2025-05-31
Alhoukoul
تركيا

تركيا "تحارب" "إسرائيل" في نشرات الأخبار!

شعبية الحزب "الإخواني" التركي كانت لا تتراجع ما دون 33 % من كتلة الناخبين. أما الآن، فقد تراجعت.

12-05-2025

كتب محرر الحقول / خاص ـ الوطن العربي : ضجت وسائل الإعلام منذ بداية الشهر الجاري، بتقارير ومقابلات من تركيا عن "إنجازات أمنية" قامت بها الأجهزة الأمنية والعسكرية ضد العدو "الإسرائيلي". وفي حالة معاكسة، عرض مسؤولون أتراك "سيرة ذاتية"، ألمحوا فيها إلى أنهم كانوا هدفاً لمحاولة اغتيال من هذا العدو. وقد استفسر موقع الحقول من أحد الخبراء في الشؤون التركية عن حقيقة هذه الضجة، فقال "أنها غير صحيحة، تركيا ليست في مواجهة مع إسرائيل، وهناك أسباب داخلية وراء هذه الدعاية". 

   

ماذا جاء في "المنشورات التركية"؟

1.    وسط الأزمة السياسية بين السلطة "الإخوانية" والمعارضة الجمهورية في تركيا، تسرب تقرير أمني في الأسبوع الماضي، عن "نجاح" الإستخبارات التركية في إفشال خطة "إسرائيلية" لإدخال أجهزة النداءالصوتي / pager المفخخة بالمتفجرات الى لبنان للمرة الثانية، بعد تفجير الآلاف منها بعناصر المقاومة اللبنانية في شهر ايلول الماضي.

2.    سبق ذلك "تباهي" مصادر تركية بـ"تصدي" سلاح الجو التركي للطيران "الإسرائيلي" في أجواء محافظة إدلب في سوريا في اليوم الثاني من شهر أيار الحالي. وانتشرت "معلومات" عن إطلاق الأتراك نيراناً تحذيرية لطياري العدو "الإسرائيلي"، وأنهم شوشوا على نظام تحديد المواقع العالمي GPS لإعاقة الأجهزة الملاحية لطائرات العدو.

3.    ومنذ يومين أوردت صحيفة "زمان" الصادرة في أنقرة، على موقعها باللغة العربية، تقريراً نقل "زعم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنه تعرض لمحاولة اغتيال خلال فترة توليه رئاسة جهاز الاستخبارات الوطنية (MIT)، حيث تم تسميمه بمواد خطيرة تشمل الزرنيخ والزئبق". وقالت إن كلام فيدان "جاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية على قناة TV24".


ما حقيقة "البطولات" التركية

تابع بعض المراقبين تلك المنشورات، وبعضها أعادت صحف العدو "الإسرائيلي" نشره وتحديداً "خبرية" إحباط الأمن التركي شحنة أجهزة "بيجر" ثانية، كانت في طريقها عبر الأراضي التركية إلى عناصر المقاومة في لبنان. وكذلك، "قصة" تصدي طائرات تركية من فوق إدلب، لطائرات العدو الصهيوني التي كانت تغير على أهداف في سوريا. وسجلوا الملاحظات التالية :

1.    كشف مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الدكتور يوسف الزين في تصريح لقناة تلفزيونية لبنانية أن "حزب الله هو من أبلغ الجانب التركي بوجود شحنة بيجر مفخخة في مطار إسطنبول كانت متجهة إلى لبنان في أيلول الماضي". وكشف موقع أخباري لبناني أيضاً أن "مصادر في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة أكّدت أيضاً أن حزب الله هو من أبلغ الجانب التركي بشحنة البيجر قبل نقلها إلى لبنان". وقد أعاد موقع تلفزيون المنار القريب من الحزب، نشر تصريح الدكتور الزين، الذي ينفي صحة "الخبرية" التركية، إن لم يكن مكذباً لها. رغم أن الحزب يحرص على حسن العلاقات مع تركيا.

2.    كانت "قناة الحدث" قد نقلت عن مصادر "إسرائيلية" وصفحات تركية، "نبأ" المواجهة الجوية التركية ـ الإسرائيلية والتشويش التركي على أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS). وقال خبراء محترفون إن هذا ادعاءاً غير صحيح. إذ لم تصدر اي بيانات رسمية تركية أو إسرائيلية عن وقوع مواجهة جوية، كما أن سجل تتبع حركة الطيران (ADS-B Exchange) خلا من أي نشاط تركي وقت الغارات الإسرائيلية. كذلك، لم يرصد موقع GPS JAM، أي تغير في مستوى التشويش على أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS)، في الأجواء السورية أو جوارها يوم 2 أيار/ مايو 2025.

