أوروبي عند الحدود البحرية لدولة عربية، لم يسبق أن حدث من قبل.

يقع مقر عمليات هذه الحملة العسكرية البحرية المذكورة في اليونان. وقد أطلقها الإتحاد الأوروبي يوم 19 شباط/فبراير 2024، لفترة عام واحد، بهدف "حماية السفن التجارية" من الهجمات اليمنية؛ و"ضمان عبورها الآمن في مضيق باب المندب". وبعد انقضاء سبعة أشهر نجحت حملة أسبيدس في مرافقة نحو 250 سفينة تجارية في البحر الأحمر، وصدّت عشر هجمات يمنية، مستخدمة لأربع مرات صواريخ باليستية مضادّة للسفن.

لكن هذا الحصاد الميداني الهزيل كشف فشل أوروبا في إثبات مكانتها، كقوة بحرية عالمية. ويتضح ذلك، من تقييم حملة أسبيدس التي امتنعت إسبانيا عن المشاركة فيها. إذ أنه لدى مقارنة عدد السفن التي أمنت الحملة عبورها الآمن، وهو 250 سفينة تقريباً، مع عدد السفن العابرة لمضيق باب المندب الذي بلغ نحو 22 ألف سفينة في عام 2022، نتبين تضاؤل المكانة الإقليمية والدولية للأوروبيين في جيوبوليتيك "المحيط العالمي". بيد أن الإتحاد الأوروبي، وبعد انقضاء الفترة المحددة، قرر إطالة أمد أسبيدس، حيث تدير الدنمارك وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا "آلية القيادة" وتتحمل الأعباء الرئيسية فيها.

إن تجرؤ الصين على "استهداف طائرة ألمانية" تعمل ضمن حملة أسبيدس الممدد لها، يتضمن بعداً اوروبياً وأميركياً ايضاً. لأن أسبيدس كانت فرعاً من حملة "حارس الإزدهار" التي أعدتها وشنتها البحرية الأميركية بقرار من إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. لقد اراد "جو النعسان" دعم موقف الجيش "الإسرائيلي" البحري، من خلال محاولة ردع الحكومة اليمنية في صنعاء، عن مساندة الشعب الفلسطيني ووقف حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" عليه في قطاع غزة.

إن إغلاق ممرات العبور في جنوب البحر الأحمر أمام السفن "الإسرائيلية" أو المستخدمة من قبل "إسرائيل" المتجهة إلى ميناء إيلات في فلسطين المحتلة، هو أكبر تغير، من الناحية الزمنية على الأقل، في جيوبوليتيك "المحيط العالمي"، يتحدى هيمنة قوى النظام الرأسمالي الأوروـ أميركي على البحار والمحيطات. كانت حرب رمضان/أوكتوبر عام 1973 "لحظة تحدٍ عربية" لهذه الهيمنة، لكنها ومضت وخبت، من دون أن تترك أثراً دائماً. أما التحدي اليمني فإنه يتنامى ويتصلب منذ حوالي 640 يوماً.

لقد أفشل هذا التحدي العربي اليمني حملة "حارس الإزدهار"، وهي الحملة الغربية الأم، وجعل الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، يأمر بإعادة حاملة الطائرات ترومان إلى موانئ أميركا بعد ان فقدت 3 طائرات من ترسانتها الحربية المتنقلة. ونحن لا نعلم اليوم، حجم ومدى إقدام الصين على اغتنام الإنجاز البحري اليمني. لأن بكين تتبع سياسة خارجية حذرة وضعيفة في دعم القضايا العربية.

لكن ثمة ما يوحي بتغير ما في هذه السياسة، بعد تصريح الخارجية الألمانية بأن "القوات الصينية استخدمت ليزرا لاستهداف طائرة ألمانية خلال مشاركتها في عملية [حملة] الاتحاد الأوروبي ASPIDES"، ما أسفر عن "تهديد الأفراد [العسكريين] الألمان وإعاقة العملية [التي يقومون بها] وهو أمر غير مقبول البتة". وبعد أن جرى استدعاء السفير الصيني في برلين إلى وزارة الخارجية" الألمانية.

إن اهتمام الصين بأمن البحر الأحمر من خلال "تفاهم" أو "صفقة" تعقدها مع التحالف الإمبريالي الغربي، يعد احتمالاً ضعيفاً جداً بل ومتعذراً. ويمكن أن نقدم حججاً مفيدة تدعم هذا التقدير، وتبرهن أن قراءة الشكوى الألمانية من الليزر الصيني في البحر الأحمر، يفترض أن تشكل بينة على طبيعة النظام الدولي الإنتقالي الذي يسود العالم حالياً.


مركز الحقول للدراسات والنشر

‏الثلاثاء‏، 13‏ محرم‏، 1447 الموافق ‏08‏ تموز‏، 2025



التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

أضف تعليقاً

يرجى إدخال الاسم
يرجى كتابة تعليق