3.    قالت صحيفة زمان على صفحتها العربية إن "وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زعم أنه تعرض لمحاولة اغتيال". والأرجح أن المحرر قد استخدم فعل "زعم"، وهو على معرفة تامة بأن معناه "القول بلا دليل" وأن الزعم هو "الخبر الذي يغلب عليه الكذب‏". وما يدعم هذا الترجيح هو أن الصحيفة التركية المذكورة نشرت نبأ المقابلة مع فيدان يوم 10 ايار الجاري. وفي نفس اليوم نشرت تقريراً مفصلاً عن "أربعة أشخاص مرشحين مرشحين لخلافة اردوغان" من بينهم الوزير الحالي ورجل الأمن السابق هاكان فيدان.


أسباب داخلية لقلب الحقائق؟

يقول الخبير العربي في الشؤون التركية المقيم في بيروت : "نعم هناك أسباب داخلية لقلب الحقائق". وأهمها تقلص القاعدة الإجتماعية للحزب "الإخواني" الحاكم في تركيا. ويلفت إلى التحذير الذي أطلقه هاكان بايراقجي، رئيس مركز “سونار” للأبحاث، من تراجع شعبية "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، وفشل سياسة التصعيد والاستقطاب التي يتقنها في تحقيق نتائج مشابهة لما كانت في الماضي. لأن القاعدة الانتخابية الصلبة للحزب، كما قال بايراقجي، باتت تتراوح بين 20% إلى 25% من كتلة الناخبين، وأن سياسات التشدّد المشهورة عن أردوغان تؤدي إلى فقدان الأصوات حتى بين مؤيدي الحزب التقليديين.


ويلفت هذا الخبير إلى أن شعبية الحزب "الإخواني" التركي كانت لا تتراجع ما دون 33 % من كتلة الناخبين. أما الآن، فقد تراجعت. ونظام حكم أردوغان يواجه تحديات كبيرة، أهمها كما يقول بايراقجي، الأوضاع الاقتصادية وموجة التصعيد السياسي بين الحكومة والمعارضة خلال الأشهر الأخيرة، وما تبعها من اعتقال أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية اسطنبول والمنافس القوي للرئيس اردوغان أو من سيخلفه في رئاسة الحزب الحاكم والدولة. لقد كان هذا الإجراء القمعي منفراً حتى بين القاعدة الانتخابية للحزب الحاكم. فالسياسة القمعية للمعارضة ارتدت سلباً على شعبية الرئيس والحكومة.

وتنسب الصحيفة التركية المذكورة إلى تقارير من أروقة أنقرة، تقول بأن أبرز الأسماء المرشحة لخلافة أردوغان، أربعة، وهم : هاكان فيدان، وزير الخارجية الحالي، بلال أردوغان، نجل الرئيس، نعمان قرتولموش، رئيس البرلمان التركي وسلجوق بايراقدار، صهر الرئيس ورجل الصناعات الدفاعية. وتشير هذه التقارير إلى وجود فرق عمل محترفة تعمل على الترويج لبلال أردوغان وسلجوق بايراقدار، بينما يُنظر إلى الحديث عن وزير الخارجية هاكان فيدان في سياق الصراعات بين المجموعات المختلفة داخل الحزب حول الخلافة.

ويختم الخبير في الشؤون التركية قائلاً : في هذه الظروف ربما تشتد حاجة نظام الحكم في تركيا إلى الدعاية. بعدما "نجحت" مع حلف شمال الأطلسي و"إسرائيل" بتفكيك وحدة سوريا دولة ومجتمعاً عقب استنزافهما لمدة 14 عاماً. وبعد أن فشلت تركيا باتخاذ إجراء جدي واحد يردع "إسرائيل" عن حرب الإبادة الجماعية على غزة. وبعد أن عجزت عن اتخاذ خطوة واحدة تعزز إرادة المواطنين اللبنانيين الذين يقاومون خطر المشروع الصهيوني على بلادهم.

إن الدعاية "الإخوانية" التركية، ومنها زعم "البطولات" و"التضحيات" الأمنية والجوية ضد "إسرائيل"، ضرورية لاستغفال الرأي العام التركي والعربي. أما العلاقات التركية ـ "الإسرائيلية" فهي عميقة وراسخة وتعالج بالمفاوضات والتسويات، حصراً، وليس بالمواجهات والحرب. لقد سنحت الفرصة لتركيا في سوريا وهي تفاوض "إسرائيل" على تقاسمها.


مركز الحقول للدراسات والنشر

‏السبت‏، 13‏ ذو القعدة‏، 1446 الموافق ‏10‏ أيار‏، 2025

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!

أضف تعليقاً

يرجى إدخال الاسم
يرجى كتابة تعليق